* إقبــــال من المواليــــن ونحــــر أزيــــــد من 250 رأســــــا يومــــــيا
يشهد مذبح بلدية قسنطينة «بوضرسة شعبان» والواقع بالمنطقة الصناعية « بالما»، حركية كبيرة خلال شهر رمضان، إذ يقصده الموالون وأصحاب محلات الجزارة بشكل مكثف نظرا لتزايد الطلب على اللحوم الحمراء في هذه الفترة، ويتم ذبح أزيد من 250 رأسا يوميا، في ظروف صحية بإشراف من طاقم متخصص، فيما تؤكد البلدية أن حجم مداخيل هذا المرفق وصل إلى 900 مليون سنتيم في ظرف 4 أشهر.
بمجرد دخول المذبح حوالي الساعة العاشرة والنصف صباحا، وجدنا عددا كبيرا من المركبات المخصصة لنقل المواشي وشاحنات التبريد مركونةَ بالحظيرة، وهنا بدأ صخب الأصوات المتعالية يصل مسامعنا بما يعكس كثافة الحركية بالمكان.
بالقاعة المخصصة لتنظيف الأحشاء، وجدنا مجموعة من العمال منكبين على غسل «الدوارة» وتنقيتها في حوض، فيما كان آخرون يقومون بشطف المياه التي غمرت الأرضية نحو الخارج، أما في الغرفة المحاذية، فكانت هناك ذبائح تم تثبيتها على أعمدة حديدية تتوسط القاعة وتجاوز عددها 40، وذلك بعد أن تم سلخها على أيدي عمال يظهر من خلال طريقة عملهم أنهم متمرسون، حيث يقومون بالسلخ بدقة واحترافية سمحتا بالحفاظ على الغشاء الخارجي الذي يحمي لحم الجزرة من التلوث.
رقابة بيطرية صارمة لمحاربة الذبح العشوائي
كما كان البياطرة المعتمَدون يتنقلون مرتدين بدلاتهم البيضاء، بين الذبائح الواحدة تلو الأخرى، منهمكين بفحص الجزرات بتركيز شديد بغية التأكد من سلامتها، قبل أن يقوموا بختمها، ثم يأتي أحد العمال ليقوم بفصل الأرجل وحملها إلى الناحية الأخرى لوزنها، وبعدها تعلق في حوامل مثبتة على الجدران، في انتظار نقلها إلى الشاحنات المكيفة من أجل ضمان وصول الذبائح إلى مستهلكيها طازجة، بعد أن يقوم التاجر بدفع المستحقات.
وتنطلق عملية ذبح المواشي خلال رمضان، مباشرة بعد صلاتي التراويح والفجر، وتستمر في الفترة الليلية نظرا لكثرة الطلب من طرف الموالين والجزارين، كما يتم تنظيف القاعات لإزالة بقايا الذبح وكذا تنقية المحيط. ويضم هذا المرفق البلدي الذي تحتل الاسطبلات جزءا من ساحته الخلفية، 6 غرف لذبح الأبقار و6 أخرى للأغنام، ويعمل به 12 عون نظافة ينشطون بالتناوب خلال الفترتين الصباحية والمسائية، إلى جانب 4 بياطرة و عدد من الذباحين والسلاخين وكذلك 3 حراس. وتتم عملية مراقبة المواشي عبر مرحلتين، توضح الطبيبة البيطرية شتوان داهنة، ويكون ذلك قبل الذبح وبعده، حيث يتم فحص الماشية للتأكد من السن والجنس، قبل إعطاء قرار قبول الذبح أو الرفض، ليتم بعدها تحويل الرؤوس المصادق عليها نحو القاعات المخصصة لكل منها، لمباشرة عملية النحر. بعد ذلك يأتي الدور على البياطرة مجددا للقيام بمعاينة شاملة للذبيحة، والتأكد من خلو أحشائها وأعضائها الداخلية من أية أورام تمس بسلامة وصحة المستهلك، ثم تختم و يتم وزنها لتحديد الوزن الكلي وعلى أساسه يحدد المبلغ الواجب دفعه.
