أجمعت مختلف الفعاليات في المجتمع منذ انطلاق الحراك الشعبي في 22 فيفري الماضي ، على ضرورة اعتماد أسلوب الحوار الجاد كخيار وحيد من أجل الوصول إلى توافق وطني يمكّن من الخروج من الانسداد الحاصل ، وفي عز هذه الأزمة جاءت الهيئة الوطنية للوساطة والحوار، التي قادت جولات من الحوار مع مختلف الفواعل توصلت في الأخير إلى مخرجات أصبحت المنطلق الأساسي لتنظيم الانتخابات الرئاسية وفي مقدمتها السلطة المستقلة للانتخابات.
تحقيـــق : مراد حمو
شكل مبدأ الحوار الوطني الواسع و المسؤول والذي لا يقصي أي طرف، منذ الوهلة الأولى للمسيرات الشعبية السلمية التي عمت ربوع البلاد ، الركيزة الأساسية التي انطلقت منها مختلف المبادرات التي طرحت في الساحة الوطنية من الفواعل السياسية والاجتماعية ، فقد أكدت الأحزاب السياسية وفعاليات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية و ناشطو الحراك ، على أهمية تبني خيار الحوار من أجل التوصل إلى حل توافقي يسمح بالخروج من الأزمة التي دخلت فيها البلاد .
ومع استمرار هذا الانسداد ، مع مرور الأشهر وبروز انعكاسات سلبية أصبحت آثارها بادية في مختلف الجوانب ، أصبح من الضروري الإسراع في إطلاق حوار شامل وجامع وهو ما كان قد أكد عليه رئيس الدولة عبد القادر بن صالح في خطابه للأمة في جوان الماضي، حيث كان قد دعا الطبقة السياسية والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية إلى تبني «الحوار الشامل» من أجل «رسم طريق المسار التوافقي» للخروج من الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، مؤكدا في الوقت ذاته أن الذهاب إلى تنظيم انتخابات رئاسية في آجال مقبولة، دونما إضاعة للوقت، «هي السبيل الأنجع والأوحدُ سياسيًا والأكثر عقلانية ديمقراطيا».
و الواقع أن جميع مكونات المجتمع ، أضحت متيقنة في ظل تواصل الحراك الشعبي، أن الحوار كوسيلة حضارية هو السبيل الأنجع لتجاوز الوضع المتأزم، خصوصا مع ظهور محاولات لتعكير الأجواء و الدفع نحو تعقيد الأزمة وإطالة عمرها ، من قبل بعض الأطراف من أتباع و بقايا العصابة.
وبحثا عن المخرج ، تحرت فعاليات المجتمع المدني ، التي تمثل وزنا فاعلا في الحراك و داخل المجتمع ، من أجل بلورة مبادرة جامعة لحل الأزمة و مع تزايد التحديات الداخلية والخارجية، برزت مقترحات عدة وكان اللافت منها، مبادرة المنتدى المدني للتغيير الذي ترأسه عبد الرحمان عرعار والذي اقترح قائمة من الشخصيات الوطنية من أجل قيادة حوار وطني يفضي إلى حل توافقي ، كما ظهرت في الساحة الوطنية مبادرات أخرى كانت تعتمد وتنادي جميعها بضرورة التمسك بالحوار والتسريع في عقد جولات للحوار بين مختلف مكونات المجتمع بغية الاتفاق على مسعى موحد وجامع يفضي في النهاية إلى تبني حل للازمة .
