أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، أن الفشل في التعامل مع التحديات التي تعيق حركية التنمية في دول الساحل يوفر بيئة خصبة لاستقطاب المزيد من الجماعات الإرهابية نحو دول المنطقة، ويزيد من فرص تجنيد الشباب المنتمين للفئات الهشة، وعليه دعا إلى توحيد الاستراتيجيات واعتماد مقاربة شاملة سيما في مجال تعزيز قدرات دول المنطقة ومساعدتها على تنفيذ الخطط التنموية المحلية، و قال إن الجزائر تتبنى سياسة تفاعلية ومتكاملة لدعم جهود مكافحة الإرهاب و التطرف العنيف في المنطقة.
افتتحت أمس بالمركز الدولي للمؤتمرات، عبد اللطيف رحال، بالعاصمة أشغال الاجتماع الثاني لنداء الساحل المنظم من طرف الاتحاد البرلماني الدولي والبرلمان الجزائري تحت موضوع « إشراك المجتمعات المحلية في منع التطرف العنيف ومعالجة الظروف المؤدية للإرهاب» ، وأبرز رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، في كلمة الافتتاح محاور المقاربة الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب في هذه المنطقة الهشة والواسعة، ومرافقة ذلك بخطط تنموية واقتصادية ومساعدة من المجتمع الدولي لاقتلاع جذور الإرهاب.
وقال بوغالي أن التعامل الأمثل والفعال مع آفة الإرهاب العابر للحدود والمجتمعات «يتطلب لزوما العمل وفق مقاربة شاملة تتضافر في إطارها جهود كل الجهات الفاعلة على مختلف المستويات لا سيما الأطراف الممثلة للمجتمعات المحلية التي غالبا ما تجد نفسها في احتكاك مباشر مع آثار الإرهاب والتطرف العنيف».
و أشار بوغالي إلى أن منطقة الساحل عرفت في السنوات الماضية تدهورا سريعا للوضع الأمني من خلال التقاء العديد من العوامل، أهمها تزايد بؤر التوتر وانتشار الفقر وضعف الأداء الاقتصادي وهشاشة القدرات الوطنية وآثار التغيرات المناخية والتصحر والجفاف واندثار التنوع البيولوجي وتداعيات جائحة كوفيد 19.
ويضيف بوغالي بأن هذه العوامل مجتمعة تحد من فرص الولوج إلى الخدمات الأساسية، لا سيما التعليم والصحة وفرص العمل مما يؤثر سلبا على مستوى ثقة الساكنة تجاه الأطراف الحكومية، ويتيح للتيارات الإرهابية المتطرفة استغلال الاختلالات للتمدد والتجنيد وزيادة موارد تمويلها.
و انطلاقا مما سبق ذكره قال المتحدث بأنه علينا أن نقر بأن « الفشل في التعامل مع التحديات التي تعيق حركية التنمية في دول الساحل يوفر بيئة خصبة لاستقطاب المزيد من الجماعات الإرهابية نحو دول المنطقة ويزيد من فرص تجنيد الشباب المنتمين للفئات الهشة والمهمشة نحو الانخراط في أعمالها التخريبية والإجرامية»، مؤكدا أن دول المنطقة لطالما انتظرت الاستجابة والدعم من المجموعة الدولية واستراتيجياتها المعتمدة وما أكثرها.
رئيس المجلس الشعبي الوطني الذي أشار إلى أن ضعف أو غياب التنسيق وقلة الموارد زاد من إحباط سكان المنطقة شدد على أن الأوان قد آن « لتوحيد الاستراتيجيات واعتماد مقاربة شاملة موجهة نحو تحقيق نتائج ملموسة لا سيما في مجال تعزيز قدرات دول المنطقة ومساعدتها على تنفيذ الخطط التنموية المحلية والوطنية» وهو ما لا يستقيم- يضيف المتحدث- إلا بإشراك المجتمعات المحلية وممثليهم في تحديد الأولويات وطريقة التعامل المثلى معها.
ومن أجل تنفيذ هذه الإستراتيجية شدد بوغالي على أنه على البرلمانيين بصفتهم ممثلي الشعب إسماع صوت مختلف الفئات المجتمعية وإنهاء كل ظواهر التهميش حتى لا يبقى أحد خارج الركب، و دعم القيادات الدينية على اختلاف مشاربهم كرواد الرأي لتفكيك خطاب التطرف العنيف الذي تروج له المجموعات الإرهابية وتوعية مختلف فئات المجتمع.
ويقترح أيضا تجنيد النساء المثقفات لهذه المهمة، وإرساء أطر تنظيمية تضمن التواصل المستمر مع المجتمعات المحلية خاصة الشباب والنساء لترقية قيم التعايش والعيش معا، وبعث الاقتصاد المحلي لتجفيف خزان التجنيد الذي تستهدفه الجماعات الإرهابية.
كما أشار بوغالي للمنحى المقلق الذي أخذته العلاقات الدولية في السنوات و الأشهر الأخيرة والذي يدعو للتعامل «بحذر أكبر» مع التحديات متعددة الأوجه التي تواجهها منطقة الساحل، التي شدد على ضرورة ألا تتحول إلى حلبة صراع تهدد أمنها واستقرارها.
وانطلاقا من المقاربة التي ذكرها سلفا أكد أن الجزائر التي هي جزء لا يتجزأ من فضاء الساحل الشاسع تتبنى «سياسة تفاعلية ومتكاملة لدعم جهود مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف في المنطقة» وذلك من خلال دعمها المستمر لتعزيز القدرات الوطنية لدول المنطقة وتكثيف التعاون الإقليمي العملياتي عبر لجنة الأركان العملياتية المشتركة ووحدة التنسيق والاتصال.
وأضاف في السياق بأن الجزائر تساهم بشكل ملموس أيضا في معالجة الأسباب العميقة لهذه الآفة من خلال دعم جهود التنمية عبر تكوين النخب ودعم الخدمات الأساسية، وتجسيد المشاريع الهيكلية ذات الطابع الاندماجي، وهذا كما يؤكده التوجه الاستراتيجي الذي عبر عنه رئيس الجمهورية من خلال تخصيص ما يناهز مليار دولار لدعم التنمية في الدول الإفريقية عبر الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية.
كما تولي الجزائر يضيف بوغالي- أهمية خاصة لتطوير وتحسين الأطر الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف سواء من خلال الاتحاد الإفريقي الذي أوكل لرئيس الجمهورية مهام الريادة في هذا المجال، أو من خلال المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي تشغل الجزائر فيه الرئاسة المشتركة لفريق العمل لتعزيز القدرات الوطنية لدول غرب إفريقيا. وفضلا عما سبق ذكره احتضنت الجزائر العديد من الآليات الموجهة لتعزيز التعاون المؤسساتي بين الدول الإفريقية في هذا المجال، و أشار في الأخير إلى أهمية الدور الذي تلعبه المؤسسات البرلمانية والقيادات المحلية، والوجهاء من أجل ترقية الحوار والتوعية والتوجيه لإشراك المجتمعات المحلية في هذا المسعى حتى تتمكن شعوب دول الساحل من الأمن والتنمية والعيش
الكريم.
إلياس.ب