صورة الجنوب في إعلامنا سطحية وفلكلورية
تتحدث الإعلامية حياة عمور، نجمة محطة و رقلة الجهوية و صوت الجنوب الجزائري الكبير و صورته المشرقة في التلفزيون الجزائري العمومي، في هذا الحوار الذي خصت به النصر، عن صورة الجنوب في إعلامنا، و عن ثنائية السياسة و الثقافة في حياة الصحفيين الجزائريين، كما تسرد تفاصيل قصة نجاح ابنة الصحراء في الشمال، و كيف استطاعت أن تصنع لنفسها اسما يقارنه البعض اليوم باسم الأسطورة الأمريكية أوبرا وينفري، كما تتطرق محدثتنا إلى جوانب تخص تجربة الإعلام السياحي و الصحافة الخاصة في الجزائر.
ـ النصر: حياة عمور قد تكون اليوم قدوة و إيقونة نجاح بالنسبة للكثير من طالبات الإعلام في الجنوب، كيف صنعت لنفسك اسما لامعا؟
ـ حياة عمور: انطلاقتي الإعلامية كانت من إذاعة الجزائر من ورقلة عبر أمواج القناة الثانية الناطقة بالأمازيغية، هذه المؤسسة التي أكن لها كل الاحترام والتقدير و كذا للعاملين فيها، باعتبارها مؤسسة عريقة لها تقاليدها ولها رجالها ونساءها، الذين منحوني كل الرعاية والمرافقة ،خاصة خلال خطواتي الأولى، أذكر على وجه الخصوص الأستاذ القدير والمحترم والمدرسة خليفة بن قارة ،الذي كان لي الشرف أن تعلمت أبجديات العمل على يديه، طريقي نحو النجاح مر أيضا بمدينة غرداية، مسقط رأس الشاعر الكبير مفدي زكريا، وهي مدينة تحظى بمكانة خاصة في قلبي بكل تفاصيلها الاجتماعية والثقافية والسياحية، حيث أعتبر نفسي محظوظة جدا ،لأنني كنت بين الإعلاميين الذين أشرفوا على ميلاد إذاعتها الجهوية.
بعد ذلك انتقلت إلى مدينتي ومسقط رأسي ورقلة، أين عملت في التنشيط بإذاعة الواحات، و ساهمت في إعداد و تقديم البرامج للشبكة الإذاعية الإخبارية أو الإنتاجية، وبالرغم من الحب الكبير الذي أكنه للإذاعة الأم، إلا أن طموحي كان أكبر، ما دفعني للبحث عن مجالات أوسع لأحقق انجازات أكبر، وبالفعل أتيحت لي الفرصة سنة 2005، عندما تم اختياري لتقديم الليلة الثانية للفنك الذهبي عبر شاشة التلفزيون الجزائري، حيث اقترح اسمي من قبل رجال الإعلام في الإذاعة الوطنية، وفي مقدمتهم الأستاذ والوزير وسعادة السفير والمدير الأسبق للمؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري حمراوى حبيب شوقي، وكانت تلك أول مرة أواجه فيها الكاميرا وعلى المباشر ، وبشهادة الجميع وعلى رأسهم السيد المدير العام، اتفقت الآراء على أن تلك الليلة كانت من بين أحسن ليالي التقديم المباشر، رغم أن من سبقوني في تنشيط الليالي السابقة، يفوقونني خبرة، وهو النجاح الذي فتح لي أبواب الظهور عبر العديد من البرامج التي أعددتها و قدمتها للتلفزيون الجزائري لاحقا من محطة ورقلة الجهوية، على غرار برنامج « مرحب»، الذي يسمى اليوم»هذي بلادي»، وهي حصة تروج للسياحة الصحراوية، بالإضافة إلى برنامج «الكانون» الذي كان فكرتي منذ البداية، وقد أشرفت شخصيا على تقديمه وإعداده.
