أشاد رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، يوم أمس، بإدخال التكنولوجيات والتركيز على اللغات الحية في العملية التربوية معتبرا أن ذلك دليل على الوعي المتقدم لإحداث الإقلاع المنشود والتطور، مبرزا العناية التي يوليها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون لكل ما له علاقة بالعملية التربوية، ''من أجل توفير الظروف المناسبة لتمدرس يحقق الأهداف المتوخاة، والمتمثلة في صناعة الأجيال القادرة على مواكبة التطور الحاصل في العالم ولكن في كنف الاعتزاز بالوطن وخصوصياته''.
و في كلمة ألقاها خلال إشرافه على فعاليات يوم برلماني حول " المناهج الدراسية و تحديات المستقبل " نظمته لجنة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والشؤون الدينية للمجلس، أوضح بوغالي أن الإجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية، دليل على هذا الوعي المتقدم وثمن عاليا إدخال التكنولوجيات وربط العملية التربوية بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية، والتركيز على اللغات الحية وغيرها من زوايا النظر، التي اعتبر أن من شأنها أن تحدث الإقلاع المنشود والتطور المقصود.
واعتبر رئيس المجلس الشعبي الوطني، أن ما تبذله وزارة التربية الوطنية، التي تحرص على تنفيذ توجيهات الرئيس تبون، على غرار بقية القطاعات ذات الصلة سواء منظومة التكوين أو قطاع التعليم العالي والبحث العلمي مؤشر واضح على صحة الخيارات والتوجهات، مبرزا أهمية التربية والتعليم في المجتمع.
وفي هذا السياق اعتبر بوغالي أن العملية التربوية كانت ولا تزال وستبقى محور التنمية في جميع مجالاتها، بل هي التنمية في حد ذاتها – كما قال - مؤكدا أن تنمية الفرد يعد ركيزة البناء وأساس الحضارة وشرط التقدم والتطور.
و شدد رئيس الغرفة السفلى للبرلمان على أهمية مراعاة الثوابت الوطنية في إعداد المناهج والبرامج التربوية و على رأسها المسائل المتعلقة بالوطن والهوية والانتماء والتاريخ والحضارة وخصوصيات المجتمع، معتبرا أن هذه المقومات التي تزخر بها الجزائر تعد مقومات التماسك والترابط الاجتماعي بتنوعها وثرائها وغناها.
وفي هذا الصدد أشاد رئيس المجلس بالتوجهات والتوجيهات الجديدة التي أكد عليها رئيس الجمهورية، وسعت وزارة التربية لتنفيذها ويتعلق الأمر– كما قال - ببسط سلطان القانون واحترام المرجعيات وتوحيد المنظومة التربوية في ظل إستراتيجية واضحة حفاظا على المقومات الوطنية، مبرزا حرص الجزائر على وضع الرقمنة والذكاء الاصطناعي نصب أعينها لكسب الرهانات ومواجهة التحديات و الولوج إلى متغيرات عالم اليوم والمتمثلة في التكنولوجيات الحديثة، وذكر بأن '' نظرة الجزائر اليوم للتربية والتعليم تضع الرقمنة والذكاء الاصطناعي نصب أعينها لكسب الرهانات ومواجهة التحديات".
من جهته أكد رئيس لجنة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والشؤون الدينية بالمجلس الشعبي الوطني، عمر معمر، في تصريح للصحافة على هامش اللقاء على ضرورة إشراك القاعدة التربوية، و كل القطاعات المعنية، في مراجعة المناهج و البرامج، مثلما أمر به رئيس الجمهورية، في التزاماته الخمسة الخاصة بهذا القطاع الحساس.
يجب تحديد نقاط ضعف المناهج الدراسية لمعالجتها ونقاط القوة لتثمينها
دعا المشاركون في اليوم البرلماني، في التوصيات التي أسفر عنها اللقاء إلى ضرورة إجراء تقييم شامل للمناهج الدراسية لتحديد نقاط الضعف لمعالجتها ونقاط القوة لتثمينها، وذلك بإشراك القواعد التربوية محليا ووطنيا بما تملك من تجربة الممارسة الميدانية والإلمام بالاختلالات والخروج بنظرة شاملة للمراجعة تناقش على مستوى مخابر البحث التربوي في الجامعات .
