قضت محكمة الجنايات الابتدائية بمجلس قضاء أم البواقي، في ساعة متأخرة من مساء الخميس، بتوقيع عقوبة الإعدام في حق المتهم المسمى (غ.ق) 27 سنة، الذي تمت متابعته بجناية القتل العمدي مع سبق الإصرار وجنحة حمل سلاح من الصنف الثامن دون سبب شرعي، وأدانت هيئة المحكمة السيدة المسماة (ح.ص) 49 سنة بعقوبة 5 سنوات سجنا نافذا و500 ألف دينار غرامة مالية وهي التي تمت متابعتها بجناية المشاركة في القتل العمدي مع سبق الإصرار وجنحتي طمس آثار الجريمة وإخفاء أشياء مسروقة متحصلة من جناية، فيما أدينت شقيقتها الصغرى (ح.ا) 36 سنة بعقوبة عام حبسا موقوف النفاذ وغرامة مالية قدرها 100 ألف دينار، لتورطها في جناية طمس آثار الجريمة وأدين صاحب محل للمجوهرات بعين مليلة المسمى (ح.آ) 29 سنة، بعقوبة عام حبسا مع وقف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 100 ألف دينار، لمتابعته بجنحة إخفاء أشياء مسروقة متحصلة من جناية.
فيما التمس ممثل النيابة العامة توقيع عقوبة السجن المؤبد للمتهم الرئيسي والمتهمة الأخرى، والتماس توقيع عقوبة 5 سنوات سجنا للمتهم صاحب محل المجوهرات وكذا التماس توقيع عقوبة 3 سنوات سجنا للمتهمة المتابعة بجنحة طمس آثار الجريمة، وألزمت المحكمة المتهمين المدانين بتعويض والدة الضحية بمبلغ 100 مليون سنتيم تعويضا عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحق بها.
القضية بحسب ملفها ترجع إلى تاريخ الرابع والعشرين من شهر فيفري من سنة 2022، عندما تقدم الكهل (ب.خ.ش) أمام عناصر الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بأولاد حملة، وهو في حالة هلع مبلغا عن عثوره على ابنته المسماة (ب.ن) المكناة "صونيا" البالغة من العمر 44 سنة مرمية في مطبخ سكنه، وعليها آثار اعتداء على مستوى الرأس والبطن وغارقة في شلال من دمائها، لتنطلق حينها التحقيقات الأمنية بمعاينة مسرح الجريمة، بمنزل الضحية المتواجد بحي مصطفى بن بولعيد وسط المدينة والذي وجدت فيه الضحية جثة هامدة، كما تمت معاينة آثار دماء لجر الضحية لداخل مطبخ السكن الذي كانت تحضر به الخبز المنزلي، وعاين المحققون وجود عدة ضربات بواسطة أداة راضة على مستوى الرأس ومعاينة 7 طعنات وجرحين سطحيين على شكل دائري على مستوى البطن، إضافة إلى خدوش على مستوى الساق، وعاين عناصر الدرك بغرفة المنزل الأثاث مبعثر، ما يدل على وجود تفتيش به ومعاينة علبتي مجوهرات عليها آثار تخريب، وكشف والدا الضحية المسنين بأنهما غادرا المنزل نحو منزلهما الريفي، تاركين ابنتهما غير المتزوجة بالمنزل وحيدة، وهي التي كانت صائمة يومها وتحضر لهما وجبة الغداء، ليتفاجآ عند عودتهما بوجودها مرمية على الأرض، مع سماع صوت غلق باب مستودع السكن، الأمر الذي جعلهما يسرعان لتبليغ مصالح الدرك الوطني، مع تأكيدهما على قيام الجاني بسرقة كل المصوغات المتواجدة بالمنزل وكذا مبلغ مالي بالعملة الوطنية يقدر بـ60 ألف دينار وآخر بالعملة الصعبة يقدر بـ300 أورو.
