سكان يتخلصون من مياه الصرف في الحفر ويستعملون الحطب للتدفئة
يعيش قاطنو 80 مسكنا ريفيا بقرية صالح دراجي بالخروب بقسنطينة، ظروفا صعبة، بالنظر إلى غياب أبسط الضروريات، فالمكان لم يزود بالكهرباء و الماء منذ أكثر من 6 سنوات، و بسبب انعدام الغاز، يتدفأ الناس بالحطب، كما يتخلصون من المياه القذرة داخل حفر بدائية، و هي وضعية دفعت بالكثير منهم إلى ترك بيوتهم شاغرة.
في الجزء العلوي من قرية صالح دراجي، و وسط أراض زراعية شاسعة، غير بعيد عن سكنات قصديرية أنشئت منذ سنوات طويلة، يقع 80 مسكنا ريفيا، استفاد مالكوها من إعانات للبناء الريفي، إضافة إلى قطع أرضية متلاصقة، سنة 2012، ليباشروا بعدها مباشرة في عملية البناء، بالنظر إلى حاجتهم الماسة إلى بيوت تأويهم، في ذلك الحين، على حد تأكيد عدد منهم، التقيناهم لدى زيارتنا للمكان.
و من خلال ما وقفت عليه النصر، فلا يوجد أي أثر يدل على أن هذا الحي، هو عبارة عن مجمع للسكنات الريفية، فهو أشبه إلى حد بعيد، بالأحياء الهشة، فقبل الوصول إلى موقعه، تنتهي الطريق المعبدة و يضطر الراجلون للمسير وسط الأوحال و البرك، التي تشكلت في كل أرجاء المكان، بسبب الأمطار التي تساقطت قبل أيام، أما معظم البيوت المصطفة في صفوف متوازية، فهي غير مكتملة و واجهاتها من الآجر أو الإسمنت غير المطلي، بينما يظهر على أسقفها حديد الخرسانة، في صورة غير لائقة، تشوه المكان.
و ما لاحظناه بمجرد النظر إلى هذه البيوت، هي التوصيلات الكهربائية العشوائية القادمة من كل الاتجاهات صوب البيوت، و عندما سألنا عن السبب، أكد مرافقونا بأن الحي لم يربط بعد بالكهرباء، و هو ما اضطرهم إلى جلب توصيلات اعترفوا بأنها غير قانونية، و تشكل خطورة على حياتهم، و ذلك انطلاقا من أحياء مجاورة أو أعمدة كهربائية.
و وسط البيوت التي تفصل بينها ممرات تملؤها البرك و الطين، شاهدنا حفرا مغطاة بألواح خشبية أو معدنية، و ذلك أمام جميع المنازل دون استثناء، ليؤكد لنا السكان بأنها عبارة عن حفر يستعملونها في تصريف المياه القذرة، ثم يقومون بإفراغها أو ردمها كلما امتلأت، و ذلك بسبب غياب قنوات الصرف الصحي، التي لم تنجز بالرغم من أنه مضى على سكنهم بالحي حوالي 6 سنوات، موضحين بأن هذه الوضعية تتسبب في تلوث تجمعهم، خاصة في فصل الصيف، حيث تنتشر الحشرات، كما أنها تنذر حسبهم، بكارثة بيئية، خاصة أن الكثير منهم قام بحفر آبار تستغل في الشرب و الغسيل، و قد تتسرب إليها مياه الصرف الصحي لتلوثها و تتسبب في انتشار الأمراض.
و قد شاهدنا أكواما من الحطب، على كل نوع و شكل، على غرار الأغصان و جذوع الأشجار و خشب البناء، و حتى الأثاث القديم، مكدسة أمام البيوت، و بعد سؤالنا عن السبب، شرح لنا السكان، بأنها تستخدم في التدفئة، و ذلك بعد إشعالها داخل مدفآت حديدية قديمة، أما عدد آخر من المواطنين، فيستعملون قارورات غاز البوتان، و هما طريقتان خطيرتان، بالنظر إلى إمكانية تسرب الغاز، أو خروج الغازات المحروقة، حسب ما تمكنا من معاينته داخل بعض البيوت.
و يلجأ معظم السكان إلى شراء مياه الصهاريج، فيما قام عدد آخر منهم بتوصيلات عشوائية، من إحدى قنوات المياه التي تمر بمحاذاة الحي، و ذلك في انتظار تزويدهم بشبكة مخصصة لهم، أما الأطفال فوجدناهم يلعبون بين البيوت، وسط الأوحال و الأتربة، و النفايات التي تملأ المكان، و ذلك في غياب أية مساحة لعب أو ترفيه، و كل هذه الأمور، كانت سببا حسب محدثينا من السكان، في ترك عدد منهم لبيوتهم، مضيفين أن حوالي 30 منزلا ظلت شاغرة رغم أنها مبنية، و هو ما لاحظناه أيضا.
أما عن سبب تأخر التهيئة، فأكد السكان أن بلدية الخروب أوضحت لهم في وقت سابق، أن مد مختلف الشبكات و إنجاز الطرق و الأرصفة، هو مشروع قطاعي، قد أوكل لمديرية التعمير، حيث تنقلوا إلى مقر هذه الأخيرة، و قالوا بأن المسؤولين هناك، قاموا بطمأنتهم بخصوص منح صفقة مد شبكتي الماء و الصرف الصحي، لأحد المقاولين الخواص، غير أن هذا الأخير، لم يباشر العمل بسبب عدم استلامه لرخصة انطلاق الأشغال، رغم أن هذه المعلومة مضى عليها عدة أشهر، حسب ما أوضحوه لنا.
عبد الرزاق.م