40 بالمئة من باعة المياه ينشطون دون تراخيص بالطارف
أطلقت المصالح الأمنية بالطارف، حملة واسعة لمراقبة نشاط باعة المياه العذبة، في وقت حذّرت فيه مصالح الوقاية من خطر الإصابة بالأمراض المتنقلة، أمام انتشار الشاحنات التي تجوب مختلف المناطق و الأحياء لتزويد السكان، استغلالا للاضطرابات المسجلة في التموين بالمياه عبر عديد البلديات، وقد دعت مصالح الري باعة المياه للخضوع للمراقبة وتجديد التصاريح وفق الشروط المحددة لمحاربة الفوضى التي تطبع هذا المجال، خاصة بعد أن سجلت مؤخرا حالات إسهال بكل من الذرعان ، شبيطة مختار، بن مهيدي ، يشتبه أن سببها استهلاك مياه مجهولة المصدر.
وحجزت نهاية الأسبوع ،المصالح الأمنية المختصة بالطارف، أربع شاحنات مزودة بصهاريج تنشط في تجارة بيع المياه العذبة دون حيازة التراخيص، وذلك بكل من الريغية ، بوثلجة ، بحيرة الطيور وسيدي قاسي، و تم تحرير محاضر مخالفة من أجل المتابعة القضائية لأصحابها ، فيما تم اتخاذ نفس الإجراء بشأن شاحنتين مرخصتين وذلك احترازيا إلى حين التأكد من سلامة نوعية مياهها ، في ظل الاشتباه في تورط بعض تجار المياه في سرقة هذه المادة من منشآت الري و مصادر أخرى غير مراقبة صحيا.
300 شاحنة تتاجر في المياه و9 بلديات في أزمة
وتحصي ولاية الطارف أزيد من 300شاحنة متنقلة لبيع المياه العذبة، 40بالمئة منها حسب مصالح الوقاية لمديرية الصحة بالولاية، تنشط بطريقة غير قانونية وخارج الرقابة الصحية، رغم أنها تجوب يوميا كبرى البلديات الحضرية والأحياء والتجمعات السكانية، أمام أزمة المياه وانقطاعها لعدة أسابيع ، خاصة ببلديات الجهة الغربية لدوائر الذرعان ، البسباس وبن مهيدي بمجموع 9 بلديات، يقطنها زهاء 230 ألف نسمة، وهي مناطق ينشط بها 70 بالمئة من باعة المياه العذبة، بسبب تذبذبات التموين ، رغم استفادة الجهة من مشروع لدعم التموين بالمياه الصالحة للشرب من سد ماكسة بغلاف مالي قدره 100مليار سنتيم، للقضاء على ملوحة المياه و تلبية احتياجات المواطنين.
تشديد الرقابة على المنشآت لمواجهة سرقة المياه
وتهدد الظاهرة الصحة العمومية ، أمام تزايد الممارسين للنشاط والذين يتنافسون على تزويد سكان الأحياء بالمياه بأكبر الكميات يوميا، و الذين يتزودون من مصادر غير معروفة ، حيث تزايد عدد الشاحنات، ودخل على الخط أصحاب مركبات «أنساج» و»كناك» ، و كذلك تجار وفلاحون و موظفون، وقد وصل الأمر حد لجوء آخرين لاستعمال صهاريج الجرارات التي تفتقر لأدنى شروط الوقاية الصحية، خاصة بالمناطق المعزولة والمناطق شبه الحضرية و الريفية. وتدعو جمعيات إلى تفعيل الرقابة على هذا النشاط للتأكد من مدى سلامة المياه الموزعة وحيازة أصحاب الشاحنات على التراخيص القانونية ، إلى جانب تفعيل مهام لجان محاربة الأمراض المتنقلة ولجان مكاتب حفظ الصحة على مستوى البلديات، بالتنسيق مع مصالح الأمن و شرطة المياه، لمحاربة الظاهرة وتقنيين هذه التجارة ،حفاظا على الصحة العمومية.
