أرفض خلع الحجاب من أجل الشهرة و المال يسيطر على عالم الفن
• قدمت نموذجا تلفزيونيا مغايرا لمعياري الجمال و الرشاقة
قالت الممثلة مفيدة عداس أن نجاحها لم يكن وليد الصدفة، بل هو ثمرة جهود سنوات من العمل الجاد و التعب، مشيرة إلى أنها صادفت عدة عراقيل، في مقدمتها الحجاب و مساومات بين خلعه و المشاركة في أعمال فنية بين المسرح السينما و التلفزيون، ما قلص من فرص ظهورها، رغم ذلك استطاعت فرض نفسها في عالم يعرف الكثير من الفوضى و الاحتكار من قبل لوبي المال، ما ساهم في انتشار الرداءة على حساب النوعية، كما أكدت الفنانة.
تحديت البعد الجغرافي و اللهجة من أجل النجاح
. النصر: هل كانت انطلاقتك الفنية من المسرح أو التليفزيون؟
ـ مفيدة عداس: أنا ممثلة مسرحية من ولاية قالمة، و هناك كانت بداياتي الحقيقية على خشبة أبي الفنون، و برصيدي الكثير من الأعمال المسرحية خلال سنوات التسعينات، و حصلت على العديد من الجوائز، منها 23 جائزة لأحسن دور نسوي ، 4 جوائز لأحسن مونولوغ.
و في سنة 2000 ، كانت بداياتي التلفزيونية مع المحطة الجهوية للتلفزيون بقسنطينة، و شاركت في عديد الأعمال منها «خالتي لالاهم»، «الدور المليح» و غيرها ، و في سنة 2010 شاركت في برنامج «قهوة القوسطو» و استطعت من خلاله أن أكسب جمهورا واسعا، و أعرف بموهبتي في التمثيل، خاصة في الكوميديا.
. هل تعتقدين أن الفضل في نجاحك اليوم يعود إلى برنامج «قهوة القوسطو»؟
ـ مفيدة عداس ممثلة مسرحية قبل كل شيء ، و أنا اسم معروف في هذا المجال، ليس في قالمة فقط، بل على الصعيد الوطني، لكن لا أنفي أن برنامج «قهوة القوسطو» زاد من شهرتي و انتشاري، و الفضل في ذلك لزميلي نبيل عسلي الذي اقترح علي فكرة المشاركة، فحققت نجاحا باهرا ، كما فجر البرنامج الكثير من المواهب، أغلبها من خريجي المسرح. بعد ذلك شاركنا مباشرة في برنامج «جرنان القوسطو» الذي ساهم كثيرا في الحفاظ على النجاح الذي حققناه سابقا .
. ما هو سبب تعثر المشتركين في الطبعات الأخرى من برنامج «قهوة القوسطو»
ـ حقيقة كمشتركين في الطبعة الأولى ، حققنا نجاحا كبيرا، خاصة بمشاركتنا في «جرنان القوسطو» ، حيث حافظنا على تلك الاستمرارية و ذلك الوهج ، أما المشاركون الذين أتوا بعدنا، فلم يستفيدوا من ذلك الحجم من الدعم و أفل نجمهم. في اعتقادي أنهم لو حظيوا بالقليل من الدعم بعد البرنامج، لتمكنوا من النجاح و الانتشار.
. هل كان الحجاب عائقا أمامك في عالم الفن؟
ـ حقيقة لقد تعرضت للكثير من الضغوط، خاصة بعد قرار ارتدائي الحجاب، و كنت آنذاك ممثلة في المسرح، فتقلصت العروض التي تلقيتها، كما طلب مني أكثر من مرة خلعه، أو استعمال باروكات،لكنني رفضت. أما بخصوص المسرح فلم أتلق سوى عرضين منذ سنوات، الأول من مسرح سوق أهراس و الثاني من قالمة.
