دعا، أمس الأربعاء، قضاة من قسنطينة، إلى ضرورة التكوين الدوري للخبراء القضائيين في مجال الإجراءات والمبادئ القانونية، "وذلك تفاديا للوقوع في أخطاء إجرائية قد تضر بالمتقاضين والقضاة، وتتسبب في تراكم الملفات
على مستوى العدالة".
ونظم أمس، مجلس قضاء قسنطينة بالتنسيق مع جمعية الخبراء القضائيين، يوما دراسيا حول الخبرة القضائية في المادة المدنية بين الإطار القانوني والفني، وذلك على مستوى دار الثقافة مالك حداد، حيث عرف اللقاء مناقشات علمية وقانونية بين الخبراء القضائيين والقضاة، الذين قدموا شروحات قانونية حول المجال.
وتطرق رئيس محكمة الخروب رفاس فريد، في مداخلة بعنوان، تجليات المحاكمة العادلة في الخبرة القضائية، إلى أهم المبادئ المسيرة للمحاكمة العادلة ويتعلق الأمر بالحياد والاستقلالية وكذا الفصل في آجال معقولة فضلا عن مبدأ الوجاهية، لكنه ذكر أن ما يلفت الانتباه بحسب المتحدث، هو أن الخبرة القضائية كعمل إجرائي يجب أن تكون محاطة بضمانات قانونية تضمن حيادها ونزاهتها ونجاعتها أيضا، وذلك لتحقيق الهدف المتوخى منها وهو، مثلما أكد، "حل النزاعات وليس خلق نزاعات جديدة أو تعقيدها".
وتابع المتحدث، أن الملاحظة الخاصة بوجود نقص تكوين قانوني لدى الخبراء القضائيين ليس نقيصة وإنما إشارة فقط، حيث أن تكوين الخبراء هو علمي وفني، في حين أن الخبرة القضائية يجب أن تكون مزيجا بين الجانب القانوني والعلمي، ولذلك فعلى الخبير الإلمام بأهم المبادئ والإجراءات، حتى لا يضيع عمله الفني في أخطاء إجرائية.
وأوضح رئيس محكمة الخروب، في تصريح للنصر، أن الأخطاء من الممكن أن يترتب عنها بطلان الإجراءات مقدما مثالا بالخبير، الذي يعمد إلى إجراء خبرة دون بقية الأطراف "وفي هذا مساس" كما قال بمبدأ الوجاهية ، مشيرا إلى أن هذا الخطأ الإجرائي ينجم عنه طعن من الخصم نتيجة عدم تبليغه، و قد يسقط شهور من العمل المستمر و يؤدي إلى إبطال العمل الإجرائي كاملا، ناهيك عن المصاريف القضائية والوقت الثمين للمتقاضي والقاضي.
وتطرق البروفيسور بجامعة منتوري، شعبان محمد الصالح إلى الآجال القانونية التي أثارتها المادة القانونية 133 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، والتي تمنح آجال محددة بـ 8 أيام من أجل الطعن في الخبير لوجود علاقة قرابة أو سبب جدي لدى أحد المتخاصمين، حيث يرى وجود إجحاف بالنسبة للخصوم الذين يكتشفون فيما بعد وجود علاقة قرابة بين الخبير والخصم، مقترحا على المشرع توسيع أو إلغاء الآجال المقررة وترك المجال مفتوحا.
ويرى وكيل الجمهورية، لدى محكمة قسنطينة، قادري عبد الفتاح، أن ترك الآجال مفتوحا قد يترتب عنه تعسفا للجانب الآخر فأي شخص، مثلما أوضح، قد يحتج بوجود مانع من الموانع ويطلب رفض هذا الخبير، مؤكدا أن 8 أيام كافية للتحري عن الخبير.
وأوضح المتحدث، في تصريح للنصر، أنه لوحظ ميدانيا، أن الخبراء غالبا ما يكلفون بمهام ويتجاوزون حدود الآجال المحددة، وهو ما يؤثر سلبا على سير الملف القضائي، وهو ما ذهب إليه نائب رئيس المجلس القضائي جافي عمارة، والذي أكد وجود ملفات عالقة منذ سنوات بسبب عدم إنجاز الخبرة، إذ أن الخبراء يطالبون بالتمديد.
وأكد وكيل الجمهورية، على ضرورة التزام الخبراء بالقانون لمنع أي تعسف لضمان حقوق الأشخاص، مشيرا إلى أن التأطير لا يتعلق فقط بالواجبات وإنما بالحقوق إذ لابد أن يكون الخبير على علم بأن خبرته تجري في سياق طبيعي ولا تترتب عنها أي متابعات جزائية، موضحا أن الخبرة القضائية سواء في القانونين المدني أو الجزائي، قد تكون هي الفيصل في العديد من القضايا.
وذكر رئيس جمعية الخبراء القضائيين، فيلالي عبد الحليم، أن إشكالية اللقاء تتعلق بمشكلة عدم تحكم الخبير القضائي في المصطلحات القانونية وما يترتب عنها من أخطاء، مشيرا إلى أن الهدف هو التكوين الدوري للخبراء القضائيين من أجل تحسين أدائهم، مبرزا أن نشاط الخبير القضائي يفتقد إلى النصوص التنظيمية التي تحدد مهامه، إذ لابد، مثلما اقترح، من سنّ قانون أساسي يؤطر مهام الخبير القضائي وذلك لمنع حدوث أي إشكالات. لقمان/ق