عائلات تحتطب للتدفئة بصالح دراجي بقسنطينة
تعيش أكثر من سبعين أسرة وضعية مزرية بتجمع 80 سكنا ريفيا بصالح دراجي ببلدية الخروب بقسنطينة، حيث ما زال أفرادها يحتطبون للتدفئة، ما أدى إلى إصابتهم بأمراض حساسية نتيجة الأدخنة، في حين تنعدم الطرقات والماء والكهرباء في الحي الذي يقطنون به منذ حوالي تسع سنوات، أما مصالح البلدية فتؤكد أن عملية تهيئة يمكن أن تنطلق بعد ربط التجمع بالغاز على عاتق ميزانية الولاية.
روبورتاج: سامي حباطي
وصلنا إلى تجمع الثمانين مسكنا ريفيا بصالح دراجي حوالي الساعة الثالثة زوالا، وكانت أولى ملاحظاتنا كثافة الأدخنة المنبعثة من أحد المساكن، حيث تقرّبنا من صاحبه وأكد لنا أنها مترتبة عن حرقه للحطب من أجل التدفئة، قبل أن ندخل بيته ويطلعنا على المدفأة المعدنية التي يستعملها لتدفئة أسرته بما استطاع، لأنها غير كافية لجميع أرجاء المسكن، الذي كانت فيه الرائحة قوية، مثل الرّطوبة المرتفعة.
وقد أخبرنا صاحب المنزل أن العديد من سكان التجمع الريفي قد أصيبوا بالحساسية بسبب الأدخنة المترتبة عن حرق الأخشاب، كما ذكر بعضهم أنهم يضطرون أحيانا إلى حرق قطع القماش والأحذية القديمة للتدفئة عندما لا يتوفر الحطب.
وقد التقينا ببعض السكان يقومون بتقطيع أخشاب من مخلفات ورشات البناء بالقرب من أحد المنازل الريفية، فيما لجأ أحدهم إلى تجزئتها باستعمال صخرة كبيرة. وذكر لنا مرافقونا من السكان أنهم يحصلون على الأخشاب من بعض المقاولين أو يجمعونها بأنفسهم مع أطفالهم، في حين يلجأون في بعض الأحيان إلى شرائها من غابة المريج، من بعض الأشخاص الذين يقومون بجمع الأغصان. أما ببعض المنازل، فلاحظنا آثار اسوداد على أجزاء من الجدران بسبب الدخان المنبعث من المدافئ التي تعتمد على المازوت، حيث ذكر لنا أحد السكان أن البرميل الواحد من الوقود يكلفه ما بين 5 و 6 آلاف دينار كل أسبوعين.
أسوار على أبواب المنازل لحمايتها من السيول
وقال سكان التجمع، الذي تقطنه 73 عائلة من أصل ثمانين مستفيدا، إنهم يعيشون في هذه الوضعية منذ تسع سنوات دون أن تحل مشكلة الغاز، رغم أن التجمع يحاذي تحصيص موالكية والسكنات التطورية التي يتوفر فيها الغاز والكهرباء والتهيئة بصورة عادية، بينما ما يزال قاطنو 80 مسكنا يعانون من الأوحال، التي جعلتنا نتنقل بصعوبة بالغة، بسبب هطول الأمطار خلال الأيام الماضية، كما أن سائقي المركبات يفشلون في الوصول إلى بعض النقاط، مثلما لاحظنا، خصوصا وأن المقاولة التي باشرت أشغال إنجاز قنوات الصرف الصحي والبالوعات لم تتم العملية، ما جعل الكثير من البالوعات تظل مفتوحة، وقد تسبب الأمر في وفاة طفل وقع بإحداها قبل ثلاث سنوات، بحسب السكان.