وأشارت الدكتورة شتوان التي عملت بالمذبح لسنوات، إلى أنها لاحظت نقصا في الإقبال خلال الأسبوع الأول من رمضان مقارنة بنفس الفترة من الأعوام الماضية، مرجعة ذلك إلى توقف الإقامات والمطاعم الجامعية عن العمل في العطلة الربيعية.
كما قال التقني سامي في البيطرة بن خلفة عبد الحكيم، إن الهدف من المراقبة البيطرية هو الحفاظ على الثروة الحيوانية وحمايتها من الذبح العشوائي، حيث يمنع قانونا ذبح الإناث وكذا صغار المواشي، موضحا أن الموالين والجزارين قبل استلامهم للجزرات والتنقل بها من ولاية إلى أخرى، يحصلون على شهادة بها طابع جبائي بقيمة 1000 دج تتضمن كافة المعلومات حول الذبيحة، مع ختم المذبح البلدي.
و ذكر إسكندر بوصوارة مدير ممتلكات بلدية قسنطينة الذي التقينا به في المكان، أن المذبح يشهد إقبالا كبيرا للزبائن من داخل وخارج الولاية خلال الشهر الفضيل، حيث تفوق قدرة الذبح اليومية 250 ذبيحة، مؤكدا أنه وخلال اليوم الأول من رمضان تم ذبح 120 رأسا من البقر و150 غنما.
وتابع المتحدث، أن تعاملات المذبح البلدي لا تقتصر على الموالين والجزارين، بل تشمل تقديم خدمات للهيئات المحلية على غرار المطاعم والإقامات الجامعية، حيث يستقبل حوالي 80 بالمئة من ذبائح قسنطينة. ويتم اعتماد سعر 10 دينارا عن كل كيلوغرام، وهو ثمن منخفض أقره القانون سعيا لمنع ومحاربة الذبح غير الشرعي.
نحو إعادة تهيئة المرفق
وقال بوصوارة، إن رئيس بلدية قسنطينة قد أعطى مؤخرا تعليمات من أجل تنظيم حملة نظافة واسعة للمذبح، بمشاركة مختلف المؤسسات وبتسخير كافة الإمكانيات المادية والبشرية، حيث انطلقت قبيل دخول الشهر الفضيل، وما تزال متواصلة، و شملت تنظيف القاعات و الإسطبلات وإصلاح الحنفيات و وقف التسربات المائية، مع تنقية شبكات الصرف الصحي فضلا عن إعادة الاعتبار لأضواء المرفق.
وتابع مدير الممتلكات، أن البلدية ستعلن في قادم الأيام عن مزايدة علنية لتأجير المذبح، بعقد استغلال تصل مدته إلى 9 سنوات قابلة للتجديد على مرحلتين، بشرط أن يتمتع المستأجر بالكفاءة المهنية التي تمكنه من تطوير وتحسين المرفق لمنع انتشار المذابح غير الشرعية وتقديم خدمات في المستوى للزبائن. وستوكل للمستثمر الفائز بالمزايدة، مهمة إعادة تهيئة المرفق بشكل لائق وتزويده بآلات متطورة تضمن تقديم خدمات ذات جودة عالية، وأشار المتحدث إلى أنه سيتم فرض دفتر شروط صارم. من جهة أخرى، أكد نائب رئيس بلدية قسنطينة المكلف بالممتلكات والمالية، شريف بزاز، في حديث للنصر، أن المذبح يدر مداخيل جيدة للبلدية، خصوصا بعد أن تولت هذه الأخيرة تسييره منذ شهر أكتوبر المنصرم عقب استغلاله من المستأجر السابق، حيث سجل بين أكتوبر 2021 و شهر فيفري المنصرم، مداخيل وصلت إلى 900 مليون سنتيم، بفضل تجنيد طاقم متكامل شمل بياطرة وذباحين وعمال نظافة. رميساء جبيل