يعيش أطفال يلتحقون لأول مرة بالروضة أو المدرسة، حالة من الخوف والقلق قد تستمر معهم لأيام وتصنع فارقا كبيرا في شخصيتهم مستقبلا ما يستوجب تعاملا خاصا مع هذا الوضع التي يعتبره أخصائيون، مرحلة عبور مهمة في حياة الصغير، تستدعي تحضيرا جيدا بمشاركة جميع الفاعلين من أسرة و طواقم تربوية.
تتكرر مشاهد الصراخ و التعلق بأحد الوالدين كثيرا خلال أولى أيام الدخول المدرسي، أو عند الالتحاق بالروضة لأول مرة، وتكون الساعات أو الأيام الأولى صعبة على الطفل ووالديه بسبب عدم قدرته على التأقلم سريعا، وهو ما أوضحته سعاد، مساعدة تربوية بإحدى المدارس الابتدائية مشيرة إلى أن هناك من يشترطون مرافقة الأم إلى داخل القسم للبقاء فيه، وأن هناك أولياء يتعرضون لضغط نفسي كبير بسبب حالة الطفل ما يدفعهم إلى البكاء أيضا.
وحسب آمال مسيرة لدار حضانة، فإن المشكل يطرح بشكل كبير بين الأطفال بين عمر 3 و4 سنوات، إذ يبكون ويرفضون الدخول إلى الروضة، ويصرون على المغادرة رفقة الأبوين في أول يوم، وهو موقف يستوجب التعامل بشكل خاص، حتى وإن استدعى ذلك إبقاء الأم أو الأب مع الطفل كمرافق، أو تقليص ساعات البقاء في الروضة ثم تمديدها تدريجيا حتى يبلغ الطفل مرحلة التعود.
نفس المشكل يطرح في المدارس القرآنية، حسب المعلمة ناهد، خصوصا مع تلاميذ قسم التمهيدي كما أوضحت، مضيفة أن الوضع قد يستمر لأيام، وقد ينتهي في بعض الأحيان بقرار تعليق أو تأخير التحاق الطفل بالمدرسة لتعذر إقناعه بالبقاء فيها.
فطام نفسي
وتؤكد الأخصائية النفسانية والمساعدة التربوية دلال حمادة، أن غالبية المشاكل التي يعاني منها الأطفال والآباء وحتى المعلمون والمربون عند في بداية الموسم الدراسي و الدخول الاجتماعي عموما، سببها عدم تهيئة الطفل لمرحلة الانتقال من محيط الأسرة إلى العالم الخارجي، وهي مهمة يغفلها الأولياء كثيرا، مع أنها مهمة جدا ويجب أن تتم في وقت مبكر حيث تكون البداية بتعريف التلميذ وتثقيفه حول المدرسة والمعلم ورسم صورة إيجابية عنهما.
وتضيف الأخصائية، أن الدخول المدرسي أو الالتحاق بالروضة أو المدرسة القرآنية، دائما ما يطبعه القلق والتوتر سواء بالنسبة للتلميذ أو الأهل، وهو وضع يصعب تفاديه إلا عبر الاستعداد المسبق، الذي يتم من خلال التهيئة النفسية للدخول المدرسي والتي تبدأ بضبط ساعات النوم والحديث عن الدراسة والمدرسة بشكل إيجابي، بعيدا عن التعنيف والترهيب والتهديد.وقالت النفسانية، إن هناك أولياء أمور لا يجيدون التعامل مع أطفالهم في هذه المرحلة التي تعتبر فطاما نفسيا للطفل، لا يختلف كثيرا عن الفطام من الرضاعة الطبيعية، إذ يطبع التعامل نوع من العنف و عدم الصبر ما يخلف فكرة سلبية لدى الصغير أو التلميذ عن الموسم الدراسي الجديد ويمكن أن يؤثر على مردوده الدراسي فيما بعد. ودعت إلى ضرورة اعتماد أسلوب التشجيع و التحفيز، عبر شراء الأدوات المدرسية الجميلة أو الملابس شريطة أن لا تكون هذه الطريقة دائمة ولا نوعا من المقايضة.
الاستعداد المسبق
شرط أساسي
وتوضح الأخصائية، بأن الالتحاق بالسنة الأولى ابتدائي، بمثابة مرحلة عبور كبرى لا تقل أهميتها عن باقي مراحل حياة الطفل، بما في ذلك المراهقة.
و تشرح ذلك بالقول، إنه الخروج من عباءة الأسرة أول مرة يوجب المرافقة والتوجيه، وهي مهمة تشمل الجميع بداية بالأسرة ومرورا بالمعلم والطواقم التربوية في المدارس عموما، وذلك لمساعدة الطفل على التأقلم تدريجيا وتقبل الوضع و تجاوز مخاوفه الناجمة بالأساس عن جهله بمحيطه الجديد، خصوصا وأنه يتعرف على المدرسة لأول مرة.وأوضحت النفسانية، أن هذه الحالة تسمى في علم النفس بأزمة الانفصال وتحدث في سن السادسة، أين ينفصل الطفل فعليا عن الأسرة ويصبح مستقلا مثل باقي التلاميذ في الأقسام الأكبر، مؤكدة أنها مرحلة تؤثر على شخصية الطفل فيما بعد، إذ يمكن أن تعطي طفلا سويا ناجحا، أو طفلا مهتزا نفسيا ويعاني من خلل.
مشددة، على أهمية أن تكون الأم إيجابية وصبورة في هذه المرحلة لمساعدة ابنها على التخلص من الخوف والتوتر الزائدين، اللذين قد يستمران معه طوال حياته، خصوصا إذا ما تعرض لضغط وترهيب من والديه في مثل هكذا مواقف.
إيمان زياري