الخـــوف حـــال دون إقبــال النسـاء على الصحافـة الرياضيــة في الجزائــر
قالت الإعلامية الجزائرية المتخصصة في مجال الصحافة الرياضية أمينة بوعماري، إن المرأة فرضت نفسها اليوم، في مجال الصحافة الرياضية في العالم العربي عموما، بحيث أصبحت فاعلا مهما يصعب إلغاؤه، مرجعة قلة الصحفيات اللواتي يخترن المجال في الجزائر، إلى عامل الخوف من خوض «معركة» إثبات الذات.
حاورتها: إيمان زياري
أكدت الصحفية المغتربة للنصر، بأن سر نجاح الإعلاميين الجزائريين في الخارج، يكمن في توفر الكفاءة و المثابرة كما تحدثت عن بعض أسرار نجاح العنصر النسوي في تخصص لطالما احتكره الرجال وتطرقت لتفاصيل أخرى تخص مشوارها المهني.
معركة لإثبات الذات
النصر: أمينة عماري اسم لمع في مجال الإعلام الرياضي، من الإذاعة الوطنية، إلى قناة تلفزيونية خاصة، ثم راديو «أوريكس أف أم» بدولة قطر، لماذا الصحافة الرياضية دونا عن غيرها؟
ـ أولا أنا رياضية قبل أن أصبح صحفية رياضية، فأنا لاعبة سابقة في الفريق الوطني لكرة السلة، درست العلوم السياسية و العلاقات الدولية برغبة مني وكنت أرفض الصحافة بداية، لأنني لم أحب الجانب النظري و المنهجية بعيدا عن الممارسة، لكنها اختارتني في النهاية.
ـ لماذا لا تزال الصحافة الرياضية تستقطب الرجال عكس النساء رغم التطورات التي يشهدها العالم؟
ـ فعلا هي كذلك، ما يزال هذا المجال الصحفي إلى اليوم حكرا على الرجال ما عدا قلة قليلة، أؤكد أن بعض الرجال يظلمون المرأة التي تقتحم عالم الإعلام الرياضي و لا يعترفون بوجودها، لاعتقادهم بأن النساء لا يفهمن في هذا المجال، واجهتني الكثير من الصعوبات خلال مشواري المهني خاصة في بداياتي بالإذاعة الجزائرية، أين قابلت صحفيين رجال لم يتقبلوا وجودي إلى جانبهم و هذا ما عقد مهمتي حينها.
ـ كيف تخطيت الظرف و فرضت نفسك في هذا الميدان؟
ـ تجاوزت ذلك بالعمل و المثابرة، لأني كنت شغوفة بعملي و أسعى بكل طاقتي، و هو السر الوحيد لتألق المرأة في المجال، علما أن الأمر ينسحب على الصحفي الرياضي عموما، نحن في مجتمع ذكوري و هذا ما يجعل تغيير الذهنيات يحتاج إلى المثابرة لتخطي الصعاب بنجاح و التمكن من فرض الذات.
هكذا واجهت الغيرة المهنية
ـ بالرغم من تطور العصر و تطور التفكير لا تزال الأسماء النسوية في الصحافة الرياضية قليلة جدا في بلادنا، هل هو الخوف من المغامرة؟
ـ فعلا أظن أن الخوف هو الحاجز الأكبر أمام خوض الصحفيات لغمار التجربة الرياضية، لأنها تشبه حربا نشنها ضد الآخر، لأن مجتمعنا الذي نعيش فيه ذكوري كما ذكرت، في أوروبا مثلا، هناك جزائريات نجحن في هذا المجال الإعلامي، لأنهن مؤهلات لذلك و يتميزن بروح المثابرة و الجهاد.
كنت لأستسلم في وسط الطريق بسبب كثرة العراقيل لكني رفضت ذلك و مررت بتجارب كثيرة صعبة منها الغيرة المهنية، في فترة معينة من مساري صادفت صحفيين سرقوا تقارير أعددتها لأجل تقديم النشرة الإخبارية و قاموا بتمزيقها قبل 5 دقائق من البث، تكرر الأمر ولكنني كنت أتماسك و أخرج على المباشر بطريقة ارتجالية و بدون ورقة وهذا لشجاعتي و مثابرتي في ظل كل الظروف.
هذه عينة من الضغوطات التي واجهتني دون الخوض في تفاصيل أخرى، فالمرأة إن كانت جميلة تواجه المشاكل، و إن كانت متمرسة تواجه المشاكل و العديد من العراقيل التي يتم من خلالها الحكم عليها و التشكيك في كفاءتها في ميدان الصحافة الرياضية.
ـ من الجزائر إلى قطر، لماذا اخترت هذه الوجهة هل أغوتك تجارب صحفية معينة؟
ـ زرت الكثير من البلدان قبل قطر، وذلك في إطار تغطيات إعلامية أو في إطار السياحة، لكن اختياري لدولة قطر من أجل العمل و مواصلة مشواري جاء آليا بحكم التخصص، ربما لأنها كانت آنذاك الوجهة الإعلامية الأولى و مقر «بي إن سبورتس» أكبر قناة رياضية في الوطن العربي.
