أدانت الجزائر أمس بشدة، الزيارة، التي قامت بها وزيرة الثقافة الفرنسية إلى الصحراء الغربية واعتبرتها أمرا خطيرا للغاية يجعل الحكومة الفرنسية تستبعد نفسها من جهود الأمم المتحدة الرامية إلى تسوية النزاع في الصحراء الغربية على أسس الشرعية الدولية.
واعتبر بيان لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية أمس أن الزيارة التي قام بها عضو من الحكومة الفرنسية إلى الصحراء الغربية «أمر خطير للغاية» يستدعي الشجب والإدانة على أكثر من صعيد، مضيفة بأن هذه الخطوة تنم عن «استخفاف سافر بالشرعية الدولية من قبل عضو دائم في مجلس الأمن الأممي».
وأضاف بيان وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية في هذا الإطار أن هذه الزيارة تدفع نحو «ترسيخ الأمر الواقع المغربي في الصحراء الغربية»، وهي الأرض التي لم يكتمل مسار تصفية الاستعمار بها وأرض لم يحظ شعبها بعد بممارسة حقه غير القابل للتصرف أو التقادم في تقرير مصيره.
وزارة الشؤون الخارجية التي وصفت الزيارة بالمستفزة، أكدت أنها تعكس «صورة مقيتة للتضامن والتعاضد بين القوى الاستعمارية قديمها وحديثها»، مشددة على أنه بقيامها بذلك فإن الحكومة الفرنسية تستبعد نفسها وتنأى بها بصورة واضحة وفاضحة عن جهود الأمم المتحدة الرامية إلى التعجيل بتسوية نزاع الصحراء الغربية على أسس الاحترام الصارم والصادق للشرعية الدولية.
وتأتي الزيارة التي قامت بها أمس وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي إلى مناطق في الصحراء الغربية المحتلة كخطوة استفزازية جديدة من الحكومة الفرنسية بعد تلك التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 30 جويلية الماضي عندما عبر في رسالة وجهها للملك محمد السادس عن اعتراف بلاده بمخطط المغرب المزعوم للحكم الذاتي في الصحراء الغربية بصفته الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية وتسويتها.
وتعتبر الزيارة التي قامت بها وزيرة الثقافة الفرنسية أمس إلى الأراضي الصحراوية انتهاكا واضحا وفاضحا للشرعية الدولية ولمختلف قراراتها ذات الصلة ذلك أن الأراضي الصحراوية التي زارتها الوزيرة تقع تحت الاحتلال المغربي بحكم القانون الدولي و الشرعية الدولية، و زيارتها من طرف أي مسؤول أجنبي يعتبر بمثابة «دعم» لهذا الاحتلال، وتعديا على مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، فما بالك إذا كان الأمر يتعلق بمسؤول في دولة هي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي.
بل إن زيارة الوزيرة الفرنسية هي فضيحة أخلاقية وسياسية وقانونية بأتم معنى الكلمة، و على المجتمع الدولي برمته إدانتها، لأنها انتهاك للقانون الدولي أولا، و تعد واضح على حقوق الإنسان في المقام الثاني.
وللتذكير كانت الجزائر قد استنكرت بشدة الخطوة التي أقدم عليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ذلك الوقت، واعتبرت ما جاء في رسالته للملك المغربي « قرارا غير منتظر» اتخذته الحكومة الفرنسية، وأكدت حينها أنها « ستستخلص كافة النتائج والعواقب التي تنجر عن القرار الفرنسي ، و تحمل الحكومة الفرنسية وحدها المسؤولية الكاملة والتامة عن ذلك».
من جهته وصف وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، في ندوة صحفية عقدها بعد ذلك اعتراف الحكومة الفرنسية بما يسمى الحكم الذاتي للصحراء الغربية بـ« هبة من لا يملك لمن لا يستحق».
ومن هذا المنطلق فإن الخطوة التي أقدمت عليها وزيرة الثقافة الفرنسية أمس تدخل ضمن هذا المنطق الذي تحاول الحكومة الفرنسية فرضه في الصحراء الغربية، وهي بذلك تقصي نفسها من أي جهد من أجل إيجاد حل سياسي لقضية الشعب الصحراوي وفق قرارات الشرعية الدولية.
كما أن هذا التمادي الفرنسي في نكران حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره لن يغير من الطبيعة القانونية للقضية الصحراوية في شيء، التي كانت وستبقى قضية «تصفية استعمار» وهي مسجلة كذلك في هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
وتأتي هذه الخطوات الاستفزازية المتكررة من الحكومة الفرنسية في وقت تمر فيه العلاقات الجزائرية- الفرنسية بمرحلة توتر واضحة منذ أشهر، وهي تتعارض مع الدعوات التي تطلق من وراء البحر من أجل التهدئة، فلا يمكن الحديث عن تهدئة في العلاقات في وقت يقوم فيه الطرف الآخر بتأجيج الوضع و التمادي في الاستفزازات.
إلياس -ب