الجزائر تحافظ على شعرة معاوية مع فرنسا و لا يجب السماح للمتطرفين بقطعها
استبعد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قيامه بزيارة إلى فرنسا مثلما كان مقررا خلال هذا الشهر. وقال تبون إنه «لن يذهب إلى كانوسا.»، وهي دلالة على عدم الرغبة إطلاقا في زيارة باريس في الوقت الراهن. وأشار إلى أن الأقلية المتطرفة في فرنسا تحاول استهداف الجزائر، وقال من جهة أخرى إن قرار فرض التأشيرة على الأجانب الحاملين للجنسية المغربية هو «قرار سياسي وأمني في الوقت نفسه» وليس موجهاً ضد الشعب المغربي، مفندا تقارير إعلامية تحدثت عن إمكانية طرد كل المغاربة من التراب الجزائري.
وجه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، خلال لقائه الإعلامي الدوري، أمس الأول، رسائل قوية إلى الأطراف السياسية الفرنسية المعادية للجزائر والتي تحاول استهدافها بحجج واهية وعارية عن الصحة، مشيرا بأن الأقلية المتطرفة في فرنسا أصبحت لها الغلبة وتحاول فرض توجهها فيما يخص العلاقات مع الجزائر.
وقال رئيس الجمهورية، إن حديث السلطات الفرنسية بشأن رفض الجزائر استقبال مهاجرين غير شرعيين يتم ترحيلهم «هي أكاذيب» يراد منها تلطيخ صورة الجزائر، مؤكدا أن دعوة بعض الأطراف بفرنسا إلى إعادة التفاوض بشأن اتفاق 1968 هو “فزاعة وشعار سياسي لأقلية متطرفة يدفعها الحقد تجاه الجزائر”. مسجلا أن هذا الاتفاق روجع أكثر من مرة وأفرغ من محتواه.
ولفت رئيس الجمهورية في هذا الصدد إلى أن الاتفاق المذكور “لا يؤثر بأي شكل من الأشكال على جودة الهجرة ولا على أمن فرنسا”، مشددا على أن الترويج لغير ذلك يندرج في إطار “الابتزاز والأكاذيب التي يجري تلفيقها من أجل زرع الكراهية في نفوس باقي الفرنسيين تجاه الجزائر”. وذكر أن الجزائر “تبحث دوما عن التعايش السلمي مع الجميع، لكن ليس على حساب كرامتها وتاريخها”.
وبخصوص زيارته التي كانت مقررة إلى فرنسا، لمّح إلى أنها مستبعدة في الوقت الحالي، وقال الرئيس تبون في رده على سؤال إنه «لن يذهب إلى كانوسا.»، وهي دلالة على عدم الرغبة إطلاقا في زيارة باريس في الوقت الراهن. وأضاف أن «قرار سحب السفير الجزائري من باريس تم احتراماً للقانون الدولي والأمم المتحدة، لكون فرنسا عضواً في مجلس الأمن ومع ذلك بادرت إلى إعلان دعمها للحكم الذاتي في منطقة الصحراء الغربية، في الوقت الذي يوجد فيه ملفها لدى لجنة تصفية الاستعمار في الأمم المتحدة، وهذا ما أزعجنا»، وأشار إلى أن الجزائر ما زالت تحافظ «على شعرة معاوية مع فرنسا، ولا يجب أن نسمح للمتطرفين اليمينيين بقطعها».
وفي رد عن سؤال حول عمل اللجنة المشتركة المكلفة بالملفات المتعلقة بالذاكرة، والتي تضم مؤرخين جزائريين وفرنسيين، قال رئيس الجمهورية بأنها “لعبت دورها في البداية، غير أن التصريحات السياسية التي تدلي بها أقلية فرنسية تكن الكره للجزائر أثرت على عملها”. وتابع قائلا: “نريد الحقيقة التاريخية ونطالب بالاعتراف بالمجازر التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي الذي كان استيطانيا بحتا”، مضيفا في ذات السياق: “لن نقبل الأكاذيب التي يتم نسجها حول الجزائر”.
وأشار رئيس الجمهورية في هذا الصدد إلى أنه كان قد تحدث مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون عن “فتح صفحة جديدة”، مذكرا بأن “مقولة الرئيس الراحل هواري بومدين: نحن نطوي الصفحة ولا نمزقها، لا تزال سارية”. وأكد أن الجزائر مستعدة «لطي الصفحة دون تمزيقها، وإذا كانت باريس تريد أن نكون أصدقاء فعليها أن تقوم بتطهير مناطق التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية، والتي استخدمتها فرنسا للحصول على السلاح النووي، بينما ما زالت الإشعاعات النووية تقتل الجزائريين في واد الناموس».
