يساهم نبيل، صاحب مكتبة بعين عبيد بقسنطينة، في توفير الكتب المدرسية للتلاميذ المعوزين سنويا، وهي مبادرة يحرص عليها منذ أعوام عديدة، حيث يقوم بجمع عدد كبير من النسخ المستعملة والتي لا تزال في حالة جيدة، ليعيد ترتيبها ومن ثم توزيعها على من يطلبها، في محاولة منه للتخفيف من عبء الدخول المدرسي على المحتاجين وكل من تعذر عليه توفير الكتب لأبنائه.
يقول نبيل، بأنه يقوم بدور الوسيط أو الجسر الذي يسلكه الكتاب من محفظة إلى أخرى ليبدأ دورة حياة جديدة، مشيرا إلى أنه يعي جيدا أهمية ما يقوم به وإن كان هذا النشاط يبدو بسيطا، لأنه يفهم حجم معاناة بعض الأولياء خلال الدخول المدرسي، وذلك لأنه يتعامل معهم بشكل دائم منذ سنوات فيستمع إلى انشغالاتهم ويعرف أن هناك من يعجز على تغطية مصاريف أبنائه، أو على الأقل لا يمكنه توفير كل شيء لهم جميعا.
وأضاف محدثنا، بأن مكتبته باتت شهيرة بفضل هذه المبادرة وهي قبلة للعديد من المهتمين بعملية تبادل الكتب أو التبرع بها، فقد صارت كما أوضح، العنوان الرئيسي لكل من يريد أن يتبرع بكتاب مدرسي قديم أو يمنح آخر جديدا، كما أنها المكان المفضل لكل من يريد التخلص من كتب معينة لكنه يرفض فكرة إتلافها أو رميها، ويفضل أن يستفيد منها غيره ممن قد تهمه عنوانين بعينها، ولذلك فإن المكتبة كما عبر تمنح حياة ثانية للكتاب و تعطي كتابا لكل من يطلبه.
أخبرنا، بأن العملية بدأت منذ سنوات عديدة، وتحديدا منذ بداية نشاطه في المكتبة، وقد ولدت الفكرة حين اقترح عليه بعض الأولياء الاحتفاظ بكتب أبنائهم التي لم يعودوا بحاجة إليها، ليمنحها لمن يريد الانتفاع بها، وهكذا قرر أن يجعل من هذا التصرف عادة حميدة قارة و أن يشيعها بين أكبر عدد ممكن من الأسر في البلدية ذات الطابع الريفي.
وقال، بأن الفكرة نجحت بالفعل و قد زاد عدد المساهمين والمحتاجين معا، ليصبح مشهد حمل الكتب جيئة وذهابا من
و إلى مكتبته، لوحة تطبع الدخول المدرسي في كل سنة. أسر لنا كذلك، بأن مخزن المكتبة عامر بالكتب المختلفة التي يقوم بتنظيمها حسب المستوى التعليمي، بداية من الطور التحضيري إلى السنة الثالثة. وحسب عبد الحميد، أحد المساهمين في العمل التضامني الذي تشرف عليه المكتبة منذ سنوات، فإن هذه المبادرة زادت الوعي محليا بأهمية التكافل والتضامن، و نبهت الناس إلى أن الكتاب يمكن أن يعيش طويلا وأن يكون صدقة جارية ينتفع منها الإنسان، وهو تحديدا ما ضاعف إقبال مواطنين من البلدية على المشاركة في جمع الكتب للمحتاجين قصد المساعدة، وتخفيف الأعباء المادية التي يتكبدها البعض خلال هذه الفترة من السنة. وقد عبر عدد من التلاميذ الذين تحدثنا إليهم كذلك، عن رضاهم بالمبادرة، وقالوا إنهم سعداء بالمساهمة في العملية التضامنية وأنهم يستفيدون منها أيضا.
ص. رضوان