أشاد خبراء بأن المرحوم الفريق أحمد قايد صالح تبنى استراتيجية كانت ركيزتها الشعب، وهو ما انتبه إليه الحراك الذي تفاعل مع المؤسسة العسكرية، التي ضمنت سلمية الحراك وواجهت المندسين، ومنعت استعمال القوة بتعليمات صارمة من الفقيد، الذي وفق في الحفاظ على استقرار البلاد طيلة 10 أشهر كاملة، وهي مهمة لم تكن بالسهلة.
أكد العقيد المتقاعد حملات رمضان
«للنصر» أن حنكة المرحوم قايد صالح والمؤسسة العسكرية جنّبت الجزائر الفوضى وأبعدتها كل البعد عن المخططين والمندسين وسط الحراك، كان هدفهم خلق البلبلة والفوضى، وذلك رغم صعوبة التحكم في الشارع، مما مكن من إيصال البلاد إلى بر الأمان، كما حرص المرحوم كقائد للمؤسسة العسكرية، على وضع مخططات عملياتية في الاتجاهات المحتملة، بحكم موقع الجزائر الإقليمي، وطبيعة الوضع الأمني على الحدود، هو في الواقع عبارة عن حزام، لذلك كان لزاما على مؤسسة الجيش وضع مخططات لنشر القوات القادرة على الرد على كل تهديد من أي اتجاه كان.
وأضاف العقيد المتقاعد أن الراحل رئيس الأركان قايد صالح كانت مهمته التخطيط للعمليات القتالية داخل الوطن وعبر الحدود، فضلا عن وضع مخطط لنشر قوات الجيش على شريط حدودي يتجاوز طوله 6500 كلم، وما كانت الخرجات الميدانية التي كان يقوم بها، إلا من أجل التدقيق في الخطط الموضوعة لحماية الحدود، ومتابعة التمارين بالذخيرة الحية، لتصحيح وتحسين الخطط القتالية لتصبح ذات فعالية.
النتائج التي حققتها التشكيلات القتالية كانت ناجحة 100 بالمئة
وشدد العقيد المتقاعد حملات رمضان على أن النتائج التي حققتها التشكيلات القتالية كانت ناجحة بنسبة 100 بالمئة، ومن بين النتائج التي حققتها هذه الوحدات، اكتشاف مخابئ للأسلحة والذخائر، وتوقيف أجانب مجهولين دخلوا التراب الوطني بطرق غر شرعية، علما أن تنفيذ هذه المخططات تحتاج إلى أن تحوز القوات القتالية المنتشرة على الحدود إلى التكوين العالي، كذلك تم التركيز خلال مسيرة المرحوم، على الإطارات ذات الكفاءة العالية، وإنشاء مراكز مجهزة بوسائل بيداغوجية متطورة لتكوين أفراد الجيش الوطني الشعبي، والوصول إلى تكوين قتالي عالي يساعد الجندي على تنفيذ مختلف المهام المسندة إليه.
الرجل كان صادقا في حماية الحراك ومنع إراقة الدماء
وكان للتعليمات الصارمة التي أسداها المرحوم قايد صالح الفضل في ضمان سلمية الحراك، وفق المصدر، فقد أدى اليمين وأقسم بالله وأمام الشعب بأن لا تراق قطر دم واحدة، وكان صادقا في ذلك، فقد كان صارما في منع الأجهزة الأمنية من حمل الأسلحة خلال تأطير المظاهرات الشعبية التي شهدتها كافة أرجاء الوطن، على اعتبار أن السلاح هو وسيلة للترهيب.
وبحسب العقيد المتقاعد حملات رمضان، فإنه داخل الحراك كانت عناصر من أجهزة الأمن تراقب الوضع من أجل حماية الشعب ومنع استعمال القوة، باستثناء بعض الحالات المنعزلة التي عوقب أصحابها، مما مكن البلاد من تجنب الفوضى، والخروج بسلام من الأزمة بتنظيم انتخابات رئاسية أوصلت البلاد إلى بر الأمان.
قايد صالح اعتمد على الشعب وأظهر ذلك في كافة خطاباته
وأضاف من جهته العقيد المتقاعد بن جانة بن عمر مفتش سابق للقوات الخاصة بالنيابة، في تصريح «للنصر»، بأن الراحل قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، تبنى استراتيجية الاعتماد على الشعب، وهو ما أظهره في كافة الخطابات التي ألقاها، فقد كان يذكر الشعب في كافة خطبه، لأن الشعب في منظوره هو الأساس والقاعدة التي يرتكز عليها، وقد انتبه الحراك إلى ذلك، رغم بعض الأصوات التي كانت تشكك في ذلك ظاهريا، إلا أنه في العمق كانت كل الناس تولي أهمية كبيرة لهذا الجانب.
وأوضح المتحدث أن تأطير المسيرات الشعبية كان يتم بفضل تسخير إمكانات بشرية هامة لتحقيق هذا الهدف، وكانت تندس وسط الجماهير وتلاحظ كل من تظهر عليه بوادر وشكوك لتعكير صفاء المظاهرات السلمية، وتقوم بوقف كل حركة مشبوهة واحتوائها في عين المكان، وكل من كانوا يستهدفون الحراك، فقد كانت هناك مراقبة لصيقة لجميع من أرادوا تغيير سلمية الحراك الشعبي، لذلك لم تعط أي فرصة للانحراف نحو الفوضى، وهو إنجاز يحسب للمرحوم الفريق قايد صالح.
واعتبر العقيد المتقاعد بأن الحفاظ على السلمية والاستقرار طيلة عشرة أشهر كاملة عبر كامل ربوع التراب الوطني لم يكن أمرا هينا، ويعود الفضل في ذلك إلى قوات الجيش الوطني الشعبي التي تحكمت في الوضع بفضل عمليات استطلاعية استباقية، وإلى حنكة المرحوم الذي حافظ على السلمية والحركية التي عاشتها البلاد في الفترات الأخيرة، وأنهى المرحلة بتنظيم انتخابات رئاسية وتنصيب رئيس جمهورية جديد، وبحسب المتحدث فإن قايد صالح كان مرتاحا وبلغ الأمانة، سيتم الحفاظ عليها، وأبدى العقيد المتقاعد بن جانة بن عمر تفاؤله بشأن المراحل القادمة، لأن ما تعيشه الجزائر هو مجرد مرحلة يتمنى الجميع أن تمر بسلام.
أما على الصعيد الخارجي، فقد كان الجيش الوطني الشعبي واقفا بالمرصاد من أجل حماية التراب الوطني، تحت قيادة الفريق قايد صالح الذي كان يتنقل من ناحية إلى أخرى لتوعية قادة الوحدات عبر الحدود، ويحث ويحذر وينشر روح اليقظة في كل خرجاته الميدانية.
لطيفة بلحاج