دعا مختصون في القانون خلال ملتقى احتضنته جامعة منتوري بقسنطينة، أمس، إلى توفير حماية فعالة لحياة الفرد الجزائري في ظل التهديدات والمخاطر التي أفرزها التطور العلمي والتكنولوجي، ووجوب الالتزام بحفظ سرية المعلومات والبيانات الجينية وعدم إفشائها لأي جهة كانت وتحت أي غرض.
وخلال الملتقى الذي نُظم تحت عنوان “الحماية القانونية للحق في الحياة الخاصة في ظل التطور العلمي والتكنولوجي”، قالت الأستاذة المحاضرة بكلية الحقوق في جامعة قسنطينة 1، الدكتورة بن لشهب أسماء، إنه ومع تطور الهندسة الوراثية وتنوع استخداماتها في عدة مجالات منها الطبية، والإثبات الجنائي والبحث عن المفقودين ومجهولي الهوية في الحوادث والكوارث الطبيعية، إلا أن الانحراف في استعمالها لأغراض غير مشروعة من شأنه أن يتسبب في إحداث مخاطر وكثير من التداعيات القانونية وإفشاء البيانات الجينية للفرد أو استخدامها في صنع أمراض وراثية وفيروسات مستعصية الشفاء.
وأضافت الدكتورة، أن حق الفرد في الخصوصية الجينية يعني امتلاكه حق التحكم في معلوماته الناتجة عن عمليات فحص وتحليل جيناته الوراثية مع وجوب الحفاظ على سريتها، ففحوص العينات البيولوجية تقدم معلومات تعكس هوية ورابطة النسب الخاصة بالشخص، وكذا معلومات عن الأمراض الوراثية القائمة وبيانات حالته الصحية هو وأسرته. وأصدر المشرّع الجزائري سنة 2016، تضيف المتحدثة، القانون 16-03 المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في الإجراءات القضائية والتعرف على الأشخاص، حيث نص على ضرورة احترام كرامة الأشخاص وحرمة حياتهم الخاصة وحماية معطياتهم الشخصية في مختلف مراحل استعمال هذه البصمة، والملاحظ أن استعمال البيانات الجينية لا يجوز بصفة مطلقة، إلا أن المشرع قيده بإمكانية استخدامها من أجل المصلحة العامة، كاستغلال الفحوص الجينية في الإجراءات القضائية وأغراض الصحة العامة أو لمصلحة خاصة إذا كانت لأغراض طبية علاجية.
كما تطرقت المتدخلة لنوعين من الجرائم الماسة بالخصوصية الجينية، حيث تتعلق الأولى باستعمال العينات البيولوجية من أنسجة وسوائل بيولوجية في الحصول على البصمة الوراثية، أو استعمال البصمات الوراثية التي تم الحصول عليها بعد إخضاع العينات البيولوجية إلى عملية الفحص والتحليل الجيني لغير الأغراض المخصصة لها والتي حددها القانون في الغرض القضائي وإجراءات التعرف على الأشخاص أو مجهولي الهوية، أما الجريمة الثانية فترتبط بإفشاء المعطيات المتعلقة بالبصمة الوراثية. وذكّرت بن لشهب، أنه يتعيّن تجريم التصرفات الماسة بالخصوصية الجينية للأشخاص دون إغفالها، كتجريم فحص العينات البيولوجية دون الحصول على موافقة صاحبها، كما لا يمكن تطبيق القواعد العامة الخاصة بالموافقة الواردة في قانون العقوبات، مؤكدة أن التطورات التكنولوجية قد خلقت تحديات جديدة بالنسبة للحق في الحياة الخاصة أين سمحت بالاطلاع على أسرار الأفراد وتسببت في توسيع نطاق الاعتداء على خصوصياتهم لتصبح كتابا مفتوحا يمكن للجميع قراءته، ويرتبط الإشكال الحقيقي، وفق أستاذة القانون، بأجهزة المراقبة المعلوماتية المتمثلة في الحاسوب والأجهزة الذكية الموصولة بشبكات الأنترنت بمساعدة الأقمار الصناعية.
من جهتها، تطرقت المختصة في مجال المؤسسات السياسية والإدارية بالجزائر بفرع القانون العام، الدكتورة عياشي دليلة، خلال مداخلتها المعنونة بـ “تطور تقنية المعلومات والجرائم الماسة بحرمة الحياة الخاصة”، إلى أنواع من الجرائم المرتكبة في حق الأفراد والتي تتجاوز حرياتهم الخاصة، منها جرائم الدخول غير المصرح به والاعتداء على المراسلات والمحادثات الإلكترونية، وأخرى تقع على البيانات الشخصية للأفراد والمعالجة إلكترونيا، وهي تنقسم إلى صنفين منها ما يتعلق بالتخزين والإفشاء غير المشروع للبيانات الشخصية فلا يجوز إخراجها دون إذن، وآخر يرتبط بجريمة المعالجة الإلكترونية للبيانات الشخصية دون ترخيص وتجاوز الغاية من المعالجة الإلكترونية.
رميساء جبيل