خبرتي الدولية عمرها 10 سنوات ومن حقي الحلم بالتواجد في طوكيو
أعربت الحكمة الدولية نجاة زناقي، عن أملها في حمل راية تمثيل الجزائر في دورة الألعاب الأولمبية المقررة بطوكيو، لتكون بذلك من سفراء الرياضة الجزائرية في أكبر تظاهرة رياضية عالمية، خاصة في اختصاصها، لأن السلة الجزائرية تبقى غير قادرة على اقتطاع تذكرة المشاركة في الأولمبياد.
حــاورها: صالح فرطــاس
زناقي إبنة عين تيموشنت، وفي حوار خصت به النصر، أكدت بأنها كسرت كل «الطابوهات» واعتادت على تسجيل تواجدها في مباريات الرجال دون أي عقدة، وأوضحت بأن احتكاكها المنتظم بأجواء المنافسة الرسمية في البطولة الوطنية، مكنها من ضمان حضورها على الصعيد القاري، سيما وأنها كانت قد اختارت تخصصا إضافيا يتعلق بمنافسات ذوي الاحتياجات الخاصة، في انتظار تحقيق حلمها بالمشاركة في الألعاب الأولمبية والمونديال.
أنتمي لعائلة رياضية ووالدي بطل سابق في الملاكمة
*نستهل هذا الحوار بالاستفسار عن الطريقة التي تتبعينها لإجراء التدريبات، منذ اعتماد الحجر الصحي بسبب انتشار فيروس كورونا؟
هذه الأزمة الوبائية أجبرتني على وضع النشاط الرياضي على الهامش، لأن خطورة الوباء جعلتني أغيّر البوصلة صوب الجانب الوقائي، سواء على مستوى العائلة أو من خلال المشاركة في عمل توعوي، لحث المواطنين على التزام التدابير المقترنة بالحماية من انتشار الفيروس، لأن الرياضيين لهم مكانة مميزة في أوساط المجتمع، في الوقت الذي حاولت فيه التكيّف قدر المستطاع مع هذه المرحلة الاستثنائية، وذلك بضبط برنامج تدريبات تحت إشراف والدي، الذي كان يمارس الملاكمة، لأن الاحتكاك المنتظم مع التدريبات يبقى ضروريا للمحافظة على الجاهزية البدنية، وهذا العامل يبقى من أهم الأسلحة بالنسبة لأي حكم مهما كان اختصاصه، وعليه فإنني بقيت مواظبة على التدريبات رفقة الوالد، لكن في غياب أي تحضير يخص الجانب التقني، لأن الحكم يجب أن يركز أيضا على هذا الجانب، ببرمجة عمل تدريبي داخل القاعة.
كسرت طابو إدارة سيدة لمباريات الرجال
*كيف وقع اختيارك على كرة السلة، رغم أن الوالد كان ملاكما؟
تعلقي بهذه الرياضة كان منذ الصغر، إذ أنني كنت من أبرز لاعبات الفريق المدرسي، الأمر الذي جعلني أوافق على الانضمام إلى شباب تيموشنت لكرة السلة، وهو النادي الذي تدرجت في جميع أصنافه، وقد شجعني الوالد في هذا الاختيار، لأنني من عائلة رياضية، إلا أننا اختلفنا في التخصصات، لأن شقيقي يمارس كرة القدم، وآخر يمتهن التدريب، بينما يبقى الوالد من الأبطال السابقين في الفن النبيل، ولم يعترض إطلاقا على اختيار كل فرد من الأسرة، وعند حصولي على البكالوريا وانتقالي إلى وهران لمواصلة الدراسات العليا، وجدت نفسي مرغمة على الالتحاق بفريق الاتحاد الوهراني، وكانت لي فرصة اللعب في أعلى المستويات على الصعيد الوطني، وكنت ضمن القائمة الموسعة للمنتخب، خاصة بعد بروزي في الألعاب الجامعية، لكنني غيّرت التخصص بين عشية وضحاها، وقررت توقيف مشواري كلاعبة والالتحاق بسلك التحكيم.
*وما هو الدافع الذي كان وراء هذه الخطوة؟
تواجدي في اتحاد وهران، سمح لي بالعمل تحت إشراف المدرب حميد قدور، وهو حكم دولي سابق، وقد كان في كل مرة يختارني لمساعدته في إدارة المباريات التطبيقية للفريق، فكان إلحاحه ذات مرة بحضور رئيس رابطة وهران الولائية لكرة السلة علي عوفي، الذي أبدى إعجابه الكبير بقدراتي في التحكيم، وطلب مني الالتحاق بالرابطة، فوافقت دون تردد على هذا الطلب، وكسبت ثقته بسرعة البرق، بدليل أنه أسند لي مهمة إدارة بعض اللقاءات التي تندرج في إطار البطولة الولائية، وخطوتي الرسمية الأولي مع الصفارة كانت سنة 1999، فأصبحت أول حكمة لرياضة كرة السلة في الجزائر، لأن هذا التخصص كان حكرا على الرجال، لكنني دخلته دون أي مركب نقص، بعد التشجيع الكبير الذي حظيت به من طرف مسؤولي رابطة وهران الولائية، خاصة بعد تعييني لإدارة مقابلات للسيدات وكذا للرجال.
طردت لاعبا فأهانني بعبارة «مكانك في البيت» !
