الــغــرب يــستــهــدف الــسيــاحــة الــعربــيــة
قال المشاركون في الملتقى الدولي حول الاستثمار السياحي المنعقد بجامعة 8 ماي 45 بقالمة أمس الثلاثاء بأن السياحة العربية تمر بمرحلة صعبة في السنوات الأخيرة، و تكاد تفقد مكانتها الاقتصادية و الاجتماعية التي كانت عليها قبل تردي الأوضاع الأمنية و الفوضى التي تجتاح أغلب الدول العربية التي كانت رائدة في مجال السياحة.
و أضاف المشاركون القادمون من مصر، تونس، السودان و الجزائر بأن قطاع السياحة العربية بات مستهدفا من الغرب، و عرضة لتأثيرات محلية و إقليمية و دولية، و لم يعد القطاع الاقتصادي الحيوي الذي كان يحرك كل القطاعات تقريبا في زمن الرخاء و الاستقرار و الازدهار.
و قالت الباحثة المصرية لطيفات عبد اللطيف، بأن عدم الاستقرار ببعض البلدان العربية تحول إلى ذريعة و وسيلة بيد الغرب، لضرب السياحة العربية التي كانت رائدة و مستقطبة لملايين السياح من مختلف أنحاء العالم.
و دعت الباحثة التي تعمل بالجامعة الأمريكية المفتوحة بمصر، إلى مواجهة التحديات الراهنة، و البحث عن أنجع السبل، لتنشيط قطاع السياحة العربية، و بناء الثقة من جديد مع السائح الأجنبي، الذي ذهب ضحية معطيات مبالغ فيها، و أحيانا غير صحيحة، عن الأوضاع الأمنية و الاقتصادية و الاجتماعية بالبلدان العربية، التي تنام على إمكانات سياحة هائلة تتميز بالتنوع و الثراء.
و ترى لطيفات عبد اللطيف بأن الحلول ممكنة لاستعادة أمجاد السياحة العربية، و في مقدمة هذه الحلول توظيف الثورة المعلوماتية الجديد، و تحويلها إلى وسيلة فعالة لاستعادة ثقة السائح العربي و الغربي، و كسر الصورة النمطية السوداء، التي تشوه الواقع، و تنال من قيمة المنتوج السياحي العربي الثري و النادر في بعض الأحيان، خاصة عندما يتعلق الأمر بالسياحة الأثرية و التاريخية و الدينية.
و لدى تطرقها إلى وضع السياحة الجزائرية، قالت الباحثة حاج سليمان هند من جامعة تلمسان، بأن السياحة تعد من أهم مصادر الدخل الوطني، لما لها من آثار إيجابية على ميزان المدفوعات و زيادة الناتج المحلي الإجمالي و إيرادات النقد الأجنبي، مؤكدة بأنه بات من الضروري رفع التحدي و البحث عن الحلول الجذرية لتطوير القطاع، بداية بتحسين الخدمات و توفير الأمن.
و بلغة الأرقام، أوضحت حاج سليمان هند بان السياحة الجزائرية قد عرفت انتعاشا متصاعدا بداية من سنة 2000، حث بلغ عدد السياح الأجانب الذين زاروا الجزائر آنذاك نصف مليون سائح، و ظل الرقم في تصاعد حتى سنة 2013 عندما اقترب عدد السياح الأجانب الذين دخلوا التراب الوطني من 3 ملايين سائح، ثم بدأ المؤشر في التراجع بعد ذالك.
و مقابل الانخفاض في عدد السياح الأجانب عرفت السياحة الجزائرية ارتفاعا في عدد السياح المحليين، غير أن هذا الارتفاع لم يرق بعد إلى مستوى الأهداف المسطرة حسب المتدخلة، حيث بينت الدراسات بان 24 بالمائة فقط من سكان الجزائر يشاركون في النشاط السياحي الداخلي، و أرجعت أسباب هذا العزوف إلى ضعف متوسط الدخل الفردي و نقص وسائل النقل و ضعف مستوى الخدمات.
و خلصت حاج سليمان هند إلى القول بأن المشرفين على قطاع السياحة بالجزائر مطالبون برفع التحدي و مواجهة الأخطار المحدقة بأحد أهم القطاعات الاقتصادية المنشئة للثروة و مناصب العمل، و ذالك بتخفيف إجراءات دخول و خروج السياح الأجانب و تطوير أنظمة تغيير العملة و تكثيف الاتصال مع منظمي الرحلات السياحية عبر العالم، و مراقبة الأسعار، و دراسة السوق السياحي بالاعتماد على الإشهار الفعال، و تأهيل الهياكل السياحية و تسريع المشاريع الجارية، و حماية المواقع الأثرية و صيانتها، تنظيم الخدمات و تأهيل و تدريب الموظفين، و إدارة الجودة في الفنادق و مراكز الإيواء المختلفة.
و من جهتها قالت الباحثة السودانية علوية حسن عبد الله من جامعة النيلين، بأن الدول العربية تواجه تحديات و معوقات لتحقيق التنمية السياحية المستديمة كبعد المسافة عن الأسواق الرئيسية المصدرة للسياح، التعقيدات الإدارية و الإجراءات النقدية و الجمركية، تدني النظافة العامة و عدم كفاية المرافق و انخفاض مستوى الوعي الصحي، تأثر الصناعة السياحية بالأوضاع و المتغيرات التي تطرأ عليها كفقدان الاستقرار السياحي بالمنطقة. ممثلة وزارة السياحة التي حضرت الملتقى بدت مدركة للتحديات الداخلية و الخارجة التي تواجه قطاع السياحة بالجزائر، و قالت بأن إجراءات عملية قد اتخذت لتدارك النقائص المسجلة، و التوجه بقوة إلى مستقبل جديد، مؤكدة بأن ما لا يقل عن 1800 مشروع سياحي قد انطلق بالجزائر، إلى جانب برنامج عصرنة الهياكل الفندقية القديمة و تبني مخطط للجودة و التكوين، و تقديم قروض و تحفيزات عقارية و ضريبية للمستثمرين في قطاع السياحة، الذي تعول عليه الجزائر كثيرا ضمن مخطط شامل للانتقال إلى الاقتصاد البديل للنفط المعرض لتقلبات الأسواق الدولية.
فريد.غ