أجمع متدخلون في اليوم الأول من أشغال الاجتماع الثاني لنداء الساحل التي انطلقت أمس بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال بالجزائر العاصمة، على أن مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف في منطقة الساحل لابد أن تتم وفق مقاربة شاملة تتضمن دعم جهود التنمية في المنطقة و إشراك فعاليات المجتمعات المحلية من دعاة وعلماء وأعيان و شباب، فضلا عن الدعم الذي يجب أن يقدم لدول المنطقة من المجتمع الدولي.
وشدد رئيس الاتحاد البرلماني الدولي «د. باتشيكو» في كلمة له في جلسة الافتتاح إلى ضرورة الإصغاء إلى الأهالي للمجتمعات المحلية وإلى الزعماء الدينيين وأن العمل معا سيمكنهم من التغلب على مشكل الإرهاب، مشيدا باختيار هذا الموضوع في اجتماع الجزائر الثاني لنداء الساحل.
وقال رئيس الاتحاد البرلماني الدولي إن أهمية اجتماع الجزائر تكمن في أن الإرهاب مثل السرطان يستشري في الجسد بشكل صامت، محذرا من أنه لا أحد يمكنه الإدعاء بأنه في مأمن من هذه الآفة، ومشيرا إلى أن الثقة بين جميع الشركاء ستمكن من اجتثاثه من جذوره.
وأوضح بأن هذه الجذور تتمثل في الفقر وغياب التنمية والتربية والتعليم، و قال» إن لم نعط الأمل لشعوبنا فلن نجتث الإرهاب» مشيرا في هذا الصدد إلى أن العديد من حملة الدكتوراه انضموا إلى تنظيم داعش الإرهابي لأنهم أدركوا أنهم لن يحصلوا على حياة كريمة، وحذر من أن أجيالا تعتقد اليوم أنها ستعيش حياة أسوأ، لذلك لابد من الانتباه إلى هذه الأبعاد.
وحث د.باتشيكو على مواصلة الجهود وإلى الحوار وإدراك ما يجب القيام به وتنظيم العديد من هذه الملتقيات في المستقبل، وبذل قصارى الجهود لمعاجلة هذه المسألة، وقال « عدونا واحد و هو ما يحتم علينا أن نكافحه جنبا إلى جنب».
وأشاد رئيس الاتحاد البرلماني الدولي كثيرا بجهود الجزائر في جمع وتوحيد الفصائل الفلسطينية قبل شهور، وقال إن ذلك قد عكس ريادة الجزائر في الدبلوماسية وفي مسار مهم للغاية في عالمنا لأنه على «مدى سنوات طوال لما نتحدث عن الفلسطينيين لم نكن نعلم من يمثلهم».
كما أشاد رئيس المجلس الوطني الانتقالي في تشاد، هارون كبادي، بالدور الذي لعبته وتلعبه الجزائر في منطقة الساحل وبالعلاقات الثنائية المميزة مع بلاده، و أشار إلى أن آفة الإرهاب تتمدد ولا تحدها حدود ولا جنسية لها، وتحدث عن دمويتها اتجاه سكان أبرياء، كما قال بأن منظمة بوكو حرام وضعت الإسلام على المحك عبر أساليبها البربرية التي ازدهرت في ظل الفقر والبؤس.
و أبرز المتحدث في هذا السياق غياب التمويل لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، وقال أن المجتمع الدولي مدعو للعمل في الميدان من أجل بعث التنمية في هذه الدول، حاثا في نفس الوقت الزعماء الدينيين على المرافعة من أجل التعايش السلمي والعيش معا، وخلص إلى أن الحرب على الإرهاب لابد أن ترافقها حركة تنموية وذلك سيمنح فرص عمل للشباب والنساء الذين يمثلون فريسة لهذه الآفة، كما حث على «التوازن بين الأمن والنمو» وتطبيق ميثاق الأمم المتحدة في الساحل وتشجيع الحوار والتسامح والعيش معا.
كما عبر الأمين العام للاتحاد البرلماني الإفريقي، «إ. غادو»، من جانبه عن استعداده لمرافقة دول الساحل ودعمها بكل الوسائل في هذا المجال، وقال في كلمة له أنه يجب تبادل الخبرات و الاستراتيجيات من أجل البحث عن حل لمكافحة الإرهاب في المنطقة.
واعتبر أن القيادات المحلية هي الحلقة الأقوى في مقاربة مكافحة الإرهاب في الساحل، ودعا إلى تعزيز الظروف بين مختلف الاثنيات والأطراف وإطلاق المبادرات الاجتماعية والخدمات الصحية والتنموية.
نشير فقط أن الاجتماع الثاني لنداء الساحل الذي تحتضنه الجزائر تشارك فيه فعاليات كبيرة من المجتمعات المحلية، على غرار زعماء الطرق و علماء الدين، وأعيان وقادة من منطقة الساحل، ومنتخبين محليين في مجالس محلية من دول افريقية، وبرلمانيين ودبلوماسيين، سيناقشون على مدى يومين إشكالية مكافحة الإرهاب في المنطقة بمشاركة الجميع، وفق مقاربة شاملة تجمع بين الجانب الأمني و دعم الجانب التنموي لسكان المنطقة. إلياس -ب