اللغة ليـست ملكــا لفرد أو جماعــة ونريد الأمازيغيـة جزائريــة لا شرقيــة و لا غربيـة
أكد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية الدكتور صالح بلعيد ، أن اللغة العربية و الأمازيغية متكاملتان لعدة اعتبارات، حيث أنهما انبثقتا كلتاهما من شجرة لغات تسمى اللغات السامية الحامية، أضف إلى ذلك أن الخصائص اللغوية جد متقاربة، وقال في حوار مع النصر، إن الأمازيغية والعربية يصعب الفصل بينهما و لكل لغة وظيفة وقد تعامل الأجداد بهاتين اللغتين في تصاهر تام دون حرب اللغات وأوضح بخصوص كتابة الأمازيغية بأنه يجب أن نترك المختصين يفتون في هذه المسألة دون أن نلتجئ إلى التهييج أو إثارة بعض القلاقل ، وقال «إن اللغة ليست ملكا لفرد هي ملك للجماعة وأن الجماعة اللغوية هي التي تفتي في المسألة للجزائر، فإذا أردنا أن تكون الأمازيغية لغة الجزائريين فارمي بها للجزائريين فهم ينتصرون للحرف العربي».
أجرى الحوار : مراد - ح
النصر : قرار تكريس يناير عيدا وطنيا رسميا وإنشاء أكاديمية للغة الأمازيغية لقي الإشادة والترحيب في المجتمع والطبقة السياسية، ماذا تقولون في هذا الشأن؟
صالح بلعيد: يناير هو العيد الوطني الجزائري ويسمى سنة الخير والتي ينزل فيها المطر والثلج وهي السنة التي تدل على أن الخير سيعم، إذا نزل المطر أو الثلج، وإذا لم يحصل نزول المطر أو الثلج، بمعنى أن السنة فيها نوع من الشؤم وهذه موجودة منذ زمان، وإنما في كل منطقة يحتفى به ببعض الخصوصيات، حسب المنطقة وإذن تكريس فخامة الرئيس لاحتفائية ويوم مدفوع الأجر هو شيء جيد يعتبر استظهار وحفظ الذاكرة الوطنية وهذا شيء جميل جدا ، بالعكس كان من الأشياء التي أخذها فخامة الرئيس بجرأة، وهذه الجرأة طبعا تجسدت لأن هذه المسألة أثيرت حتى قبل الثورة التحريرية ولكن كانت هناك مراحل جعلت بعض الأشياء تترك إلى لاحق من الزمان وكل الرؤساء الذين مروا عرفوا كيف يعالجون هذه الأشياء وكان العلاج على كل حال جيد ، والآن علاج الرئيس هو علاج جيد، علاج جرعة ، يعني علاج شخص متمرس حكيم .
اللغة العربية و الأمازيغية متكاملتان ويصعب الفصل بينهما
وبالنسبة لقضية الأكاديمية ، هي من الأشياء التي يجب أن تكون، لأن مسألة لغة من اللغات عندما تتركها مع الشارع أو المحيط ربما تثير قلاقل ولكن إذا أعدتها إلى أصحابها، إلى المعنيين بالأمر، إلى الأكاديميين، لا شك أنه سيكون هناك علاج علمي ونأمل أن الأكاديميين لابد أن لهم مرجعيات وطنية ولهم أفكار، لاشك أنهم لا يفتون في مسألة اللغة إلا بفتوى علمية وطنية تراعي الانسجام الجمعي والتماسك الوطني ويبدو لي ربما لغلق هذا الملف لابد أن المختصين سيفتون في مسائل اللغة الأمازيغية إلى أن تعود إلى وضعها الحقيقي على أساس أن تكون مع شقيقتها العربية ، نحن الآن نملك لسانين وطنيين رسميين ، عندنا اللغة العربية وهذا من المسلمات ولا جدال عليها وهي اللغة الأم وعندنا اللغة المازيغية وهي اللغة الثانية الرسمية، لكن لا يجب أن تكون الأمازيغية موضع مساومة أو إلغاء للغة الأولى الرسمية وهي العربية وهي لغة الدولة، لكي تكون