سننتج ألبسة وأحذية جزائرية بنوعية رفيعة في ظرف سنوات
* عدد عمال القطاع سيرتفع إلى 20 ألفا * الإجراءات البيروقراطية أخرت استثمارات لمدة 9 سنوات
أكد رئيس كونفدرالية عمال النسيج والجلود بن يوسف زناتي في حوار «للنصر» عن وجود إرادة قوية لبعث قطاع النسيج والجلود من جديد، ورفع عدد اليد العاملة إلى أزيد من 20 ألف عامل، وتزويد السوق المحلية بمنتوج وطني بنوعية رفيعة وجودة عالية في غضون السنوات القليلة القادمة، ليصل إلى المستهلك البسيط عبر توسيع شبكات التسويق، مع العمل على تصدير المادة الأولية للخارج، خاصة الجلود.
حاورته لطيفة بلحاج
uأين وصل قطاع النسيج والجلود اليوم، بعد كثـرة الحديث عن بعثه من جديد؟
مر قطاع النسيج والجلود بوضعية جد صعبة في التسعينات وبداية الألفية الثانية، لكن منذ تاريخ مارس 2011 تغيرت الأمور نحو الأحسن بموجب قرار من مجلس مساهمة الدولة بصب مبلغ 2 مليار دولار لإنعاش القطاع، مما يجعلنا نقول اليوم بأن قطاع النسيج والجلود أصبح موجودا، وهو يحمل مكانة هامة نظرا لمساهمته في خلق مناصب العمل والثروة، خاصة بالمناطق التي يقل بها النشاط الاقتصادي، بل يكاد يكون منعدما باستثناء صناعة الجلود والنسيج، وأعطي هنا على سبيل المثال منطقة عين الحمام بولاية تيزي وزو التي يوجد بها مصنع للنسيج ويشغل عددا لا بأس به من العمال.
uلكن ما هي أسباب تراجع القطاع بعد أن عاش أوج ازدهاره وكان يوفر منتوجات ذات جودة عالية؟
نحن كفيدرالية وطنية لعمال النسيج والجلود طالبنا بمعالجة مشاكل القطاع لأن مخطط الاستثمار وتطوير هذا النشاط الذي أعدته الحكومة في سنة 2011 لم يتم تجسيده بنسبة كاملة لأسباب عدة أغلبها ذات طابع بيروقراطي، وأخرى تتعلق ببطء الإجراءات البنكية، وإلى غاية اليوم لم تكتمل الاستثمارات بنسبة مائة بالمائة، في حين بدأت عملية تسديد القروض مقابل استثمارات لم يتم إنجازها كاملة جراء تعطل تنفيذ مخطط إعادة تأهيل قطاع النسيج والجلود لأسباب تم ذكرها سابقا.
uلكن ألا ترون بأن استغراق أزيد من تسع سنوات في إنهاء إجراءات إدارية وبنكية يبدو غير منطقي؟
صحيح أن الفترة الممتدة ما بين سنة 2011 و2020 تبدو طويلة، لكن يجب الإشارة إلى أن الغلاف المالي المخصص للنهوض بالقطاع والمقدر ب 2 مليار دولار تم صبه ما بين 2012 و2013 كما أن الشروع في استثمارات بهذا الحجم يتطلب التقيد بالإجراءات التي ينص عليها قانون الصفقات العمومية، لذلك تعطل تنفيذ مخطط إعادة إنعاش قطاع النسيج لبعض الوقت، وأعطي سبيل المثال الاجراءات التي تفرضها اقتناء آلة، إذ ينبغي أولا إطلاق مناقصة ثم دراسة العروض، وهو أمر قد يقتضي سنتين كاملتين قبل أن نرسو على أفضل عرض، ويضاف إلى ذلك الإجراءات البيروقراطية.
وهذه من جملة الإشكالات التي جعلتنا نتأخر في تنفيذ مخطط الاستثمار، لذلك نتوجه اليوم بمطلبين رئيسيين للحكومة لتمكين قطاع النسيج والجلود من المساهمة في التنمية الاقتصادية واستحداث مناصب عمل جديدة، والحفاظ على الموجودة حالية وخلق الثروة.
أولهما تمديد آجال تسديد القروض بعامين كأقصى مهلة، لمساعدة قطاع النسيج على مواجهة الصعوبات الحالية وتوفير السيولة المالية لاقتناء المادة الأولية والانطلاق في النشاط الفعلي، والقرار الثاني اتخاذ إجراءات عملية لإنتاج المادة الأولية محليا، خاصة وأننا سمعنا وزير الفلاحة مؤخرا يتحدث عن تطوير زراعة القطن في الجزائر.
