أحدثت مخلفات الجولة الثالثة والثلاثين لبطولة الرابطة المحترفة الأولى، انقلابا على مستوى الريادة، وذلك بعد خطف شباب بلوزداد مشعل القيادة من وفاق سطيف، وانفراده بعرش الصدارة لأول مرة منذ بداية الموسم، الأمر الذي يوحي بتغيّر معطيات معادلة اللقب في آخر منعرج من السباق، لأن أبناء «العقيبة» أصبحوا يتواجدون في رواق جيد للمحافظة على تاجهم للموسم الثاني تواليا، بعد استثمارهم في الانهيار الرهيب الذي سجله النسر الأسود في الربع الأخير من المشوار، في الوقت الذي تبقى فيه «معركة النجاة» متواصلة على مستوى القاعدة الخلفية بين ثمانية أندية، تصارع من أجل تفادي التذكرتين المتبقيتين على متن قطار النزول، وهذا بعد ترسيم سقوط ثنائي الجهة الشرقية أهلي البرج وشبيبة سكيكدة.
هذه الإفرازات، جاءت عقب سقوط وفاق سطيف بعين مليلة في قمة النقيضين، والتي جسدت مرور «السطايفية» بأصعب مرحلة لهم هذا الموسم، في «ديربي» استهله أهل الدار بهدف مبكر أمضاه جعبوط، قبل أن يتلقى هداف الوفاق عمورة البطاقة الحمراء في منتصف الشوط الأول، لكن ذلك لم يمنع زميله لعريبي من تعديل النتيجة قبل دقائق من نهاية المرحلة الأولى، إلا أن دبيح بصم على فوز «لاصام» بهدف وقعه في أواخر المباراة، مانحا أبناء «قريون» انتصارا ثمينا كان بمثابة جرعة أوكسجين التي أخرجتهم نسبيا من عنق الزجاجة، غير أنه بالمقابل جرّد «النسر الأسود» من كرسي الريادة، بعد العجز عن تذوق نشوة الانتصار في آخر 5 مباريات، والاكتفاء فيها بحصد نقطتين فقط.
فشل الوفاق في سفريته الرابعة تواليا، عبّد الطريق أمام شباب بلوزداد لاعتلاء صدارة الترتيب، بهامش مناورة يقدر بنقطتين، في انتظار تسوية الرزنامة، وكذا افرازات المحطة القادمة، لأن أبناء «العقيبة» كسبوا الرهان بشق الأنفس في الوقت بدل الضائع أمام نجم مقرة وهم مرشحون لتدعيم الرصيد يوم الثلاثاء المقبل، عند استقبال أهلي البرج، بينما سيكون الفريق السطايفي على صفيح ساخن بالشلف، مما قد يوضح الرؤية أكثر حول هوية البطل، خاصة بعد رهن شبيبة الساورة نسبة كبيرة جدا من حظوظها في التتويج باللقب، إثر اقتسامها الزاد داخل الديار مع «الشلفاوة»، الذين ردوا بالمناسبة الاعتبار لأنفسهم من الهزيمة التاريخية، التي كانوا قد تلقوها في الذهاب بملعبهم، بسداسية نظيفة.
وفي سياق متصل فقد واصل اتحاد الجزائر الزحف بخطوات ثابتة نحو قمة هرم الترتيب، وذلك بعد الفوز العسير الذي حققه على حساب اتحاد بسكرة، في مقابلة مثيرة، قلب فيها نعيجي الطاولة على «خضراء الزيبان» بثنائية في الشوط الثاني، رد بها على هدف السبق الذي أمضاه هشام مختار لصالح «البساكرة»، وهو الانتصار الذي نصب تشكيلة «سوسطارة» على بعد 3 خطوات من «البوديوم»، وببصيص من الأمل في القدرة على خطف اللقب، مادامت رزنامتها المتبقية تتضمن مواجهة مع بلوزداد، قد تكون بمثابة «نهائي» البطولة، لكن منعرج الإتحاد سيكون في الجولة المقبلة بمقرة.
دائرة المهددين تتسع و46 نقطة عتبة «النجاة»
وبخصوص حسابات السقوط، فإن الوضعية ازدادت تعقيدا بعد هذه الجولة، لأن كوكبة المؤخرة تبقى تتشكل من نصف تركيبة الفوج، بعد تواجد أندية مولودية وهران، شباب قسنطينة، أولمبي المدية، نادي بارادو، وبدرجة أقل مولودية الجزائر بمنأى عن كل حسابات نهاية الموسم، مقابل ترسيم حزم شبيبة سكيكدة وأهلي البرج الحقائب نحو الرابطة الثانية، لأن الشبيبة تلقت الهزيمة العاشرة تواليا، مع مواصلة الصيام عن التهديف على مدار 630 دقيقة متتالية، وكذلك الحال بالنسبة لأهلي البرج، الذي لم يحصد أي نقطة في آخر 4 لقاءات، مع عدم وصوله أيضا إلى شباك المنافسين.
واحتدم الصراع من أجل تجنب مرافقة ثنائي القاعدة الشرقية في رحلته إلى القسم الثاني، والحسابات تبقي شبح السقوط يتربص بثمانية فرق، بدرجات متفاوتة، على اعتبار أن اتحاد بلعباس يرفض الاستسلام، وقد تمسك ببصيص من الأمل، إثر فوزه على نصر حسين داي، بهدف سجله وناس من ضربة جزاء في أواخر اللقاء، وهي النتيجة التي عقدت من أمور «النهد»، ونصبتها في خانة رابع النازلين حاليا، كما أن «النصرية» مجبرة على مواصلة دوريتها نحو غرب البلاد، بتنشيط قمة أخرى هذا الثلاثاء، عند النزول في ضيافة سريع غليزان، لأن «الرابيد» يتواجد في «فورمة» عالية، بإحرازه 5 انتصارات متتالية، لتكون مباراة حسين داي بمثابة «نهائي النجاة».
وتحدد الحسابات الأولية عتبة «النجاة» عند رصيد 46 نقطة، الأمر الذي يبقي مصير بعض الأندية بأرجل لاعبيها، شريطة النجاح في استغلال عامل الأرض، وعدم التفريط في النقاط داخل الديار، كما هو الشأن بالنسبة لجمعية عين مليلة، واتحاد بسكرة، ولو أن هذه الوضعية تنطبق أيضا على نجم مقرة، الذي سيستقبل في 3 مناسبات خلال الجولات المتبقية، لكن ضيوفه من العيار الثقيل، بحجم اتحاد ومولودية الجزائر، الطامحين لانتزاع تأشيرة قارية، الأمر الذي يضع «المقراوية» في صراع عن بعد مع كل من جمعية الشلف، وداد تلمسان، نصر حسين داي واتحاد بلعباس، من أجل تفادي المقعدين المتبقيين على متن قطار النزول.
صالح فرطــاس