هيئة الحوار والوساطة تصمد وتصل إلى مخرجات توافقية
رغم ما قيل عن هيئة الحوار والوساطة التي تم الإعلان عنها في جويلية الماضي وضمت شخصيات برئاسة رئيس المجلس الشعبي الوطني الأسبق كريم يونس ، فقد تمكنت حسب المراقبين ، من الصمود أمام الانتقادات التي طالتها و قادت جولات من الحوار شمل مختلف أطياف المجتمع من ممثلين عن المجتمع السياسي والمدني وفاعلين جمعويين، ورغم عدم مشاركة البعض فقد توصلت هذه الهيئة في ظرف زمني قصير، وفي ظل الظروف التي تمر بها البلاد إلى الاستماع والتحاور والنقاش مع 23 حزبا سياسيا و 5670 جمعية وطنية ومحلية ، إضافة إلى شخصيات وكفاءات وطنية على اختلاف أطيافها وفواعل الحراك الشعبي من مختلف أرجاء القطر الوطني . وكان من أهم الاقتراحات إلي قدمتها الأحزاب السياسية وفعاليات المجتمع المدني خلال جولات الحوار التي باشرتها الهيئة ، إنشاء سلطة وطنية مستقلة لتنظيم الانتخابات وكذا تعديل قانون الانتخابات وهو ما تم في الواقع، حيث تم المصادقة في البرلمان على القانونين المتعلقين بنظام الانتخابات و السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.
سلطة مستقلة للانتخابات.. إجراء غير مسبوق في الجزائر
و اعتبر استحداث السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات ، إجراء غير مسبوق في تاريخ الجزائر، كونها تحوز على جميع الصلاحيات التي كانت بيد الإدارة في مجال الانتخابات ، حيث تتولى السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، تحضير الانتخابات، تنظيمها، إدارتها والإشراف عليها ابتداء من عملية التسجيل في القوائم الانتخابية، مراجعتها مرورا بكل مراحل العملية الانتخابية وعمليات التصويت، الفرز والبت في النزاعات الانتخابية إلى غاية إعلان النتائج الأولية.
و تتكفل السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات المتكونة من 50 عضوا والتي يرأسها وزير العدل الأسبق محمد شرفي باستقبال ملفات الترشح لانتخابات رئيس الجمهورية والفصل فيها ، فيما يلزم القانون العضوي الجديد الخاص بنظام الانتخابات المترشحين للرئاسيات بتقديم 50 ألف توقيع فردي على الأقل لناخبين مسجلين في قائمة انتخابية، ويجب أن تجمع في 25 ولاية، ولا يقل العدد الأدنى من التوقيعات المطلوبة من كل ولاية 1200 توقيع.
كما ينص القانون أنه على المترشح إيداع طلب تسجيل لدى رئيس هذه السلطة، و يلزم المترشح بإرفاق ملفه الذي يودعه شخصيا لدى السلطة المستقلة بعدة وثائق من بينها شهادة جامعية أو شهادة معادلة لها و شهادة الجنسية الجزائرية الأصلية .وفي هذا الإطار ، يرى متتبعون أن شروط نزاهة الاستحقاق المقبل ، أصبحت متوفرة ، بعد الاستجابة لمطلب إنشاء السلطة الوطنية المستقلة لانتخابات وتعديل نظام الانتخابات وهو ما ألح عليه المشاركون في جولات الحوار مع التأكيد على ضرورة توفر الإرادة السياسية والتي أصبحت جلية حسب مراقبين ، وفي هذا السياق كان الوزير الأول نور الدين بدوي قد وجه تعليمة إلى أعضاء الحكومة والدرك الوطني والمدير العام للأمن الوطني والولاة المنتدبين ورؤساء المجالس الشعبية لوضع كافة الوسائل تحت تصرف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات لآداء مهمتها .
وبالرغم من الإجراءات التي وصفت بأنها نقلة كبيرة في العمل الديموقراطي في الجزائر ، يبقى التزوير في الانتخابات هاجسا لدى البعض بالنظر إلى التجارب الماضية ومن جانبها فقد أكدت السلطة الوطنية للانتخابات أن التزوير في الانتخابات مستحيل بالنظر إلى الإجراءات التي سيتم اعتمادها تحسبا للرئاسيات المقبلة وطبيعة النظام المعلوماتي الذي سيتم تطبيقه لمراقبة وتطهير قوائم الهيئة الناخبة .