من جهة أخرى، شدد رئيس الجمهورية على أن اعتراف فرنسا بما يسمى “خطة الحكم الذاتي” كأساس وحيد لحل نزاع الصحراء الغربية في إطار “السيادة المغربية المزعومة” يأتي ضد احترام القانون الدولي ومجلس الأمن الأممي الذي تعد فرنسا أحد أعضائه الدائمين.
واعتبر في هذا الشأن أن “الإعلان أمام الملأ بالموافقة على “الحكم الذاتي” في الوقت الذي يوجد فيه ملف الصحراء الغربية على مستوى لجنة تصفية الاستعمار لمجلس الأمن الذي تعد فرنسا أحد أعضائه يعكس سياسة الكيل بمكيالين”.كما تطرق رئيس الجمهورية إلى القرار الذي اتخذته السلطات الجزائرية بفرض تأشيرة على المواطنين الحاملين لجوازات سفر مغربية والراغبين في الدخول إلى الجزائر، وقال إن فرض التأشيرة هو «قرار سياسي وأمني في الوقت نفسه، وهو أمني بالأخص، ولم يخف رئيس الجمهورية، وجود شكوك بأن عملاء وجواسيس صهاينة دخلوا الجزائر بجوازات سفر مغربية، متسائلا عن سبب دخول عناصر من المخابرات والأجهزة العسكرية إلى التراب الوطني مشكلين بذلك خطرا حقيقيا على بلادنا.
وشدد على أن فرض التأشيرة «هو حماية للبلد ودفاع عن النفس وليس موجهاً ضد الشعب المغربي، وهو شعب شقيق نكن له كل المودة»، وفند تقارير إعلامية كانت قد تحدثت عن إمكانية أن تقوم الجزائر في وقت لاحق بطرد كل المغاربة من التراب الجزائري، وقال «نحن لن نطرد أي مغربي، هناك من المغاربة من يعيشون بيننا ويعملون باحترام، ولن نقوم بطرد أي مغربي موجود في الجزائر».
وفي سياق ذي صلة، وفي معرض إجابته حول الشبكة التي تم كشفها بولاية تلمسان، كشف الرئيس أن التحقيقات في القضية لا تزال جارية، لافتا إلى هروب بعض عناصرها تحوم الشكوك حول حيازتهم على جوازات سفر مزورة، «فيما تم ضبط بينهم جزائريين للأسف»، ، مؤكدا أنه ستتم محاكمتهم علنا.
غياب القانون الدولي لصالح «قانون الأدغالّ»
من جانب آخر، تأسف رئيس الجمهورية لغياب القانون الدولي حيث “ساد قانون الأدغال أين يأكل القوي الضعيف، واستقواء بعض الدول باستعمال القوة المفرطة ومساندتها لبعضها البعض، على دول ضعيفة”، كما قال، مشددا على ضرورة وضع حد للعدوان الصهيوني. وبهذا الخصوص، دعا رئيس الجمهورية، إلى مراجعة “جذرية” لمنظومة الأمم المتحدة، وكذا لمهام مجلس الأمن وكيفية استعمال حق النقض “الفيتو”، مع التشديد على ضرورة منح الجمعية العامة الأممية “سلطة أكبر”.
وتساءل الرئيس تبون، عن سبب منح الجمعية العامة للأمم المتحدة سلطة أقل من مجلس الأمن و أن تتحكم 5 دول أعضاء في مصير العالم. وتابع قائلا: “144 دولة طالبت بمنح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، إلا أن عضوين دائمين في مجلس الأمن يرفضان الأمر ، ومنه لم يبق هناك أي قانون دولي، هناك قانون القوي يأكل الضعيف”.
أما بخصوص جامعة الدول العربية، فقال إنها لم تعد ذات فعالية، سواء في الأحداث الدولية أو الجهوية، معربا عن أمله في “إعادة إحياء بعض أجهزتها على غرار صندوق النقد العربي الذي كان بإمكانه التكفل بالسودان وبالدول التي هي بحاجة إلى توازن مالي ”.
كما توقف الرئيس تبون عند العلاقات القوية التي تربط الجزائر بروسيا، مشددا على أنها “علاقات صداقة ومصالح متبادلة”، وعلاقات عميقة ممتدة عبر التاريخ، إضافة إلى وجود بعض العلاقات التجارية الجيدة معها. وفي تعقيبه على رسائل التهنئة العديدة التي تلقاها في أعقاب انتخابه لعهدة ثانية، قال رئيس الجمهورية إن “هذا يدل على ما وصلت إليه الجزائر من سمعة دولية ومحبة خاصة بينها وبين كل الأمم دون استثناء ماعدا من يريد معاداتها وله ذلك”، شاكرا “الالتفاتة الطيبة” و”تمنياتنا بالتواصل مع تلك الدول في إطار التعاون المفيد للجميع، وأن تكون هناك انطلاقة جديدة معهم”.
ع. سمير