التعديل الدستوري كرس بقوة حرية التعبير في انتظار التطبيق
يؤكد قانونيون ومختصون في الإعلام أن مسودة تعديل الدستور حملت تقدما واضحا في مجال تكريس حرية الصحافة والتعبير والرأي بصورة عامة، من خلال خلع عقوبة السجن بصفة نهائية عن العمل الصحفي وكذلك تكريس حرية الصحافة بكل أشكالها وعدم تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية، ويقولون أن الإشكالية المتبقية اليوم هي انتظار التطبيق في الميدان.
لم يختلف رجال القانون ورجال الصحافة والإعلام على أن حرية التعبير والرأي والصحافة مكرسة في الدستور وذلك منذ سنة 1989 وقد تعززت في المقترحات التي حملتها مسودة تعديل الدستور التي كشف عنها مدير ديوان رئيس الجمهورية قبل أكثر من أسبوع، التي أضافت اشياء جديدة في هذا المجال أهمها إلغاء عقوبة الحبس بالنسبة لكل ما يتعلق بالعمل الصحفي.
وقال المحامي ميلود إبراهيمي في تصريح للنصر أمس أن التعديل الدستوري المقترح أضاف شيئا كبيرا لحرية الصحافة والتعبير وهو إلغاء بصفة نهائية عقوبة الحبس بالنسبة للعمل الصحفي، وبرأيه فإن ذلك له معنى كبيرا لأنه ولأول مرة سيصير الصحفي يكتب دون خوف أو خشية أو تهديد من السجن بسبب ما يكتبه في الجرائد أو يقوله في القنوات الإذاعية والتلفزية، وبرأي محدثنا فإن حرية التعبير موجودة ومكرسة منذ مدة عندنا لكن التعديل الدستوري الجديد كرسها بقوة وأضاف لها لبنات أخرى.
ويعتقد المحامي والحقوقي ميلود إبراهيمي أن التعديل الدستوري حمل إيجابيات كبيرة وإضافات هامة في هذا المجال في انتظار التطبيق في الميدان.
ولم يختلف رأي الاستاذ بكلية علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر كمال راشدي عن رأي سابقه فأكد من جهته أن دسترة حرية التعبير والرأي أمر محتوم ولا نقاش فيه، لأنها حريات أساسية وهي أساس بناء النظام التعددي الديمقراطي، وقال أن دستوري 1989 و1996 كرسا بصفة رسمية حرية التعبير والرأي، وتمت تقوية ذلك في التعديل الدستوري المقترح.
إلا أن المتحدث قال أنه كان من المفروض إضافة «حرية الصحافة» ويقصد بها حرية إنشاء الوسيلة الإعلامية لأن إنشاء الوسيلة الإعلامية اليوم يخضع لضوابط قانونية وأخرى تجارية برأيه، كما ثمن المتحدث المادة أو الفقرة الجديدة المقترحة التي تتحدث عن عدم خضوع جنحة الصحافة لعقوبة الحبس، واعتبر ذلك تقدما مهما، مضيفا أن جرائم الصحافة من المفروض ان ينظمها ويضبطها قانون الإعلام وليس قانون العقوبات، وأن تعتبر مخالفات تخضع للغرامة وليس كجنح تخضع للحبس.
الاستاذ راشدي الذي قال أن ما هو موجود في الدستور بخصوص حرية التعبير والرأي والصحافة مهم ألح على التطبيق الجيد له، كما دعا الإعلاميين من جهة أخرى إلى مراعاة القواعد الأخلاقية قبل القواعد القانونية، وقال بهذا الخصوص لو نراعي القواعد الأخلاقية- أخلاقيات المهنة- لن نصل أبدا إلى تطبيق القواعد القانونية، ونبّه جميع المشتغلين في حقل الإعلام إلى أن أي حرية لابد أن تضبط بقانون يجب أن يحترم، و الشيء الذي لا يضبط بأي قانون لا يمكن اعتباره حرية في آخر المطاف.
تجدر الإشارة أن التعديل الدستوري المطروح نص في الفقرة الثالثة من المادة 41 مكرر 2 على أنه» لا يمكن أن تخضع جنحة الصحافة لعقوبة سالبة للحرية»، وهو ما يعني ببساطة إلغاء عقوبة حبس أو سجن الصحفي بسبب كتاباته الصحفية، الشيء الجديد الذي ثمنه بقوة المشتغلون في حقل الإعلام واعتبره الحقوقيون تقدما بارزا في مجال حماية الصحفي وتعزيز حرية التعبير والرأي.
كما نص الدستور في مادته المذكورة صراحة على أن حرية الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية وعلى الشبكات الإعلامية مضمونة ولا تقيد بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية ، وأن نشر الأفكار والصور والآراء بكل حرية مضمون في إطار القانون واحترام ثوابت الأمة وقيمها الدينية والأخلاقية والثقافية.
وتبقى الملاحظة التي تتكرر دائما من قبل المهتمين بقطاع الإعلام والصحافة مطروحة وهي عدم وجود تنظيمات نقابية تمثيلية قوية في هذا القطاع على غرار ما هو موجود في قطاعات أخرى، وغياب ممثل ذو مصداقية يمكنه الحديث باسم الأسرة الإعلامية.
محمد عدنان