وضعت السلطات المحلية خطة تنموية طموحة، ضمن المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير المصادق عليه من قبل المجلس الشعبي الولائي مؤخرا، حيث تهدف إلى إعادة هيكلة البنية التحتية وتحسين شبكات النقل، من خلال إنشاء طرق اجتنابية ومضاعفة المحاور الوطنية، وتطوير شبكة النقل العمومي، بما في ذلك الترامواي و السكك الحديدية والتليفريك، كما تم اقتراح إنجاز مشاريع نوعية على غرار القطب التكنولوجي وكذا القطب الرياضي، والميناء الجاف، وهي مخططات تهدف إلى تعزيز مكانة الولاية كمركز اقتصادي متكامل قادر على استيعاب التوسع السكاني وجذب الاستثمارات.
وتحصلت النصر على نسخة من المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير المنجز من مكتب الدراسات إيرباكو، وكذا الوكالة الوطنية للتعمير، حيث ورد فيه أن ولاية قسنطينة تشهد تطورا عمرانيا متسارعا جدا، مدفوعا بعدة عوامل رئيسية أبرزها نفاد الوعاء العقاري في المجمع البلدي لخمس بلديات، إلى جانب استيفاء المدة القانونية لإعادة مراجعة المخطط التوجيهي بين البلديات المعنية، فضلا عن تسجيل صعوبة في تنفيذ برامج السكن الاستعجالية التي مُنحت للولاية ،كما أن الامتداد العمراني الكبير الناتج عن الهجرة من الولايات المجاورة، أدى، حسب المصدر، إلى ظهور أحياء قصديرية غير مخططة وتحصيصات غير شرعية، مما أثر سلبا على المشهد الحضري والتنظيم العمراني.
ولمجابهة التحديات التي تشهدها الولاية، فقد تم ،كما جاء، في المخطط وضع استراتيجية شاملة لتحسين البنية التحتية وتسهيل التنقل بين مختلف مناطق الولاية، حيث سيتم العمل على إنجاز العديد من المشاريع في قطاع الأشغال العمومية والتعمير، إذ اقترح إنجاز طرقات جانب وازدواجية تربط بين ديدوش مراد و حامة بوزيان، فضلا عن محور مهم يربط بين عين اسمارة والخروب مع العمل على ربطها بالطريق السيار شرق غرب، في حين سيتم إنشاء طرق اجتنابية للمدن الكبرى مثل عين سمارة والخروب، وربط عين اسمارة بأولاد رحمون إلى غاية التجمع الثانوي بونوارة بالطريق الوطني 20.
و تشمل المخططات، إنجاز طرق جديدة لفك العزلة عن مناطق الظل، وإنشاء محطات نقل متعددة الوسائط على مستوى المدن الكبرى، بالإضافة إلى تنفيذ مشاريع ازدواجية للطريق الوطني رقم 3 بين زيغود يوسف وديدوش مراد، والطريق الوطني رقم 27 بمسافة 18 كلم، والطريق الوطني رقم 79 بين مفترق الطرق علي منجلي والطريق الوطني 3 بأولاد رحمون، إضافة إلى ازدواجية الطريق الولائي رقم 101 بين علي منجلي وعين اسمارة، والطريق الولائي رقم 18 بين عيساني عمار وعلوك عبد الله ببلدية الخروب.
ويشكل قطاع النقل محورا أساسيا ضمن المخطط، حيث سيتم تطوير النقل بالقطار عبر إعادة تفعيل النقل المحلي بواسطة القطارات، مع تعزيز المحاور الطرقية الكبرى لضمان انسيابية أكبر لحركة السير، كما سيتم تطوير خط السكة الحديدية الرابط بين القرزي وسطيف على مسافة 118 كلم، وإنجاز خط جديد يربط قسنطينة ببوشقوف بولاية قالمة، إضافة إلى إنشاء خط قطار قيادة ذاتية أوتامتيكية بين قسنطينة والخروب وعين عبيد عبر استغلال السكة الحديدية القديمة وهو محور يعبر أقطابا عمرانية جديدة يقطنها عشرات الآلاف من المواطنين، أما فيما يتعلق بالتخفيف من الضغط المروري داخل المدينة، فسيتم إنشاء حظائر سيارات متعددة الطوابق داخل المدن الكبرى.
اقتراح بتمديد الترامواي نحو الخروب وخطوط تليفيريك جديدة
ومن ضمن الحلول الحضرية المتقدمة، اقتراح تجسيد مشروع خط ترامواي الرابط بين زواغي و المطار، غير أن الوالي، قد أكد بأنه سيتم التركيز على مشروع خط الترامواي باتجاه الخروب لتوفرها على أقطاب حضرية كبرى مشيرا إلى أن خط المطار سيكون غير ناجع بالنظر إلى الحركية الضعيفة بمطار محمد بوضياف الدولي، كما تحدث المخطط عن إنجاز خطين جديدين للتيليفريك، الأول يربط وسط مدينة قسنطينة ببكيرة على مسافة 3.1 كيلومتر، والثاني بين محطة كركري وسيدي مبروك، ما من شأنه تسهيل حركة المرور داخل مدينة قسنطينة وتقليل الاختناقات، علما أنها مشاريع قد سجلت قبل سنوات ثم جمدت في عام 2014.
وفي إطار التنمية العمرانية المستدامة، ستشمل المشاريع الجديدة إنشاء مراكز حضرية كبرى تضم مرافق رياضية، ترفيهية، ثقافية، إدارية، صحية وتجارية، وذلك وفق تحديد دقيق للأوعية العقارية بما يتناسب مع كل مشروع، ومن بين المشاريع الكبرى المخطط لها إنشاء قطب للأعمال يضم نزلا مخصصا لرجال الأعمال وكذا قصرا للمؤتمرات، بالإضافة إلى مراكز للمؤسسات، وكالات للإشهار والعقارات و مكاتب استشارية وتجارية.
أما على الصعيد الرياضي، فسيتم إنشاء قطب رياضي يضم مركبا سياحيا رياضيا مدمجا، ومساحات مخصصة لمختلف الرياضات الفردية والجماعية، إضافة إلى إنشاء ملعب حديث متعدد الوظائف يتسع لـ 80 ألف متفرج ، حتى يكون قادرا على احتضان الفعاليات الرياضية والثقافية الكبرى، وفي قطاع الصحة، سيتم إنشاء مركز استشفائي جامعي مجهز بأحدث التجهيزات الطبية لتقديم خدمات صحية متطورة، حيث أكد مدير التعمير بـأن المشروع قد سجل وانتهت مرحلة الدراسة به بما يعكس تأخر اعتماد المخطط.
و تضمن المخطط الجديد، إنشاء قطب مخصص للتكنولوجيات الحديثة يضم نزلا لاستضافة الباحثين، قاعات للمؤتمرات، ومقرات متخصصة للأبحاث في مجالات الإعلام والمعلوماتية، مما يسهم في تعزيز بيئة البحث والابتكار في الولاية.أما على المستوى الاقتصادي سيتم إنشاء ميناء جاف يسهل المعاملات الاقتصادية، ويساهم في تحسين عمليات التصدير والاستيراد. وتشكل هذه المشاريع الكبرى، وفق مديرية التعمير، خطوة جوهرية نحو تعزيز التنمية الحضرية والاقتصادية بولاية قسنطينة، حيث تهدف إلى تحقيق توازن عمراني مستدام، وتحسين جودة الحياة للمواطنين، وتعزيز جاذبية المدينة كمركز اقتصادي وسياحي، بما يضمن استدامة التنمية في المستقبل.
لقمان/ق