صدمة المونديال تصدع مبنى دالي إبراهيم
أعاد قرار استقالة شرف الدين عمارة من رئاسة الفاف، أسطوانة «الفراغ القانوني» إلى الدوران من جديد في المنظومة الكروية الوطنية، بعد هدوء تام امتد على مدار أزيد من عقدين من الزمن، لأن نتائج الخضر على الصعيدين القاري والعالمي، كانت بمثابة الشجرة التي ظلت تغطي الغابة، لكن الفشل في بلوغ مونديال قطر كان كافيا لتفجير الوضع، والدفع برئيس الاتحادية إلى رمي المنشفة، خاصة وأن «النكسة» في عهدته كانت كبيرة، سيما وأن هذا الإقصاء جاء بعد شهرين فقط من المشاركة المخيبة للآمال في «الكان»، والتي تنازل من خلالها المنتخب الوطني عن تاجه الإفريقي.
انسحاب عمارة من رئاسة الفاف، كان بعد عهدة هي الأقصر في آخر عشريتين من الزمن، لأنها لم تدم سوى 350 يوما، على اعتبار أنه كان قد استلم المشعل من سابقة خير الدين زطشي، خلال الجمعية الانتخابية المنعقدة بتاريخ 15 أفريل 2021، وكانت آمال الجزائريين مبنية على النجاح في مواصلة المشوار بنفس «الديناميكية»، لأن المنتخب كان يتواجد في «فورمة» عالية، وبلغ درجة العالمية، بسلسلة مبارياته المتتالية دون هزيمة، وحلم الاحتفاظ بالتاج القاري المحرز في جويلية 2019 بمصر كان كبيرا، مع رفع عارضة الطموحات عاليا، إلى حد المراهنة على صنع الحدث في مونديال قطر، وكأن تذكرة المرور إلى العرس الكروي العالمي مضمونة، لكن المعطيات الميدانية أخدت مسارا مغايرا، والموازين انقلبت رأسا على عقب، انطلاقا من جانفي 2022، لما ودع «الخضر» دورة «الكان» من الدور الأول، دون تذوق طعم الفوز، مع تعليق «النكسة» على وضعية ملعب جابوما بمدينة دوالا، وكذا الظروف المناخية القاسية.
خيبة أمل الجزائريين في العرس القاري، لم تكن كافية لضرب استقرار المكتب الفيدرالي، بل أن التركيز كان منصبا على الموعد الأهم، والمتمثل في الدور الفاصل من التصفيات المؤهلة إلى مونديال 2022، على أمل النجاح في تضميد الجراح، وطي صفحة التنازل عن التاج الإفريقي بتذكرة المشاركة لخامس مرة في نهائيات كأس العالم، وقد كبر الحلم بعد الفوز الذي أحرزته كتيبة بلماضي في موقعة الذهاب بالأراضي الكاميرونية، إلا أن «كابوس» ليلة 29 مارس 2022، ضرب المنظومة الكروية الجزائرية في الصميم، ليجد الرجل الأول في الاتحادية نفسه مجبرا على رمي المنشفة، اعترافا بفشله في تجسيد الأهداف التي سطرها.
استقالة عمارة في هذه الفترة، استنسخت «السيناريو» الذي كان قد حدث للمرحوم عمر كزال في فيفري 2001، لما انهزم المنتخب الوطني بمصر بنتيجة 5 / 2، في إطار تصفيات مونديال اليابان وكوريا الجنوبية، لأن تلك الهزيمة كانت قد دفعت برئيس الفاف آنذاك إلى إعلان انسحابه، اعترافا منه بالفشل في تحقيق الهدف المسطر، وقد ذرف حينها كزال الدموع أمام أعضاء الجمعية العامة، لما رفضوا المصادقة على تقريريه المالي والأدبي، وهي آخر مرة يضطر فيها رئيس اتحادية إلى الاستقالة من منصبه قبل انتهاء عهدته، لأن الفاف ومنذ تلك الفترة عاشت على وقع استقرار إداري كبير.
ص / فرطاس