وجه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، رسائل قوية إلى المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين، بضرورة ترقية الأداء الاقتصادي لتحقيق إقلاع اقتصادي. والخروج من منطق الاقتصاد المحلي إلى صناعة لها قدرة على منافسة المنتجات في الأسواق الدولية، واستغلال الفرص المتاحة في الظرف الراهن بالدول الأوروبية والأسواق الإفريقية، مبديا استعداد الدولة لمرافقة المستثمرين لبلوغ أهداف تلبية احتياجات السوق الوطنية والتوجه نحو التصدير.
حرص رئيس الجمهورية، لدى تدشينه للطبعة 30 لمعرض الإنتاج الجزائري بقصر المعارض بالصنوبر البحري، على طمأنة المستثمرين ورجال الأعمال، بأن الدولة "ستقف إلى جانبهم" وترافقهم لتحقيق الهدف الذي رسمته للنهوض بالمنتوج الوطني ضمن مسار يسمح بتحسين مستويات التصدير خارج المحروقات وتحقيق إقلاع اقتصادي حقيقي.
وقد جعل الرئيس تحقيق "الإقلاع الاقتصادي" على رأس أولوياته، مشددا على ضرورة تطوير الاقتصاد وتنويعه والابتعاد تدريجيا عن التبعية المفرطة لأسعار المحروقات التي لا تمنح ضمانا دائما كونها مرتبطة بحسابات خارجة عن سيطرة الدول المصدرة، ولبلوغ هدف الإقلاع، وجه الرئيس، الطاقم الحكومي نحو سلسلة من التعديلات القانونية من خلال تعديل المنظمة القانونية التي تضبط الاستثمار وجلب شراكات مع دول صديقة في قطاعات إستراتيجية.
وبهذا الخصوص، سجل رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، كمال مولا، من خلال التبادل مع السيد الرئيس ثلاثة رسائل قوية، تتعلق بضرورة مضاعفة الجهود للوصول لنسبة اندماج أعلى للإنتاج الوطني لا سيما فيما يتعلق بضمان الأمن الغذائي. و التحول من الزراعة إلى الصناعات الغذائية لتلبية الطلب الداخلي و الولوج نحو التصدير. و الشعار الذي يتعين تجسيده في أرض الواقع: من الأرض إلى المستهلك.
وأشار المجلس بهذا الخصوص، إلى التزامه بمرافقة أصحاب مشاريع الاستثمار من أجل تجسيد سريع و فعال. كما ثمن الإرادة القوية و الراسخة لدى رئيس الجمهورية لمتابعة عن قرب تطوير الاستثمار في بلادنا و بناء جزائر قوية و مزدهرة والتي قال بأنها "مسألة و غاية الجميع".
وبهذا الخصوص، فقد التزم رئيس الجمهورية، بتوفير التسهيلات اللازمة للمستثمرين بمناطق الجنوب من أجل النهوض بالقطاع الفلاحي وتنمية مختلف الشعب في هذا المجال", مبرزا أن ''فرص الشراكة متاحة أيضا مع مستثمرين من دول الخليج لدعم سبل تنويع الاقتصاد الوطني, على غرار النهوض بشعبة الحليب وتربية الأبقار".
وفي ذات الصدد, أكد رئيس الجمهورية على أهمية "تشجيع الإنتاج المحلي للحليب الطازج وتقليص فاتورة استيراد غبرة الحليب", مبرزا في ذات الصدد عزم الدولة على "مجابهة كل أشكال التحايل في استغلال غبرة الحليب دون وجه حق". وذكر بأن الجزائر "حققت فعليا الاكتفاء الذاتي بالنسبة لإنتاج الخضر والفواكه", مطالبا في نفس الوقت بضرورة "الحفاظ على ما تمتلكه الجزائر من منتجات طبيعية مع تثمينها, على غرار مادة العسل".
