نردّ بحقائق على أكاذيب المغرب حول قضيتنا و الجزائر
يتحدث مدير إذاعة السمارة الجهوية بالصحراء الغربية عبد الله الرقيبي في هذا الحوار الذي خص به النصر بمقر الإذاعة عن الإمكانيات البسيطة التي تتوفر عليها هذه الإذاعة، وكيف استطاعت رغم ذلك أن تواكب العصر، كما تحدث عن طبيعة البرامج التي تبثها هذه الإذاعة ومدى تفاعل المواطنين الصحراويين معها، إلى جانب الأساليب التي تستعملها هذه الإذاعة للرد على أكاذيب المغرب والدعاية التي يمارسها لضرب القضية الصحراوية وتشويه سمعة الجزائر.
حاوره: نورالدين-ع
النصر : في البداية حدثنا عن مسيرتك الإعلامية
الرقيبي: أنا من مواليد مخيمات اللاجئين الصحراويين في بدايات تنقلهم من الأراضي المحتلة إلى المخيمات، مسيرتي التعليمية كانت كلها بالجزائر الشقيقة، بداية من المتوسط والثانوي والمرحلة الجامعية، بحيث تخرجت من جامعة قسنطينة، أما عن بداية مسيرتي الإعلامية فكانت بإذاعة السمارة الجهوية في سنة 2003، ومنذ06أشهر وأنا اشغل منصب مدير لهذه الإذاعة، كما شغلت قبل ذلك عدة مناصب بداية من صحفي عادي ثم مدير للبرامج، وبعدها مديرا للتحرير قبل أن أعين في منصب مدير للإذاعة.
هناك أشياء خطيرة حدثت إبان الإحتلال لم يسلط عليها الضوء
النصر: قبل أن نعود للحديث عن نشاطكم بإذاعة السمارة، حدثنا عن معاناتك ومعاناة الصحراويين مع المغرب المحتل؟
الرقيبي: إبان الاحتلال المغربي والقصف الذي تعرض له الصحراويون، هناك عائلات عديدة افترقت عن أهلها، تصور أن يفترق الزوج عن زوجته وأبنائه، ويفترق الابن عن إخوته ووالديه، وتفترق الأم عن أبنائها، بحيث حدثت أشياء كثيرة إبان الاحتلال لم يسلط عليها الإعلام الضوء الكافي إلى اليوم، لقد كانت مأساة حقيقية، وكنت أنا شخصيا من بين الصحراويين الذين تعرضوا لهذه المأساة، لكن لم أكن الوحيد بل كنت من ضمن الكثيرين، وتصور مثلا قبل أن تبدأ رحلات تبادل الثقة التي تقوم بها الأمم المتحدة بين العائلات بمخيمات اللاجئين والأراضي المحتلة، هناك عائلات ما يقارب35 سنة لم تر أهلها، وهناك من مات أفراد من أهله ولم يحضر جنازتهم، كما أن هناك من لا يزال إلى اليوم غير قادر على الوصول إلى العائلة ، وهذا يتعلق بالجانب الإنساني فقط، دون أن ننسى أيضا الجانب الآخر، بحيث العديد من الصحراويين تركوا أراضيهم وأرزاقهم وممتلكاتهم التي استولى عليهم المستوطنون ونهبوها، و بالتالي كل الذي حدث يبقى مأساة حقيقية عند الصحراويين، ورغم ما نعرفه اليوم من تحسن مع التطور التكنولوجي الحديث وانتشار الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي سمحت لنا بالتواصل مع أهلنا في الأراضي المحتلة، لكن تبقى حسرة اللقاء موجودة دائما في قلوبنا ونتمنى أن يكون اللقاء سريعا مع أهالينا، أما أنا شخصيا فكنت من ضمن الناس الذين خرجوا من الأراضي المحتلة، بحيث كان ذلك في سنة 1978، بحيث خرجت صغيرا مع خالتي التي افترقت مع عائلتي ووالدي، وبالتالي لم أشاهد أهلي إلا بعد 32 سنة، وذلك في سنة 2010، وبعد هذا التاريخ التقينا مرات أخرى بموريتانيا، بحيث أنا من بين الصحفيين المحكوم عليهم بعدم زيارة الأراضي المحتلة، ولهذا التقيت بأهلي في موريتانيا فقط، كما أن التواصل اليوم سهل عن طريق الانترنت، بحيث لدي اتصال شبه يومي مع أهلي بهذه المناطق، لكن ورغم كل ذلك أتمنى أن ترجع الصحراء الغربية حرة مستقلة معززة، حتى تكتمل الفرحة وسط وجود الأهل.
النصر: نعود إلى المجال الإعلامي، هل الإمكانيات متوفرة لديكم في إذاعة السمارة الجهوية لممارسة نشاطكم كما ينبغي؟
الرقيبي: الإمكانيات متواضعة جدا، لكن رغم ذلك نحاول أن نواكب الوقت والمسيرة، ونتأقلم مع هذه الظروف ونتطلع نحو الأفضل.
عائلات لم تلتق بالأهل منذ 35 سنة
النصر: ما هي طبيعة البرامج التي تبثها إذاعتكم؟
الرقيبي: طبيعة البرامج متنوعة لها عدة أقطاب سياسية، ثقافية، اجتماعية، دينية، ترفيهية، برامج خاصة بالأطفال، وبذلك فهي برامج كثيرة ومتنوعة، وبعضها يسلم للإذاعة الوطنية كالبرامج السياسية والتفاعلية مع المواطنين، كما أن هذه البرامج تمتاز بمتابعة واسعة من طرف المواطنين في ولاية السمارة، خاصة البرامج التفاعلية منها كتلك البرامج المتعلقة بالصحة، التعليم، الشباب، قضايا العصر، المخدرات، الأسرة وغيرها، إلى جانب برامج تخص الطفولة والعائلة، بالإضافة إلى برامج أخرى تتعلق بالتراث والثقافة والبرامج الدينية وغيرها، وبذلك فإن نشاطنا منصب أكثر على الإعلام الجواري.