عضو الهيئة الوطنية للوساطة والحوار عبد الوهاب بن جلول
الحوار جرى بكل حرية ولم يتدخل أحد في عملنا
أفاد عضو الهيئة الوطنية للوساطة والحوار عبد الوهاب بن جلول ، أن الهيئة وجدت كل الحرية في آداء الحوار الوطني الذي أدارته مع مختلف الشركاء، سواء السياسيين أو المجتمع المدني أو النخب أو الطلبة و كافة الفئات عبر ربوع الوطن، مؤكدا أنه تم دون أي تدخل من أي طرف وهذا مؤشر على الإرادة السياسية بأن تكون الانتخابات الرئاسية المقررة في 12 ديسمبر المقبل شفافة ونزيهة، وأضاف أن الحوار أجري بالخطة التي رأتها الهيئة مناسبة، مبرزا في نفس السياق أن هذا الحوار كان مفتوحا للجميع بما فيها فواعل الحراك على مستوى الولايات، وأوضح أن الحوار أفضى إلى مخرجات تؤكد على ضرورة الذهاب إلى تنظيم الانتخابات الرئاسية باعتبارها السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، منوّها بالضمانات اللازمة والشروط لنزاهة الاستحقاق المقبل .
النصر : بصفتكم كنتم عضوا في الهيئة الوطنية للوساطة والحوار التي قادت حوارا أفضى إلى مخرجات هامة ، كيف سارت مهمتكم و كيف تقيّمون هذا الحوار الذي تم مع مختلف الفواعل في المجتمع ؟
عبد الوهاب بن جلول : هيئة الوساطة والحوار كان قد تم الإعلان عنها في جويلية الماضي و التي كانت بمبادرة من قبل بعض الجمعيات التي بادرت باقتراحنا ، ونحن قبلنا بهذه المهمة وكان لقاؤنا الأول مع رئاسة الدولة ثم باشرنا الحوار مع مختلف الشركاء، سواء السياسيين أو المجتمع المدني أو النخب أو الطلبة و كافة الفئات عبر ربوع الوطن بحيث التقت الهيئة مع 5670 شخصا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وأجري الحوار وتم الاستماع إلى آرائهم ، وأيضا ما يقارب 23 حزبا بشكل رسمي ، وأخذنا أيضا بعين الاعتبار ورقة المبادرات المنبثقة عن اللقاءات التشاورية للمجتمع المدني والنقابات والشخصيات والأحزاب السياسية ثم بعد ذلك كانت مخرجات الحوار التي تضمنها التقرير النهائي وأهم ما كان في مخرجات الحوار هو ضرورة ملء الشغور الموجود في رئاسة الجمهورية و يوما بعد يوم الجميع بدأ ينخرط في هذا المسعى وهو الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية، وما نلاحظه حتى من خلال عدد الذين سحبوا استمارات الترشح، فهم من مختلف الفئات، بما فيهم النخب و الإعلاميين وبعض الشخصيات وبعض الأحزاب، وبذلك فإن معظم الجزائريين انخرطوا في هذا المسعى الذي توصلنا إليه من خلال الحوار، لأنه أصبح السبيل الوحيد للخروج من الأزمة.
النصر : هل تعتقدون أن الشروط المتوفرة حاليا تضمن نزاهة الانتخابات المقبلة ، وما ذا تقولون بخصوص المتخوّفين من إمكانية حدوث التزوير ؟.
عبد الوهاب بن جلول :ما زال البعض متخوفا من إمكانية حدوث التزوير في الانتخابات وهو تخوف مشروع باعتبار أن العشرين السنة التي سبقت شهدت عمليات تزوير، فليس من السهل أن نقنع الجميع أن هذه الانتخابات ستكون نزيهة، فالذي كان محل نقاش واقتراح من الذين تحاورنا معهم هو كيفية أن نجعل من الإدارة برمتها من الوزارة الأولى والطاقم الحكومي إلى رؤساء البلديات والدوائر والولاة ، في حياد تام عن الانتخابات والتي تكون بيد سلطة مكوناتها من المجتمع المدني ومن نقابيين ومن النخب وهذا ما كان بالفعل بالنظر إلى الصلاحيات الممنوحة لهذه السلطة وما تبتعها من قرارات من طرف الوزارة الأولى المتعلقة بوضع بين أيدي هذه السلطة كل ما يتعلق بالانتخابات وتحويل الصلاحيات التي كانت بيد الإدارة برمتها إلى سلطة الانتخابات .