كما دعا الرئيس تبون المستثمرين الجزائريين إلى "استغلال الفرص المتاحة في الظرف الراهن بالدول الأوروبية مع قرب حلول فصل الشتاء لفتح قنوات تصدير جديدة, لاسيما وأن المنتوج الوطني بات يعرف بنوعيته الممتازة وأصبح قادرا على المنافسة".
الرئيس يرد على مخاوف أوروبا
كما رد الرئيس عبد المجيد تبون، على المخاوف التي أبدتها بعض الدول الأوروبية من احتمال تراجع إمدادها بالطاقة بسبب الأزمة الروسية – الأوكرانية، حيث شدد على أن الجزائر شريك طاقوي “جد موثوق” بالنسبة لأوروبا، مشيدا بالأخص بالشراكة مع روما. وقال إن الجزائر لا ترى مانعا في رؤية إيطاليا تتحول لمركز محوري لتوزيع الغاز الجزائري نحو باقي الدول، ومنها ألمانيا.
وأوضح رئيس الجمهورية، أن الجزائر تطمح لمضاعفة إنتاج الغاز الموجّه حصريا للتصدير، قائلا: “نحن ننتج حاليا قرابة 102 مليار متر مكعب من الغاز، نستهلك نصفه محليا، أتمنى أن نصل خلال 2023، إلى إنتاج 100 مليار مكعب من الغاز موجه فقط للتصدير”. من جانب آخر، أبدى الرئيس تبون اهتماما كبيرا بتطوير صناعة الفوسفات شرق البلاد، والاستغلال الأمثل لمنجم غار جبيلات الضخم، قائلا إن “منجم الفوسفات في تبسة ومنجم الحديد لغار جبيلات بولاية تندوف، يمثلان مشروعين استراتيجيين بالنسبة لمستقبل الجزائر”. وأبرز أن الجزائر ستستثمر في مادة الفوسفات “التي تعتبر منتوجا هاما جدا بسبب التذبذب الذي تعرفه السوق الدولية في هذا المجال”، واصفا هذا المشروع بالمعركة التي “ينبغي علينا رفع التحدي لكسبها، خاصة وأننا نملك كل الكفاءات والمؤهلات اللازمة لذلك”. وبخصوص منجم غار جبيلات، أكد على ضرورة “رفع مستويات الإنتاج في أقرب الآجال” مع الإسراع في إنجاز السكة الحديدية في المنطقة.
تأكيد رئيس الجمهورية على ضرورة رفع نسبة الإدماج الوطني وخلق “صناعة ميكانيكية حقيقية” قائلا: “كفانا من التركيب فقط، يجب الذهاب إلى التصنيع”، مشددا على أهمية الوصول إلى نسبة إدماج تتراوح بين 40 و50 بالمائة. كما توقف تبون عند جناح شركة لإنتاج العجلات المطاطية المخصصة للسيارات والمركبات، مشيرا إلى أن الهدف يتمثل في “بلوغ إنتاج ما لا يقل عن 10 ملايين عجلة سنويا على الأقل من خلال توسيع الإنتاج عبر عدة ولايات من الوطن، خصوصا مع الإطلاق المرتقب لمشاريع تصنيع السيارات“، داعيا إلى زيادة إنتاج العجلات المطاطية، ما من شأنه الرفع من نسبة الإدماج في مجال الصناعات الميكانيكية وخلق مناصب العمل. وفي مجال الصناعة الصيدلانية، قال تبون إن الهدف هو “تغطية حاجيات السوق الوطنية من الأدوية بنسبة تتراوح من 40 إلى 50 بالمائة بالمنتوج الوطني والوصول إلى صناعة صيدلانية تحمي السيادة الوطنية في مجال الصحة”. وشدد على “عزم الدولة على حماية المنتوج الوطني وتوفير التسهيلات اللازمة لولوج السوق الإفريقية والتعاون مع دول شقيقة وصديقة لتطوير كل فرص الاستثمار”.
ع سمير