القرصنة و التقليد أفسدا الغناء و الشعبي استعاد مكانته
إعتبر عبد القادر شاعو تكرار المغنيين الشباب لأغاني فنانين آخرين ظاهرة سلبية تجني على مواهبهم و تجمدها . منددا بالقرصنة التي لا تزال تنخر الفن و تعرقل الإبداع .
وعاد بذاكرته إلى سنة 1968 عندما شارك في برنامج إذاعي للمنافسات الغنائية ، يشبه حصة “ ألحان وشباب “ حيث أعاب نقاد الفن عدم إمتلاك الأصوات الجديدة “ لإستقلالية “ في الصوت والأداء ، ويفضلون تقليد أصوات الفنانين الكبار إعتقادا منهم أن ذلك هو طريق النجاح . ولم ينف شاعوالدور والمنطلق الفعال الذي لعبته برامج فنية ناجحة في تطوير الأغنية الجزائرية بكل طبوعها . منها “ ألحان وشباب “ . مؤكدا بأنه هو نفسه ثمرة ذلكم البرنامج الذي سبق ألحان وشباب ، والعائد إلى سنة 1968 . كانت مشاركة ناجحة بمثابة إنطلاقة حقيقية لمسار يناهز نصف قرن من الإبداع صقله بالتكوين في المعهد الموسيقي بالعاصمة و توجيهات الشيوخ و دعمهم، عميد الشعبي عبد القادر شاعو، هو شاهد على زمن الفن الجميل ، و لا يزال متحمسا لترصيع رصيده بالمزيد من لآلي هذا الطابع الأصيل ، بكلمات و ألحان تواكب روح العصر و تطلعات و أذواق مختلف الشرائح و الفئات العمرية . قرر هذه الصائفة أن يهدي جمهوره ألبوما جديدا مليئا بالمفاجآت . عن هذا المشروع و بعض المحطات في مساره تحدث للنصر ، فقال :
النصر: هل طرحت في السوق ألبومك الغنائي الجديد الذي سبق و أن أعلنت عن جاهزيته ؟
عبد القادر شاعو : لا... لم أطرحه بعد في السوق ، رغم أنه جاهز فعلا. ستطرحه دار النشر و التوزيع التي أتعامل معها في الوقت المناسب . أعتقد بعد أسبوعين أو شهر تقريبا .
هل تحدثنا قليلا عن الأغاني التي يضمها هذا الألبوم ؟
سيكون مفاجأة لجمهوري بما يتضمنه من قصائد قديمة و أغنيات جديدة بلمساتي الخاصة ، عددها 8 أغنيات ، أعتقد.
أنت من مواليد نوفمبر 1941 بالعاصمة . و نشأت و ترعرعت بالعاصمة ، لكن جذورك قبائلية تنحدر من تيقزيرت . لماذا لم تؤد سوى أغنية واحدة بالقبائلية طيلة مسارك الفني ؟
بالفعل جذوري قبائلية و أفتخر بها . لكنني أحببت الشعبي منذ الصغر . و نشأت و ترعرعت بين أحضانه و تعلمت أصوله على يد شيوخه الكبار . وأصبح اللون الذي أبدع فيه و لازمني طوال مساري . هذا لا يعني أنني لا أحب الغناء القبائلي ،لقد قدمت سابقا أغنية قبائلية للشيخ الحسناوي . و سجلت في ألبومي الجديد الذي سيرى النور قريبا ، أغنيتين قبائليتين . الأولى ذات كلمات و ألحان جديدة أؤديها لأول مرة . و الثانية قديمة أعدت أداءها وهي أغنية “ أطير القفص” للشيخ أمقران حسيسن .
