ثمّن، جامعيون وسياسيون مبادرة “لمّ الشّمل” التي دعا إليها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون، حيث اعتبروا أنها ستعمل على تحصين الجبهة الداخلية أمام التحديات التي تواجهها البلاد، في حين دعا متدخلون إلى تفعيل دور النخب والإعلام فيها، كما نبه آخرون منهم إلى ضرورة الاطلاع على تفاصيل أوسع حولها وطرحها للنقاش.
وطرح متدخلون للنصر، آراءهم حول مبادرة لم الشمل التي أطلقها رئيس الجمهورية، حيث التقينا بهم خلال الملتقى الوطني الأوّل الذي نظمته كلية العلوم السياسية لجامعة صالح بوبنيدر بقسنطينة، حول دور النخب الجزائرية في صنع السياسات العامة، أين اختاروا التطرق إلى زوايا مختلفة من المبادرة.
وقال الخبير الدستوري، البروفيسور نذير عميرش، إنّ مبادرة “لمّ الشمل” فرصة لتوافق الجزائريين في مختلف المجالات، سواء الثقافية أو الرياضية أو السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، كما نبّه أن هذه المبادرة تعتبر فرصة للمّ شمل النّخب الجامعية أيضا على اختلافات إيديولوجياتها ومواقعها، أي في المعارضة أو الموالاة أو الحيادية منها، حيث أكد أنه ينبغي أن يلتقي الجميع لتثمين المبادرة وتقديم وجهات نظرهم، خصوصا وأن النخبة مطالبة بلعب دور بارز في المجتمع في صنع السياسات العامة، لما تحمله من مصداقية بالنسبة للشعب. ونبه نفس المصدر أن نجاح مبادرة لمّ الشمل وتحقيق التوافق حولها سيعطي دفعا قويا للجزائر في مواجهة التحديات الوطنية والخارجية في مختلف المجالات.
وأشار محدثنا إلى أن النخبة الجامعية مطالبة اليوم، أكثر من السابق، بالتعاطي إيجابيا مع هذه المبادرة، التي اعتبر أنها جاءت في وقتها نظرا للمخاطر التي تهدد الجزائر، ولا تقع مسؤولية مواجهتها على السلطة وحدها، وإنما على عاتق الشعب بكل مكوناته، حيث ينبغي “وضع اليد في اليد لمواجهتها بالتوافق الداخلي الذي سيحصن الجبهة الداخلية”، مثلما أكده البروفيسور عميرش، الذي قال “إن كل شيء سيكون هيّنا بعد ذلك في مسار التنمية الوطنية الشاملة والمستديمة”.
واعتبر الإعلامي والدكتور عبد الحميد بوشوشة، أستاذ الإعلام بجامعة صالح بوبنيدر، أن أي مبادرة للمّ شمل الجزائريين ينبغي أن تبارك، لأنها تعتبر أمرا مهمّا في الحياة السياسية وبناء الدولة الجزائرية، وأضاف نفس المصدر أن الشعب الجزائري ما يزال توّاقا لمثل هذه المبادرات التي تجمع شمله وتمهد الطريق نحو حياة سياسية جديدة وتنمية اقتصادية جديدة.
وأضاف الدكتور بوشوشة أنّ الإعلام يلعب دورا كبيرا في هذا الجانب من خلال أدائه في تشكيل الرأي العام، حيث شدّد على أنّه من الضروري أن يحتضن الإعلام مثل هذه المبادرات، وأن يسعى إلى شرح أبعاد المبادرة وأهدافها، فضلا عن أن ينخرط فيها “إذا كانت واضحة المعالم بالنسبة إليه”، مشيرا إلى أن “الملحوظ في الوقت الحالي أن الإعلام يسمع عن المبادرة بدوره مثلما يسمع بها الجميع”، كما قال، لكنّه لفت إلى ضرورة تمرير خطاب مماثل إلى الإعلام لأنه يتمتع بالقدرة على صنع رأي مؤيد للمبادرة، فضلا عن أن الإعلام له تأثير كبير في مساندة مبادرة لم الشمل وجعلها تتجسّد بما يخدم جميع أطياف المجتمع.
وقال النائب البرلماني عن حركة مجتمع السلم، يوسف عجيسة، إنه يثمّن ويدعم كل ما يدعو إلى توحيد الجزائريين ولم شملهم، لكنه اعتبر أن ذلك ينبغي أن يكون وفق رؤية واضحة وبمشاركة جميع النخب الجزائرية، موضحا أنه من الضروري مراجعة الوضع حاليا، في حين أشار إلى أن النخب السياسية هي التي ينبغي أن تضع السياسات وتشارك فيها وتقود قاطرة المجتمع بكل ما تشمله من نخب أخرى.
وأفاد محدثنا أن حركة مجتمع السلم دعت إلى مبادرة “التوافق الوطني”، حيث أوضح أن لقاء رئيس الحركة والوفد المرافق له مع رئيس الجمهورية بعد الانتخابات التشريعية قد كان حول قضية البرامج والتوافق عليها، ولم يكن حول الأشخاص أو الوزارات. وقال النائب إن الكثيرين قد لاموا “حمس” على عدم المشاركة في الحكومة، لكنه نبه أن القضية تتجاوز المشاركة بوزير في الحكومة، وإنما تصب في بناء توافق وطني ولمّ شمل كل الجزائريين داخل الوطن وخارجه على رؤية محددة، مثلما أكده. من جهته، ثمّن رئيس المجلس الشعبي الولائي لولاية قسنطينة والأمين الولائي لحزب الأرندي، عصام بحري، في تصريح للنصر، مبادرة رئيس الجمهورية للمّ شمل جميع الجزائريين، معتبرا أن هذا ما تحتاج إليه البلاد في المرحلة الحالية لتحقيق الإقلاع الاقتصادي، حيث قال “إنها ما تحتاج إليه الجزائر الجديدة المتجددة”، كما اعتبر أن رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق السعيد شنقريحة، قد أكد بدوره على “اليد الممدودة” و”لم الشمل”. وأوضح نفس المصدر أنه قد اتبع نفس النهج القائم على لمّ الشمل منذ توليه رئاسة المجلس الشعبي الولائي من خلال إبعاد القبعة السياسية في توزيع المهام داخل المجلس، حيث تم تعيين رؤساء اللجان بحسب الكفاءة والتوزيع الجغرافي، معتبرا أن المجالس الشعبية البلدية بالولاية تعمل بتشاركية حتى تكون قوة اقتراح، وقوة ضغط أيضا، من أجل تحقيق المصلحة العامة، التي تصب في نفس مسعى لمّ شمل الجزائريين، بعيدا عن الاسترزاق السياسي.
سامي .ح