نحن متفائلون جدا من خلال الأداء والممارسات والأفعال التي نراها يوما بعد يوم من خلال الاستقلالية التامة لهذه السلطة في إدارة الانتخابات والتي تضمن منافسة نزيهة بين المترشحين ويكون الرئيس هو الذي يحظى بصوت الشعب وبالتالي تكون له السلطة المعنوية والقانونية في اتخاذ التدابير اللازمة من أجل الخروج من الأزمة الحالية وهذا كان ضمن مخرجات الحوار، حيث قدمنا مقترحات قبل الانتخابات ومقترحات أخرى بعد الانتخابات الرئاسية وبالتالي الذي يضمن تحقيق هذه المقترحات بعد الانتخابات والاستجابة لكافة مطالب الشعب لاسيما في الوضع الاجتماعي والاقتصادي يمكن أن يكون من خلال انتخاب رئيس بإرادة الشعب.
فلا خيار أمامنا سوى الذهاب إلى الرئاسيات، فالكل يتفق على أنه هناك شغور لمنصب رئيس الجمهورية والحل هو الذهاب إلى انتخابات تحتاج لأن تكون نزيهة مع توفر الضمانات للنزاهة والتي كانت في هذه الأداة والمتمثلة في إنشاء السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، مستقلة عن الإدارة مع وجود إرادة سياسية، لأن الذي يهم هو الأداة والشق الثاني هو الإرادة السياسية والتي نلمسها من القرارات والأفعال التي يقوم بها النظام الحالي وقد لاحظنا أن النظام الحالي استجاب بإنشاء هذه السلطة مثلما اقترحناها وحتى لصلاحياتها وكيفية إنشائها .
النصر : هل واجهتكم صعوبات في أداء مهامكم في إطار لجنة الحوار وما هي الرسالة التي توجهونها للمواطنين بغية المشاركة في الاستحقاق الانتخابي المقبل ؟
عبد الوهاب بن جلول : بالنسبة إلينا في مهامنا في إطار هيئة الوساطة والحوار وجدنا كل الحرية في أداء هذا الحوار دون أن يتدخل أي أحد و أجريناه بأنفسنا وبما نراه مناسبا وبالخطة التي رأيناها مناسبة وفتحنا الحوار للجميع بما فيها حتى فواعل الحراك على مستوى الولايات وبما فيها أولئك الذين لم يستطيعوا القدوم إلى مقر الهيئة على مستوى العاصمة وهذا المقر كان مفتوحا و بإمكان أي شخص الوصول إليه .
وبالنسبة لرسالتي إلى الشعب، اعتقد أن الشعب الجزائري ذكي ونحن نثق في ذكائه ووعيه بتجاوز هذه الأزمة.
حاوره :مراد حمو
رئيس المنتدى المدني للتغيير عبد الرحمان عرعار
الحوار الوطني حقّق المبتغى ويجب تنظيم الرئاسيات في آجالها المحدّدة
يرى رئيس المنتدى المدني للتغيير عبد الرحمان عرعار، أن الحوار حقق المبتغى ويجب أن يستمر، حتى بعد الانتخابات الرئاسية ، و قال أن البلاد أمام منعرج بحيث يجب تنظيم الانتخابات الرئاسية والذهاب إلى الشرعية، منوّها بالدور الذي قامت به هيئة الوساطة والحوار والتي قال إنه مهما قيل عنها فقد قامت بواجبها بحيث كانت هناك مخرجات مهمة ، واعتبر في السياق ذاته المهم أنه يوجد اليوم سلطة مستقلة للانتخابات وأيضا قانون عضوي للانتخابات تم تعديله ، واصفا هذه المخرجات أنها أكبر إنجاز.