لماذا تمزج بين الطقطوقة و القصيد في ألبوماتك و حفلاتك؟
أنا لا أغني لفئة معينة . أسعى دائما للتنويع من أجل إرضاء مختلف الأذواق ، و إستقطاب كافة الشرائح . جميل أن نقدم القصائد التراثية الخالدة ، لكن لا بد من أداء أغاني خفيفة بكلمات و ألحان جديدة تحمل بصمة المطرب و روح الشعبي،
و تنال إعجاب المستمعين . أتذكر أنني تعاملت مع كبار الملحنين و كتاب الكلمات في تقديم أغاني لا يزال الجمهور يطلبها على غرار” يا لعذرا وين ماليك “ لإسطنبولي، و “ جاه ربي يا جيراني” و “ الوالدين” لمحبوباتي الذي أعتبره مدرسة حقيقية تعلمت منه و حققت معه أكبر النجاحات في مساري.
لا تزال أغنية “ الوالدين” التي أديتها مع المطربة نادية بن يوسف تتحدى الزمن و تحافظ على مكانتها في القلوب . هل أديت أغاني ثنائية أخرى بعد هذا الديو الناجح ؟
نعم...أديت مجموعة من الأغاني الشعبية مع الفنان الشاب محمد لمين عبر إذاعة البهجة ، لكنني لم أسجلها في ألبوم . ربما سأقوم بذلك لاحقا . بعد تجربتي مع نادية بن يوسف ثم محمد لمين لا أعتقد أنني سأفكر في ديوهات أخرى .
لماذا أنت شحيح في طرح الألبومات ، هل تخشى القرصنة ؟
نعم أصبحت مقلا في طرح الألبومات . منذ ثلاث سنوات تقريبا لم أطرح ألبوما جديدا... الأسباب ليست مادية أو إبداعية . أنا لازلت قادرا على العمل و العطاء الفني المميز . لكن هذا متوقف على الوسط الفني الذي أصبح معقدا . العديد من الفنانين يصعبون علينا الأمور . هم يواصلون إستغلال أغاني زملائهم لتحقيق الشهرة على حساب جهودهم بصراحة . كلنا كنا نعيد أداء أغاني فنانين سبقونا و نتدرب عليها . لكن فعلنا ذلك و نحن شباب في بداية الطريق . بعد ذلك عملنا و إجتهدنا و لم نقلد الآخرين أو نسرق جهودهم و ننسبها لأنفسنا. لقد نحتنا أسماءنا في الساحة الفنية بالعمل و المثابرة و البحث عن أسلوبنا الخاص في الأداء و الإبداع . تعلمنا من الشيوخ أصول الشعبي و أسراره و إتصلنا بكتاب كلمات و ملحنين للعمل معا . و تقديم أغاني جديدة خاصة بنا . لا زلنا نفعل ذلك دون كلل أو ملل . أود أن أقول للمغنيين الشباب: “ قد نغض البصر و نتفهم عندما نراكم و نسمعكم تعيدون أداء أغنيات الآخرين ، و أنتم في ربيعكم 20 أو 25 من العمر، لكن أن تواصلوا ذلك في سن 50 أو 60 فهذا مرفوض تماما . أخرجوا من فخ التقليد .. إجتهدوا و أبدعوا لتستحقوا أن تكونوا فنانين “.
القرصنة إلى جانب التقليد من ألد أعدائي . هي تقتل الإبداع . للأسف لاحظت عدة مرات بأنه و بمجرد تسجيل أغنية جديدة ، تجدها بسرعة في مواقع الإنترنيت و يتم تسويقها و تداولها في غفلة عن صاحبها الذي تعب في إنجازها. لهذا أصبحت أتحفظ بخصوص طرح الألبومات و أتمنى أن تتضافر جهود الجميع على مختلف المستويات للقضاء على أخطبوط القرصنة.
هل سجلت ألبومك الجديد خارج الوطن كما يفعل العديد من الفنانين ؟
توجد ببلادنا أستوديوهات ذات نوعية جيدة . ومجهزة بأحدث التجهيزات ومن آخر طراز . ولدينا موسيقيين و موزعين محترفين و فنانين مبدعين فلما أفكر في الخارج ؟ .
