نفى وزير العدل حافظ الاختام الطيب لوح وجود أي ضغط وراء اقرار مشروع القانون الخاص بتعديل قانون العقوبات وقال أن المشروع يدخل في إطار استراتيجية الحكومة الخاصة بمكافحة العنف ضد المرأة، وانتقد الوزير خطاب نواب الكتلة الإسلامية الذين قالوا أن المشروع جاء ليفكك الأسرة الجزائرية، واعتبر ذلك اتهاما خطيرا جدا لا يقبله ولا يقبل العودة للنبش في جراح الجزائريين لسنوات التسعينيات.
دافع الطيب لوح وزير العدل حافظ الاختام بقوة عن مشروع القانون المتعلق بتعديل قانون العقوبات الذي يشدد العقوبة على الذين يمارسون العنف ضد المرأة، ونفى في رده أمس على انشغالات النواب بالمجلس الشعبي الوطني وجود أي ضغوط من أي جهة كانت وراء إعداد هذا النص الذي يدخل ضمن استراتيجية الدولة الجزائرية لمكافحة العنف ضد المرأة.
وذكّر الوزير بعرض الأسباب والدواعي التي دفعت إلى إعداد مشروع القانون، وأكد أنه يتمشى وخصوصيات المجتمع الجزائري الثقافية والاجتماعية و يتماشى أيضا مع مضمون الاتفاقيات الدولية ذات الصلة التي صادقت عليها الجزائر، وهو ما يؤكد أن الأمر يتعلق بسيادة الدولة الجزائرية وبإرادتها في محاربة العنف ضد المرأة.
وانتقد الطيب لوح -وهو يرد على ما أثاره النواب من نقاط تساؤل- خطاب العديد منهم خاصة المنتمين للكتلة الإسلامية في المجلس الذين قالوا أن المشروع جاء ليفكك الأسرة الجزائرية، وقال» ما هذا الخطاب؟ كيف لوزير معين في الحكومة لثلاث عهدات ولحكومة أن تبرمج تفكيك الأسرة الجزائرية.. أنا لا أقبل هذا الاتهام.. هذا خطير جدا ولا أقبل العودة للنبش في جراح الجزائريين سنوات التسعينيات».
وراح المتحدث بعد ذلك يبرز أن المشروع جاء وفق التعاليم الواردة في النص القرآني والأحاديث النبوية الشريفة ولم يخرج عنها، واعداده انطلق «من الواقع وليس من صالونات الأوراسي» على حد تعبيره، لأن ظاهرة العنف ضد المرأة موجودة حسب إحصاءات مصالح الأمن ومصالح القضاء والجمعيات المدنية ووصل خدش حياء إمرأة في بعض المناطق إلى قتال بين قبيلتين، ومنه انطلقت الحكومة لتغيير هذا المنكر بعيدا عن أي ضغوط دولية.
وتحدث الوزير عن وجود توازن في المشروع وقد جرى نقاشا طويلا حول الصلح كما تطرق إليه النواب خلال مناقشاتهم في المجلس تماشيا مع ثقافتنا ومعطياتنا الاجتماعية ومبادئ المجتمع، وقال أيضا أنه تقرر الإبقاء على الصفح وتساءل : هل الصفح معارض للشريعة الاسلامية؟ بل هو من مبادئ الشريعة الإسلامية- يؤكد المتحدث.
أما بشأن النقطة المتعلقة بالعنف الاقتصادي ضد المرأة فقد أوضح الوزير أن فراغا كان موجودا في هذا الجانب والمشروع الجديد جاء ليسده بإدخال مادة تعاقب الزوج الذي يعتدي على أموال زوجته، فتدخل نواب من القاعة ليتساءلوا «من قال أنه ضد ذلك» ليرد لوح بعد ذلك يقول من انتقدوا القانون وأشار أن هذه المادة كرست مبدأ الشريعة الإسلامية التي تشير أن الذمة المالية للزوجة مستقلة و أضاف أن اقتسام أموال الزوجة مبدأ غربي والقانون لم يأت بذلك بل كرس مبدأ الشريعة، ودخل الوزير في جدال مع بعض نواب تكتل الجزائر الخضراء بهذا الخصوص قبل أن يوجه كلامه لهم» وجادلهم بالتي هي احسن».
و أشار الوزير أيضا إلى وجود فارغ قانوني فيما يتعلق بالعنف الجنسي وخدش الحياء والتعدي بأفعال وأقوال وإشارات على المرأة، وقال إذا كان القانون يعاقب في هذا الشأن الأفعال الخطيرة فإن الفراغ موجود بين هذه الأخيرة وبين الأفعال البسيطة التي لا تظهر وهو ما جاء به المشروع ليسد به هذا الفراغ، كما تحدث أيضا عن تشديد العقوبة ضد فعل الضرب والجرح العمد من قبل الزوج أو الزوجة، وتوسيع العقوبة لتشمل المتحرش ممن ليس له سلطة، بمعنى أن القانون الحالي يشير إلى معاقبة المسؤول المتحرش بموظفته ولا يشير إلى الموظف البسيط الذي يتحرش بموظفة مثله، أما بخصوص وسائل الاثبات فقد تحدث عن العمل على توسيع وترقية الاجتهاد القضائي.
وردا على مطالب النواب المتعلقة بتفعيل دور الوقاية قبل الوصول إلى العقاب أوضح لوح أن الاجراءات الوقائية لا تأتي في قانون العقوبات، و دعم تفعيل دور المؤسسات الرسمية وغير الرسمية التي تتكفل بمهمة توعية المواطن، ونبّه إلى أنه ومن منطلق تجربته كقاض عايش قضايا خطيرة تفتت بسببها أسر خلال العشرية السوداء، واليوم لا يمكن أبدا الرجوع والنبش في جراح المأساة الوطنية التي طواها قانون المصالحة الوطنية، بل أن زرع ثقافة التسامح والمصالحة هو الأصح.
ولفت وزير العدل أن ادراج الصفح هو الذي أدخل التوازن على مشروع القانون، واعتبر أن هذا الأخير متوازن من جميع الجوانب وقد حرص شخصيا على إدراج الصفح بعدما طالب البعض بإزالته، وسيصوت نواب الغرفة السفلى اليوم على هذا المشروع.
محمد عدنان