عزوف الجمهور عن المسرح ظاهرة تحتاج إلى دراسة
اعتبر الممثل و المخرج المسرحي حسن بن عزيز بأن ملامح مسرح الطفل باتت أكثر وضوحا في السنوات الأخيرة، بعدما كانت منحصرة في عروض وصفها بالتهريجية.محدثنا قال للنصر بأن المسرح لا يدر ربحا و لا يمنح الشهرة، بل يفرض التضحية و الصبر، و هو ما يجعل أكثر مقتحميه أشخاص ينتمون لأسر فنية حسبه، مؤكدا بأن الممثلين الأطفال عادة ما يختارون هذا المجال بتشجيع من آبائهم المسرحيين.مخرج «قزمان»و «4 في4»برّر غياب البراءة عن الأعمال التي يكون أبطالها أطفالا صغارا و استبدالهم بممثلين بالغين، بعدم تفرّغ الأطفال للعمل المسرحي و العروض التي قد تتصادف و أيام الدراسة، مؤكدا بأن الاستثمار في الممثلين الصغار، يفرض فترة عرض محددة، و هذا لا يساعدهم كمنتجين ومخرجين. المخرج تطرّق أيضا إلى واقع المسرح و ظاهرة تقديم عروض في مسارح شبه خاوية، متوقفا عند مواقف عاشوها و اضطرتهم لإلغاء العرض بسبب غياب الجمهور، و أمور أخرى تقرأونها في هذا الحوار.
حاورته مريم بحشاشي
• النصر: عادت مسرحية «4 في 4»للعرض مع الدخول الفني الجديد، حدثنا عن العمل و مدى توقعكم لاستقطاب الجمهور الصغير و نحن في بداية السنة الدراسية؟
- المخرج حسن بن عزيز: العمل من إنتاج مسرح قسنطينة و هي من تأليف نبيل سعدان و إخراجي و هي تعالج السلوكات السلبية للأطفال و مرحلة الطيش التي قد يمر بها و تأثيرها على مستقبله إذا هو لم يتدارك الأمور، هذا ما ركز عليه النص من خلال فطنة و ذكاء الجد الذي لم يتوان في تقديم دروس في الحياة لحفيده على طريقته التي تؤتي في النهاية ثمارها و تساهم في تغيّر الطفل إلى الأفضل و تخلصه من عاداته السيئة في استعمال الكلام النابي و ابتعاده عن رفاق السوء، كما تحاول المسرحية تعليم الطفل شؤون الحياة من خلال تتبع مغامرات بطل المسرحية، و باقي الشخصيات كالعاصفة و الحكيم، و أنيس و المخرج و المهرّج.
• العديد من العروض باتت تقدم بمسارح شبه خاوية و مع هذا يستمر تكثيف عروض مسرح الطفل، على مدار السنة، ما رأيك في ذلك؟
- لابد من خلق ثقافة المسرح و تعويد الطفل على متابعة أخبار الفن الرابع، حتى و إن لم يتسن له متابعتها في البداية، لكن الأمر سيدخل ضمن ثقافته اليومية و هذا كفيل باستعادة مكانة المسرح في العائلة و غرس حبه في الطفل و الشاب.
و الفنان المؤمن بعمله و فنه لا ييأس و يستمر في تجسيد رسالته إلى آخر رمق فيه، أما عن تقديم عروض مسرحية أمام جمهور محتشم أو شبه معدوم، فالسبب يعود بالدرجة الأولى لنقص الإعلام، لأننا لم نصل بعد إلى مستوى الترويج الفني لأعمالنا مهما كانت قيمتها الفنية، و الإعلان عن موعد العرض في آخر لحظة، يؤدي عادة إلى مرور العمل مرور الكرام.
عدد الممثلين أكبر من عدد الجمهور
• هل حدث و أن ألغيتم عرضكم بسبب ذلك؟
- لم نفعل ذلك مع جمهور الصغار، مهما كان العدد محدودا، لكننا اضطررنا مع البالغين، خاصة و أن القانون يسمح لنا بإلغاء العرض إذا كان عدد الجمهور أقل من عدد الممثلين و هذا حدث معنا في إحدى العروض حيث تجاوز عدد الكوميديين العشرين، فيما لم يتعد جمهور القاعة العشرة، و لسنا الوحيدين الذين عاشوا مواقف مؤسفة كهاته، بل الأمر تحوّل إلى ظاهرة تحتاج للدراسة و البحث عن الأسباب الحقيقية وراء ذلك، خاصة في ظل تزايد اهتمام الشباب بالفنون و بشكل خاص بالفن الرابع.