أذكر أيضا برنامج « ألوان من الواحات « و «سهرات الجنوب وترا.. ترانيم»، هذا بالإضافة لعملي في تغطية ومتابعة كل الأحداث التي تعرفها ولايات الجنوب الشرقي، وتقديمي لأخبار الظهيرة، و لفقرات ضمن برنامج «صباح الخير»، وتغطيتي للأعياد والمناسبات الوطنية والدينية.
ـ البعض يشبهونك اليوم بنجمة البرامج الحوارية الأمريكية أوبرا وينفري، هل السبب في اعتقادك هو كونك صدى الجنوب في الشمال، أم أن تركيزك على الجانب الاجتماعي و تميزك في البرامج الحوارية خلق المقارنة ؟
ـ لا أعتقد أن هناك شبها بيني وبين أوبرا وينفري، وهي مقارنة لا تستقيم من كل النواحي ،وأنا سعيدة جدا بكوني حياة عمور الجزائرية الأمازيغية حفيدة الشهداء والشهيدات، تلك المرأة حققت شهرتها في عالمها الخاص جدا البعيد عنا ،لذلك لا أريد أن أقارن بأوبرا وينفرى أو بغيرها، أما إذا كان المقصود اللون ، فهناك الكثيرات في العالم ممن أشترك وأتقاسم معهن اللون.
ـ بالحديث عن الجنوب دائما، هل تعتقدين أنه يحظى بحقه من التغطية إعلاميا، أم أن هناك قضايا وجوانب حياة لا تزال مغيبة؟
ـ الجنوب في الإعلام حقيقة لم ينل حظه بعد ، وتبقى المعالجة الإعلامية في أغلب الوسائل سطحية أو قولي فلكلورية، ومن دون شك تنقص الكثير من حظوظ أبناء الجنوب ومنطقة الجنوب وكل المدن الداخلية عموما، في التعبير عن انشغالاتهم التنموية و تقديم أنفسهم للآخر بصورة أفضل، لذا أعتقد بأن مراجعة وسائل الإعلام لطريقة معالجتها لقضايا الجنوب والمدن الداخلية بصفة عامة، باتت أكثر من ضرورية.
ـ خلال الانتخابات البرلمانية السابقة شاهدنا وجوها إعلامية عديدة تخوض التجربة السياسية و نحن اليوم نستعد لموعد انتخابي جديد ، فهل تلقيت عرضا من أية جهة حزبية سابقا أو حاليا لخوض معترك السياسة؟
ـ أعتقد أن الاستحقاقات المحلية موعد سياسي هام ولا شك أن هذه المواعيد هي حلقات مهمة في سلسلة البناء الديمقراطي لبلادنا ،إلا أنني أعرف إمكانياتي وطاقاتي، لذلك فإنني أكرس كل جهدي لعملي ورسالتي الإعلامية التي أراها لا تقل أهمية عن العمل السياسي وربما أكثر.
ـ اليوم ينتقد كثيرون التلفزيون الجزائري بحجة أن القنوات الوطنية لم تطور نفسها، هل تعتقدين أن السبب هو الانفتاح الإعلامي و القنوات الخاصة التي قدمت بديلا جديدا، وفرضت تعاطيات مختلفة مع المعلومة و طرق معالجة الخبر؟
ـ لا يختلف اثنان على أن المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري تعد المدرسة الأعرق والأقدر بكل المقاييس في ميدان السمعي البصري، والتلفزيون له من الخبرة و من الرجال والنساء والإطارات، ما يجعله بعيدا عن أن ينافس من قبل مؤسسات حديثة العهد و الانطلاقة ، إلا أن هذا لا يعني أن التلفزيون العمومي لا يحضر نفسه للمنافسة، بشرط أن تكون منافسة مبنية على المهنية والموضوعية.