الأمازيغية ندا لند العربية الآن ليس من السهولة بماكان لابد من وقت لأن العربية مهيأة منذ زمان واللغة العربية هي لغة حضارة قديمة جدا، لغة راقية متطورة ، الأمازيغية الآن هي في مراحل التهيئة التي تستدعي زمنا كبيرا جدا جدا وتستدعي التفكير والتأني، ثم تستدعي الآن تدبير سياسة لغوية لمجتمع منصهر بلغتين رسميتين وطنيتين ، إذن العول على الأكاديميين والعول كذلك على وزارات التربية، التكوين المهني، التعليم العالي، الثقافة ،الاتصال، هذه الوزارات هي ربما وزارات السند والوزارات الأقوى للأكاديمية ، فتحتاج إلى تدبير علمي إلى أن لا يكون هناك تصادم بين اللغة الرسمية الأولى واللغة الرسمية الثانية، بل إلى تكامل فهما متكاملتان لعدة اعتبارات ، شجرة واحدة انبثقتا كلتاهما من شجرة لغات تسمى اللغات السامية الحامية، أضف إلى ذلك أن الخصائص اللغوية جد متقاربة، ثم عندما ننظر في مجتمعنا الجزائري لا يوجد ما يسمى بالخلاف ، يوجد اختلاف والاختلاف رحمة، اختلاف في المنهج ولكن الهدف واحد ، الأمازيغية والعربية يصعب الفصل بينهما ، لكل لغة وظيفة وقد تعامل الأجداد بهاتين اللغتين في تصاهر تام دون حرب اللغات فأنعم بها من تجربة آبائنا فنحن نريد مواصلة درب الآباء بمعطيات العصر.
النصر : ما هو الحرف الذي ترونه مناسبا لكتابة اللغة الأمازيغية وماذا عن الجدل حول كتابتها؟
صالح بلعيد: جدل كتابة الأمازيغية، نسمع الآن أن هناك من ينتصر للتيفيناغ ، من ينتصر للأبجدية العربية ومن ينتصر للأبجدية اللاتينية ، باعتباري مختصا أقول ما أؤمن به وأعمل به لأسباب علمية ، أولا : لا توجد لغة في العالم تكتب بثلاث أبجديات (اللغة الرسمية) ، اللهجة نعم تكتب بأكثر حسب الكاتب، إذا كان يتقن العربية ، اللهجة يمكن يكتبها بالحرف العربي ، إذا كان يتقن الفرنسية يمكن يكتبها بالحرف اللاتيني إلى غير ذلك ، ثانيا: اللغة لا يفرض عليها الخط الذي تلبسه، اللغة لكي تكون لغة من شروطها أن يكون لها الخط أو الأبجدية وإلا تعد لهجة، لأن اللغة الرسمية لابد أن تكون لغة طبيعية وأبجدية موجودة إذا لم يكن لها أبجدية نبحث لها عن حرف بمعنى أنها ليست لغة ، ثالثا: اللغة لها خطها وأبجديتها التي تعرف بها عن بعد ، رابعا: الآن الخط الموجود لأية لغة هو الذي يجب أن تلبسه اللغة ، طيب قد يقال أن الخط عاجز نعم يمكن، لكن الخط من وضع البشر وهم الذين يعملون على تطوير ذلك الخط وبخاصة الآن ونحن في 2018 ، الذكاء الصناعي متطور و الآلات متطورة، لا يمكن أن يقف الحرف عاجزا عن ملاحقة المنطوق، كل منطوق له ما يقابله من مكتوب من السهولة بماكان المهم أن نبحث ، ومادام أننا نأخذ وقتا للتهيئة اللغوية، لابد أن يأخذ الحرف وقتا معينا لتطويره، طيب إذا كانت أبانت الأبحاث عن عجز ذلك الحرف أو الأبجدية فنبحث عن الحرف الأقرب له من حيث مخارج الصوت من حيث الكتابة من اليمين إلى اليسار أو من اليسار إلى اليمين ، من حيث الحضارة عندما تكون لغة حضارة شرقية تلبس أبجدية حضارة غربية فتكون قد نقلت نفسها من حضارة إلى حضارة وهذا خطأ وهذا صعب، خامسا: اللغة لا يجب أن تشوش على