دعت المجموعات النيابية بالمجلس الشعبي الوطني، أمس، في ختام مناقشة مشروع قانون المالية 2025 إلى توحيد الجهود والطاقات لتحقيق التزامات رئيس الجمهورية، سيما فيما يخص تعميم برنامج الرقمنة لأجل ترشيد النفقات وضمان النجاعة في التسيير، مع الشروع في مراجعة تدريجية لآليات الدعم الاجتماعي لفائدة الفئات الهشة.
وثمن رئيس الكتلة النيابية لحركة البناء الوطني عادل نساخ تخصيص نسبة 19 بالمائة من النفقات العامة للاستثمار المباشر ضمن مشروع قانون المالية 2025، وكذا القطاعات الاستراتيجية منها الصحة والتعليم العالي باعتبارها محركا أساسيا للنمو، مشيدا بالجهود المتعلقة بتعميم الرقمنة، وكذا بالحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة.
وسجل المتدخل تحديات وجب رفعها للحفاظ على الاقتصاد الوطني، منها ضرورة مكافحة الاقتصاد الموازي والسوق الموازية للعملة الصعبة والتهرب الضريبي والتصريح الكاذب، مع ضرورة ضبط الاستيراد وتخفيف العقبات أمام استيراد المواد الأولية لفائدة المؤسسات المنتجة، سيما التي تحولت من الاستيراد إلى الإنتاج.
وأكد بأن الجزائر تواجه تحدي الرقمنة لأجل التحكم في عوامل الإنتاج والقدرات والموارد الأولية، وفي تحديد سياسات التجارة الخارجية، لأن سياسة الغلق والفتح تؤدي إلى زعزعة ثقة الشركاء الأجانب والمستثمرين الوطنيين.
واقترحت ذات المجموعة النيابية إعادة النظر في تعيين المسؤولين بوضع دفتر شروط يضمن تحقيق النتائج المرجوة وكذا يسمح باكتشاف الطاقات البشرية، ورأت بأن الإعفاءات الضريبية التي تدرج سنويا في قوانين بهدف تشجيع المؤسسات على التشغيل والمساهمة في التنمية لم تتبع بتقييم لمدى فاعلية هذه التدابير والأهداف المحققة من خلالها لصالح الاقتصاد الوطني والأفراد.
وضع ميزانية ضخمة دون مديونية يستحق الإشادة
وأكد من جانبه ممثل الكتلة النيابية لجبهة المستقبل فاتح بركان بأن وضع ميزانية ضخمة دون مديونية خارجية وضغوطات من قبل مؤسسات وهيئات دولية للتدخل في السياسة الاجتماعية للدولة من بين أهم المكاسب المحققة، وأن صياغة النص في ظل الظرف الجيوسياسي العالمي يستحق الإشادة والتنويه، لأنه يضمن الحوكمة المالية لتسيير مستقبل أمن، مع تكريس الطابع الاجتماعي للدولة. ورأت ذات الكتلة بأن وضع تدابير إضافية لدعم الاستثمار والاقتصاد وضمان القدرة الشرائية من خلال توسيع الوعاء الضريبي من بين العناصر المحمودة التي تضمنها النص.
ويعكس المشروع بحسب المتدخل الجهود التي بذلها من قاموا بصياغته في سياق دولي مليء بالتحديات، لأجل الاستثمار في السيادة والاستقرار والأمن والدفاع الوطني، سيما وأن التأطير الاقتصادي الكلي للنص جاء بناء على توجيهات رئيس الجمهورية لتحقيق نهضة شاملة تستجيب لتطلعات الشعب.
وخلص المتدخل إلى أن مشروع قانون المالية الجديد يعتبر نقطة تحول هامة في مسار التنمية لأنه وضع أسس التنوع الاقتصادي للخروج من التبعية للمحروقات، وفتح المجال أمام الاستثمار وقدم دعما للقطاعات الاستراتيجية والإنتاجية لزيادة نسبة النمو، وتحقيق الأمن الغذائي مع السهر على ترشيد الإنفاق العام.
ودعت المجموعة النيابية لجبهة المستقبل إلى دعم التدابير الرامية إلى مكافحة الفساد، تجسيدا لالتزامات رئيس الجمهورية والإصلاحات التي أطلقها، مع ضرورة إشراك الجميع في المسعى لأجل تحقيق الوثبة المنتظرة.