النصر : في عز الأزمة التي شهدتها البلاد بادرتم بقائمة من الشخصيات لإدارة الحوار الوطني، كيف جاءتكم هذه الفكرة ؟
عبد الرحمان عرعار : منذ 22 فيفري كنا نتابع مسار التغيير والانتقال الديمقراطي وانخرطنا في المشهد السياسي كفضاء المنتدى المدني للتغيير وتابعنا تطور الأحداث والجميع كان يجمع على أن الحوار هو المخرج بعد سقوط العهدة الخامسة وعدم التمديد وغيرها من القضايا التي عالجها الحراك ، فقد وجدنا أن الجميع يتكلم عن الحوار، السلطة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني كلهم يتكلمون عن الحوار ، لكن الحلقة التي كانت مفقودة هي الآلية ، من يدير الحوار؟ وكيف يديره ؟ و مقاييس الحوار . لذلك فقد بادرنا باتصالات مع شخصيات وطنية وكانت الفكرة بعد اللقاءات التي نظمت والمبادرات أيضا، وأطلقنا مبادرة الوساطة والحوار.
النصر : ما هي المقاييس التي اعتمدتموها في اختيار الشخصيات المقترحة من طرفكم لقيادة الحوار الوطني ؟
عبد الرحمان عرعار : اعتمدنا أولا المصداقية ، القطيعة مع النظام السابق، عدم تورطهم في الفساد وقبولهم من طرف الشعب والسلطة أيضا ، هذه هي المبادئ التي اشتغلنا عليها بالإضافة إلى قبول هذه الشخصيات بآداء هذه المهمة والتي تعتبر مهمة ليست سهلة ، واقتراحنا قائمة الشخصيات لقيادة الحوار الوطني كان مبادرة مستقلة من طرفنا .
النصر : ماذا تقولون بخصوص العمل الذي أنجزته الهيئة الوطنية للحوار والوساطة بقيادة كريم يونس؟
عبد الرحمان عرعار : الهيئة مهما ما قيل عنها فقد قامت بواجبها بحيث كانت هناك مخرجات مهمة والمهم أنه يوجد اليوم سلطة مستقلة للانتخابات وقانون عضوي لهذه السلطة وأيضا قانون عضوي للانتخابات والذي تم تعديله ، أظن أن هذا أكبر إنجاز ويبقى الحوار مفتوح حتى بعد الانتخابات ، إذن فقد حقق الحوار المبتغى بنسبة معتبرة ، فالأهم تم تحقيقه، وقد كنا مرافقين للهيئة وقدمنا مقترحاتنا لها .
النصر : تنظيم الانتخابات الرئاسية في أجالها المحددة ضروري للخروج من الأزمة الراهنة ، ما رأيكم ؟
عبد الرحمان عرعار : الحوار يجب أن يستمر لكن الآن نحن أمام منعرج بحيث يجب تنظيم الانتخابات والذهاب إلى الشرعية ولا نبقى نتكلم فقط، يجب انتخاب رئيس شرعي والمضي في الإصلاحات ، والواقع أن الشعب الجزائري ليس ضد الانتخابات بل هو يطالب بإجراءات وتدابير قبلية وهذا لحد الآن لم يتحقق للأسف ونأمل أن يتحقق ذلك في الأيام المقبلة ، ومهما كان الموقف على الشعب أن لا يفوت الفرصة فيجب أن يشارك في الانتخابات الرئاسية المقررة في 12 ديسمبر المقبل، أولا يكون صمام أمان لكي لا يكون هناك تزوير ، ونحن نرفض أن يكون هناك أي مرشح مفروض من طرف السلطة وهذا هو ما يجب مواجهته من طرف الجميع فلا يجب البقاء في بيوتنا فقط نتكلم ونعلق عبر وسائط التواصل الاجتماعي، فاعتقد أن هذا تكتيكيا لا يخدم المصلحة ولا يخدم مسعى الخروج من الأزمة، فلابد من تنظيم الانتخابات الرئاسية في آجالها المحددة وإلا فإن العصابة ستبقى.