التلميذ في المدرسة بثلاثة خطوط أو ثلاث أبجديات سواء في الكتابة أو المصطلح ، الآن ما هو الحرف المناسب لكتابة الأمازيغية، أنا انتصر ، رقم واحد ، إلى خطها المعروف بها وهو التيفيناغ ، إن لم يكن ذلك كذلك وأبدى المختصون بأنه هناك عجز تقني ثم ليس له الانتشار العالمي لمن تكتب ويقولون نحن بحاجة إلى لغة أن يكون لها صفة العالمية، نتجه إلى الحرف الأقرب لها وهو الأبجدية العربية لماذا ، أولا : العربية والأمازيغية من شجرة واحدة ، ثانيا : المدرسة عندنا ، معربة تكتب بالحروف العربية ، إذا لما نحدث الانفصام في الشخصية، ثالثا: بالنسبة للغتين ونحن كذلك أمة جزائرية معروفة ولكن لدينا انتماء عروبي وحضارة شرقية، رابعا : اللغة ليست ملكا لفرد هي ملك للجماعة ، الجماعة اللغوية هي التي تفتي في المسألة للجزائر، فإذا أردنا أن تكون الأمازيغية لغة الجزائريين فارمي بها للجزائريين فهم ينتصرون للحرف العربي .
التراث القديم للأمازيغية كله مكتوب بالحرف العربي
خامسا: لدينا تجارب كباحث كمشرف على الماجيستر والدكتوراه في هذا المجال أبانت الأبحاث على أن الحرف العربي أكثر اقتصادا من الحرف اللاتيني، نعود إلى كتابي في المسألة الأمازيغية تجدون التجربة واضحة جدا أن الحرف العربي مقتصد ومتطور ثم ننظر إلى عامل الهوية والانسجام الجمعي والوحدة الوطنية وبعض الأمور ، لأن كتابة الأمازيغية بالحرف اللاتيني يوحي أن الأمازيغية انتقلت من حضارتها إلى حضارة أخرى ونعطي أمثلة دون أن نشخص أن بعض اللغات تخلت عن شجرتها وحاولت أن تلبس حروف لغات أخرى بغية التقدم لكنها لم تتقدم، فالتقدم لا يكمن في الحرف، الحرف وسيلة، التقدم يكمن في ذات الباحث، في الشخصية، فإذا الهوية الوطنية واضحة جدا في أن العروبة والمزوغة والإسلام كل متكامل لا يمكن أن نجزئ هذا عن هذا ، نعطي مثالا فإذا كتبنا الأمازيغية بحرف التيفيناغ ، نجسد شخصية الأمة شخصية اللغة، فإذا كتبناها بالحرف العربي فإنه يجسد الهوية اللغوية والمواطنة اللغوية، فإذا كتبناها بالحرف اللاتيني من بعيد نقول أنها لغة لاتينية ولهذا يجب أن نتحرز من أمثال هذه المسائل ونترك للمختصين يفتون في هذه المسألة دون أن نلتجئ إلى التهييج أو إثارة بعض القلاقل التي هي ليست من الأشياء التي تحتاج إلى إثارة المشاكل، لأن الأمازيغية الآن لغة رسمية أقرت في دستور 2016 ، بدأت الآن تنال التعميم موجودة في التدريس ووسائل الاتصال و في القنوات المحلية ، في كل الوسائل ولكن لا يجب أن ننظر إلى المسالة على أنها كن فيكون، هذه المسائل إذا أخدنا الاحتياطات التالية البعد الحضاري للجزائر، البعد الديني و اللغوي و الهوياتي نصل إلى المحافظة على الانسجام الجمعي، ثم هناك شيء يجب أن يذكر الآن، اللغة لا يجب أن نجعلها صناعة أن تكون لغة صناعية، مثل الاسبرنتو تعيش لفترة ثم تموت ، اللغة يجب أن تنطلق من تراثها القديم، التراث القديم للأمازيغية معروف جدا كله مكتوب بالحرف العربي ، ممالك البربر ، من الدولة الأدريسية إلى الزيانيين في تلمسان، كانت لغتهم الرسمية هي العربية ولهم لغات وظيفية وهي اللغة الأمازيغية