أكد أمس، والي قسنطينة عبد الخالق صيودة، أن الأراضي الفلاحية العمومية المستغلة بطرق غير قانونية ستسترجع في إطار عملية تطهير واسعة، في وقت نظم فيه الملتقى الوطني الثالث للحبوب الشتوية بالولاية، التي يسعى القائمون على القطاع إلى رفع منتوجها خلال هذا الموسم.
وشهدت دار الثّقافة مالك حداد بقسنطينة تنظيم الملتقى الوطني الثالث للحبوب الشتوية، حيث توافد ممثلو غرف الفلاحة والفلاحون من أكثر من 30 ولاية، بالإضافة إلى مؤسسات التمويل والمرافقة والمعاهد المتدخلة في القطاع، في حين شدد الوالي خلال زيارته للجناح الخاص بالمؤسسة الجزائرية للجرارات على ضرورة الخروج للميدان والتنقل إلى الفلاحين، فضلا عن العمل على تجديد العتاد.
واعتبر الوالي أن نسبة كبيرة من الحبوب تضيع بسبب قدم الآلات المستعملة من طرف الفلاحين، حيث أكد أن السلطات الولائية قد اتخذت قرارات لمساعدتهم، على غرار تسهيل إجراءات حفر الآبار للسقي، موضحا أنه قد صادق على قرارات في هذا الشأن ليشرع في إنجاز آبار حتى تدخل حيز الاستغلال في شهر أفريل وماي المقبلين.
وقال المسؤول لدى زيارته للجناح الخاص بالغرفة الوطنية للفلاحة والغرفة الولائية، إن قسنطينة ولاية نموذجية في مجال الحبوب، لكنه اعتبر أن معدل الإنتاج ما يزال تحت سقف تطلعات السلطات العليا، كما أكد أن بعض الأراضي ما تزال غير مستغلة، فيما تستغل أراض فلاحية أخرى بطرق عشوائية، فضلا عن وجود أخرى مستغلة بطرق غير قانونية.
وأضاف مسؤول الجهاز التنفيذي أنه وجه تعليمات لمديرية المصالح الفلاحية من أجل مباشرة عملية تطهير الأراضي، حيث نبه أن بعض المستفيدين من الأراضي الفلاحية العمومية قد قاموا بكرائها، مؤكدا أنه سيتم استرجاعها في حال استمرار عدم خدمتها.
وقال ممثل شركة «ألمانية» تعمل في إنتاج الأسمدة والأدوية الفلاحية، إنهم يسعون إلى إدخال التكنولوجيا الرقمية من أجل رفع المردود، حيث أوضح الوالي أن رفع الإنتاج يتطلب توفير شروط وظروف مناسبة للفلاحين. وأكد صيودة في مروره بالجناح الخاص بتعاونية الحبوب والبقوليات أنه من الضروري أن يلعب البنك دوره في إعادة جدولة ديون الفلاحين، في حين قال ممثل التعاونية إن الأسمدة التي توفرها تغطي احتياجات الفلاحين مع تسجيل فائض فيها، كما شدد الوالي لدى مروره بأجنحة مؤسسات تنشط في مجال توزيع الأسمدة والأدوية الحيوانية على ضرورة الحرص على النوعية.
أما بالمربّع الخاص بالمركز الوطني لمراقبة البذور والشّتائل وتصديقها، فأوضح الوالي أن إنتاجية الهكتار مرتبطة بالرقابة، التي ينبغي أن تستهدف نوعية البذور بحسبه، في حين أوضح لدى مروره بمربع المعهد التقني للزراعات الواسعة أنه ينبغي تجاوز التجارب، والانتقال إلى مرحلة إنتاج بذور ذات مردودية.
وقال في كلمته خلال أشغال الملتقى، إن مجال الحبوب الشتوية يكتسي أهمية بالغة على المستوى الوطني، معتبرا أن الملتقى يستهدف تقييم الموسم الجاري، وخطوة استشرافية تساعد على تحديد معالم الموسم المقبل من أجل تحسين الإنتاج وتفادي الأخطاء المسجلة في الموسم المنصرم. وأضاف المسؤول أن الدولة قد سخرت كل إمكانياتها لدعم القطاع من خلال منح الأولوية للقيام بإحصاء شامل ودقيق لجميع الأراضي الفلاحية المنتجة والثروة الحيوانية، مؤكدا أنه سينطلق خلال الأيام المقبلة من أجل تحديد الاحتياجات الفعلية والحقيقية الوطنية، والسعي إلى استغلال كل الأراضي المنتجة، خصوصا الممنوحة في إطار مستثمرات جماعية وفردية، وتطهير الأراضي الفلاحية غير المنتجة والأراضي التي يتم كراؤها.
ودعا الوالي الفاعلين في قطاع الفلاحة إلى مرافقة الفلاحين ودعمهم و«التخلي عن الذهنيات القديمة الجامدة التي تعرقل الفلاحين ولا تترك أثرا ملموسا في الميدان»، كما دعا جامعات قسنطينة إلى توظيف خبراتها في البحث العلمي والابتكار لفائدة الفلاحين ومساعدتهم على تطوير وتنويع الإنتاج بما يخدم الحاجة الوطنية.