حاوره :مراد حمو
نائب رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات عبد الحفيظ ميلاط للنصر
الرئاسيات المقبلة ستكون أنظف وأنزه انتخابات منذ الاستقلال
أكد نائب رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات عبد الحفيظ ميلاط، أن الحوار الذي باشرته الهيئة الوطنية للوساطة والحوار والتي كانت متفتحة على جميع شرائح المجتمع من أحزاب ونقابات وجمعيات ومجتمع مدني وحتى شباب الحراك، هو أحد نتائج الحراك الشعبي، وأضاف أن ما قامت به هيئة كريم يونس يمكن تصنيفه في خانة المعجزات لأنها في ظرف ثمانية أسابيع استطاعت أن تضع خارطة الطريق الصحيح للخروج من الأزمة، وقال إن ما نعيشه اليوم من زخم ديمقراطي وانتخابي ساهمت الهيئة في توفير ظروفه، مبرزا الدور الجبار الذي تقوم به السلطة الوطنية للانتخابات لإنجاح الانتخابات الرئاسية المقبلة وضمان نزاهتها والتي ستؤسس للجزائر الجديدة التي طالما حلم بها الشعب الجزائري،
حاوره :مراد حمو
ويرى أن ارتفاع عدد الراغبين في الترشح للرئاسيات المقبلة، مؤشر قوي على التفاعل المجتمعي الكبير مع هذا الموعد التاريخي ، داعيا الجزائريين للتوجه بقوة لصناديق الاقتراع، وأضاف قائلا «نحن نعدكم أن أصواتكم هذه المرة في أيدي آمنة».
السلطة الوطنية للانتخابات تقوم بدور جبار لإنجاح الانتخابات
- إلى أي مدى ساهم الحوار الوطني في الدفع نحو مخرج للأزمة التي تعيشها البلاد من خلال الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية؟
الحوار هو سلوك حضاري واجتماعي لازم للخروج من أي أزمة مهما كان تعقيدها.
الحوار الذي باشرته الهيئة الوطنية للوساطة والحوار هو أحد نتائج الحراك الشعبي، والسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات هي نتاج هذا الحوار، والانتخابات الرئاسية النزيهة ستكون بإذن الله نتيجة عمل هذه السلطة.
ما قامت به هيئة كريم يونس خلال شهرين يمكن تصنيفه في خانة المعجزات لأنها في ظرف ثمانية أسابيع استطاعت أن تضع خارطة الطريق الصحيح للخروج من الأزمة وآلياتها التي تجسدت في إنشاء السلطة الوطنية للانتخابات.
- شهدت الساحة الوطنية في وقت سابق إطلاق مبادرات لحل الأزمة تجمع على ضرورة اعتماد مبدأ الحوار كأساس للخروج من الأزمة الراهنة ، كيف برأيكم ساهمت هذه المبادرات في بلورة الأفكار من أجل حل توافقي والذهاب إلى تشكيل هيئة للحوار والوساطة ؟
الحراك الشعبي حرك قوى كبيرة عمل النظام السابق على دفنها وإبعادها عن المشهد السياسي والاجتماعي والوطني، للأسف النظام السابق فكك كل قوى المجتمع وأبعد كل الخيريين عن المشهد السياسي وكرس الفساد والجهوية والمحسوبية.
سقوط النظام السابق، حرر الجميع بما فيهم قوى المجتمع المدني والجامعات والكفاءات الوطنية التي عادت للمشاركة بقوة في المشهد السياسي، وهو ما تجسد من خلال المبادرات المتعددة التي شهدتها الساحة السياسية والوطنية والتي مهدت لإنشاء الهيئة الوطنية للوساطة والحوار.