وعاد المحققون لكاميرات مراقبة مثبتة في منزل مجاور لسكن العائلة، أين عاينوا مغادرة سيارة من نوع "رونو كليو" من الجيل الرابع لمحيط السكن لحظة وقوع الجريمة، وهي التي شاهدها موزع حليب يقودها ابن أخت الضحية المتهم الرئيسي في القضية متوجها لمدينة التلاغمة صبيحة الجريمة، وكان أحد الشهود قد كشف لعناصر الدرك بأن المتهم اتصل به مستفسرا عن صحة خبر مقتل خالته موهما إياه بأنه متواجد في مدينة رقان بأدرار، على عكس تصريحات موزع الحليب الذي قدم نفس مواصفات المركبة التي التقطتها عدسة كاميرات المراقبة، وأمام التناقض الذي يخص المتهم الرئيسي، باشر رجال الدرك تحقيقات للوصول إلى مكانه كونه مشتبها به أولا في الجريمة، خاصة وأن عديد جيران الضحية، التقوا به صبيحة الحادثة قبيل دخوله لمنزل جده، مع عثور رجال الدرك على قضيب حديدي يستعمل في حشو البنادق التقليدية بالبارود، خاصة بعد أن انتهت عملية تفتيش منزل المشتبه به إلى العثور على بندقية تقليدية "كارابيلا" في غياب القضيب الحديدي الخاص بها، وتواصل المحققون مع المشتبه به الذي رد هاتفيا بأنه متواجد في ورقلة، غير أنه وبالتنسيق مع أحد متعاملي الهاتف النقال، تم التأكد من وجود المشتبه به في بلدية القنطرة بولاية بسكرة، ليتم تعميم معلومات وصور المعني على كافة وحدات الدرك الوطني، أين تمكن عناصر المجموعة الإقليمية للدرك الوطني ببسكرة في توقيف المعني بمعية المتهمة الثانية وسيدة أخرى في نقطة مراقبة على الطريق الوطني رقم 7 وهم بصدد الفرار نحو ولاية ورقلة، وكشفت التحقيقات بأن الجاني ارتكب جريمته وقام بسرقة كمية معتبرة من المصوغات من منزل جده، وسلمها للمتهمة الثانية التي قامت ببيع بعض بمحل المجوهرات لصاحبه المتهم في القضية، ووضعت كمية المصوغ المتبقي في درج بخزانة بمنزل والدها بحي 750 سكنا بعين مليلة وعند توقيف المتهم الرئيسي ببسكرة، اتصلت بشقيقتها الأخرى وطلبت منها التخلص من المصوغ، أين رمته في مفرغة عمومية مجاورة للمنزل العائلي.
واعترف المتهم خلال جميع مراحل التحقيق بارتكابه الجريمة البشعة التي راحت ضحيتها خالته، مؤكدا بأنه مدمن على تعاطي المؤثرات العقلية ومعتاد على المبيت لدى المتهمة الثانية بالمنزل الذي استأجرته بحي 5 جويلية وسط مدينة عين مليلة، وقام في وقت سابق لما سدت في وجهه جميع الأبواب للحصول على أموال لاقتناء المؤثرات العقلية، بسرقة مصوغات والدته وقام بتسليمها للمتهمة الثانية التي قامت ببيعها، ليعود بعدها ويتوجه لخالته الضحية التي كانت لوحدها، أين طلب منها منحه مبلغ 3 ملايين سنتيم فرفضت وهو الذي كان قد تنقل لمنزل جده مصطحبا خنجرين وقضيب يستعمله في حشو البندقية التي يشتغل عليها رفقة فرقة البارود في الأعراس، فقام بضربها بالقضيب الحديدي ناحية رأسها ضربا مبرحا لتسقط أرضا، وقام بطعنها ليتأكد من وفاتها، ويستولي على مجوهرات وأموال، أين سلم المصوغات للمتهمة الثانية، التي كانت قد حضرت للانتقال للعيش بولاية ورقلة، وقام باستئجار سيارة من وكالة محلية لكراء السيارات، فنفذ بها مخططه وفر بها رفقة المتهمة الثانية نحو وجهته، وأنكرت المتهمة الثانية تحريضها للمتهم الرئيسي على قتل خالته، مبينة بأن المتهم يتردد على منزلها دون أن تخطط معه للجريمة، مضيفة بأنها كانت بصدد التنقل لورقلة بطلب من شقيقتها التي دعتها للعمل بأحد المحلات بالمدينة لصناعة "الكسرة" التي تصنعها بمنزلها بعين مليلة وتبيعها لمحلات تجارية مختلفة، أما المتهمة الأخرى فأشارت بأنها لم تكن تعلم بتفاصيل الجريمة، من سوى اتصال شقيقتها بها وطلبها التخلص من كيس به مصوغات مشبوهة، أين نفذت أمرها، في الوقت الذي أكد صاحب محل للمجوهرات، بأنه معتاد على التعامل مع والدة المتهمتين، لذلك لم يقم بتقييد معلومات عن المتهمة في سجل الشرطة بالمحل، وكان ذلك من مبدأ الثقة، لأن المتهم الكبرى تركت بحوزته مبلغ 5 ملايين سنتيم بعد أن منحها مبلغ 26.5 مليون سنتيم، كقيمة لبعض المصوغات التي باعتها له، دون أن يشتري الأخرى التي اتضح بأنها ليست ذهبية.
من جهته أكدت والدة الضحية المتوفاة وجدة الجاني المسماة (ب.س.غ)، بأن ابنتها التي تعيش رفقتها، هي من تتكفل بها وبوالدها، أين تقوم بتقديم الدواء لهم وتطهو لهم وتغير ملابسهما وتغسلها، مؤكدة بأنها كانت صائمة يوم الحادثة، وهي التي اعتادت على صيام يومي الاثنين والخميس، كما أنها قامت برعاية جميع أبناء شقيقاتها المتزوجات لما كانوا صغارا، ومن بينهم الجاني الذي رعته بيديها، وأشارت بأن والدة الجاني تزورها بين الحين والآخر، فهي ليست مذنبة في جرم اقترفه ابنها، كما أن الأموال والمصوغات التي كانت تحتفظ بها، كانت تحضرها للتوجه بها لأداء مناسك العمرة، غير أن الجاني كان له رأي مخالف.
أحمد ذيب