كما تمت الدعوة في ذات السياق إلى جمع وتحليل البيانات ذات الصلة، بالمناهج الدراسية لفهم أسباب الخلل وتأثيره على النتائج التعليمية، مع التأكيد على وجوب تحديد أهداف واضحة لإصلاح المناهج الدراسية، تستند إلى غايات التربية الواردة في المادة الثانية من القانون التوجيهي للتربية الوطنية 04-08، مع التأكيد على أن القيام بعمليات القياس والتقييم الدوري للمناهج الدراسية، يمكن من تحسينها وتحقيق أهدافها.
كما أكدت ذات المخرجات بأن اعتماد التكنولوجيات الحديثة في التعليم، يعزز فعالية المناهج الدراسية.
وبعد أن أبرزوا بأن تحسين وتطوير المناهج التربوية في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة بما يحقق غايات التربية الوطنية، دعا المشاركون في اللقاء إلى إبرام اتفاقيات في مجال المناهج الدراسية بين وزارة التربية الوطنية و اللجنة الوطنية للبرامج و وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ( مخابر البحث المتخصصة) وكذا وزارة الشؤون دينية والأوقاف ووزارة المجاهدين وذوي الحقوق.
وفي سياق ذي صلة دعت التوصيات لربط جسور تواصلية في مجال المناهج الدراسية بين الأطوار الثلاثة للمنظومة التربوية والجامعة، إلى جانب التأكيد على ضرورة مراعاة تنوع ثقافات البلد وبيئاته المتنوعة في إعداد المناهج الدراسية، بما ينمى الثروة الثقافية للتلميذ مع مراعاة الطابع المحافظ لكثير من البيئات الثقافية.
كما تمت الدعوة في ذات السياق إلى الابتعاد عن سياسة الحشو في المناهج الدراسية للتعليم الابتدائي، وتقليص حجم الدروس في مواد التربية العلمية والتكنولوجية والاجتماعيات بحذف الدروس التي تفوق المستوى الفكري للتلميذ ، وكذا الدعوة أيضا إلى مراجعة بعض النصوص والوحدات المفاهيمية التي تحدث إرباكا فكريا لدى المتعلم خاصة في مرحلتي التعليم الابتدائي والمتوسط، والتي يجب أن تراعي المرحلة العمرية باعتبارها من البقاء الفكري والمعرفي للتلميذ وتحصينه من الانحراف وبناء عناصر الهوية الوطنية عنده، فضلا عن الدعوة لمراجعة بعض الوحدات التي لا تتناسب مع المتعلم كموضوع التكاثر لدى الحيوانات في الطور الابتدائي.
من جهة أخرى تضمنت التوصيات دعوة لمراجعة وتخفيف مناهج التعليم الابتدائي والتركيز على المهارات الأساسية:'' القراءة والكتابة والحساب "، مع التأكيد على أهمية ''تكثيف التدخل الأرطوفوني والنفسي في الابتدائيات لعلاج صعوبات التعلم لدى التلاميذ.
وإلى جانب ذلك شددت مخرجات اليوم البرلماني على ضرورة إعادة النظر في نصوص الكتب المدرسية، بما يراعي عناصر الهوية الوطنية وتنمية الثروة المعرفية للتلميذ والتعريف بأعلام الجزائر ، وتغذية ثقافته بما يعزز انتماءه الحضاري وقيمه المجتمعية فضلا عن الدعوة لتصحيح الأخطاء العلمية واللغوية وتحيين الإحصائيات وتحديث المناهج والكتب بالنظريات العلمية الحديثة في مجال العلوم والتكنولوجيا وكذا في مجال النظريات التربوية المعاصرة.
عبد الحكيم أسابع