كشف وزير التكوين و التعليم المهنيين، ياسين مهدي وليد، أمس السبت، أن نتائج دراسة أنجزتها دائرته الوزارية مؤخرا، أثبتت وجود ما لا يقل عن 200 ألف منصب عمل في مختلف القطاعات لا وجود للأيادي العاملة المؤهلة لشغلها، «وهو ما يدفع القطاع اليوم وبشكل ملح لمواكبة التوجهات الجديدة في عالم الشغل، من خلال تحسين نظام التكوين المهني ليتماشى مع احتياجات سوق العمل المعاصر».
وأوضح السيد وليد في تصريح للصحافة على هامش إشرافه على افتتاح ‘’الجلسات الوطنية لإصلاح التكوين المهني»، التي تجري أشغالها بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أن العجز المسجل في سد بعض التخصصات وفروع النشاط في مختلف القطاعات، باليد العاملة المتخصصة يفتح أمام قطاع التكوين والتعليم المهنيين لتوجيه المتكونين مستقبلا نحو النشاطات التي تشهد نقصا في اليد العاملة المؤهلة.
وأعلن الوزير في هذا الصدد عن توجه دائرته الوزارية من الآن فصاعدا لاعتماد البيانات والتحليل الإحصائي، في وضع السياسات العامة، في إطار عملية التحول الرقمي، التي سيتم تسريعها خلال الأشهر المقبلة وقال ‘’ لقد أصبح من الضروري الاعتماد على البيانات والتحليل الإحصائي في اتخاذ القرارات ووضع السياسات العامة، في عصر المعلومات، إذ أن القرارات المدعومة بالبيانات أصبحت – كما ذكر - هي الأكثر فاعلية، حيث تساهم في توجيه الموارد إلى المجالات الأكثر احتياجاً، وتساهم في تحسين فعالية السياسات العامة».
وأعرب ممثل الحكومة عن يقينه بأنه ‘’من خلال الاعتماد على البيانات، يمكننا تحديد فجوات المهارات بشكل دقيق، وتوجيه البرامج التكوينية بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل الفعلي’’، مضيفا ‘’ نحن اليوم أمام تحديات تتطلب منا إعادة التفكير في منظومتنا التكوينية لمواكبة المتغيرات السريعة’’.
وكشف الوزير بالمناسبة عن مشروع لإنشاء معهد للتكوين المهني في منطقة الشرق الجزائري متخصص في مهن الإلكترونيك و الصناعات الكهرومنزلية ‘’ من أجل تلبية حاجة هذه النشاطات ليد عاملة مؤهلة ومتخصصة».
وأكد وزير التكوين والتعليم المهنيين في كلمته الافتتاحية لأشغال هذه الجلسات، أن الوقت قد حان لتسليط الضوء، على التحديات التي يواجهها القطاع، والتعاون على إيجاد حلول فعالة، تساهم في تطويره ، و ذلك، بعد قرابة 20 سنة من تنظيم ٱخر جلسات لإصلاح التكوين المهني.
وأشار بالمناسبة إلى أن منظومة التكوين المهني في الجزائر، هي ركيزة أساسية لدعم سوق العمل، حيث تضم أكثر من 1200 مؤسسة تكوينية و أزيد من 700 مؤسسة خاصة، تستقبل سنويا أكثر من 600 ألف متدرب، ومتدربة.
ورغم هذه الأرقام - يضيف الوزير، فإن التحدي الأكبر، ما زال يكمن في تحسين نسب الإدماج المهني، التي لا تتجاوز 40 بالمائة، في بعض التخصصات، ما يستلزم فتح نقاش جاد، حول كيفية تطوير هذه المنظومة، لتكون أكثر توافقا مع احتياجات السوق المحلي والعالمي، الذي يشهد – كما قال - تحولات كبيرة بفعل التقدم التكنولوجي المتسارع، حيث الوظائف تتغير، والمهارات المطلوبة تتطور بسرعة.