النصر: إلى أي مدى ساهمت هذه البرامج الإذاعية خاصة السياسية منها في بث الوعي و تحسيس المواطنين بالقضية الصحراوية؟
الرقيبي: المواضيع السياسية هامة جدا، بحكم أن وجودنا هو وجود سياسي، ونعيش أحداثا يومية متسارعة، والمواضيع التي نعالجها تتعلق بعدة برامج منها برنامج «حدث وحديث» الذي يسلط الضوء على قضية معينة تحدث في ذلك الأسبوع تتعلق بالقضية الوطنية، ويفتح في هذا البرنامج المجال للمواطنين للتفاعل عن طريق الهاتف والتسجيلات الخارجية، كما نستضيف في هذا البرنامج ضيوفا متميزين لتقديم وجهات نظرهم، وفي نفس الإطار يوجد برنامج آخر يطلق عليه» حوار خاص» مع المسيرين في الولاية، نتحدث فيه عن التطورات الأخيرة في القضية الوطنية، وفي الحقيقة هناك تفاعل كبير من طرف المواطنين والجماهير مع هذه البرامج
النصر: كثيرا ما يلجأ المغرب إلى بث أكاذيب عبر وسائل الإعلام المختلفة التي يمتلكها من أجل ضرب القضية الصحراوية، وتشويه سمعة الجزائر التي يعتبرها دائما طرفا في هذا النزاع، هل إذاعة السمارة الجهوية تمارس أساليب الدعاية المضادة للرد على هذه الأكاذيب المغربية؟
الكثير من الدول التي تدعي الديموقراطية أدارت لنا ظهرها
الرقيبي: نحن ندرك جيدا مسعى المغرب لجر الجزائر إلى هذا الصراع، كما يكرر المغرب دائما اسطوانات على أن لديه محتجزين، والصحراويين أناس ليست لديهم شرعية، ولهذا فإن الرد على هذه الأكاذيب يعد أولوية لدينا في الإذاعة الجهوية، بحيث نقوم بمواجهة هذه الدعاية بحقائق موجودة في أرض الواقع ونثبت بأن الشعب الصحراوي شعب موحد، وبأن الجزائر هي دولة شقيقة، والفضل في وجودنا وفي ما وصلنا إليه اليوم هو أن الجزائر تبقى عنوانا وحاضرة في هذا المجال، لأن في الزمن الماضي العالم أدار ظهره لنا خاصة في السبعينيات، بحيث الكثير من الدول التي تدعي الدفاع عن الشعوب لم تلتفت إلينا رغم مناجاة الصحراويين الذين كانوا يتعرضون في تلك الفترة للقصف والقتل والتشريد والرمي من الطائرات وغيرها، ولم نجد في هذه الظروف سوى الجزائر التي وقفت إلى جانبنا، وبالتالي الجزائر تبقى في قلوبنا، وربما من الأشياء الموجودة والقوية عندنا هي أن الجزائر تبقى واحدة من المسلمات عندنا ومن الأولويات، وتبقى كالعلم والنشيد، والجزائر لا يمكن أن نتحدث عنها إلا بالخير، وهناك إجماع لدى الصحراويين على أن الجزائر هي الصديق والشريك والشقيق، ونحن دائما في الإذاعة الجهوية بالسمارة نقف لهذه الدعاية المحاكة ضد الجزائر من طرف المغرب الذي لن يستطيع تحقيق مآربه.
الجزائر عندنا كالعلم والنشيد الوطني
النصر: احتفل العالم والصحراويون منذ أيام ، بالذكرى 41لإعلان ميلاد الجمهورية العربية الصحراوية، كيف تعاملتم إعلاميا مع هذه المناسبة؟
الرقيبي: هذا الحدث سنوي واستثنائي، والاحتفال هذا العام كان ذو شجون بسبب رحيل الرئيس محمد عبد العزيز الذي كان موجودا معنا السنة الماضية وشارك معنا الحدث، وهذا العام هو غير موجود ولعل هذا التغير من الأشياء التي تمثل الحسرة لدى كل الصحراويين، وبالمقابل هناك إبراهيم غالي الرئيس الجديد الذي يشارك لأول مرة كرئيس في هذه الاحتفالات، نحن نخلد هذه الذكرى وهذا الحدث التاريخي والمفصلي، والصحراويون يعطوه قيمة كبيرة لأنه بإعلان ميلاد الجمهورية الصحراوية وانضمامنا للإتحاد الإفريقي وباعتراف بعض الدول الإفريقية وأمريكا اللاتينية بالجمهورية العربية الصحراوية، أصبحت دولتنا حقيقة لا رجعة فيها، وتعتبر كل هذه الأحداث من الأمور التي نعطيها الأولوية في برامجنا، ونظهر كيف أن ميلاد الجمهورية الصحراوية تم في ظروف صعبة وقاهرة، ورغم ذلك استطاعت أن تصمد، وحققت عدة مكاسب منها حرية المرأة، حرية الكلمة، حقوق الإنسان، التعليم، بحيث أن نسبة الأمية شبه منعدمة اليوم، وكل هذه الأمور نعطيها حقها، وقد أصبحت هذه التجربة الإعلامية نموذجا يقتدى به واليوم ننتظر النصر لتجسيد ذلك.
ن-ع