*لكن البداية لم تكن بالتأكيد بطموحات كبيرة في التحكيم، خاصة وأنك أول امرأة جزائرية تقتحم هذا السلك؟
لعّل ما ساعدني على التأقلم بسرعة مع أجواء القاعات والمنافسات الرسمية، هو الخبرة التي اكتسبتها من مسيرتي كلاعبة، لأن احتكاكي بالبطولة الوطنية، سمح لي بأخذ نظرة واضحة عن كل الأندية، خاصة في منافسات السيدات، كما أن علاقاتي مع الحكام كانت رائعة، وعليه فقد وجدت راحتي في سلك التحكيم أفضل مما كنت عليه كلاعبة، لأنني أصبحت مجبرة على الاهتمام أكثر بالجانب النظري، والحرص على الإلمام بالقوانين، قبل التفكير في تطبيقها ميدانيا، وقد اندمجت بسرعة مع هذه الأجواء، بعد دراسة القوانين واللوائح المعمول بها دوليا في فترة وجيزة، سيما وأنني متحصلة على ليسانس في الإنجليزية، والتفوق في الجانب النظري، جعلني أرفع عارضة طموحاتي عاليا في مجال التحكيم، وقد تمت ترقيتي إلى الرتبة الفيدرالية سنة 2006، وكنت حينها تابعة لرابطة وهران الجهوية.
*وماذا عن المسار نحو الشارة الدولية؟
الطريق إلى الشارة الدولية لم يكن مفروشا بالورود، لأنني كنت المرأة الوحيدة على الصعيد الوطني، التي تسجل تواجدها في القاعات لإدارة لقاءات كرة السلة، وهذا ما جعلني أعيش الكثير من الظروف الخاصة في القاعات، لأن نظرة الأنصار والمسيرين واللاعبين لي كانت مغايرة لتلك، التي كانوا ينظرون بها إلى باقي الحكام من صنف الرجال، ومع ذلك فإن تعلّقي بالصفارة ورياضة كرة السلة، كان السلاح الوحيد الذي نجحت بفضله في كسر كل «الطابوهات»، والتخلص من جميع الضغوطات النفسية، مع كسب ثقة كبيرة في النفس والإمكانيات، وقد عشت بعض المحطات العسيرة، من بينها مباراة في البطولة الوطنية للرجال، قام فيها لاعب بإهانتي، وصرح بأن مكانتي في المنزل وليست في التحكيم، وهذا بعد إشهاري البطاقة الحمراء في وجهه، لكنه بعد العقوبة المسلطة عليه من طرف لجنة الانضباط، طلب الإعتذار عن التصرف اللارياضي الذي صدر منه، بالإضافة إلى المقابلة التي تبقى راسخة في ذهني، والتي كانت بمثابة لقاء السد من أجل الصعود بين فريقي مولودية سعيدة وبريد وهران، حيث عرفت تلك المواجهة نهاية على شجار بين لاعبي وأنصار الفريقين، ولم أتمكن من الالتحاق بحجرات الملابس إلا بصعوبة كبيرة، وهي اختبارات ميدانية تعلمت منها الكثير، لأحظى بشرف تمثيل الجزائر في الامتحان الذي نظمه الإتحاد الدولي سنة 2010 بتونس، لفائدة حكمات من مختلف البلدان الإفريقية، وقد تحصلت على ضوئه على الشارة الدولية، وأصبح أول جزائرية أرتقي إلى مصاف الدوليين، برفقة سبعة زملاء من الرجال.
*وما هي أهم المواعيد التي سجلت فيها حضورك على الصعيد الدولي؟
لقد حملت راية تمثيل التحكيم الجزائري في الكثير من الدورات، سيما في القارة الإفريقية، وقد توجهت إلى فئة ذوي الاحتياجات الخاصة.، بعد استفادتي من تكوين من طرف الاتحاد الدولي، وهو التخصص الذي سمح لي بالتواجد في النهائيات القارية لكرة السلة، على الكراسي المتحركة التي أقيمت بجنوب إفريقيا، وكذا في منافسة كاس أمم إفريقيا للسيدات بالموزمبيق، إضافة إلى دورات أخرى خاصة بالأصناف الشبانية لكرة السلة النسوية على الصعيد القاري، نظمت بالسنغال، مصر، الكاميرون، مالي وأنغولا، هذا مع تعييني بانتظام لإدارة لقاءات المنافسات الخاصة بالأندية، سواء لدى الرجال أو السيدات، لأن تعيينات الإتحاد الدولي لا تراعي الجنس، بل تتخذ من الكفاءة الميدانية كمعيار، والدليل على ذلك أنني نلت شرف تمثيل الصفارة الجزائرية في بطولة أمم أوروبا وسطيات كأول حكمة من القارة الإفريقية، وكان ذلك في دورة البرتغال 2016، وهي المنافسة التي أدرت فيها 5 لقاءات.
لن أنسي ما حدث في لقاء السد بين مولودية سعيدة وبريد وهران
*هذا يعني بأنك تنظرين إلى المستقبل بكثير من التفاؤل؟
خبرتي الدولية تبلغ حاليا 10 مواسم، وتواجدي بقوة في القارة الإفريقية كواحدة من أفضل الحكمات، يجعلني أرفع عارضة الطموحات عاليا، وذلك بالمراهنة على ضمان حضوري في دورة الألعاب الأولمبية المقررة بطوكيو، رغم أن الأمر ليس بالسهل، لأن غياب الكرة «البرتقالية» الجزائرية عن هذا الموعد، يجبرني على التكثيف من العمل الميداني لكسب ثقة الإتحاد الدولي، وكذلك الحال بالنسبة لمنافسة المونديال، لأن الاستفادة من الخبرة الدولية، يجب أن تكون بنيل شرف التواجد في أكبر التظاهرات على الصعيد العالمي، في الوقت الذي تم فيه تكليفي بمهمة التكوين على الصعيد الوطني، لأن السياسة المنتهجة ترمي إلى فتح الباب أكثر أمام العنصر النسوي لإقتحام سلك التحكيم، ولو أن الأمر صعب في الجزائر، بسبب نظرة المجتمع إلى المرأة والدور الذي تقوم به.
ص.ف