يشق الفنان الصاعد حمزة قش ابن مدينة قسنطينة خطاه في مجال أغنية المالوف بثبات ، فهو اليوم من بين الأسماء القليلة الشابة التي حجزت مكانا لها بين الكبار وأصبح اسما مطلوبا في الحفلات و المناسبات ، كما له رصيد محترم من الأغاني و يسعى للحفاظ على طابع المالوف الأصيل من خلال مشاركته رفقة عدد من الأسماء الفنية في بعث مشروع أكاديمية فنية سترى النور قريبا تعنى بتعليم أصول المالوف بطرق منهجية و علمية .
خريج كلية الإعلام و الاتصال أكد في حوار مع النصر، أنه يهب حاليا معظم وقته للغناء لكنه لا يتخلى عن طموحه بولوج عالم الصحافة سواء من خلال التقديم أو الإخراج و كل ماله علاقة بالتركيب و التصوير ، و بخصوص مجال الفن في قسنطينة قال إن الاحتكار الذي عرفته الساحة الفنية في قسنطينة في وقت سابق ساهم بشكل كبير في طمس الكثير من المواهب الشابة التي حرمت من فرصتها في الظهور.
بداية صعبة والعائلة عارضت دخوله الفن
وقال الفنان الصاعد حمزة قش ، إن بداية دخوله مجال الغناء كانت من طابع العيساوة في الكشافة الإسلامية و الزوايا ، بعدها توجه لأداء أغنية المالوف سنة 2009 التي تربى على سماعها منذ صغره ، و قال حمزة إن هذا الطابع هو الذي اختاره، حيث وجد نفسه يتوجه و ينجذب نحو هذا الطابع العريق في قسنطينة و يغوص في عوالمه ، و رغم معارضة الأسرة لهذا القرار جملة و تفصيلا إلا أنه تمسك بحلمه و شغفه بأن يصبح فنانا ، و هم اليوم يقدرونه كفنان و يحترمون رغبته.
و أضاف حمزة أن البداية كانت جد صعبة بسبب الكثير من العراقيل التي تعرفها الساحة الفنية في قسنطينة، في مقدمتها الاحتكار الذي كانت تمارسه بعض الأسماء و العائلات على هذا الطابع و الذي يظهر، يقول حمزة ، خلال الانتماء للجمعيات الفنية ، فليس من السهل على موهبة شابة أن تجد فرصتها دون وساطة أو أن تكون من عائلة فنية ، لكن الثقة في النفس و العمل الدؤوب كانا الفيصل في نجاحه و نجح مع الوقت من صنع اسم فني محترم بفضل دعم أصدقائه و المقربين الذين آمنوا بموهبته و دعموه في قراره و اختياره ، إلى جانب بعض الأسماء الفنية المحترمة في قسنطينة التي كانت سندا قويا له على غرار سمير بوكريديرة و الفنان حكيم بوعزيز .
الأعراس و مواقع التواصل للانتشار
فسر حمزة قش ظهوره الدائم في الأفراح و الأعراس بأنها سبيله لتحقيق للانتشار و الشهرة كفنان صاعد ، إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي أضحت حتمية تكنولوجية يجب على الفنان استغلالها للنجاح ، بينما تمنح الأفراح مساحة و فضاء للفنان للغناء قد لا تتيحها الاحتفالات الرسمية التي أصبحت منحصرة في مناسبات معينة ، وعن اختياره أداء الأغنية الخفيفة ، قال حمزة إنه لا يمكن تقسيم المالوف إلى عصري و تقليدي لأنه تعد حقيقي على هذه المدرسة العريقة حسب رأيه ، و ما يؤدى اليوم في الحفلات و الأعراس و حتى بعض أغاني الألبومات هو عبارة عن « طقطوقات» ، معتبرا أن هذا النوع من الأغاني فرضه ذوق الجمهور الذي أصبح يميل إلى النغمة الخفيفة ، و هي مستوحاة من التراث القسنطيني القديم بأداء قصائد قصيرة بآلات موسيقية حديثة و إيقاعات أسرع مع الحفاظ على البناء الفني للأغنية .