عادي جدا، أريد أن أقول من هذا أن فعل الأجداد لم يكن على خطأ كانوا على صواب عندما خططوا للتصاهر اللغوي ووضعوا بما يسمى بتخطيط السياسة اللغوية، العربية لها مقاماتها وهي لغة الخطاب الرسمي والأمازيغية لها مقامها ولها لغة الخطاب الوظيفي والفني والتراثي وحدث انسجام جمعي متكامل دون أية مناوشات، إذن أجدادنا لم يكونوا على خطأ، ألا يمكن أن نواصل ذلك الدرب بمعطيات العصر، نحن نريد أن تكون الأمازيغية جزائرية لا هي شرقية ولا غربية ، أجدادنا أبدعوا في العربية وأبقوا على الأمازيغية، فبالأمازيغية نبقى وبالعربية نرقى وبالاثنتين نشكل العروة الوثقى، ألا ترون أن هذا التكامل سمة إنمازية للمجتمع الجزائري المعاصر والقديم، يجب أن نخرج من كلام من تكون أو ماهي هويتك أو أنت قبائلي ، أنت عربي، هذه من الأشياء التي كانت ر بما في وقت لم يكن هناك وعي لغوي، الأن يبدو لي أن التصاهر والمدة الزمنية تجاوزت 17 قرنا، لا يوجد دم أو عرق أو اثنية في الجزائر ، الجزائر واضحة بأنها مجتمع جزائري له هوية لغوية له صفات إنمازية، لدينا قبول بيني وتعايش عادي جدا ، لم تطرح مسألة اللغة على أنها عامل خلاف أبدا، طرحت مسألة اللغة على أنها عامل اختلاف والاختلاف قلنا بمعنى نختلف في المنهج ولكن الهدف واحد، هذه بعض الأمور التي أريد التعليق عليها وآمل بأن الأكاديميين سوف يحتكمون إلى المنطق وإلى التعقل وإلى الحضارة التي ننتمي إليها وإلى الانسجام الجمعي.
نريد أن تكون الأمازيغية جزائرية لا هي شرقية و لا غربية
النصر : كيف تقيمون استعمال اللغة العربية على مستوى الهيئات والمؤسسات الوطنية وكذا وسائل الاعلام ؟
صالح بلعيد: نحن وجدنا لتعميم استعمال اللغة العربية وهذا منذ التأسيس ، المجلس الآن يقيم شراكات مع الوزارات، مع مختلف الجهات المعنية لكن هو يقترح الأفكار، يجب أن نفرق فقط أن المجلس ليس هيئة تنفيذية، لكن قدم أفكارا في مسألة تعميم استعمال اللغة العربية ويكون عن طريق ما يلي، أولا ننتج المصطلحات ذات العلاقة، ثانيا: نحبب اللغة العربية للمستعمل، ثالثا: نتعامل مع الوزارات والهيئات المعنية بقوة اقتراح، ثم رابعا: نرغب في الاستعمال، ثم نصحح الأخطاء ونتعاون بمحبة، مثل هذا العمل الذي عملناه مع وزارة الاتصال وبالمناسبة أشكر معالي وزير الاتصال الذي رحب بفكرة حسن الآداء للعربية لدى الإعلاميين وبدأنا في اللقاءات الدورية مع رجال الإعلام، في حسن استخدام اللغة العربية و الصحفيين الذين جاؤونا استحسنوا الفكرة وهذا ذات الشيء نعمله مع وزارة الداخلية والتعليم العالي ، البيئة والطاقات المتجددة ، وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري ، المجلس الإسلامي ، المحافظة السامية للغة الأمازيغية مع معظم الوزارات لدينا حضور ولدينا حضور نوعي مع الجامعات الوطنية وكذلك أجزل خالص الشكر والتقدير لمعالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي الذي فتح لنا باب التعاون مع المديرية العامة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي ومع الجامعات الوطنية، حضور أزعم أنه نوعي .
م.ح