يطمح سكان بلدية الجعافرة شمال ولاية برج بوعريريج، لتجسيد المشاريع السياحية المقترحة بمنطقتهم المعروفة بتضاريسها الجبلية و الغابية، للخروج من أزمة شح المداخيل المالية للبلدية من جهة و تحويل مشكل انعدام العقار و محاصرة التجمعات السكانية بالغابات، من نقمة الاعتراض على منح الأرضيات لتجسيد المشاريع التنموية، إلى نعمة، بتحويل المنطقة إلى قبلة سياحية و رياضية، على غرار المنتزهات السياحية و مراكز التدريب بمرتفعات تيكجدة في ولاية البويرة و الشريعة بالبليدة التي أصبحت واجهة للسياحة الجبلية و الغابية.
و قد لفت انتباهنا في جولة إلى بلدية جعافرة التي تقع بقمة سلسلة الجبال على الحدود الشمالية بين ولايتي برج بوعريريج و بجاية، مناظرها الطبيعية الخلابة و نقاوة الهواء بها و وقوعها بمنطقة تحاصرها أشجار الصنوبر و الغابات الكثيفة من كل جهة، ما جعل سكانها يعانون من مشكل نقص العقار، الذي أعاق تطور المنطقة التي حرمت بسببه من مشاريع تنموية في شتى القطاعات، خاصة ما تعلق منها بمشاريع المؤسسات التربوية و المرافق الترفيهية و الرياضية، فضلا عن مشاريع السكن، حيث سبق و أن تم تحويل حصة من 60 مسكنا اجتماعيا من هذه البلدية إلى عاصمة الولاية، بسبب العجز في اختيار الأرضية لتوطين المشروع و اعتراض محافظة الغابات على جميع المقترحات.
سكان المنطقة يكتفون بزراعة الزيتون
و يراهن شباب المنطقة و مسؤولوها، على استجابة السلطات لمختلف المقترحات الداعية إلى تسجيل مشاريع سياحية و رفع التجميد عن مشروع مركز تدريب الفرق الرياضية و المنتخبات المسجلة منذ سنوات، فضلا عن مشاريع المسبح نصف الأولمبي و بيت الشباب للتخييم بالمنطقة، و الاستفادة من مزايا الطبيعة الجبلية و استغلالها كامتياز للاستثمار السياحي، بدل وضعها كعائق لدفع عجلة التنمية و سبب لعرقلة انجاز مختلف المشاريع و تسجيلها، حيث عجزت بلدية جعافرة عن اختيار العقار لإنجاز مشاريع كبرى، ما دفع إلى تغيير وجهتها أو إلغائها نهائيا، كما عجزت عن مسايرة مخططات التنمية الاقتصادية و المشاريع الاستثمارية، بسبب انعدام الجيوب العقارية الكافية لإنجاز مختلف المشاريع، ما جعلها تتراجع عن اقتراح مشاريع لمناطق النشاطات الصناعية، خلافا لأغلب بلديات الولاية و اكتفاء سكانها بالاستثمار في زراعة الزيتون و المعاصر التقليدية و العصرية .
مشروع فضاء إيكولوجي بتافيغوت لم يرق للتطلعات
و من المفارقات في مجال الاستثمار السياحي بالمنطقة، التي اطلعنا عليها، هو بقاء أغلب المشاريع كمقترحات من دون أن تحظى بالقبول، فيما سجلت مشاريع محتشمة بمنطقة تافيغوت المقترحة لتحويلها إلى منتزه سياحي و قوبلت باستهجان من قبل السكان، كونها لم ترق لطموحاتهم و تطلعاتهم و فوق ذلك لا تزال مهمشة، رغم نقل الانشغال للسلطات الولائية، بحيث لا يعقل بحسب سكان المنطقة و مسؤوليها الذين التقينا بهم، أن تسجل عملية طيلة السنوات الفارطة، بمبلغ مالي لم يتجاوز 650 مليون سنتيم، لتهيئة فضاء ترفيهي و سياحي بالمنطقة من قبل مديرية السياحية، في حين أن الدراسة أنجزت بمبلغ مليارين و نصف المليار سنتيم.
