اهتزت، أول أمس، ولاية جيجل، على وقع مجزرة مرورية عبر الطريق الوطني رقم 43 ، ببلدية سيدي عبد العزيز، إثر اصطدام بين سيارة نفعية «هاربين» و شاحنة وزن ثقيل، خلف خمسة ضحايا قصر و 13 جريحا من بينهم ثلاثة في وضعية حرجة، عقب نهاية مباراة المنتخب الوطني ضد نيجيريا، أين خرج الضحايا للاحتفال بالفوز و لم يكونوا على علم بأن الفرحة ستتحول إلى مأساة في أقل من نصف ساعة.
حادث المرور المروع، تم تداول خبره بشكل واسع عبر شبكات التواصل الاجتماعي، في حدود منتصف الليل، مع تداول أرقام مخيفة تتحدث عن وفاة 14 شخصا و جرح 20 آخرين، في ظل غياب المعلومة الرسمية من قبل الجهات المختصة في ذلك التوقيت.
النصر تنقلت إلى موقع الحادث الذي يبعد عن عاصمة الولاية بحوالي 30 كلم و تحديدا بجوار الشاطئ المركزي لسيدي عبد العزيز، لدى وصولنا في حدود الساعة الثانية صباحا ، حيث كان الظلام الدامس يخيم على المكان، شاهدنا شاحنات و سيارات الحماية المدنية و الدرك الوطني بعين المكان و ما يقارب 200 مواطن بجوار الطريق يشاهدون عملية فتح الطريق.
شهود عيان يروون تفاصيل انقلاب"هربين"
لدى معاينتنا للمكان، لاحظنا جزء من الكارثة الأليمة، ملابس أطفال و أعلام وطنية ملطخة بالدماء، سيارة نفعية « هربين» تعرضت للدهس، خصوصا بالجهة الأمامية و لا يزال علم وطني معلقا بها، على بعد أربعة أمتار من شاحنة للوزن الثقيل منقلبة على الأرض و كمية كبيرة من القمح تغطي المكان و أثار للدم، في مشهد مأساوي لا يمكن وصفه.
تقربنا للحديث مع السلطات الأمنية المتواجدة بالمكان، أين تم اخبارنا بأن الحادث الأليم تسبب في وفاة ما يقارب خمسة أطفال قصر و جرح 13 آخرين، نقلوا على جناح السرعة إلى مستشفى مجدوب السعيد بالطاهير.
جميع الحاضرين و حتى شهود عيان، أكدوا على أن سائق السيارة النفعية هو المخطئ و المتسبب في المجزرة المرورية، إذ كان يقود في الاتجاه المعاكس بالطريق الوطني و المؤدي للجهة الشرقية من الولاية و يحمل على متن المركبة ما يقارب 17 طفلا و قصر لم يتجاوزوا سن 18 سنة، و قد كان يسير في أقصى اليمين محاولا تجنب السيارات القادمة، ليتفاجأ بوجود جدار جانبي حاول تفاديه ، ليجد نفسه وسط الطريق وجها لوجه مع شاحنة من الوزن الثقيل، فوقعت المجزرة التي تسببت في وفاة خمسة أطفال أبرياء في عمر الزهور، ذنبهم الوحيد أنهم ركبوا شاحنة للتعبير عن فرحهم بفوز المنتخب الوطني و التأهل لنهائي كأس إفريقيا.
شهود عيان أكدوا على أن العديد من الشباب الذين حاولوا في الدقائق الأولى إجلاء الضحايا و تقديم الإسعافات، أصيبوا بإغماءات جراء المشهد المأساوي و صعوبة التدخل، حيث كانت أشلاء الضحايا مبعثرة، أطفال مصابون و يـتألمون، الجميع ينادون «أمي، أمي، بابا بابا»، أصوات أنين و صراخ، بكاء يسمع صداه لمسافة طويلة، في مشهد اختلط فيه الفرح بالحزن.
الشيخ عمار، أخبرنا، بأن أحد أبناء أقربائه توفي بعين المكان، والده و بعد مرور ثلاث ساعات لم يصدق وفاة فلذة كبده، حيث ظل يعتقد بأنه مجرد كابوس أو حلم ، و قد وجدنا بالمكان شقيق شاب جريح، لم يصدق حجم الكارثة التي وقعت بالمكان، و جدد كلمة «مجزرة...مجزرة»، هذه الكلمات الوحيدة التي استطاع الشاب التلفظ بها.
و قد التقينا بموقع الحادث والد سائق السيارة النفعية، أخبرنا بأن ابنه يبلغ من العمر 37 سنة كان يقود مركبة الموت، متأسفا من المشهد المروع و الحادث المأسوي، قائلا « قضاء الله و قدره» و دعا المتحدث الشباب إلى تجنب السياقة المتهورة التي لا تحترم فيها قواعد المرور.
هستيريا و استنفار بمستشفى الطاهير
توجهنا مباشرة إلى مستشفى مجدوب السعيد بالطاهير، أين وجدنا العشرات من أقرباء الضحايا و المتبرعين بالدم بمصلحة الاستعجالات، الجميع يحاول تقديم المساعدة و الاستفسار عن حالة الجرحى و أسماء المتوفين، هيستريا بكاء، قلق، أجواء مؤلمة خيمت بالمستشفى و قد أخبرنا عاملون بالمستشفى، بأن الحصيلة تتمثل في خمس وفيات جلهم أطفال و 13 مصابا، من بينهم ثلاثة في وضعية حرجة و جد خطيرة و قد اضطرت مصالح المستشفى إلى تحويل ثلاث جرحى إلى مستشفى جيجل.
و أضاف المعنيون، بأن المستشفى استقبل ما يفوق 20 متبرعا بالدم، بعد ساعات من وقوع الحادث الأليم، غادرنا المستشفى في تمام الساعة الخامسة صباحا و المصلحة لاتزال تستقبل عائلات الضحايا.
و أوضحت المكلفة بالإعلام الملازم أحلام بومالة، بأن مصالح الحماية المدنية تلقت في حدود الساعة الـ11 ليلا و 47 دقيقة، نداء للتدخل جراء وقوع حادث اصطدام، لتتنقل ذات المصالح إلى موقع الحادث، ليتم إجلاء ثلاثة ضحايا بموقع الحادث و اثنين توفيا أثناء عملية النقل، فيما تم نقل 13 جريحا من بينهم ثلاثة في وضعية حرجة إلى مستشفى الطاهير.
و أوضحت المتحدثة، بأن خطورة الحادث، تطلبت تسخير سبع سيارات إسعاف و ثلاث شاحنات إطفاء و أزيد من 40 عونا من مختلف الرتب، كما سارعت السلطات الولائية و المختصة بجيجل، لتفقد الجرحى بمستشفى الطاهير و تقديم التعازي لعائلات الضحايا.
كـ .طويل