وقام بعض السكان ببناء أسوار صغيرة على مداخل منازلهم من أجل حمايتها من سيول الأمطار الجارفة، حيث تتراكم من التجمع المسمى «بورقبة» و تصل إلى منازلهم الريفية. وقد تسبب ذلك في مشاكل كبيرة يوم التاسع من شهر سبتمبر من العام الماضي، حيث ذكر لنا السكان أن أجهزة كهرومنزلية قد تضررت داخل منازلهم، فضلا عن العديد من قطع الأثاث، بعد أن تراكمت الأوحال بداخلها، فيما أكدوا لنا أن رجال الحماية المدنية فشلوا في الوصول إلى بعض النقاط بسبب انسداد المسالك.
و وصف السكان ما قامت به مصالح البلدية بالجهد غير الكافي، حيث أرونا سدا من الأتربة كدسته آليات البلدية على خط مسار السيول من أجل منعها من الوصول إلى التجمع، في حين يرون أن الأمطار ستجرف هذه الأتربة نفسها في حال تكرر المشكلة.
سكنات تعرض للبيع مقابل 180 مليونا
وقد دفعت وضعية الحي المندرج ضمن تحصيصات البناء الريفي، ببعض المستفيدين إلى عرض مساكنهم لمن يريد شراءها، حيث لاحظنا لافتتي بيع معلقتين على منزلين، في حين أكد مرافقونا أن أحد السكان باع منزله بـ 180 مليون سنتيم بينما باعه آخر مقابل 200 مليون سنتيم. وقد تصادف وجودنا مع مجموعة من الأطفال العائدين من المدارس، حيث كانوا ينتعلون أحذية من النايلون وبعضهم يلفونها بأكياس بلاستيكية من أجل حمايتها من الأوحال، كما كانوا يسيرون بصعوبة بسبب انغماس أقدامهم في الوحل، فيما ذكر لنا أولياء أن بعض أبنائهم يتعرضون للسخرية من طرف زملائهم بسبب وصولهم إلى المدارس بأحذية وسراويل متسخة.
وتنعدم الكهرباء بالحي أيضا، حيث يلجأ السكان إلى ربط منازلهم بكوابل من المساكن التطورية أو تحصيص موالكية، فيما تتشابك العشرات من الأسلاك الموصلة بطريقة عشوائية على رؤوس السكان، الذين أكدوا لنا أن جميع المنازل تغرق في الظلام بمجرد انقطاع التيار أو وقوع شرارة في مكان ما من الأسلاك، في حين أخبرونا أنهم لجأوا إلى الربط بطريقة عشوائية بشبكة المياه في انتظار وصولها إلى حنفياتهم. وقد أوضح المعنيون أنهم لم يستفيدوا من إعانات صندوق معادلة الخدمات، المتمثلة في خمسين مليون سنتيم، فيما أكدوا لنا أنهم طرحوا هذه المطالب عدة مرات على مستوى بلدية الخروب دون جدوى.
نائب رئيس بلدية الخروب
التهيئة سوف تنطلق بعد ربط الحي بالغاز
وأفاد نائب رئيس بلدية الخروب المكلف بالتعمير، سليم وشتاتي، في اتصال بالنصر، أن عملية وضع شبكات المياه والتطهير مسجلة على عاتق مديرية التعمير للولاية، فيما نبه أن شبكة الغاز والكهرباء تقع على عاتق ميزانية الولاية مع مديرية الطاقة، كما أشار إلى أن البلدية طالبت بتسجيل عملية تهيئة للحي في إطار البرنامج البلدي للتنمية، لكنه أوضح أنه من غير الممكن الشروع فيها قبل إنجاز شبكات الغاز.
و أضاف نفس المصدر أن الربط بالكهرباء مرهون فقط بتحرير أموال الصفقة من أجل أن تقوم مؤسسة «سونلغاز» بإنجاز محول كهربائي، مؤكدا أن الدراسة الخاصة بالعملية جاهزة، كما قال إنها تندرج ضمن عملية شاملة لعدة بلديات من الولاية.
س.ح