. إلى جانب الحجاب حافظت على لهجتك المحلية، ألم تشكل لهجتك عائقا آخر بالنسبة إليك؟
ـ في اعتقادي أن سر نجاحي اليوم هو قوة شخصيتي، منذ البداية التزمت بالحفاظ على شكلي و كذا لهجتي، و كانا من الشروط التي أفرضها عند الاتفاق على أي عمل، سواء في التمثيل أو التقديم. حقيقة يصعب النجاح في الجزائر بهذه الطريقة، خاصة في الآونة الأخيرة، ، حيث أصبح الاهتمام منصبا على الشكل و المظهر و اللهجة التي تكون عموما عاصمية، و كذا العامل الجغرافي و غيرها.
. من كلامك نستنج أن معايير النجاح في عالم الفن بالجزائر قد تغيرت..
ـ نعم ، هناك معايير و شروط أخرى غير مرتبطة بتاتا بالموهبة أو التكوين، و السبب هو هيمنة المال، حيث أصبح ممولو البرنامج « سبونسور» هم الذين يختارون أنواع الأعمال التي ستنتج و من يقدمها، فطغى عامل الربح ، فلم يعد الاهتمام منصبا على النوعية، بقدر ماهو منصب على الكمية، و ما سيحققونه من ورائها، و لجلب الجمهور و تحقيق هذه المعادلة، يتم الاستعانة بالمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي الذين لهم نسب مشاهدة خيالية.
. لكنك نجحت في قلب هذه المعادلة في برنامج «سوق النساء»، كيف كان ذلك؟
ـ أنا أول اسم تم اقتراحه في برنامج «سوق النساء» في طبعته الأولى، و كانت فكرة البرنامج هو انتقاء أربع منشطات كل واحدة بشخصية مختلفة عن الأخريات، تمثل شريحة معينة من المجتمع، و انتهى المطاف باختيار ثلاث منشطات. أنا أقدم المرأة البسيطة الماكثة في البيت، و فيزية توقرتي تمثل المرأة البرجوازية، فيما تمثل مونية بن فغول الفتاة العصرية المتفتحة .
بالرغم أن شخصيتي في «سوق النساء» ، لا تعكس حقيقتي سوى في عامل الصراحة، إلا أنني نجحت كثيرا في هذه الشخصية ، و استطعت أنا و زميلتاي تحقيق النجاح منذ العدد الأول من البرنامج ، و كان عنوان «سوق النساء» أول مؤشر لفت انتباه الجمهور. و رغم الانتقادات التي طالتنا في البداية، إلا أن نسب المشاهدة خيالية، و نحن إلى غاية اليوم نحافظ على نفس النجاح، رغم تغيير منشطات.
. هناك من وصف أسلوبك بالشعبوي، ما هو ردك؟
ـ القالب الذي أظهر به في البرنامج مقصود منذ البداية، فالفكرة كانت تقديم شخصية بسيطة و عفوية تمثل المرأة الجزائرية التي قد نجدها في الدشرة أو الريف، من أجل تمثيل هذه الشريحة المعنية عموما بالبرنامج، حتى أننا منعنا من استخدام ألفاظ باللغة الأجنبية، لإيصال الرسالة.
. تطرقتن في عدة مرات إلى بعض الطابوهات الاجتماعية، ألم تخشين ردة الفعل؟
ـ تلقينا انتقادات لاذعة بخصوص هذه المواضيع، لكنها حقيقة موجودة في المجتمع، و يجب إزالة اللثام عنها و طرحها بشكل موضوعي، على غرار المرأة المسترجلة و غيرها من المواضيع. هناك مواضيع يقترحها علينا المشاهدون، خاصة بعض الأمور المسكوت عنها بسبب الأعراف و العادات.
. كيف نجحت في تخطي حاجز معيار الجمال
و الرشاقة في عالم التقديم التلفزيوني؟
ـ أشاطرك الرأي ، فهذا معيار أساسي في الوقت الراهن، لكنني استطعت أن أفرض أسلوبي، سواء في اللباس أو اللهجة، و حتى طريقة التقديم، فأنا مختلفة عن زميلاتي و أصنع الاختلاف. أنا مثلا لا أركز على عامل الرشاقة و الجمال لجلب المشاهدين، و هذا ليس عيبا، فلكل شخص مؤهلاته، و أنا مفيدة عداس، لدي أسلوبي الخاص الذي لن أتخلى عنه.