هيئة كريم يونس استطاعت
أن تضع خارطة الطريق الصحيح للخروج من الأزمة
- أجمعت مختلف الفئات داخل المجتمع ، منذ البداية على ضرورة اعتماد الحوار كخيار وحيد لتخطي الوضع الذي تعيشه البلاد، وهو ما يعكس مدى الوعي الكبير الموجود لدى كل المواطنين الذين يؤكدون في المسيرات الشعبية على مبدأ الحوار ورفض الدخول في متاهات أخرى ، ماذا تقولون حول التفاف الجزائريين حول هذا المبدأ ؟
الشعب الجزائري كان دوما يقف إلى جانب مصلحة الوطن ويقدمها على أي مصلحة أخرى.
الشعب الجزائري في معظمه ومند بداية الحراك الشعبي كان يؤمن بالحوار الوطني، فهو انتفض ضد النظام السابق الفاسد ولم ينتفض ضد بلده و وطنه، فهو يجيد جيدا التفريق بين الأمرين.
الشعب الجزائري وإيمانا منه بمصلحة الوطن، التف حول الحوار وحول النيات الصادقة والخالصة للخروج من الأزمة. وأكيد أنه سيعبر عن هذه النية يوم 12 ديسمبر بالذهاب بقوة للتعبير عن موقفه السياسي الداعم للعملية الانتخابية.
- كنتم قد بادرتم بصفتكم رئيس المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي بإطلاق مبادرة أطلقتم عليها اسم "خارطة طريق الجامعة الجزائرية للحوار الوطني بهدف الخروج من الأزمة "، ما هو الدور الذي لعبته النخب ومدى مساهمتها في تقديم المقترحات والمخارج الضرورية للانسداد في الساحة؟
نقابة المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي CNES، كانت السباقة في دراسة الموقف السياسي الوطني والمصلحة الوطنية، وكانت أول تنظيم وطني رسمي يتخذ موقف رسمي رافض للعهدة الخامسة في الأسبوع الأول من الحراك الشعبي وبعدها مباشرة جاء موقف نقابة المحامين ونقابة القضاء.
كما كانت نقابة CNES، من أول التنظيمات الوطنية التي كان لها السبق في تقديم الحلول المناسبة للخروج من الأزمة، فكنا أول من تحدث عن المادة الثامنة من الدستور كحل للتعبير عن الإرادة الشعبية.
للأسف تماطل النظام السابق ومقاومته للإرادة الشعبية فوت علينا إمكانية تطبيق المادة الثامنة من الدستور، وهو الأمر الذي دفع بنقابة الكناس لطرح مبادرتها الوطنية - خارطة طريق الجامعة للحوار الوطني وعقد ندوة وطنية بكلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر 3، بحضور أساتذة ومتخصصين في القانون الدستوري من 35 جامعة عبر الوطن.
خارطة طريق الجامعة للحوار الوطني، تتميز عن باقي المبادرات المتعددة أنها الوحيدة التي طرحت حلولا قانونية ودستورية للأزمة الوطنية. والحمد لله معظم الآليات القانونية التي طرحتها خارطة طريق الجامعة وجدت تطبيقها اليوم.
- في عز الأزمة السياسية في البلد جاءت الهيئة الوطنية للحوار والوساطة وأدارت جولات الحوار مع مختلف الفعاليات السياسية والمدنية التي قدمت أفكارها لحل الأزمة ، كيف تقيمون العمل الذي قامت به هذه الهيئة ومخرجات الحوار الوطني؟
لا يمكن لأي شخص أو جهة إنكار الدور الكبير والجبار الذي قامت به الهيئة الوطنية للوساطة والحوار PANAL، ما نعيشه اليوم من زخم ديمقراطي وانتخابي ساهمت الهيئة في توفير ظروفه.
لا ننسى أن هيئة كريم يونس استطاعت في ثمانية أسابيع فقط في جمع وحوار أكثر من 23 حزب سياسي وأكثر من 6000 شخص وهيئة، وأن الهيئة الوطنية للوساطة والحوار هي من قدمت مشروع إنشاء السلطة الوطنية للانتخابات ومشروع تعديل قانون الانتخابات.ّ
الانتخابات الرئاسية ستؤسس للجزائر الجديدة التي طالما حلم بها الشعب
ما قامت به الهيئة الوطنية للوساطة والحوار يدخل حسب رأي في خانة المعجزات.