وأوضحت مصادر مسؤولة بمديرية الري ، أن إجراءات اتخذت لتشديد الرقابة على باعة المياه، مشيرة أن أغلب الباعة تم منحهم تراخيص و تحديد مصادر المياه التي يتزودون بها، وهي من الآبار الارتوازية لبوثلجة و الريغية ،مع إلزام كل بائع باحترام المنطقة التي ينشط فيها ، وتحميل المعني كامل المسؤولية في حالة حدوث أي مشاكل صحية تتعلق بنوعية استهلاك المياه الموزعة على السكان. من جانبها عمدت الجزائرية للمياه إلى تشديد الرقابة على منشآتها خاصة الآبار الإرتوازية لمياه بوقلاز بالريغية ، أولاد البهايم وبرج علي باي ذات المذاق العذب ، للحد من عمليات السرقة التي كبدت المؤسسة خسائر كبيرة، وذلك من خلال إنشاء فرق متنقلة تعمل على مراقبة بيع المادة على الطرقات للتأكد من مصدر مياهها، ومدى حيازتهم على الفواتير ، إلى جانب تفعيل الرقابة في الفترة الليلية بالتنسيق مع الجهات الأمنية للتصدي لظاهرة سرقة المياه.
حالات إسهال تثير المخاوف
من جهتهم يشتكى مواطنون من تحايل بعض الباعة المتجولين عليهم ببيع مياه رديئة وأخرى من الآبار التقليدية وحتى مياه الينابيع والمجاري على أنها مياه عذبة لبوقلاز بسعر 80دينارا لدلو بسعة 25لترا ، مستغلين في ذلك الطلب الكبير على هذه النوعية المعروفة بخصوصياتها ومذاقها الخاص ، وأشار من تحدثوا إلى النصر إلى إصابة بعض مستهلكي تلك المياه وخاصة الأطفال بالإسهال و الحمى، و اثبتت تحاليل مخبرية أن الأعراض سببها تناول المصابين لمياه غير سليمة مشكوك في نوعيتها ، فيما دقت جمعيات ولجان أحياء ناقوس الخطر محذرة من ظهور داء التيفوئيد، أمام تزايد عدد شاحنات تجوب الشوارع والأحياء والتي تبقى مياهها مشكوك فيها، وهي مخاوف تطرح بحدة بمناطق الجهة الغربية لدوائر الذرعان ، البسباس وبن مهيدي ، بسبب ملوحة المياه.
كما انتقلت تجارة المياه لكبرى البلديات الحضرية على غرار القالة ، عاصمة الولاية ، بوثلجة ، عين العسل و بوحجار، التي كانت في منأى عن هذه الظاهرة ، وهذا بسبب الاضطرابات المسجلة في التموين على مدار السنة.
«الفشل في مواجهة أزمة العطش وراء الظاهرة»
من جانبها فسرت لجنة الري والفلاحة بالمجلس الشعبي الولائي في آخر تقاريرها الظاهرة باستفحال أزمة العطش ، في ظل ما قالت عنه فشل كل البرامج والمشاريع الضخمة التي خصصتها الدولة لمعالجة المشكلة وتحسين وضعية التزود بالمياه التي رصد لها الملايير، معتبرة المشاريع بعديمة الجدوى والفعالية ، ما شجع حسب ذات اللجنة على تنامي ظاهرة بيع وسرقة المياه العذبة من منشآت الري ومصادر أخرى، لبيعها للمواطنين لتغطية العجز المسجل، وتلبية حاجيات الساكنة ، وكشفت أنه و بالتنسيق مع السلطات المختصة تم إعداد خارطة طريق لمعالجة مشكلة المياه قبل حلول الصيف، بإطلاق عدة عمليات مع اتخاذ كل الإجراءات القانونية لتنظيم نشاط بيع المياه ومحاربة الطفيليين.
واتجهت جمعية الدفاع عن المستهلك لنفس الطرح باعتبار «نقص توزيع المياه ورداءة نوعيتها وفشل الإستثمارات الضخمة التي رصدتها الدولة لتحسين الوضعية»، أسبابا مباشرة في تنامي تجارة بيع المياه دون التقيد بالقوانين والشروط الصحية.
يحدث هذا حسب مسؤولي الجمعية، بولاية مصنفة على أنها بحيرة عائمة، بالنظر لكميات الأمطار المتساقطة سنويا والتي تتسبب في فيضانات عارمة كل موسم ، زيادة على ما تحتويه من موارد تجمع بين المسطحات والمياه الجوفية ذات المذاق العذب.
نوري.ح