وأفاد مدير المصالح الفلاحية لولاية قسنطينة، ياسين غديري، في تصريح للنصر، أن القرارات التي اتخذها الوالي بخصوص حفر الآبار للسقي، تصب ضمن مخرجات لقاءات رئيس الجمهورية مع الحكومة أين أعطيت تعليمات صارمة لجميع المتدخلين بتسهيل حشد المياه لقطاع الفلاحة، حيث اعتبر أن هذا الأمر قد جسد ميدانيا من خلال التعليمات الصارمة التي وجهها الوالي لمديرية الموارد المائية من أجل منح قرارات حفر الآبار العميقة خلال أسبوع. وأضاف نفس المصدر أن القرار المذكور يعتبر شجاعا وسيعود بفائدة كبيرة للفلاحين، بينما أوضح أن مشكلة ولاية قسنطينة تكمن في نقص المياه الجوفية، كما نفى وجود أي ملف طلب حفر بئر في وضعية انتظار في الوقت الحالي.
ونبه المسؤول أن مديريته تعمل على مرافقة جميع الفلاحين باعتبار الولاية رائدة في إنتاج الحبوب الشتوية، لكن عنصر المياه أدى إلى بعض النقص في المردود. أما فيما يخص الأراضي الفلاحية التي تحدث عنها الوالي، فقد أكد مدير القطاع أن عملية التطهير جارية في الميدان بالتنسيق مع الديوان الوطني للأراضي الفلاحية، مشيرا إلى أنه ينبغي على «من لا يستطيع خدمة الأرض أن يتركها لمن يستطيع ذلك». وأضاف محدثنا أن أغلب المستثمرات الفلاحية الفردية والجماعية قد اتجهت نحو الشراكة، حيث قال إن بعض الحالات تتمثل في كون الفلاح قد ترك العمل في الأرض لشريكه بدون وثائق، في حين نبه أن تعليمات الوالي تنص على تثمين كل قطعة أرض في الولاية بغض النظر عمن يملكها.
أكثر من 275 مليار سنتيم مُنحت كقروض لاقتناء العتاد
وعرضت تعاونية الحبوب والبقول الجافة لولاية قسنطينة حصيلة لنشاطها، حيث تقوم على 15 وحدة لجمع الحبوب بطاقة تخزين إجمالية تتجاوز 175 ألف طن، فضلا عن أنها تحوز على 6 محطات لتعليب بذور الحبوب والبقول، في حين تستهدف الوصول إلى توفير 160 ألف قنطار من الأسمدة الأزوتية والفسفاطية، وسلمت إلى غاية 20 أكتوبر الجاري أكثر من 25 ألف قنطار منها، بينما تسعى إلى توزيع أكثر من 100 ألف قنطار من البذور، من بينها 75 ألف قنطار من القمح الصلب و24 ألف قنطار من القمح اللين، لكنها سخرت أكثر من 112 ألف قنطار، وزعت منها أزيد من 30 ألف قنطار إلى غاية 20 أكتوبر الجاري.
ورصدت التعاونية 9 آلاف و700 هكتار من الأراضي المخصصة لبرنامج تكثيف البذور للموسم الفلاحي الجاري، من بينها أكثر من 6 آلاف هكتار مخصصة للقمح الصلب و2900 هكتار للقمح اللين، و500 هكتار للشعير و100 هكتار للشوفان، في حين قدرت المساحة المخصصة لتكثيف بذور البقول بـ1100 هكتار، من بينها 500 هكتار للعدس و500 هكتار للحمص و100 هكتار لتكثيف بذور من البازلاء الموجهة لتغذية الحيوانات.
وبلغ عدد الفلاحين المستفيدين من قرض «رفيق» من أجل اقتناء البذور، 835 فلاحا من أصل 1182 ممن أودعوا الملفات، حيث تجاوزت القيمة الإجمالية للقروض التي حصلوا عليها 143 مليار سنتيم، في حين تشير الحصيلة التي عرضها بنك الفلاحة والتنمية الريفية إلى أن قيمة قروض «الرفيق الفيدرالي» الممنوحة لملفين يخص أحدهما نشاط معالجة البذور والثاني نشاط الحفظ، قد وصلت إلى 73 مليار سنتيم. ومنح البنك قروضا بقيمة تفوق 11 مليار سنتيم في إطار صيغة «الرفيق الكلاسيكي» لفائدة أربعة متعاملين، من بينهم متعامل في مجال تصدير التمور.
من جهة أخرى، تجاوزت قيمة قروض الإيجار الممنوحة لأكثر من 1200 فلاح، 275 مليار سنتيم حيث تخصص لاقتناء العتاد الفلاحي، في حين حصّل البنك أكثر من 100 مليار منها بحسب الحصيلة الموقوفة بنهاية شهر سبتمبر الماضي، كما حصل البنك على أكثر من مئة مليار سنتيم من قروض «الرفيق» من أصل أكثر من 220 مليار سنتيم منحت لما يقارب 1600 فلاح خلال الموسم الماضي، الذي عرف تعثر إنتاج الكثير من الفلاحين بسبب نقص تساقط الأمطار.
سامي.ح