قطاع الثقافة يستدعي قرارا سياسيا جريئا لتطهيره
• سوء تفاهم مع مخرج سوري وراء عدم ظهوري بمسلسل «الجريح»
كشف الفنان إلياس بن باكير، المعروف فنيا باسم إلياس القسنطيني، أنه لم يشارك في مسلسل “الجريح” الذي بث في رمضان الفارط، بسبب سوء تفاهم مع المخرج السوري
عبد الغني البقاعي، حول توقيت تصوير المشاهد التي كانت ستسند له، نظرا لالتزاماته كإطار بوزارة، إضافة إلى برنامجه الفني.
و في حواره مع جريدة النصر، قال إلياس إن ظهوره في عالم التمثيل، بعد تألقه في مجال الغناء، لم يكن وليد الصدفة، فهو خريج المعهد العالي لإطارات الشباب و الرياضة، و خضع لتكوين في الفنون الدرامية ، الغنائية و الموسيقية على يد كبار الأساتذة، كما كانت له عديد الأدوار في عدد من الأفلام و المسلسلات، على غرار “بصمات الماضي” ، “شتاء بارد” ، “النار الباردة “، مؤكدا أنه يرفض فكرة التخصص الفني، فالمهم أن تتوفر الموهبة و تصقل بالتكوين.
. النصر : ما جديدك لصيف 2019؟
ـ إلياس القسنطيني: أنا بصدد تحضير أغنيتين سينغل، و أفكر حاليا في سيناريو لتصويرهما على شكل كليبين. و ابتعدت هذه المرة عن المواضيع الغرامية، و حاولت الاقتراب أكثر من المواضيع التي تمس المواطن يوميا من خلال تجارب بعض الزملاء و الأصدقاء. كما أن دخولي إلى عالم السمعي البصري منحني مجالا أكبر للإبداع في عالم الكليب، و سأشرف بنفسي على إنتاج الأغنيتين على شكل كليبين لأول مرة.
فنانون يغنون بأرواحهم و آخرون يكتفون بالأداء
. ما هو تقييمك للأغنية القسنطينية اليوم؟
ـ أغنية المالوف تعتبر من أجمل الموسيقى في العالم ، و صوت الحاج محمد الطاهر الفرقاني لا يعلو عليه أحد ، هناك حقيقة أصوات جميلة لها بصمتها ،على غرار أحمد عوابدية و توفيق تواتي، دون أن ننسى بعض الأسماء الشابة ، لكن للأسف انحصر الكثيرون في دور المؤدي، و لم يتمكنوا من صنع اسم في عالم المالوف، و فشلوا في إيجاد لمسة تميزهم، رغم جمال أصواتهم ، فالفنان الذي لا يغني بروحه، يقتصر على الأداء ، و لا يستطيع الذهاب بعيدا في هذا المجال الواسع.
. الكثير من الأصوات الغنائية القديرة فضلت البقاء في الظل، مقابل بروز موجة جديدة من الشباب اكتسحوا المشهد العام و يؤدون أغان يمكن وصفها بالهابطة، ما هو السبب في رأيك؟
ـ يمكن القول إن الأغنية الجزائرية تتخبط حاليا وسط حلقة مفرغة، لذا يجب أن تكون هناك إرادة سياسية كبيرة للقضاء على هذا “ العفن” بالمجال الفني ، و اعتبر هذه الموجة الغنائية دخيلة على ثقافتنا ، فما نراه على منصات المسارح و الحفلات أمر غير مشرف.. شباب صنعهم فايسبوك، دون مسيرة أو رصيد فني يؤدون أغان بلغة الشارع، لكن للأسف شعبيتهم واسعة .
حسب رأيي فان مجال الثقافة عموما، يتطلب ثورة و حراكا فنيا سلميا تقوده نخبة من الفنانين و المثقفين، فالوطن الذي لا يملك منظومة فنية ثقافية متوازنة، لا يمكنه الذهاب بعيدا .
كلامي هذا لا يعني عدم وجود أصوات شبابية مميزة استطاعت صناعة الفارق بأعمالها، لكن للأسف هناك من يطفو على السطح و هم كثر من أجل تحقيق الشهرة و المال بمساعدة القنوات التلفزيونية و بعض الأقلام الصحفية التي ساهمت في انتشارهم، على حساب أسماء أخرى من الفنانين المحترمين.
. هل هذا يعني أن الموجة الجديدة استطاعت أن تزيح الأسماء الفنية الملتزمة، و تفرض منطقها في عالم الفن بالجزائر؟
ـ أظن أن الإشكال يكمن في غياب الدور الرقابي و الردعي، و حسب رأيي يجب تحرك فرق الدرك لمصادرة الأغاني الهابطة التي تباع بمختلف الأماكن و الفضاءات ، وعلى ديواني الثقافة و الإعلام و حقوق المؤلف و الحقوق المجاورة المعنيين ببرمجة الحفلات و المهرجانات ، أن يؤديا دوريهما التربوي و الترفيهي، بعدم السماح لهذه الفئة من الظهور في الحفلات، لكن ما يحدث في الواقع مخالف لذلك، فكيف يمكنهما وضع هذه البرمجة التي غالبا ما يظلم فيها فنانون لديهم اسم و مسيرة ؟! مقابل استقطاب كبير لمن يطلقون على أنفسهم اسم فنان. إن الفنانين الحقيقيين الذين أجبروا على البقاء بالمنزل، لديهم مسيرة مليئة بالكفاح و العمل الدؤوب للبحث عن الأفضل من أجل إرضاء جمهورهم، فيما يحاول البعض الآخر الصمود للبقاء . أظن أن المشكلة تتطلب إعادة هيكلة المنظومة الفنية بقرار سياسي حاسم و شجاع لتطهير القطاع من أشباه الفنانين.
لن أنضم إلى حملة إعادة بعث مهرجان المالوف
. هل ستنضم إلى الحملة التي أطلقها عدد من الفنانين بقسنطينة لإعادة بعث مهرجان المالوف ؟
ـ لحد الآن لم أتلق أي اتصال بهذا الخصوص، أنا بطبعي إنسان محايد و أظن الموضوع له علاقة بالسياسة، لهذا لا يمكنني الانضمام لهذه الحملة. و أعتقد شخصيا أن مهرجان المالوف سيبعث من جديد، سواء مع وزيرة الثقافة الحالية أو مع وزراء آخرين ، لكن ما يجب التركيز عليه، أن يكون مهرجانا قويا و متوازنا في المستقبل، من ناحية الإدارة أو الكفاءات العاملة به، لضمان نجاحه و استمراريته.
. بعيدا عن قسنطينة هل منحتك الجزائر العاصمة الشهرة التي يبحث عنها كل فنان؟
ـ قسنطينة هي عاصمة الفن دون منازع ، حقيقة أنا أعمل بالعاصمة و أحيي حفلاتي هناك، لكن اسمي صنعته بقسنطينة التي يمكن أن تتحول بفضل تكاثف جهود أبنائها من الفنانين، إلى قطب ثقافي و فني بامتياز، نظرا لما تزخر به من تراث فني أصيل و تاريخ عريق، ذلك يحتاج فقط إلى خارطة طريق و عمل مكثف، و أهم من ذلك التفاف العائلة الثقافية و الفنية وراء هدف واحد هو إعلاء راية قسنطينة التي أنجبت الكثير من كبار الأسماء في الغناء ، التمثيل ، الأدب ، الرسم و غيرها من الفنون، التي ذاع صيتها منذ القدم.
هيبة عزيون