كما يؤدي حمزة طبوعا أخرى كالعاصمي و الشعبي و التونسي ، غير أنه يميل و يفضل أداء النغمة الأصيلة و قصائد المالوف القديمة كالمحجوز و الحوزي التي لا تزال مطلوبة في الكثير من الحفلات و الجلسات ، فهي المدرسة و القاعدة التي لا يمكن بأي شكل من الأشكال التعدي عليها ، و هو حاليا يعمل على بعث ورشات لتلقين مبادئ و أساسيات أغنية المالوف في شكل أكاديمية مصغرة عن طريق جمعيته الثقافية و تحت إشراف عدد من القامات الفنية في الولاية الذين أبدوا موافقتهم و استعدادهم للانخراط في هذا المشروع ، و جاءت هذه الفكرة من منطلق وجود الكثير من الشباب المحب لهذا الطابع الأصيل و من مختلف الأعمار ممن لم تتح لهم الفرصة للبروز و هذا مؤشر إيجابي حسبه للحفاظ على التراث العريق بطريقة أكاديمية .
مشاريع فنية ولدت خلال فترة الحجر
و بخصوص مشاريعه المستقبلية قال حمزة إن هناك أفكارا سيعمل على تجسيدها مستقبلا ، و غالبيتها كانت وليدة الحجر المنزلي الذي فرضته جائحة كورونا ،و منها ما تم تجسيده على أرض الواقع على غرار العمل الفني الذي جمعه بأكثر من فنان من ولاية قسنطينة و خارجها في أغنية مشتركة عن بعد باستخدام تقنيات التواصل عن بعد ، فكانت الفكرة من اقتراحه و بمساعدة يزيد بلخير في الموسيقى و التوزيع ، و ضمت كل من الفنان فوفي القسنطيني ، فلة فرقاني ، عباس ريغي ، عادل مغواش و خالد عيمر و مبارك دخلة كتجربة أولى ووحيدة و نالت صدى و إعجاب الكثيرين ، و كانت بمثابة تحد للحجر المنزلي الذي توقفت بسببه كل الفعاليات الفنية ، بجمع هذه الأسماء الفنية في عمل مشترك ، و هو ما تحتاجه الساحة الفنية في قسنطينة اليوم حسبما يراه حمزة قش، و التي لا تخلو من الأصوات الرائعة لكن يجب برأيه تجاوز الأحقاد و الضغائن التي أصبحت سائدة بين الفنانين مما أثر على ظهورهم في أعمال جماعية و التعاون للدفع بالفن القسنطيني إلى الأمام ليسترد مكانته الحقيقية . مضيفا أن هناك خلط كبير و فوضى في المجال ما يستدعي تدخل الوزارة لتنظيمه و ضبط الأمور ،و الوقوف في وجه الدخلاء ممن يفرضون نمط تسيير مبني على المحسوبية و العشوائية و سلطة المال.
أما عن مشاريعه الفنية المستقبلية فقال حمزة إنه إلى جانب إحياء الأعراس و الافراح ، فهو كذلك يسعى لتكون له أعمال خاصة به و أغاني تحمل بصمته الخاصة ، و يوجد في رصيده حاليا أغنيتان قام بتلحينهما و هي،
« القسنطينية» و «رحتي ما خبرتيش» بالتعاون مع الكاتب مراد بوكرزازة ، و لم يستبعد حمزة ظهوره قريبا في ديو مشترك دون أن يفصح عن اسم الفنان ، كما سيعمل على إطلاق فيديو كليب قريبا ، و بعيدا عن الفن لا يزال حمزة قش يبحث عن فرصته في مجال الإعلام الذي درسه و تخرج منه بشهادة ماستر «2» ، و لم يخف خلال حديثه للنصر تمسكه بهذا الطموح رغم انشغاله الكبير بالغناء.
هيبة عزيون