استأنفت أمس محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء الجزائر، محاكمة المتهمين في قضية الطريق السيار المتابع فيها 16 شخصا وسبع مؤسسات أجنبية، كأشخاص معنويين، بتهمة الفساد بعد تأجيلين اثنين، آخرها تأجيل الأسبوع الفارط، وقد اقتصرت الجلسة أمس على تشكيل محكمة الجنايات وتلاوة جزء من قرار الإحالة في مدة ست ساعات كاملة قبل أن يضطر رئيس الجلسة إلى توقيف الاشغال لتستأنف صبيحة اليوم من جديد من أجل فسح المجال للغوص في حيثيات القضية.
و قد أفتتح الجلسة رئيس المحكمة، القاضي الطيب هلالي في حدود الساعة العاشرة والربع صباحا، حيث بدأ الجلسة بالمناداة على المتهمين في هذه القضية والتي لا يزال أحد المتورطين فيها في حالة فرار، كما قام القاضي بتعيين محلفين اثنين، قبل أن يأمر بالشروع في قراءة قرار الإحالة لغرفة الاتهام المتعلق بهذه القضية.وقد مثل أمام هيئة المحكمة إلى جانب المتهمين الموقوفين وغير الموقوفين، سبع شركات أجنبية متورطة في هذه القضية كأشخاص معنويين، ويتعلق الأمر بكل من ‘’سيتيك سي أر سي سي’’ من الصين و ‘’كوجال من اليابان ‘’ و ‘’ أس أم إنك ‘’ من كندا، و’’ إيزولوكس قرصان ‘’ من اسبانيا و ‘’بيزاروتي ‘’ من إيطاليا’’ فضلا عن ‘’كارافانتاس ‘’ من سويسراو كوباوالبرتغال، بحضور دفاع المتهم الرئيسي في القضية شاني مجدوب، المتكون من الأساتذة زهية آيت عمار و أمين سيدهم و محند طيب بلعريف، الذين تأسسوا من جديد، فيما غاب المحاميان الاجنبيان فيليب بيننغ من لوكسمبورغ و الفرنسي وليام برودون، فيما عينت نقابة المحامين بالعاصمة، محاميين اثنين و هما الأستاذين عزيز ابراهيمي و سي العابدي شارة. ومباشرة بعد تشكيل محكمة الجنايات تم فسح المجال لقراءة قرار الإحالة المتضمن 152 صفحة، حيث أصر رئيس المحكمة على قراءته كاملا، إلا أنه بالنظر للعدد الكبير من صفحاته فقد اضطر رئيس الجلسة القاضي الطيب هلالي، إلى توقيف تلاوته عند الصفحة الأربعين، في حدود الساعة الخامسة مساء بعد أن لاحظ بأن جميع الحضور المعنيين بالقضية قد نال منهم العياء بعد مرور ست ساعات كاملة من الاشغال على ان تستأنف صبيحة اليوم الأشغال بتلاوة الجزء المتبقي من قرار الإحالة قبل الشروع في الغوص في حيثيات القضية بالاستماع للمتهمين وأغلبهم موظفون في وزارة الأشغال العمومية والشهود الذين تغيب منهم اثنان، وهما نجل الرئيس الاسبق لحركة مجتمع السلم أبوجرة سلطاني ومدير إقامة الدولة.
و بسبب ما جاء في قرار الإحالة فقد توبع المتهمون بجنايات « تنظيم جماعة أشرار»و»إساءة استغلال الوظيفة» و» تلقي هدايا غير مستحقة» و›› تبديد أموال عمومية››و تبييض الأموال و «مخالفة التشريع الخاص بالصرف و حركة رؤوس الأموال من و إلى الخارج». بحسب ذات الوثيقة فإن المتهمين قد تلقوا رشاوى بمبالغ مالية معتبرة بعملتي الدولار و الأورو من قبل الشركات الأجنبية المشار إليها بهدف حصول هذه الأخيرة وبطرق ملتويةعلى عدة مشاريع في ميدان الأشغال العمومية والنقل.
و يتعلق الأمر بمشروع إنجاز الطريق السيار شرق-غرب و مشروع سد كاف الدير بولاية تيبازة و مشاريع التراموي و كذا مشاريع المصاعد بكل من قسنطينة و تلمسان و سكيكدة و وادي قريش بالعاصمة.
