نجحت الجزائر في تحقيق خطوة مهمة على درب إنهاء الأزمة الليبية من خلال النتائج التي تمخض عنها اللقاء الوزاري لدول الجوار الليبي المنعقد ببلادنا قبل أيام قليلة، والذي نال تزكية الأطراف المعنية مباشرة بهذه الأزمة، وترحيب قوى كبرى وهيئات ومنظمات إقليمية ودولية.
وقد لقيت مخرجات اللقاء الذي عقد يومي 30 و 31 أوت المنصرم بالمركز الدولي للمؤتمرات بالجزائر العاصمة ترحيبا من قبل الكثير من الأطراف الدولية والمنظمات الإقليمية ووسائل الإعلام، التي أجمعت على أنه قدم رؤية مشتركة وواضحة للمرحلة المقبلة في سبيل إنهاء الأزمة الليبية وأعاد الملف الليبي إلى دائرة الاهتمام الدولي.
وتبدو مخرجات لقاء الجزائر اليوم « الأهم» من بين نتائج كافة اللقاءات التي عقدت هنا وهناك حول الأزمة الليبية، وقد شدد صراحة وبكل وضوح على ضرورة خروج المرتزقة والمقاتلين غير النظاميين من هذا البلد، وهو ما سيمهد الطريق ويوفر جميع الظروف لإجراء الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر المقبل التي من شأنها أن تضع ليبيا على سكة المصالحة والشرعية.
واشنطن والبرلمان العربي يرحبان..
وفي سياق ردود الأفعال رحبت الولايات المتحدة الأمريكية بنتائج الاجتماع الوزاري لدول جوار ليبيا الذي احتضنته الجزائر قبل يومين، معتبرة أنه يمثل «خطوة مهمة في دعم الاستقرار الإقليمي»، حسب ما جاء على الصفحة الرسمية للسفارة الأمريكية في ليبيا.
وجددت واشنطن بالمناسبة دعوتها إلى «سحب جميع القوات الأجنبية والمقاتلين من ليبيا، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، كما هو مقرر في 24 ديسمبر المقبل»، ويعد هذا التصريح دعما واضحا لنتائج لقاء الجزائر من دولة عظمى، كما يعتبر كذلك بمثابة خارطة طريق في المرحلة المقبلة.
من جهته رحب البرلمان العربي أول أمس الخميس بمخرجات اجتماع دول جوار ليبيا الذي استضافته الجزائر يومي 30 و 31 أوت المنصرم، وأكد رئيسه عادل العسومي في بيان له على أهمية مضامين البيان الختامي الصادر عن الاجتماع، وبخاصة تأكيده على الدور المحوري لآلية دول الجوار في دعم المسار الليبي برعاية أممية، والرفض القاطع لجميع أشكال التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية الليبية.
كما شدد بيان البرلمان العربي بهذا الخصوص على ضرورة خروج جميع المقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية، وتعزيز تدابير بناء الثقة من أجل تهيئة المناخ الملائم لإجراء الانتخابات القادمة في الموعد المقرر لها، فضلاً عن ضرورة تفعيل الاتفاقية الرباعية بين ليبيا ودول الجوار لتأمين الحدود المشتركة.
و أكد أيضا على أن» أمن واستقرار ليبيا يمثل ضرورة حتمية لأمن واستقرار المنطقة ككل»، معرباً عن دعم البرلمان العربي الكامل لجميع الجهود العربية والإقليمية والدولية التي تصب في مصلحة تعزيز الأمن والاستقرار في ليبيا، داعيا في الختام جميع أطراف العملية السياسية في ليبيا إلى «إعلاء المصلحة العليا للشعب الليبي والتوصل إلى توافق وطني حول جميع القضايا التي تقود إلى حل نهائي ومستدام للأزمة الليبية».
ومن تونس البلد الجار لليبيا أعرب وزير الشؤون الخارجية،عثمان الجرندي،عن شكره للجزائر على إنجاح اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي الذي جرت أشغاله يومي 30 و31 أوت المنصرم.
وكتب عثمان الجرندي, في تغريدة عبر حسابه الرسمي على موقع «تويتر»، « ترحيب حار، وظروف عمل ممتازة، والكثير من اللطف، شكرا لرئيس (الجمهورية) عبد المجيد تبون وللجزائر».
كما توجه رئيس الدبلوماسية التونسية بشكره الجزيل لوزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج رمطان لعمامرة وللزملاء «لإنجاح اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي.
وبات واضحا اليوم أن اللقاء الوزاري لدول الجوار الليبي الذي ضم وزراء خارجية كل من مصر السودان، ليبيا، تونس، تشاد، النيجر، الكونغو، وليبيا والجزائر، إلى جانب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيش، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ومفوض الاتحاد الإفريقي للشؤون السياسية والسلم والأمن بانكولي أديوي، لم يأت من فراغ بل لأن دول الجوار استشعرت الخطر الكبير الذي يمثله الفراغ الموجود في ليبيا وفي منطقة الساحل بالنظر للتطورات والتحولات التي تعرفها الأوضاع الدولية في الوقت الراهن والتي قد تحول المنطقة إلى بؤرة حقيقية لتجمع الإرهابيين من كل العالم.
وبما أن أمن دول الجوار من أمن ليبيا وبما أنها هي المعين الأول بتحقيق الاستقرار في هذا البلد الجار فقد بادرت إلى عقد هذا اللقاء الذي أثبت أهميته في السعي نحو إنهاء الأزمة، و ألحوا على ضرورة تفعيل آلية دول الجوار للمساهمة في كل مرة في حلحلة المشاكل كونهم أول المعنيين بذلك.
و الجدير بالتذكير هنا أن المشاركين في هذا الاجتماع أكدوا على ضرورة إخراج المرتزقة و القوات الأجنبية من البلاد لتأمين إجراء الانتخابات العامة المقررة في 24 ديسمبر المقبل في موعدها، مع ضرورة إشراك دول الجوار و على رأسها الجزائر في هذه العملية التي ستتم بالتنسيق مع اللجنة العسكرية الليبية 5+5.
كما شدد المشاركون على أهمية دول الجوار في دفع جهود إرساء الأمن و الاستقرار في ليبيا بما يخدم مصالح شعوب المنطقة، باعتبار هذه الدول هي الأكثر تأثرا بتداعيات ما يحصل في هذا البلد.
و يعتبر الترحيب الدولي سالف الذكر بمخرجات لقاء الجزائر لدول جوار ليبيا بمثابة اعتراف بجهود الدبلوماسية الجزائرية وبالجزائر التي سعت منذ البداية بكل قوتها من أجل حل سياسي سلمي بين الفرقاء الليبيين لإنهاء الأزمة في هذا البلد الشقيق والجار، ورافعت في كل المنابر الدولية ضد التدخلات العسكرية الأجنبية في ليبيا وضد التحالفات المشبوهة، وقد عملت منذ سنوات من أجل تقريب وجهات النظر بين الإخوة الأعداء في ليبيا للجلوس على طاولة الحوار التي لا مفر منها لحل جميع مشاكل بلدهم.
و اليوم بات واضحا أن اللقاء الذي عقد بالجزائر قد قدم مساهمة معتبرة لإنهاء الأزمة التي يتخبط فيها الشعب الليبي منذ سنة 2011، ووضع قطار إنهاء الأزمة في ليبيا على السكة الصحيحة ولا مفر للجميع من تطبيق إرادة الشعب الليبي وإرادة دول الجوار والشرعية الدولية.
إلياس -ب