كشف رئيس بلدية بئر العاتر في ولاية تبسة، الهادي بوعلام، في تصريح للنصر، عن تكفل مصالحه بإعداد دراسة شاملة لحماية المدينة من الفيضانات من طرف مكتب دراسات مختص، بعد الدراسة الأولى التي تمت سنة 2003، وقام بها مكتب دراسات خاص، مذكرا بالجهود الحثيثة لحماية السكان من مخاطر الفيضانات، التي أصبحت تهدد حياة المواطنين في كل مرة.
وأوضح المتحدث، أن الدراسة الجديدة جاءت بعد أن عرفت المدينة انطلاق أشغال تهيئة وحماية الوادي الكبير، المعروف باسم «الجرعة» في سنة 2012، من طرف مديرية الري، بغلاف مالي قارب 70 مليار سنتيم، وتتمثل الأشغال في إنجاز قاعدة إسمنتية «خرسانة مسلحة»، تغطية الجوانب بالحجارة والحماية انطلاقا من حي الجمارك والشعب المحاذية له إلى غاية المقبرة مرورا بأحياء المجاهدين، هواري بومدين، البريد، الكاهنة وحي الجبل، مضيفا أنه تم تحيين الدراسة لتصحيح الأخطاء التي تضمنتها الدراسة الأولى وإعادة النظر في بعض الحلول التي تم اقتراحها.
وتخص الدراسة الجديدة كل الأودية بالمدينة وهي الوادي الكبير المار بوسط بئر العاتر على مسافة 4 كلم والأودية الفرعية التي تصب في الوادي الكبير، وهي أودية حي المجاهدين 1 و2، العتيق، الكاهنة، وهواري بومدين، فضلا عن أحياء الجمارك، العامرية، السعادة، الشهداء، المطار، التضامن، الزاوية والزيتون، مضيفا أن التكلفة التقديرية لأشغال حماية الوادي الكبير تقدر بـ 120 مليار سنتيم.
لجنة وزارية تعد تقريرا حول خطورة الوديان
اللجنة الوزارية التي أوفدها وزير الري إلى بلدية بئر العاتر، مؤخرا، بعد الفيضانات التي عرفتها المدينة ونجمت عنها خسائر بشرية ومادية، أعدت تقريرها بناء على ما وقفت عليه عن قرب، وخلصت فيه إلى وجود خطر كبير قد تشكله الوديان بسبب الحالة التي آلت إليها، خاصة وأن معظمها لا يتوفر على أدنى المعايير المعمول بها في مجال النظافة والوقاية من الفيضانات الناجمة عن هذه الأودية، وبناء عليه، سيتم تخصيص ميزانية لإعادة تهيئة الوديان بصفة طارئة، وبالموازاة مع ذلك، فإن البلدية تقوم بعملية التطهير والتنظيف واتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من أي فيضانات محتملة خلال فصل الشتاء.
رئيس لجنة الحي العتيق «حميد عفيف» وفي حديث للنصر، أشار إلى أن سكان العديد من أحياء مدينة بئر العاتر، ينتظرون تدخل السلطات العمومية لإنقاذهم من مخاطر الأودية، مع بداية تهاطل الأمطار الخريفية، معبرين عن مخاوفهم من إمكانية حدوث فيضانات مماثلة كالتي وقعت قبل أيام، كون المدينة مشيدة على ضفاف أودية نائمة تتوسط المدينة العتيقة، ما يجعل منها منطقة مهددة بالفيضانات.
ويرى محدثنا، أن الخطر الأكبر الذي يثير مخاوف السكان، يتمركز بالوادي الكبير المعروف باسم وادي الجرعة، حيث أن مدينة بئر العاتر تقع في منطقة فيضية وتتواجد سكنات بالقرب من الوديان المرشحة للتحرك في حال سقوط أمطار غزيرة، وهو ما يجعل حياتهم معرضة للخطر، رغم استفادة البلدية قبل سنوات من مشروع قطاعي مهم بقيمة 70 مليار سنتيم لتهيئة الوادي الكبير وهي العملية التي تمت بطريقة سريعة حسبه، حيث اتضح أن الإنجاز كان بطريقة غير مدروسة لم تخضع للمقاييس والمخططات المعمول بها بشهادة مختصين، وهو ما أثار استياء السكان الذين منعوا المقاولين من مواصلة العمل، فيما فتحت الجهات المختصة تحقيقا في إنجاز هذا المشروع الذي كشفت عيوبه سيول الأمطار التي شهدتها المدينة مباشرة بعد تسليمه.
وأكد إطار بمديرية الري، للنصر، أن العوامل التي تزيد من حدة فيضانات الوادي الكبير وما ينجم عنه من كوارث، تكمن في موقعه الحضري وقوة انحداره التي تؤدي إلى سرعة تدفق السيول، حيث تتزايد مخاوف المواطنين كلما اقترب حلول فصل الخريف، خاصة العائلات التي تتواجد بناياتها على حافة هذه الأودية والتي يعود إنجازها إلى بداية الستينيات، مؤكدا أن بلدية بئر العاتر وحدها تضم مئات السكنات المشيدة على حواف الأودية، ما يجعلها عرضة للخطر وهو ما يستوجب توخي الحيطة والحذر من الفيضانات الموسمية للأودية والمجاري المائية التي تؤدي لارتفاع منسوبها، حيث تتحول إلى سيول جارفة ومباغتة تترتب عنها خسائر بشرية ومادية، كما حدث، مؤخرا.
وقد دعت الحماية المدنية ببئر العاتر، في سياق حملاتها لتوعية السكان، بضرورة الابتعاد عن مجاري الوديان وعدم الاحتماء تحت الجسور أو المغامرة بقطع المجاري المائية.
وذكر سكان بالأحياء التي تشقها الأودية، أن اهتمامهم صار منصبا على رصد الأحوال الجوية، تأهبا لأي طارئ قد تسببه الأودية، كما طرح المواطنون مشكل نظافة الأودية المذكورة والتي باتت تنبعث منها روائح كريهة بعدما صارت مكانا لرمي النفايات المختلفة وتكدست بها أكوام القمامة والردوم، مشكلة خطرا على صحة المواطنين الذين أكدوا أنهم في حاجة دائمة لعملية تنظيف أو تهيئة.
كما سجل المعنيون انتشارا واسعا للحشرات المختلفة، لاسيما الناموس، فضلا عن انتشار الكلاب الضالة والزواحف التي وجدت في القمامة ضالتها. وكانت وديان بئر العاتر، محل تدخل أعضاء المجلس الشعبي الولائي المتعاقبين، الذين طالبوا بالقيام بدراسة ومسح شامل لها من طرف مكاتب الدراسات المختصة، وتم إعداد ملف كامل وتحويله إلى الجهات المعنية بالولاية، في انتظار تسجيل مشروع لتهيئة الأودية التي تبقى مخاطرها على حياة المواطنين قائمة. عبد العزيز نصيب