ونذكر هنا أيضا تأكيد رئيس الجمهورية على ترشيد النفقات خاصة بالعملة الصعبة، لذلك فإن تنسيق الجهود بين وزارتي الفلاحة والصناعة بتخصيص مساحات لزراعة القطن سيعفينا من استيراد هذه المادة وتلبية طلبات قطاع النسيج مع تصدير الفائض، لا سيما وأن الجزائر حققت تجارب ناجحة في عدة ولايات، من بينها المسيلة قالمة وخنشلة، فما يمنعنا اليوم من إعادة التجربة، التي ستسمح بدورها بخلق مناصب شغل وتوفير العملة الصعبة، وإعطاء دفع للصناعة النسيجية وتوفير الإنتاج على مدار السنة دون توقف.
uما هي مساهمة قطاع النسيج والجلود في توفير المنتوج النهائي وضمان مناصب شغل؟
يضم قطاع النسيج والجلود حاليا 9 مؤسسات كبيرة و49 مركبا للإنتاج، ويشغل حوالي 15 ألف عامل، ومن حيث كميات الإنتاج فهي لا بأس بها وموجهة إلى مؤسسات حساسة في الدولة، يعمل على توفيرها مركب «جيتاكس» العمومي، من خلال إبرام صفقات مع مؤسسات الدولة من بينها الجيش الوطني الشعبي والأمن الوطني وفق دفتر شروط، وأؤكد في هذا السياق على وفاء هذه المؤسسات ومساهمتها في الحفاظ على الإنتاج الوطني.
غير أن هدفنا هو توسيع شبكة التسويق لتصل إلى المواطن البسيط حتى يشعر بوجود صناعة قوية في مجال النسيج والجلود، علما أنه لحد الآن لدينا ما بين 40 و50 نقطة بيع، ونسعى جاهدين لنجعل من مركب «جيتاكس» واجهة للقطاع، خاصة وأننا نلتمس إرادة قوية من مسيري المركب لإصلاح شبكة التسويق، في ظل توفر مؤشرات عدة تؤكد إمكانية بلوغ هدف وصول المنتوج الجزائري إلى المواطن العادي.
uلكن متى سنلبس لباسا جزائريا ونتخلص ولو نسبيا من الاستيراد الذي حتم على المستهلك اقتناء ألبسة وأحذية ذات نوعية رديئة ولا تستجيب للمعايير الصحية؟
نستطيع تحقيق ذلك، فقط يجب توفر الإرادة لبلوغ هذا الهدف، وأذكر أن مخطط إنعاش القطاع كان يرمي لتعميم المنتوجات الجلدية والنسيجية في غضون 5 سنوات، لتصل إلى عامة المستهلكين عبر المساحات التجارية التابعة لمجمع «جيتاكس»، لولا جملة المشاكل التي اعترضت تجسيد هذا المبتغى، لكن نحن كفيدرالية لعمال النسيج والجلود نلمس إرادة من القائمين على القطاع لتوسيع شبكة التوزيع والتسويق.
uوماذا عن تاريخ الشروع في تسويق أول جينز جزائري؟
المشروع قائم على مستوى مركب «تايان» بغليزان وهو يعمل حاليا، وفي غضون شهر جوان المقبل سينطلق الإنتاج لتلبية طلبات السوق، وأذكر في هذا المجال أن اتفاق الشراكة مع المتعامل التركي ينص على توجيه نسبة 60 بالمائة من الإنتاج للتصدير و 40 بالمائة لتلبية الاحتياجات المحلية، وستسمح هذه الشراكة بإدخال العملة الصعبة للخزينة، وتدعيم السوق بمنتوج ذي نوعية، فضلا عن توفير المادة الأولية والمنتوج النهائي، أي الألبسة الجاهزة.
uقطاع الجلود بدوره شهد تراجعا رغم توفر الجزائر على مادة أولية ذات جودة عالمية، ما هي الأسباب في تقديركم؟
فيما يخص قطاع الجلود هناك مؤسستان كبيرتان تنشطان في هذا المجال، الأولى مختصة في الدباغة والثانية في صناعة الحقائب والأحذية الجلدية، وكلاهما تتمتع بوضعية مالية لا بأس بها، غير أن الإشكال مطروح لدى مؤسسة الدباغة التي تحصل على المادة الأولية عن طريق جمع جلود الحيوانات، بسبب صعوبات تنفيذ هذه المهمة.
وأذكر في هذا السياق المشاكل التي واجهتها المؤسسة في عيد الأضحى الأخير خلال حملة جمع جلود الأضاحي، التي كانت فاشلة إلى حد ما عكس الحملة التي سبقتها، أي التي جرت عام 2018 في عهد وزير الصناعة السابق يوسف يوسفي، بفضل إطلاق حملة تحسيسية لتوعية المواطن بكيفية السلخ وأماكن وضع الجلد، مما ساهم في إنجاح العملية والحصول على مادة أولية ذات نوعية جيدة خلافا للسنة الماضية، بسبب طبيعة الظرف السياسي الذي مرت به البلاد.