شخصيا أنا سعيدة جدا بهذا التنوع الذي تشهده الساحة الإعلامية في الجزائر، لكن أتمنى أن يفضي هذا التنوع إلى خدمة إعلامية راقية و يرفع مستوى الأداء الإعلامي، فالتعددية قد تصبح لا حدث، إذا لم تحقق الرسالة الإعلامية المرجوة منها.
ـ كيف تقيمين تجربة الإعلام الخاص في بلادنا و هل سبق وأن تلقيت عروضا للعمل في الخارج؟
ـ من السابق لأوانه الحكم على تجربة الإعلام الخاص في بلادنا، لأنها حديثة النشأة، وكإعلامية أعتقد بأن الصحافة الخاصة في الجزائر تسير في طور التكيف مع الانفتاح، سواء تعلق الأمر بالتلفزيون أو جريدة ورقية أو إذاعة مسموعة، لذلك لا ألزم نفسي بإصدار أحكام مسبقة من أي نوع.
ـ الإعلام السياحي في بلادنا هل هو مجرد مشروع مؤجل، و ما الذي يتطلبه الأمر ليتحقق بنجاح؟
ـ فعلا إنعاش القطاع السياحي والترويج له يحتاج إلى كل القطاعات من بينها قطاع الإعلام الذي يشرف عليه مختصون في الميدان، لأن عمل الهواة لا مكان له في عالمنا اليوم، فتأثير الصورة بليغ لذا يستوجب التعامل معها بتوفر شرطي الدقة و الاحترافية و هو عمل لا يمكن أن يقوم به هواة، ونحن قارة بواحاتها ورمالها وصحرائها و جبالها وساحلها و بلوحات عالمية منفردة وهبها المولى للجزائر ، لذلك فإنني أؤمن بأن قطاع السياحة إذا ما تكفل محترفون و مختصون بالترويج له ، فإنه يستطيع فعلا أن يكون قطاعا جالبا للثروة وبديلا حقيقيا للنفط.
ـ أنت من الإعلاميات اللائي أفردن مساحات واسعة لخدمة التراث والثقافة، وكنت من مؤسسي مهرجان ثقافي دولي ناجح بوادي سوف ،حدثينا عن التجربة، وهل تعتقدين بأنه يتوجب على الصحفي الخروج من دائرة الإعلام الضيقة و الخوض أكثـر في الحياة الاجتماعية لمنطقته خدمة للتنمية المحلية؟
ـ للتوضيح فقط أنا لست من مؤسسي المهرجان، فهو تظاهرة تشرف عليها وزارة الثقافة، وبالمناسبة دعيني عبر جريدتكم أحيي صاحب الفضل في نجاح هذه الفعالية الدولية الأولى في الجنوب الجزائري معالي وزير السياحة والصناعة التقليدية الدكتور حسن مرموري ،الذي كان حينها مديرا للثقافة لولاية وادي سوف ومحافظا للمهرجان ، فيما كنت أنا مكلفة بالإعلام وهي تجربة أغنتني كثيرا، أغنت تجربتي لأنها سمحت لي بالتقرب أكثر من بعض الفنانين من شتى دول العالم والتعرف على الشعوب وثقافاتها وفنها وإنسانيتها وحضاراتها من خلال فنهم، و لا يفوتني بالمناسبة أن أحيي جمهور الوادي المتذوق لكل الطبوع و الذي كان سندا قويا لنجاح التظاهرة.
ـ ماذا عن حياة عمور الكاتبة و عاشقة القلم، هل سنقرأ لك رواية أو ديوانا شعريا في القريب؟
ـ نعم قريبا ديوان «سيدة المسافااات « هي تجربة قلم ،أتمنى فقط أن أوفق فيها و أنجح فعليا في إصدار الكتاب، كما أخطط له.
في الأخير أقول للجزائريين صونوا أمانة الشهداء بالحفاظ على وطننا الجزائر، لأننا مستهدفون من أعدائها والله يحمي الجزائر وشعبها وعيون البواسل الساهرة على حماية حدودنا.
حاورتها: هدى طابي