أحالت نيابة الجمهورية بمحكمة الحجار في عنابة، أمس، ملف التحقيق في قضية إبرام صفقات مشبوهة بالشركة الوطنية لاسترجاع النفايات الحديدية، على قسم جدولة المحاكمات، للنظر في القضية خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد استجواب قاضي التحقيق لإطارات و متعاملين اقتصاديين بالشركة، حول شبهات فساد تتعلق بعدم التصريح الحقيقي بالمخزون و التلاعب في إبرام الصفقات.
و تعود وقائع القضية، إلى شهر جوان الماضي، عندما فتحت فصيلة الأبحاث التابعة للدرك الوطني، تحقيقا بناء على ملف تلقته نيابة الجمهورية بمحكمة الحجار، حيث أمر وكيل الجمهورية مصالح الضبطية القضائية بمباشرة التحريات و استدعاء المشتبه فيهم و الشهود، حول الإهمال الذي تعرفه الشركة و الذي أدى إلى ضياع أموال عمومية باستعمال أساليب التزوير، حسب ما جاء في ملف القضية و استخدام محرّرات عرفية، مع تحرير وقائع غير صحيحة بغرض الاستفادة من مزايا غير مستحقّة، أثناء استقبال النفايات الحديدية و غير الحديدية من مؤسسات الجمع التابعة للخواص.
و جاء تحريك الدعوى العمومية، حسب مصادرنا، من قبل المديرية العامة للشركة، بعد تطبيق قرار مجلس مساهمات الدولة، القاضي بإعادة تنظيم القطاع العام و إنشاء المؤسسة الوطنية للاسترجاع، حيث تم دمج مؤسسة الاسترجاع للوسط مع مؤسستي الشرق و الغرب و في زيارة للمدير العام لوحدة جسر بوشي بعنابة رفقة إطارات بالمؤسسة، تبين لدى التدقيق في المعاملات، بأن كميات هائلة من المخزون غير متوافقة مع الواقع، كما رفض محافظ الحسابات المصادقة على حسابات سنة 2015، كون عملية جرد المخزون لا تتطابق مع الواقع، بالإضافة إلى تسجيل فارق نقص يقدر بـ 20.876.562 طن، بقيمة مالية قدرت بحوالي 30 مليار سنتيم، لتقوم على إثرها المديرية العامة بإعادة تعيين محاسب جديد، من أجل التدقيق في الحسابات و وضع لجنة مكلّفة بإعادة وزن و جرد مخزون الخردوات، حيث خلص التقرير إلى وجود تجاوزات و فارق كبير في مخزون النفايات الحديدية، يعود إلى سنة 2011، إلى غاية تاريخ 2015/12/31، حيث بلغت تقديرات الخبرة، وجود ثغرة في هذه الفترة فقط، قدرت بـ 18 مليار سنتيم و مع صدور الخبرات و نتائج التحقيقات الإدارية، تم توقيف عدة إطارات و عمال لهم مسؤولية مباشرة على اختفاء مخزون النفايات الحديدية.
و اعتمدت مصالح الضبطية القضائية في تحرياتها الأولية، على عقود الصفقات المبرمة بين مؤسسة الاسترجاع للشرق سابقا و المتعاملين الخواص، من سنة 2011، إلى غاية 2015، مرفقة بقائمة 28 عقدا مبرما مع 20 مؤسسة خاصة تمارس نشاط الاسترجاع، 3 مؤسسات فقط كانت تستحوذ على مجموع الصفقات، منها مؤسسة «شيماء» التي لم يعثر على العقود المبرمة معها و المتعلقة بمحاضر لجان فتح الأظرف و تقييم العروض، وفقا لما يقتضيه قانون الصفقات العمومية، كما توصل المحققون، إلى إتلاف السجلات التي تدون محاضر رسوم الصفقة على المتعاملين الاقتصاديين الخواص.
و قد استجوب قاضي التحقيق، المدير السابق للشركة و كذا رئيس لجنة الصفقات و المدير التجاري و رئيس مصلحة المخزون، و الذين لهم علاقة بالقضية، كما تم استدعاء المتعاملين الاقتصاديين، للاستماع لأقوالهم و مواجهتهم بالمستندات.
حسين دريدح