ونحن نطمح في العيد المقبل لتنظيم أنفسنا أكثر، لأن الأمر يتعلق بحوالي 4 ملايين أضحية، لذلك فإن المادة الأولية من المفروض أن تتوفر بكميات معتبرة دون اي إشكال، لاستغلالها في الإنتاج والتصدير أيضا.
uكيف ستكون الحملة القادمة؟
اقترحنا بلديات نموذجية لشرح كيفية سلخ وجمع جلود الأضاحي لتموين المؤسسات المنتجة بمادة أولية ذات نوعية جيدة، علما أنه في سنوات سابقة كانت مؤسسة عمومية معروفة باسم «سكوب» تقوم بمهمة جمع الجلود، لكن تم حلها في سنوات التسعينات إبان الأزمة التي كان يعيشها قطاع النسيج، نطمح لإعادة بعثها من جديد ولو جزئيا، لتنظيم عمليات الذبح والسلخ حتى يتفرغ مجمع «جيتاكس» لمهام أخرى، بعد أن يتم تخصيص مراكز لجمع الجلود وتوظيف أعوان للتعامل مع المذابح، للحصول على مادة أولية جيدة يمكن استغلالها واستيرادها.
uلماذا لم يتم إقحام القطاع الخاص ضمن مخطط إعادة إنعاش صناعة الجلود؟
للأسف القطاع الخاص ليس منظما بعد، لأن المؤسسات المصغرة حتى وإن كانت توظف عددا محدودا من العمال ينبغي أن تنظم نفسها في المجال النقابي، لاسيما وأن مناطق عدة معروفة بصناعة الجلود، ولنا أمثلة في ذلك عن الحذاء المصنوع بمنطقة المدية وتلمسان والشراقة بالعاصمة وغيرها، وتثمين هذا المكسب لا يتحقق إلا بتأطير القطاع الخاص حتى نرفع مطالبنا للوزارة الوصية بطريقة جماعية وليس بصفة فردية.
وأنا من هذا المنبر أوجه دعوة للمؤسسات الخاصة لتنسق العمل مع كونفدرالية عمال النسيج والجلود، لنعمل سويا على تطوير القطاع والنهوض به.
uوماذا عن مستوى الإنتاج؟
يشار إلى أن النساء يشكلن أزيد من نصف العالمين في قطاع النسيج والجلود، وتوفر صناعة الجلود منتوجات رفيعة لفائدة مؤسسات الدولة على غرار الصناعة النسيجية، و تتم أكبر الصفقات مع المؤسسات الرسمية، بتوفير الأحذية والألبسة الواقية، غير أننا نطمح لتوسيع الإنتاج لبلوغ عامة المستهلكين.
uكيف يمكن الحد من الاستيراد والحفاظ على الصناعة المحلية؟
المشكل المطروح حاليا يتعلق بالقدرة الشرائية للمواطن الذي يتوجه عادة إلى الأقل ثمنا، في حين يجب على قطاع النسيج والجلود أن يقدم منتوجا راقيا ونوعيا مقارنة بما هو مستورد، ويستجيب للمعايير العالمية، وأؤكد في هذا السياق بأن القطاع العمومي لا يمكنه أن يبيع مثلا بدلة لا تستجيب للمعايير والمواصفات، عكس ما يتم استيراده من بعض البلدان، لذا فإن معركتنا اليوم هي التوعية بنوعية المنتوج.
وأنا أتأسف لأن تدهور القدرة الشرائية للمواطن جعله يقبل على منتوجات رديئة، ولمعالجة هذا الإشكال وجعل المواطن البسيط هو المستهلك الأساسي لقطاع النسيج والجلود، يجب أولا دعم القدرة الشرائية، ومساعدة القطاع على تحسين شبكات التسويق والتوزيع، للمساس بعامة المستهلكين، مع التوعية باقتناء المنتوج الجيد وإن ارتفع سعره نسبيا.
uما هي نظرتكم لمستقبل القطاع؟
أنا متفائل بشأن مستقبل القطاع خاصة إذا أخذت الوزارة الوصية بعين الاعتبار مطالبنا المتعلقة بتمديد تسديد القروض وتوفير المادة الأولية محليا، بتشجيع زراعة القطن وتحسين عملية جمع جلود الحيوانات، لأننا بذلك سنتمكن من رفع اليد العاملة في القطاع إلى أكثر من 20 ألف عامل، وتوسيع شبكة التوزيع، ونحن نعترف بوجود نقص في مجال التسويق، مقابل وجود نية صادقة لبعث صناعة النسيج والجلود.
وسنعمل على استغلال الوسائط الاجتماعية وطرق الاتصال التي تطورت كثيرا للتعريف بالمنتوج، لأنه لم يعد من حقنا ارتكاب أخطاء مستقبلا، بالنظر إلى مساعدات الدولة التي جندت 2 مليار دولار للنهوض بالقطاع.
ل. ب