و قد قامت هذه المجمعات الأجنبية حسب قرار الإحالة و على رأسها المجمع الصيني «سيتيك سي أر سي سي»، و ذلك بتواطؤ المتهم الرئيسي رجل الأعمال الجزائري –اللوكسومبورغي، شاني مجدوب صاحب مؤسسة ‘’ أوريفلام ‘’ لمواد التجميل بدفع رشاوى و هي عبارة عن مبالغ مالية ضخمة بعملتي الدولار و الأورو لصالح بعض المسؤولين على مستوى وزارة الأشغال العمومية من أجل الحصول على مشاريع تخص النقل بالجزائر و في مقدمتها مشروع إنجاز الطريق السيار شرق-غرب.
و قد مكن شاني مجدوب المجمع الصيني، حسب ذات المصدر من الاستفادة و ‘’ بطرق غير قانونية» من تسهيلات إدارية مع وزارة الأشغال العمومية مستغلا علاقته بمسؤولين من الوزارة، وهو ما مكنه من الحصول على العديد من الرشاوى من المجمع الصيني المذكور بداية بحصوله على مبلغ 350 ألف أورو كدفعة أولى قبل أن يتحصل فيما بعد على 30 مليون دولار على دفعتين، قام بوضع 15 مليون دولار منها في حساب له باسم شركة وهمية أسسها في سنغافورة ، و 15 مليون دولار أخرى وضعها في حساب آخرله باسم شركة وهمية في النمسا.
وبحسب قرار الإحالة فإن المتهم الرئيسي قد اعترف بتلقيه هذه المبالغ مع الإشارة إلى أنه قد عبر عن ندمه واستعداده لإعادتها للدولة الجزائرية.
كما قام اثنان من كبار المسؤولين بوزارة الأشغال العمومية – حسب قرار الإحالة - بتلقي رشاوي ضخمة من قبل الشركة الايطالية بيزاروتي و المجمع الاسباني إزولوكسكورسان و الشركة السويسرية كرافنتا و مجمع سمينك الكندي و الشركة البرتغالية كوبا، إلى جانب هدايا تم تلقيها من المتهم الرئيسي، على بساطتها.
ومعلوم أن وزير الأشغال العمومية الأسبق عمار غول الذي ورد اسمه في هذه القضية قد أدلى بإفادته كتابيا على الأسئلة الـ 16 التي طرحها عليه قاضي التحقيق بخصوص القضية التي توبع فيها المتهمون المذكورون في قرار الإحالة.
وقد أعرب بعض المحامين من هيئة الدفاع على المتهمين الذين تحدثوا إلى النصر على غرار الأستاذ نجيب بيطام، كمال معاشو والعباسي محمود عن ارتياحهم للأجواء التي طبعت بداية المحاكمة ووصفوها بالموفقة و ذكر الأستاذ بيطام في هذا الصدد بأن تشكيل محكمة الجنايات قد تم وفق قانون الإجراءات الجزائية، إلا أن المتحدث قد سجل دفاع المتهم الرئيسي قد حاول عرقلة بداية الأشغال على أساس تمسك أعضاء هذا الفريق بالدفوع التي أثاروها في الجلسة الماضية، قبل أن يتدخل رئيس المحكمة ليرد بأن هذه الدفوع سيتم اتخاذها بعين الاعتبار طبقا للمادة 92 من قانون الإجراءات الجزائية.
كما سجل بيطام بأنه رغم تلك المحاولات إلا أن المحاكمة سارت منذ البداية بشكل طبيعي بعد أن أخذت محكمة الجنايات – كما أضاف - كل الاحتياطات بالتعاون مع نقابة محاميي ناحية العاصمة وانتدبت محاميين اثنين في إطار المساعدة القضائية من باب الاحتياط تحسبا لانسحاب دفاع المتهم الرئيسي حتى لا تتعطل إجراءات سير الجلسة.
وفي رده عن سؤال للنصر حول تفسيره لانسحاب المحاميين الأجنبيين وغيابهما عن جلسة أمس، قال بيطام " إن المحامي وليام بوردون معروف بتوجهه المعادي للجزائر وقد تأسس كمحامي الأطراف المدنية في قضية رهبان تيبحيرين " مضيفا " إن المحامي بوردون لم يفاجئنا بموقفه الذي حاول تجسيده في الجلسة الماضية، فهو يسير في مسعى نحو تدويل هذه القضية بالتنسيق مع منظمات دولية من بينها لجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة وقاضي التحقيق الجنائي لدى محكمة لوكسمبورغ››.
ع/أسابع