لهذا نتميز في الخارج
ـ تميز كبير يصنعه الصحافيون الجزائريون و الصحافيات الجزائريات في الخارج، ما السر برأيك؟
ـ يكمن السر في الإمكانيات التي تمنح للصحفي
و التي قد لا تتاح للجميع محليا، لا أنكر فضل بلدي علي خاصة ما تعلق بتعليمي و تكويني في ميدان الصحافة، لكن الإمكانيات و الامتيازات توجد بشكل أكبر في الكثير من الدول الأجنبية و هذا ما يزيد من تألق و نجاح الأسماء التي تغادر للعمل هناك.
ـ لماذا فضلت الميكروفون على الشاشة رغم تجربتك في المجالين؟
ـ عملت في التلفزيون تزامنا مع عملي في الإذاعة الوطنية، و للتجربتين أثر كبير في قلبي، الشاشة والميكروفون شغف كبير بالنسبة لي أحبهما معا.
ـ هل أثر العمل في مجال الصحافة الرياضية و الهجرة على حياتك الخاصة و كيف تعاملت مع الأمر؟
ـ بالطبع حياتنا الخاصة تتأثر بطبيعة العمل و حتى بسبب الانتقال من بلد إلى آخر، في البداية نواجه الصعوبات و العراقيل قبل أن نتأقلم بعد كثير من المثابرة، وأعتقد أنها ضريبة التغيير و النجاح يتطلب التضحية والصبر.
ـ كيف تنظرين إلى مستقبل الصحافة الرياضية النسوية محليا و حتى عربيا، و هل ستتحرر يوما ما من النظرة الضيقة؟
ـ أعتقد أن المرأة في الصحافة الرياضية حققت نقلة نوعية على عكس السابق، فالصحفية في هذا الميدان كانت مجهرية الحضور، وقد كنا قليلات
و لا يتجاوز عددنا 5 أو 6 صحفيات في الجزائر قاطبة. أعتقد اليوم أن النساء فرضن أنفسهن كصحفيات
و كإعلاميات ذوات خبرة و تأثير في المشهد الإعلامي العربي عموما.
ـ ما هي النصيحة التي تقديمنها لكل شابة تطمح لأن تكون صحفية رياضية؟
ـ أول شيء أنصح به كل شابة تريد أن تصبح صحفية رياضية متخصصة، هو أن تمارس الرياضة سواء كانت فردية أو جماعية لأن الحديث إلى رياضي أو محاولة فهمه ليس أمرا سهلا، فإن لم تكوني قد مارست الرياضية و عايشت الظروف التي يعيشها أثناء تدريبه ستكون الأسئلة دون المستوى، لأن معظم الصحفيين الرياضيين مارسوا الرياضة أو على الأقل لعبوا وسط أحيائهم و تعرفوا على خصوصيات المجال. ثانيا لا بد من متابعة الأخبار و المباريات وقراءة الحوارات و السؤال عند الحاجة، و الإطلاع على كل ما له علاقة بالرياضة، هذا ما أعتقد أنه كفيل بصنع صحفيات ناجحات و مميزات قادرات على المنافسة أو التألق على غرار الصحفيين الرجال.
الفصاحة وإتقان اللغات علامة تميز الصحفي الجزائري
ـ بعد تجربة مهنية عمرها عشر سنوات في الغربة، كيف يُنظر للإعلاميات الجزائريات في الخارج و هل فعلا يصنعن التميز؟
ـ الإعلاميات الجزائريات في قطر على الأقل، يتمتعن بالكثير و الكثير من الاحترام، في الحقيقة بغض النظر عن كونك رجل أو امرأة أو صحفية أو غير ذلك ، مجرد كونك جزائري يمنحك هنا احترام و تقدير الكثيرين، فنحن شعب محترم و بمستوى عال، لأن لدينا مبادئ إلى جانب فصاحتنا كمهنيين في اللغة العربية و إتقان الفرنسية أو الإنجليزية مقارنة بجيراننا و أشقائنا العرب، و هذا أمر متفق عليه دوليا و ليس عربيا فقط.
ـ ما رأيك في الانفتاح الإعلامي الجزائري و ما تقييمك للمشهد الإعلامي عموما؟
ـ التعدد جيد شريطة أن يكون نوعيا، وهو معيار نفتقر إليه حاليا، لا أرى بأن كل إعلامنا اليوم مؤثر و قادر على التغيير، أو حتى يعمل على نقل المعلومة كما هي، قليل فقط من القنوات التي شرعت في العمل بعد مغادرتي للجزائر مؤثرة، أما البقية فلا أعتقد أنها قدمت الإضافة المطلوبة.
ـ هل تفضلين الاستقرار الدائم في الخارج أم ستعودين إلى الجزائر؟
ـ لا يمكنني الفصل في هذا الموضوع حاليا، لا أفكر الآن في الأمور المستقبلية خاصة ما يتعلق بالاستقرار الدائم في الخارج أو اختيار وجهة ثانية.
إ.ز