وفي سياق ذي صلة سجل السيد وليد بأنه في ظل هذه التغيرات، لا بد من مواكبة، التوجهات الجديدة في عالم الشغل، مشيرا إلى أنه وفقا لتقرير منظمة العمل الدولية، فإن 60 بالمائة، من الوظائف المستقبلية في العالم، ستتطلب مهارات تكنولوجية ومهنية جديدة، وهو ما يستدعي – حسبه - تطوير وتحديث أنظمة التكوين المهني في جميع الدول.
مشروع لمعهد متخصص في مهن الصناعات الإلكترونية والكهرومنزلية
وبحسب السيد الوزير فإن أمام قطاع التكوين المهني ، فرصة حقيقية، ليصبح محركا أساسيا للاقتصاد الوطني، و المساهمة في إنعاشه، في ظل تحديات كبيرة، يمكن مواجهتها – كما قال - عن طريق الخطط الاستراتيجية الصحيحة، لخلق فرص أفضل ودعم النمو المستدام للاقتصاد، لتقليص نسبة البطالة، و تمكين الشركات من الحصول على يد عاملة متخصصة.
و كشف في ذات السياق، عن مشاريع شراكة مع القطاع الاقتصادي، حيث سيتم إنشاء مراكز تكوين، باعتماد النموذج الألماني، و قال بأنه قد تم فعليا، استحداث وحدة تكوين لتلبية طلبات اليد العاملة في مجال تصنيع السيارات، في انتظار تجسيد مشروع معهد متخصص في المهن الخاصة بمجال صناعات الإلكترونية و الكهرومنزلية .
وأثناء تطرقه للحديث عن الهدف من تنظيم ‹› الجلسات الوطنية لإصلاح التكوين المهني قال الوزير ‹› سنعمل خلال هذا الملتقى على مناقشة مختلف التحديات المطروحة من خلال تنظيم ثماني ورشات عمل محورية، مشيرا إلى أن الورشة الأولى ستبحث كيفية مواءمة التكوين المهني مع احتياجات سوق العمل وتحسين قابلية التوظيف، باعتبار أن التقارير تشير إلى وجود نقص في المهارات في أكثر من 50 بالمائة من الوظائف في السوق المحلية.
أما الورشة الثانية فستتناول – حسب السيد وليد - تحسين جودة التكوين والهندسة البيداغوجية، من خلال السعي إلى توحيد المعايير الوطنية بما يضمن جودة مخرجات التكوين، فيما ستناقش الورشة الثالثة ‹›تعزيز ريادة الأعمال وتشجيع العمل الحر، في ظل توجه الجزائر أكثر من أي وقت مضى نحو تشجيع المبادرة الفردية، و ريادة الأعمال، و التوظيف الذاتي››.
كما ستُخصص الورشة الرابعة – يضيف الوزير - لبحث التحول الرقمي في قطاع التكوين المهني، حيث يعتزم القطاع كما ذكر ‹› تحقيق التحول الرقمي، و أحد أول الأهداف التي تم تسطيرها و هي أن يكون الدخول التكويني لشهر فيفري بدون ورق.
وفي نفس الإطار ستناقش الورشة الخامسة إصلاح الإطار القانوني والتنظيمي، لضمان حكامة أفضل وإجراءات أكثر مرونة، على أن تركز الورشة السادسة على تحسين ظروف التكوين و وضع معايير جودة للمؤسسات التكوينية، مع الإشارة إلى تخصيص الورشة السابعة لبحث إمكانية إدماج البكالوريا المهنية في النظام التربوي، لتقديم خيارات تعليمية أكثر تنوعاً لشبابنا.
و ستتطرق الورشة الثامنة – حسب ذات المسؤول - إلى تشجيع المؤسسات الخاصة للتكوين، و ترقية التكوين المتواصل ، حيث أن أقل من 10 بالمائة من القوى العاملة تستفيد حالياً من فرص التكوين المستمر.
عبد الحكيم أسابع