هيمن تخصص الذكاء الاصطناعي، على خيارات المتفوقين وطنيا في شهادة البكالوريا، لينافس بقوة كليات الطب التي لطالما كانت وجهة أولى، حيث عكست تصريحات بعض النوابغ في عدد من الولايات توجها جديدا للجيل الصاعد، الذي يطمح للتحكم في عالم الابتكار و التقنية، وهو توجه قال بشأنه دكاترة في مجال الإعلام الآلي والذكاء الاصطناعي، بأنه واعد جدا ويتماشى ومتطلبات سوق الشغل، فضلا عن أن التقنية تهدد باقي الوظائف الأخرى و ترسم المعالم الأولى من لوحة المستقبل.
تصريحات المتفوقين وعلى رأسهم الأول وطنيا في شهادة البكالوريا، التلميذ محمد أمين مقران، الحاصل على معدل 19.62، كشفت عن توجه جديد نحو تخصص الذكاء الاصطناعي، إذ احتلت المدرسة العليا للذكاء الاصطناعي، صدارة اهتمامات النوابغ، علما أنها تحظى بالاهتمام من قبل عديد الناجحين، وذلك منذ تدشينها في الموسم الجامعي 2021 ـ 2022، كما ذهبت إليه تصريحات رسمية بخصوص الإقبال اللافت عليها من طرف حاملي شهادة البكالوريا الجدد، حيث سبق وأن سجلت المدرسة المتواجدة بالقطب التكنولوجي بسيدي عبد الله غرب العاصمة، أزيد من 8 آلاف طلب، مقابل 200 مقعد بيداغوجي، ووصل معدل القبول إلى 18 من عشرين.
التوجه الجديد في اهتمامات المتفوقين فرضته الثورة الرقمية، والتطور المتسارع في هذا المجال، الذي يكشف يوميا عن ابتكارات حديثة في ميدان علم البيانات والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، والرؤية الحاسوبية والمعالجة التلقائية للغة ومعالجة الكلام، فضلا عن تألق جزائريون خارج الوطن في عالم التقنية الرقمية، كلها عوامل شكلت مجتمعة حافزا للجيل الصاعد، إذ بينت استطلاعات للرأي جمعتها النصر، عقب إعلان شهادتي البكالوريا و قبلها التعليم المتوسط، بأن تلاميذ المدارس يحرصون على المعدلات المرتفعة لضمان تأشير الدخول إلى المدرسة العليا للذكاء الاصطناعي، التي تهتم بتدريس المهندسين المتخصصين في نظرية الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، وتأهيلهم لتطوير حلول عملية مبتكرة لمشاكل القطاعات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة كالصحة، والطاقة، والزراعة، والنقل وغيرها من القطاعات، ما سيساهم في التنمية العلمية والاقتصادية والرقمية للدولة.
أستاذ التعليم العالي سيد أحمد حضري
الذكاء الاصطناعي تخصص العصر
قال الدكتور سيد أحمد حضري، أستاذ بجامعة 20 أوت 1955 بسكيكدة، في حديث للنصر بأن الذكاء الاصطناعي هو تخصص العصر، ومطلوب على المستوى العالمي وليس في الجزائر فقط، مشيرا إلى أن إنشاء مدرسة مختصة في التكوين في المجال، بين حجم الاهتمام به، علما أن معدل القبول فيها يصل إلى 18 من عشرين، ويتجاوز معدل القبلو في كليات الطب.
مشيرا، إلى أن مستوى التقييم للقبول من بين عوامل الاستقطاب لاختيار تخصص دون غيره، ناهيك عن تحديد عدد المناصب والذي لم يتجاوز لحد الآن 200 منصب، فضلا عن التكوين الجيد والإمكانيات المتوفرة في المدرسة والمشجعة حسبه، على الابتكار والتوجه لإنشاء مؤسسات ناشئة، إضافة إلى أن المجال واعد من حيث آفاق التشغيل المستقبلية.
كما ذكر الدكتور حضري، بأن مسابقات الذكاء الاصطناعي العالمية تعرف تميز جزائريين في المجال وتعكس أهمية الابتكارات و الأفكار، وهو ما يشجع الجيل الصاعد على مسايرة الركب، خصوصا في ظل الاهتمام بجانب الابتكار و التقنية داخل الوطن كذلك، مردفا بأن حجم الطلب على المختصين في الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي، مهم جدا ويحفز على الالتحاق بأفضل المدارس لضمان التكوين الجيد وبأحسن الإمكانيات، والحصول على شهادة ذات قيمة عالية تؤهل للعمل داخل وخارج الوطن.