. هل سرقك التقديم التلفزيوني من عالم التمثيل؟
ـ بالعكس أنا أصبحت أختار أعمالي بشكل أكثر دقة، فأنا لا أبحث عن الظهور فقط، بل أنتقي أدواري بشكل صحيح و أخصص لذلك وقتا طويلا. الحمد لله كانت لدي الكثير من التجارب الناجحة، و وقفت أمام أسماء كبيرة، على غرار دليلة حليلو و سيد أحمد أقومي و لخضر بوخرص ، و هذا يحتم علي الحفاظ على مكانتي و التأني في اختياراتي.
تصنيفي كممثلة كوميدية قلص من العروض المقدمة إلي
. هل أنت اليوم من الوجوه الفنية الأعلى أجرا بالجزائر؟
ـ نعم ، مفيدة عداس اليوم اسم مطلوب بكثرة، سواء في التمثيل أو التقديم ، لكنني لا أركز على الجانب المادي كثيرا، بقدر اختيار الدور الذي سأظهر فيه و النجاح من خلاله لتقديم رسالة هادفة، أما الأجر فهو من اختصاص مدير أعمالي ابني صالح، غير أنني أعمل في كثير من الأحيان دون مقابل .
. هل أنت مع فكرة الاعتماد على المشاهير و المؤثرين على مواقع التواصل الإجتماعي؟
ـ إنها ظاهرة غير صحية ، أثرت سلبا على واقع الفن في الجزائر ، فأصبح الاعتماد على هؤلاء المؤثرين بشكل واسع، على حساب المواهب الحقيقية بهدف تحقيق الربح، لكن المؤسف أن هؤلاء لا يستمرون، لأنهم دون محتوى ، و سرعان ما يزول نجاحهم و كمثال عن ذلك ريفكا الذي اشتهر كثيرا في وقت ما، أما اليوم أصبح ظهوره مقتصرا على بعض الحصص الإذاعية و البرامج ، بمرور الوقت سيزول اسمه و لن يبقى له أثر.
. هل تتبعين حمية معينة لإنقاص الوزن، أم انك لا تهتمين بالرشاقة؟
ـ أنا أخضع لتعليمات طبيبي، فأنا مصابة بمرض في المبيضين، و أعاني من نزيف دائم ، إن إتباع حمية أو إنقاص الوزن مرتبطان بقرار الطبيب. أهتم حاليا بصحتي، أما مظهري فأنا مقتنعة به، و لي أسلوبي الخاص.
. مؤخرا هناك أعمال تلفزيونية حققت نجاحا كبيرا خاصة في رمضان، ما رأيك فيها و هل تلقيت عروضا للمشاركة بها؟
ـ حقيقة هناك نقلة نوعية، خاصة في السيناريو و الإخراج ، و أظن أن ذلك مرتبط بعامل المال و الخبرة ، فالشراكة مع مختصين في المجال من دول أخرى، أعطى هذه الثمار ، للأسف نحن بالجزائر لا ننفق كثيرا على الأعمال الفنية، و هذا هو سبب فشل الكثير من الأعمال في السابق ، أما اليوم فنحن أمام مرحلة جديدة. حقيقة كنت أرغب في المشاركة في أعمال، على غرار «الخاوة» و «أولاد الحلال»، لكنني مصنفة كممثلة كوميدية.
. هل أثر هذا التصنيف على العروض المقدمة لك؟ و هل يمكنك أداء أدوار درامية؟
ـ نعم ، أنا بالأساس أقدم كل الأدوار ، و لا أقتصر على نوع معين ، لكن للأسف تم تصنيفي كممثلة كوميدية، ما تسبب في انكماش العروض، رغم أنني حاولت في أكثر من مرة إيصال هذه الفكرة.
. ماذا حضرت فنيا لرمضان؟
ـ لدي الكثير من البرامج، إلى جانب «سوق النساء «، سأطل على الجمهور الجزائري من خلال «تدبيرة في دقيقة» ، إلى جانب برنامج في مجال الطبخ، لم أشرع بعد في تصويره ، كما أنني مرتبطة بسلسلة مع التلفزيون الوطني سيعرض في رمضان، و سنشرع في الأيام المقبلة في تصويره .
هـ/ع