- انخرطت العديد من الشرائح في المجتمع في هيئة الوساطة والحوار وقد كنتم عضوا في المجلس الاستشاري للهيئة ، ماهو الدور الذي أسند إليكم داخل هيئة الحوار؟
الهيئة الوطنية للوساطة والحوار كانت متفتحة على جميع شرائح المجتمع من أحزاب ونقابات وجمعيات ومجتمع مدني وحتى شباب الحراك.
كان لنا شرف عضوية المجلس الاستشاري للهيئة وساهمنا مثل الجميع في خلق مخرجات الحوار الوطني، خاصة عضويتنا في اللجنة القانونية التي ساهمنا من خلالها في إثراء مشروعي القانون العضوي للانتخابات وقانون السلطة الوطنية للانتخابات.
- هل واجهتكم عراقيل أو صعوبات خلال تأدية دوركم داخل الهيئة الوطنية للحوار ؟
مهما كانت الظروف والمصاعب والمشاكل فإن حبنا للوطن وإيماننا القوي بعدالة الطريق الذي اخترناه أقوى من جميع هذه المشاكل.
لقد آمنا بالحوار كحل وحيد وبالانتخابات كطريق وحيد وسنستمر في هذه الطريق لغاية تحقيق أهداف وحلم الخيرين من هذا الوطن. وإن شاء الله سنحتفل معا يوم 12 ديسمبر القادم بانتصار الحوار الوطني و نجاح الانتخابات والعودة للشرعية.
- بصفتكم نائب رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، ماذا تقولون بخصوص المهام التي تقوم بها السلطة في إطار ضمان نزاهة الاقتراع المقبل ؟
أولا أريد أن أشكر السيد رئيس السلطة على الثقة الكبيرة التي منحها لشخصنا المتواضع، وإن شاء الله سنكون في مستوى هذه الثقة وهذه المسؤولية الكبيرة.
السلطة الوطنية للانتخابات تقوم بدور جبار لإنجاح الانتخابات الرئاسية وضمان نزاهتها، نحن نقوم بجهد خرافي ونعمل ليل نهار بدون توقف لتوفير الظروف الملائمة.
الحوار هو سلوك حضاري واجتماعي لازم للخروج من أي أزمة
لقد عاهدنا الشعب الجزائري وأقسمنا اليمين على ضمان نظافة ونزاهة الانتخابات وإن شاء الله سنفي بعهدنا وقسمنا.
- ما يلاحظ أنه يوميا يرتفع عدد الراغبين في الترشح للرئاسيات ، ما رأيكم ؟ وهل يمكن القول إن الظروف الضرورية التي تكفل انتخابات شفافة ونزيهة أصبحت متوفرة ؟
ارتفاع عدد الراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية إلى أكثر من 120 مترشحا قبل ثلاثة أسابيع من انتهاء المهلة، مؤشر قوي على التفاعل المجتمعي الكبير مع هذا الموعد التاريخي، لدينا في السلطة إيمان كبير أن هذه الانتخابات ستكون أقوى انتخابات شعبية مند الاستقلال والأهم ستكون أنظف وأنزه انتخابات منذ الاستقلال، لدينا إيمان قوي في السلطة أن هذه الانتخابات ستؤسس للجزائر الجديدة التي طالما حلم بها الشعب الجزائري.
قانون الانتخابات المعدل وقانون السلطة الوطنية للانتخابات وفرا لنا قاعدة قانونية هامة لضمان استقلاليتنا. ونحن بدورنا نعمل على توفير الإطار البشري ووسائل تكنولوجية تجعل من تزوير الانتخابات هذه المرة أمر مستحيل.
لذلك نوجه كلمة للشعب الجزائري: توجهوا بقوة لصناديق الاقتراع، ونحن نعدكم أن أصواتكم هذه المرة في أيدي آمنة.
م.ح