وأضاف نقطة أخرى، تتعلق بالسوق التي أصبحت قاطبة للمتخصصين في الذكاء الاصطناعي، لكوننا نعيش في ظل ثورة رقمية وتسارع كبير في مجال الابتكار، ما حتم السير في هذا التوجه، لذلك فإن من يختارون التخصص يضاعفون فرصهم في التوظيف مستقبلا أو في مراحل مبكرة سواء داخل الوطن أو حتى في الخارج، على اعتبار أن المجال قائم على الابتكار و يعتمد على الحواسيب والإنترنت فقط، ولا يتطلب إمكانيات ضخمة أو رأس مال كبير و يد عاملة.
ويتوقع المتحدث، أن نتائج التوجه نحو هذا الاختصاص، ستتضح جليا في المستقبل القريب في الميدان، حيث سنشهد نقلة نوعية بفضل النخبة المتخرجة، ونقطع أشواطا في عالم الرقمنة، فضلا عن تجسيد إستراتيجية الدولة في هذا المجال في مختلف القطاعات.
أستاذ الإعلام الآلي بجامعة قسنطينة محمد لمين بركان
هذا الجيل أكثر ارتباطا بالتكنولوجيا
من جهته، قال الدكتور محمد لمين بركان، أستاذ إعلام آلي بجامعة عبد الحميد مهري قسنطينة 02، إن الذكاء الاصطناعي هو محور العالم اليوم، و سوق مهمة للتوظيف كما أن هذه التقنية ستعوض مستقبلا أو ستلغي كل بعض المهن التقليدية، وهو تحديدا ما يجعلها محط اهتمام المقبلين على اختيار تخصصاتهم الجامعية من نوابغ ومتفوقين، فضلا عن أن هذا الجيل يعد أكثر ارتباطا بالتكنولوجيا واهتماما بآخر مستجداتها.
والدليل كما قال، أن الذكاء الاصطناعي كتخصص تجاوز الطب فيما يتعلق بالرغبات الأولية التي بينها المتفوقون، بعدما هيمنت كليات الإعلام لسنوات عديدة على خيارات هؤلاء، ناهيك عن الفرق بين معدلات في المدارس الوطنية العليا، وعلى رأسها المدرسة الوطنية للذكاء الاصطناعي، مرجعا سر التقدم لعوامل كثيرة، من بينها عامل الابتكار، فهو تخصص يأخذ الطالب بعيد في مجال البحث العلمي ويجعله يغوص في عوالم الاختراعات زيادة على أنه من المجالات المطلوبة في سوق شغل، والالتحاق بالمدرسة يضمن التوظيف المباشر بعد التخرج وفي مناصب مهمة جدا.
ويعد معدل الالتحاق بمدرسة الذكاء الاصطناعي الأعلى، وهو من عوامل الاستقطاب، إذ أن الاختيار محدود وحتى وإن كانت معدلات النجاح كبيرة إلا أن المدرسة تعد حكرا على الصفوة إن صح الوصف، بالمقابل فإن هناك خيارات أخرى مناسبة وقريبة إلى نفس المجال كالإعلام الآلي الذي يتيح كذلك دراسة الذكاء الاصطناعي ويحظى أيضا باهتمام الطلبة.
مردفا، بأن الطلبة الحاليين الذين يزاولون دراستهم في السنة الثانية ماستر بالجامعة، يظهرون نفس التوجه ويميلون لاستعمال الذكاء الاصطناعي، الذي يستدعي توفر أدوات لتطبيقه، لضبط الحسابات والمعالجة الدقيقة لأنظمة المعلومات، والجميل أنهم يجيدون استخدامه وقد سبق و أن قدموا ابتكارات مدهشة كما قال. ويوضح المتحدث، بأن الذكاء الاصطناعي هو محور العالم، والدليل ما حدث الجمعة الماضية، بعد وقوع عطل تقني ضرب أنظمة الحوسبة ومس كبرى الشركات، وشل حركة الطيران وعطل أنظمة طوارئ ووسائل إعلام، كما تأثرت حتى الأسواق العالمية بهذا الخلل، ما يعد أكبر مؤشر على أهمية التوجه الجديد الذي نعيشه في ظل الثورة الصناعية الرابعة، والذي له أفاق واسعة ويغذي شغف الطلبة نظرا لتعدد مجالات الابتكار لذلك يعد تخصص المستقبل.
مضيفا بأن العديد من الدول تعمل لإدراجه في طور التعليم الثانوي،لتحديد إمكانات التلاميذ في هذا المجال، والاستثمار في النوابع بشكل أفضل، وفي الجزائر وتحديدا بعد إنشاء مدرسة وطنية خاصة، فإن الأمور تسير نحو منحى إيجابي، لأن المدرسة ستخرج كفاءات مهمة، علما أن العمل وطنيا مستمر و يشمل الاهتمام بتوظف التقنية بشكل أكبر في الصناعة و الرهان على المؤسسات ناشئة، لختم حديثه بالقول، بأن هذا التخصص سيعوض تخصصات عدة، ويزيل أخرى من الوجود، يحدد طبيعة مهن المستقبل.
أسماء بوقرن