مارأيك في تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية ؟
لقد دعيت لحفل إفتتاح التظاهرة . و منذ ذلك التاريخ لا أحد إتصل بي . على غرار العديد من الفنانين العاصميين . هذا عكس ما حدث في تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية التي حرص المشرفون عليها على دعوتنا للمشاركة في مختلف فعالياتها من البداية إلى النهاية. ربما سيدعوني المنظمون لإحياء حفل في سبتمبر أو أكتوبر المقبل هكذا سمعت .
هل جربت أداء أغاني من طابع المالوف ؟
أديت أغنيات خفيفة من طابع المالوف على غرار”عرضوني زوج صبايا “ أما قصائد المالوف فلها شيوخها و لا أقترب منها.على فكرة لدي أصدقاء مقربين من فناني المالوف على غرار حمدي بناني و سليم و مراد الفرقاني...
رأيك في مزج المدارس الفنية الأندلسية الثلاث ببلادنا لتقديم فن أندلسي موحد و ثري و قوي يستقطب كافة الفئات العمرية و يرضي مختلف الأذواق؟
أمر جيد . أتمنى أن يتجسد ذلك و تطرح أقراص مضغوطة تضم مثل هذا الفن الأندلسي الموحد .
هل ترى بأن الطابع الشعبي لا يزال يحتل مكانته في الساحة الفنية الجزائرية؟
عدد كتاب كلمات الأغاني ذات الطابع الشعبي قليل مقارنة بالسبعينات ، الذي يمكن إعتباره العصر الذهبي للأغنية الشعبية . إلا أن هذه الأغنية إستطاعت إسترجاع مكانتها القديمة في قلوب عشاقها و لا يمكن إحياء أعراس و أفراح العاصمة دون أنغام الشعبي .
هل أنت متفائل بمستقبل هذا الطابع الفني الجزائري؟
نعم ... مهرجانات الشعبي تنظم كل عام . و برامج المنافسات على غرار مدرسة “ ألحان و شباب “ تساهم في إبراز المواهب . كما تتخرج كل عام أصوات واعدة من المعاهد الموسيقية.
لقد شاركت في برنامج “ ألحان و شباب “ في السبعينات ، هل تتذكر الأغنية التي قدمتها أمام لجنة التحكيم ؟
تلك الحصة إذاعية كانت تعرف باسم” راديو كروشي” و هخي أقدم من “ ألحان و شباب “ . شاركت فيها سنة 1968 بأغنية “ هويت غزالة “ . بعد ذلك إنضممت إلى المسرح الوطني و كان مديره آنذاك مصطفى كاتب. أعتبر أدائي لأغنية “جاه ربي يا جيراني” التي قدمها لي محبوباتي في سنة 1974 قفزة نوعية حقيقية في مساري مهدت لي الطريق إلى نجاحات أكبر.
ما رأيك في أغاني الراي ؟
قبل سنوات طويلة كانت معظم الكلمات غير نظيفة . لهذا كنت أتحفظ بشأنها.أما الآن فقد تغير الأمر . و أصبح مطربون كبار مثل خالد و مامي يركزون على إختيار كلمات نقية و معبرة . لقد نقلوا الراي إلى العالمية.
ماذا عن التمثيل ؟
لكل مجاله . لم أفكر في التمثيل . لكن قبل عامين فيما أعتقد ، إتصل بي فنان و عرض علي المشاركة في سيت كوم بدور صغير فوافقت . كانت أول تجربة ، و ربما الأخيرة .
كانت غنائية ؟
( يضحك ... ) جميعها غنائية . قمت هذا الصيف بإحياء مجموعة من الحفلات و لا تزال برزنامتي حفلات أخرى سأحييها هنا بالعاصمة و مناطق أخرى . و في شهري سبتمبر و أكتوبر، سأسافر إلى باريس لأنشط حفلات للجالية الجزائرية هناك . و سأطرح ألبومي الجديد قريبا.
حاورته:إلهام.ط