كشف مصدر مسؤول ببلدية عنابة، أول أمس، عن انطلاق مشروع إعادة الاعتبار لساحة الثورة « الكور» القلب النابض لوسط المدينة، رسميا بداية من هذا الأسبوع، بالشروع في تهديم و إزالة الجسر الصغير المقابل لمقر محكمة عنابة السابق، إلى جانب الفضاء المتواجد فوقه و الذي يضم أكشاكا شبه مهجورة تطل مباشرة على ساحة الثورة، في حين سيتم تحويل أصحاب المحلات التجارية الواقعة أسفل الجسر إلى فضاء تجاري آخر تم اختياره.
كما ستنطلق حسب المصدر، أشغال إنجاز جسر الراجلين الذي سيربط محطة القطار بالمحطة البحرية و ذلك مع تقدم الأشغال بالمحطة البحرية المقرر استلامها شهر أفريل 2019، كما يعرف محيط ساحة الثورة ورشة مفتوحة، من خلال ترميم و إعادة تهيئة العمارات و إعادة الاعتبار لمحطة النقل عبر القطارات.
و في ما يتعلق بتجار الألبسة المتواجدين بالنفق الأرضي المقابل مقر المحكمة السابق، الذين يمارسون نشاطهم بصفة قانونية و يملكون خانات تجارية، طمأنهم رئيس البلدية بوجود فضاء بديل أفضل بكثير من السوق الحالية.
و حسب الدراسة التقنية التي أعدها مكتب دراسات إيطالي، فقد خصص للمشروع مبلغ 100 مليار سنتيم لتوسعة و تهيئة ساحة الثورة على مستوى 10 نقاط ضمن المشروع الكلي. و بالموازاة مع ذلك، انطلقت أشغال تهيئة العمارات و محطة النقل عبر القطارات و المحطة البحرية، كما تم رفع التجميد على مشروع شرفات الميناء، حيث سيتم تهديم جميع المستودعات و المكاتب التابعة للميناء و الجمارك و كذا وكالة بنك القرض الشعبي الجزائري لتجسيد المشروع و فتح الميناء على المواطنين بالجهة المقابلة لساحة الثورة بإزالة السياج الخارجي، ليتسنى للمواطنين مشاهدة مياه البحر عن قرب و رسو بواخر نقل المسافرين.
كما ستعرف المنطقة المحيطة بساحة الثورة، انجاز موقف للسيارات ذو طوابق مقابل الميناء يتسع إلى 1200 سيارة و مركز تجاري ضخم « شوبينغ مول» سينجز بموقع جامعة التكوين المتواصل مقابل فندق الشيراطون و يرافقه مشروع إعادة الاعتبار للحي العتيق « بلاص دارم»، حيث يجري حاليا ترميم البنايات الواقعة بمحيط ساحة الثورة قبل الانتقال إلى داخل المدينة، حيث يطرح إعادة تصنيف البنايات إشكالية للسلطات المحلية بخصوص ترميم المدينة بشكل كامل. و قد أخضعت المصالح المختصة 2405 بنايات عتيقة للخبرة التقنية، قصد تشخيص و إعادة تأهيلها و المحافظة على نسيجها المعماري الأصيل و شملت الخبرة التي أجريت، بنايات يعود بعضها إلى ما قبل القرن التاسع عشر.
و تعزز المخطط الشامل لتغيير وجه المنطقة المحيط بساحة الثورة و الميناء، بتجهيز الطريق المزدوج الرابط بين المطار، مرورا بساحة الثورة و فندق الشيراطون، بخط إنارة عمومية جديد و تحويل الفاصل بين اتجاهي الطريق، إلى مساحة خضراء يُغرس فيها العشب الطبيعي و مختلف أنواع الأزهار على طول مسار الطريق، بهدف إعطاء منظر جمالي يليق بمدخل مدينة عنابة.
و في سياق متصل، كان مشروع تهيئة ساحة الثورة مرتبطا بتجسيد مشروع الترامواي، الذي عاد الحديث عنه بعد تصريح وزير النقل و الأشغال العمومية عن رفع التجميع عنه، حيث كان الخلاف الذي وقع بين منتخبين محليين و مديرية النقل حول عبور خطة السكة على « الكور»، سببا في توقف المشروع، بعد رفض بلدية عنابة مرور الترامواي على ساحة الثورة بحجة تغيير الوجه الأصلي لهذا الفضاء العريق، في حين بررت مديرية النقل حينها مرورهُ بجانب الطريق الرئيسي «للكور» دون أن يغير شيء.
و في آخر المطاف، جاءت الأزمة المالية و سياسة التقشف التي انتهجتها الحكومة، لتُجمد المشروع و حرمت مدينة سياحية بحجم عنابة من وسيلة مواصلات عصرية تُخلصها من الازدحام المروري الخانق و معاناة المواطنين مع وسائل النقل الأخرى.
حسين دريدح