وثمنت ذات المجموعة إنشاء الوكالة الوطنية لميزانية الدولة والاستشراف والتخطيط، والنتائج المحققة في قطاع الفلاحة ببلوغ الناتج الخام 35 مليار دولار، فضلا عن القفزة النوعية في مجال الطاقة وكذا الأمن المائي بفضل استحداث عدة محطات للتحلية، بما مكن من كسب الرهان الاقتصادي وفق مؤشرات تصاعدية.
كما أشاد المتدخل بالإعفاءات الضريبية التي تضمنها مشروع القانون، لكنه أبدى تخوفه من ارتفاع حجم الاعتمادات المالية الموجهة لسياسة الدعم، وكذا ارتفاع ميزانية التسيير جراء مراجعة الأجور، ومن تأثير ذلك على التوازن المالي للخزينة العمومية.
وسجلت المجموعة النيابية للأرندي العديد من الجوانب الإيجابية لمشروع قانون المالية بما جعله الإطار المالي الأمثل لتجسيد التزامات رئيس الجمهورية، من بينها فتح حوالي 400 ألف منصب شغل جديد وتجسيد برامج سكنية جديدة ودعم القدرة الشرائية.
وسجلت ذات المجموعة بدورها تباطؤ التحول الرقمي في عديد القطاعات الحيوية، معتقدة بأنه حان الوقت لاستحداث لجنة عليا لإصلاح هياكل الدولة على جميع المستويات .
مطالب بدفع الرقمنة من أجل النجاعة في التسيير
من جهته رئيس الكتلة النيابية لحركة حمس أحمد صادوق يتساءل عن التراجع في إعداد مخططات الحكومة، مؤكدا على أهمية المصارحة بالأرقام السلبية لترقية الاقتصاد الوطني.
وعاد المصدر إلى المقاربة الخاصة باستيراد السيارات التي وجب تصحيحها، لتحقيق النتائج التي ينتظرها المواطنون، متسائلا عن سبب منع بيع السيارات المستوردة من قبل أصحابها، قائلا إن ذلك يخالف حق التملك الذي يكفله الدستور لصالح المواطن.
كما دعا إلى مراجعة سياسة التشغيل بتوفير مناصب عمل قارة بدل تقديم مساعدات لفائدة الشباب، وكذا إرساء تدابير لحماية الكفاءات الجزائرية من النزيف الممنهج. وشدد من ناحيته ممثل الكتلة البرلمانية للنواب الأحرار وحيد آل سيدي الشيخ على ضرورة اعتماد ملاحظات النواب من قبل أعضاء الحكومة لتصحيح الاختلالات، مشيدا بدوره بما جاء من تدابير تحفيزية في مشروع قانون المالية لدفع الاستثمار، والحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة، لكنه دعا لمراجعة الدعم ليوجه إلى الفئات الهشة، سيما وأن المشروع خصص نسبة 30 بالمائة من الميزانية العامة لهذا الشق.
كما أثار قضية سوق العملة الصعبة الموازي، مقترحا العمل أكثر للحد من التجارة غير الشرعية، وتطوير قطاع الري باستغلال المياه المستعملة لصالح قطاع الفلاحة، فضلا عن أهمية تطوير النقل سيما بالسكك الحديدية، مع تحفيز استغلال المركبات الكهربائية لاقتصاد الطاقة، كما رأى بأن ملف السيارات لم يجسد التزامات رئيس الجمهورية وطموح المواطنين.
وخصص رئيس المجموعة النيابية لحزب جبهة التحرير الوطني ناصر بطيش حيزا هاما من مداخلته لمراجعة سياسة الدعم الاجتماعي بتحسين تسيير الأنظمة الاجتماعية لتحقيق الغاية من الأموال المعتبرة الموجهة لهذا الشق، بهدف التمييز بين هدر الأموال العامة والجانب الاجتماعي. واقترح المتحدث تفعيل النظام الإحصائي لتحديد الفئات الهشة والعائلات الفقيرة، من أجل الحد من الدعم الذي يؤدي إلى المضاربة والاحتكار والتهرب الضريبي، من خلال تقوية الترسانة الرقمية التي وضعتها الدولة.
وخلص المتدخل إلى القول بأن الإنفاق العمومي رغم أهميته إلا أن النتائج المحققة لم ترق إلى التطلعات، بسبب ارتباك الكفاءات والإطارات وخشيتهم من المتابعة القضائية، مما يتطلب رفع التجريم عن فعل التسيير، لإشاعة الثقة والطمأنينة بين الإطارات المسيرة.
لطيفة بلحاج