العقار عقبة في طريق التنمية
و زيادة على نقص الاهتمام بالمشاريع السياحية بالمنطقة من قبل السلطات الولائية، يرى مستثمرون خواص، أن شروط الاستثمار الموضوعة من قبل مديرية الغابات تعجيزية بحسبهم، بالنظر إلى التركيز على انجاز مشاريع فضاءات ترفيهية ايكولوجية وسط الغابات، دون منح المستثمر الحق في انجاز مرافق تجارية، على غرار المحلات و مرافق الإطعام و الإقامة، التي يراهن عليها أي مستثمر لإنجاح مشروعه و لتحويل مشكل نقص العقار المخصص لمختلف المشاريع، من عائق للاستثمار الصناعي و سببا في تجميد المشاريع التنموية، إلى امتياز للاستثمار السياحي و الرياضي، بتوفير مضامير للعدو و مركبات رياضية وسط الغابات، لكن تبقى هذه الأخيرة مجرد اقتراحات لم تر النور، لتضاف إلى العراقيل التنموية الأخرى التي تعاني منها البلدية، بحيث يبقى مشكل انعدام العقار، أهم عائق يحول دون تجسيد مختلف المشاريع التنموية المسجلة، ما تسبب في تجميد البعض منها و تحويل حصة من 60 مسكنا اجتماعيا لمدينة البرج، ناهيك عن حرمان البلدية من مشاريع أخرى في شتى القطاعات لذات السبب، رغم النقص المسجل في المرافق الثقافية و الرياضية و مشاريع السكن، خاصة ما تعلق منها بمشاريع السكن الاجتماعي، فيما تنعدم مشاريع السكنات بالصيغ الأخرى، ما عدا إعانات البناء الريفي .
مقترحات لتحويل المنطقة إلى قبلة سياحية
من جانبه أكد رئيس البلدية، عبد الحفيظ بلعزوق، أن مشكل العقار رهن أغلب المشاريع، خاصة ما تعلق منها بالمشاريع التنموية لانجاز مرافق خدماتية و تعليمية، مشيرا إلى متابعته في 3 قضايا من قبل محافظة الغابات، بسبب لجوء البلدية إلى تهيئة مساحات لإنجاز مشاريع مجمعات مدرسية و مرافق عمومية بأراضي مجاورة للغابات.
أما عن الاستثمار السياحي، فأكد على اقتراح عديد المشاريع التي ستحول المنطقة إلى قبلة للسياح و الرياضيين في حال الموافقة عليها، لكنها بقيت حبيسة الأدراج، رغم أهميتها الاقتصادية و التنموية بالمنطقة، مذكرا باقتراح مشروع مخيم و بيت شباب بجبال و غابات تافيغوت و فضاءات ترفيه إيكولوجية للأطفال و العائلات و الرياضيين، تنجز بمادة الخشب، لتمكين الزوار خصوصا في فصل الشتاء و فترات تساقط الثلوج، أين تكتسي المنطقة حلة بيضاء، من مرافق للإيواء، لتضاف إلى الأماكن المقترحة للتخييم، ناهيك عن توفير مرافق الإقامة للفرق و المنتخبات الرياضة، في حال تجسيد مشروع المركب الرياضي الذي لا يزال مجمدا، رغم تسجيله منذ مدة تزيد عن الأربع سنوات.
و أضاف، رئيس البلدية، بأن مصالحه اقترحت انجاز مسبح نصف أولمبي في برامج صندوق الضمان و التضامن للجماعات المحلية، لتمكين سكان المنطقة من هذا المرفق الترفيهي و الرياضي، لكن تبقى كل هذه المشاريع رهينة الموافقة من قبل المديريات الوصية، رغم أهميتها الاقتصادية و المالية، حيث ستعود بالفائدة على سكان المنطقة من جهة، بإنعاش النشاطات التجارية و توفير مناصب الشغل، فضلا عن استغلالها كمورد إضافي لميزانية البلدية، من خلال عائدات الاستغلال أو تأجيرها للمستثمرين الخواص.كما أشار ذات المسؤول، إلى اهتمام بعض المستثمرين الخواص بتحويل بعض المناطق الغابية بأعالي الجبال، إلى فضاءات ترفيهية و سياحية، لكنهم عادة ما يتراجعون بسبب الشروط التي يصفونها بالتعجيزية، خاصة ما تعلق منها بفرض تهيئة مختلف الفضاءات بمادة الخشب و منع النشاطات التجارية، ما يقلل بحسبهم من حظوظ نجاح مشاريعهم و حصرها في نشاطات غير مربحة.
ع/ بوعبد الله