أكد وزير العدل حافظ الأختام عبد الرشيد طبي، أمس، بأن استعمال التكنولوجيات الحديثة وشبكات التواصل ساهم في استفحال جرائم التزوير واستعمال المزوّر بغرض الحصول على مزايا غير مستحقة والسطو على حقوق الآخر،
مما دفع بالسلطات إلى وضع آليات قانونية صارمة للحد من الظاهرة.
وأوضح الوزير خلال عرض مشروع قانون مكافحة الفساد واستعمال المزور بمجلس الأمة، بأن النص الجديد يتضمن آليات عدة للتكفل بإحدى الجرائم الخطيرة التي أضحت بمثابة حرب تخاض ضد الدول والمجتمعات والأفراد، خاصة استعمال التكنولوجيات الحديثة، وشبكات التواصل الاجتماعي.
ونبه عبد الرشيد طبي إلى أن العالم الافتراضي أصبح فضاء ترتكب فيه مختلف أشكال الجرائم، من بيع وشراء للأسلحة والاتجار بالبشر، وأن الجزائر لم تكن بمنأى عن خطورة الظاهرة وانتشارها، بعد أن استهدفتها بالجريمة التي أصبحت لها شبكات منظمة.
وأضاف الوزير بأنه أمام هذا الوضع كان لا بد من التصدي للجريمة بالوسائل الصارمة، وأنه مما زاد الطين بلة أن الجريمة طالت حقوق الناس، من مساعدات ومنح ومزايا وإعفاءات جبائية ومالية، عبر تحويلها إلى غير مستحقيها بالتحايل والتزوير، مما ولد مشاعر بالاستياء والإحباط لدى الكثير من المواطنين.
وأضاف الوزير بأن الإحساس بالإحباط بسبب تعرض الفرد إلى السطو على حقوقه عن طريق الاحتيال والتزوير، يولد الشعور باليأس وقد يؤدي بالشخص إلى كره الوطن، كما أن استفحال هذه الجرائم أدى إلى الإضرار بمقدرات الأمة والخزينة العمومية، لأن أموالا طائلة صرفت في غير مجالها، مما دفع برئيس الجمهورية لإصدار أوامر بإعداد نص قانوني خاص لمعالجة الوضع.
ويتميز القانون الخاص باحتوائه على تدابير احترازية توفر الحماية لمؤسسات الدولة والإدارة من جرائم التزوير واستعمال المزور، تكريسا لمبدأ أخلقة الحياة العامة، ويعد الشروع في تطبيق القانون الجديد من المراحل الهامة، بل يعتبر بحسب المصدر، تحديا كبيرا لقطاع العدالة، الذي سيسهر على تجسيد مضامين قانون مكافحة التزوير واستعمال المزور.
ودعا عبد الرشيد طبي بالمناسبة الجميع للانخراط في مسعى مكافحة مختلف أشكال الجريمة، سيما المصالح الأمنية، متوقعا بأن يساهم تعميم الرقمنة في القضاء على كثير من الممارسات السلبية، إلى جانب تمكين المصالح والأعوان المؤهلين لتطبيق القانون من الوسائل اللازمة والمتطورة لمتابعة مرتكبي الجرائم.
وذكر وزير العدل في هذا السياق باستحداث قطب لمحاربة الجرائم السيبرانية، الذي يمارس مهامه بفعالية ويحرص على مواكبة الجهود التي تقوم بها المصالح الأمنية للكشف عن مرتكبي الجرائم، موضحا بأن تطبيق القوانين يحتاج بالفعل إلى تخصص، في رده على انشغالات أعضاء مجلس الأمة، وأن الوزارة الوصية حريصة على هذا الجانب من خلال التكوين والتأهيل لفائدة القضاة في الخارج في إطار عدة اتفاقيات.
ويرمي مشروع قانون مكافحة التزوير واستعمال المزور وفق العرض الذي قدمه الوزير، إلى ضبط قواعد المعاملات والمعالجة الصارمة للاختلالات المجتمعية الناتجة عن التزوير واستعمال المزور، إلى جانب الحفاظ على سلامة المحررات والوثائق ضمانا لاستقرار التعاملات، ووصول مساعدات الدولة إلى مستحقيها الفعليين.
كما يهدف النص إلى تحديد الجرائم المتعلقة بالتزوير واستعمال المزور، والعقوبات المطبقة عليها، مع مسايرة التطور الذي تعرفه أساليب التزوير باستعمال التكنولوجيات الحديثة، كما تم الحرص خلال صياغة النص على إخراج كافة جرائم التزوير واستعمال المزور المنصوص عليها في العقوبات، وإدراجها في مشروع القانون الخاص بمكافحة التزوير واستعمال المزور.
ويشمل مجال تطبيق مشروع القانون تزوير الوثائق والمحررات وكذا التزوير للحصول بغير وجه حق على الإعانات والمساعدات العمومية أو الحصول على سكن وعقار، وكذا الإعفاءات والمزايا المالية والجبائية، وتزوير النقود والعملات وتقليد الأختام والطوابع والعلامات، وكذا شهادة الزور واليمين الكاذبة، وغيرها من التجاوزات المنصوص عليها في المشروع.
ويتضمن النص عدة تدابير احترازية للحيلولة دون وقوع جرائم التزوير واستعمال المزور، من بينها وجوب تأمين الوثائق والمحررات، عن طريق وضع مواصفات تقنية ووضع ضوابط وقيود للولوج إلى البيانات وحماية المعطيات الحساسة، يؤكد الوزير.
لطيفة بلحاج