• هل ترى بأن مسرح الطفل أحرز تطوّرا مقارنة بالماضي؟
- طبعا في رأيي ملامح مسرح الطفل لم ترتسم إلا في السنوات الأخيرة، و كل ما كان يعرض من قبل مجرّد عروض تهريجية، تفتقر لمقومات المسرح، أما اليوم فهي تقوم على نص مسرحي فيه حبكة و خصوصية، و أتذكر الصدى الذي حققته مسرحية «قزمان» من تأليف عيسى رادف و مرواني نورالدين و التي أشرفت على إخراجها سنة 1997، ليس عند جمهور الأطفال فحسب بل حتى عند البالغين و الدليل أن عرضها استمر حوالي 10سنوات، رغم بساطة الإمكانيات التي عملنا بها و الظروف الصعبة التي عايشناها خلال العشرية السوداء استطعنا الصمود و قد يكون هذا سر تمسكنا بهذه المسرحية و إعادة بعثها من جديد و الحمد لله تحرز في كل مرة نسبة متابعة مهمة و هو ما يعكس نجاحها.
الفن الرابع لا يدر ربحا و لا يهب الشهرة
• هناك اهتمام متزايد للأطفال لخوض تجربة التمثيل، من خلال خبرتكم الخاصة، هل الآباء يشجعون أبناءهم على ذلك بدافع حب الفن أم بدافع الشهرة و المال؟
- في رأيي يبقى الفن الرابع من الفنون التي لا تدر ربحا على ممتهنيها، و من يختار هذا المجال يبدي استعدادا للتضحية حبا و وفاء للخشبة، لذا فإن أغلب الممثلين من فئة الأطفال يختارونه إعجابا و اقتداء بأحد أفراد العائلة الفنية و غالبا ما يكون إما الأب أو الأخ، أما الباحثون عن الشهرة فيختارون التلفزيون، لكن المسرح يفرض الإرادة و الصبر لتحمل الظروف التي يعيشها هذا الفن.
• أهم تجربة استفدت منها و شعرت بأنها أضافت لك الكثير في مشوارك الفني؟
- صراحة اعتبر تجربتي مع المخرج محمد الطيب دهيمي في مسرحية «دف القول و البندير»منعرجا مهما في حياتي المسرحية، لأنني عشت تجربة المسرح البريختي بكل أبعاده، حيث كان المسرح بكواليسه وجها لوجه مع الجمهور، غيرنا ملابسنا و تقمصنا شخصيات مركبة و انتقلنا من دور إلى دور على المباشر دون مغادرة الخشبة و تشاركنا لحظات الدهشة و الضحك و الحزن مع الجمهور ثانية بثانية و كان ذلك ممتعا و أفادني كثيرا ، بل أثر فيا بشكل واضح.
• أكثـر العروض التي بقيت راسخة في ذهنك؟
- لا تعد و لا تحصى، فكل عرض بمثابة درس في الحياة، لكن إذا حصرت سؤالك في العروض التي احتضنها مسرح قسنطينة، فسوف أقول دون ترّدد مسرحية للمخرج العراقي جواد الأسدي و كانت بطلاتها نساء، للأسف أجد صعوبة في تذكر العنوان، لكن المسرحية كانت غاية في الحبكة الدرامية.
• ماذا عن مشاركاتكم في الخارج ؟
-شاركنا في مصر بالمهرجان العالمي للمسرح التجريبي حيث حاز عنتر هلال على جائزة مهمة، كما تحصلنا على جائزة أفضل سينوغرافيا عن مسرحية «دف القول و البندير» في مسابقة شاركت فيها عشرات الفرق المحترفة من مختلف دول العالم و نفس الشيء مع مسرحية «ديوان العجب» و غيرها من الأعمال التي مرت مرور الكرام ببلادنا و كأنها أعمال عادية.
• حدثنا عن مظهرك و بشكل خاص شاربك على الطريقة العثمانية، و إلى أي مدى منحك أو حرمك حظ الفوز بعروض عمل؟
- أبدا لم يقف شاربي عائقا في طريقي كممثل مسرحي، لأنني كممثل محترف لا أترّدد في حلقه عندما أشعر بأنه قد يؤثر على الدور الذي سأتقمصه ، مثلما حدث في مسرحية سابقة تقمصت فيها شخصية القائد الروماني سيبيون.
• هل من مشروع جديد في الأفق؟
- نعم هناك عمل مسرحي من إنتاج مسرح قسنطينة، لكن لا يمكنني الحديث عنه الآن.