أكد أمس أكاديميون وشخصيات وطنية وتاريخية ودينية في ندوة المنبر القاسمي تزامنا وإحياء عيد النصر نظمت بمركب المجاهد بالهامل في المسيلة تحت شعار "الجزائر مع فلسطين في السراء والضراء" على وقوف الجزائر شعبا ودولة مع القضية الفلسطينية، مشيرين بأن هذا المسعى يندرج ضمن عمل دؤوب يهدف دوما إلى تفعيل حضور القضية الفلسطينية في مختلف مجالات الحياة بما يبقيها حية لدى جماهير الأمة وذاكرتها الجماعية.
الندوة التي نظمت بالتعاون مع جمعية الوفاء بالعهد وجمعية مشعل الشهيد ومنتدى سيدي أبي مدين للأخوة الجزائرية الفلسطينية وتدوم يومين، شهدت حضورا مميزا لشخصيات وطنية يتقدمها مستشار رئيس الجمهورية المكلف بملف الذاكرة والأرشيف الوطني عبد المجيد شيخي ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى بوعبد الله غلام الله ورئيس المجلس الأعلى للغة العربية الدكتور صالح بلعيد ومجاهدين وأساتذة جامعيين من مختلف جامعات الوطن.
وفي كلمة افتتاح الندوة قال شيخ الزاوية القاسمية محمد المأمون القاسمي الحسني أن تنظيم هذه الندوة في إطار فعاليات المنبر القاسمي تضامنا مع الشعب الفلسطيني حيث تم اختيار موعد لعقدها عيد النصر الذي تحتفل به الجزائر مع ذكرى الإسراء والمعراج، مشيرا إلى عظمة الشعب الجزائري بالقول إن "شعبنا انصهر بجميع فئاته في جبهة للتحرير واحدة، وانخرط في ثورة أعطت المثال في صدق العزيمة ووحدة القيادة وقد عرف من دينه أن الجهاد شرع في الإسلام دفعا للعدوان وحماية لحرية الأوطان وتأمينا لعقيدة الإيمان وصيانة لكرامة الإنسان"، مضيفا أنه على الشعب الفلسطيني نبذ خلافاته وتوحيد صفوفه والتمسك بخيار المقاومة لاسترجاع حقوقه انطلاقا من أن ما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة".
واستطرد قائلا إن المنتظر من الشعب الفلسطيني أن يأخذ العبرة من شقيقه الشعب الجزائري الذي ابتلي بشر استدمار استيطاني في عهود الاستعمار ومرت عليه محن وحوادث شداد وعاش أوقاتا عصيبة وكان شعبا يملك الإيمان بحقه والثبات على دينه والإصرار على انتزاع حريته واسترجاع استقلاله رغم محاولات فرنسا بكل وسيلة أن تخرج الجزائريين من هويتهم الإسلامية فما أفلحت كما حاولت أن تبيدهم فما استطاعت.
و ذكر رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بوعبد الله غلام الله بموقف الجزائر الثابت من القضية الفلسطينية، قائلا إنه لم يتحول منذ قديم الزمن ولن يتحول باعتبار القضية تسكن في قلوب وشعور الجزائريين، معيدا إلى ذاكرة الحضور ما عملته الجزائر من أجل القضايا العادلة ونصرتها لجميع الشعوب العربية المستضعفة بعدما حولت النصر على المستعمر إلى مصدر إلهام لهذه الشعوب وأصبحت مدرسة في المقاومة حيث وقفت خلف جلوس أبو عمار في منصة الأمم المتحدة وبعدها إعلان دولة فلسطين من الجزائر.
و دعا غلام الله العلماء المسلمين إلى التفطن و بذل المزيد من الجهد لمواجهة المخططات الصهيونية التي تسعى من خلالها إلى صهينة الإسلام كما فعلت مع المسيحية وهذا منذ أكثر من 200 سنة، حيث يعملون كما قال، على هزيمة الإسلام حتى لا يكون شريعة قوية، معيبا على من وصفهم بالزعماء العرب من هذا الجيل المتخاذل الذين أصبحوا يتوسلون لإسرائيل التي تحولت إلى دولة متبرعة للاعتراف بها.
من جهته، المستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالأرشيف الوطني وملف الذاكرة عبد المجيد شيخي، اعتبر عيد النصر مسألة عميقة بفعل الرمزية التي تعنيها عن عظمة الإنسان الجزائري الذي يبقى واقفا معيدا إلى الذاكرة لحظة التوقيع على وثيقة وقف إطلاق النار بتاريخ 19 مارس حيث استحضر، موقف كريم بلقاسم رفقة الطرف الفرنسي ممثلا في الوزير دي بروين، و محطات كثيرة ومختلفة عن تاريخ البلدين والتناقض في تلك الفترة من مواقف بين طرف منتصر وهو الشعب الجزائري ومنهزم في صورة الفرنسيين.
مؤكدا أن الأجيال الصاعدة لابد عليها أن تعلم أن الجزائريين قضوا أكثر من 30 سنة قبل هذا التاريخ يؤمنون بالنصر الذي تحقق بفضل تضحيات الشهداء الأبرار والمجاهدين الذين كانوا يؤمنون بصدق قضيتهم العادلة، مؤكدا بأنها نصيحة لجميع الشعوب المستضعفة من أجل الاستئثار بالنصر الذي حققه الإنسان الجزائري الذي اعتاد كما قال، على النهوض بعد كل سقوط.
فارس قريشي