فصلت، عشيّة أمس، محكمة الجنايات الابتدائية بمجلس قضاء أم البواقي، في القضية التي هزّت الرأي العام بمدينة عين ببوش، والتي راح ضحيتها الشاب «ح-جابر» البالغ من العمر 26 سنة، الذي قُتل طعنا بنحو 27 طعنة بمفك البراغي، مع التنكيل بجثته وشجّ وجهه ورأسه بضربات حجر، وتبين بأن السبب وراء الجريمة هي سيارة الضحية، التي خطّط المتهم الأول (م.ع.ن) لسرقتها وبيعها لتسديد الديون التي تراكمت عليه، وهي السيارة التي بيعت بعنابة بمبلغ 25 مليون سنتيم فقط.
هيئة المحكمة قصت بإدانة كل من (م.ع.ن) البالغ من العمر 26 سنة، والمتهم (ب.م) البالغ من العمر 28 سنة بعقوبة الإعدام، مع تعويض والدي الضحية بمبلغ 180 مليون سنتيم، عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهما، وتوبع المتهمان بجنايات تكوين جمعية أشرار بغرض الإعداد لارتكاب جنايات القتل العمدي والسرقات، والقتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد، مع ارتكاب أعمال وحشية مع مصاحبة الأفعال لجناية أخرى، والسرقة مع توافر ظروف استعمال العنف والليل والتعدد وجنحة طمس آثار الجريمة، والتمس ممثل النيابة العامة توقيع عقوبة الإعدام في حق المتهمين مع مصادرة المحجوزات.
القضية ترجع بتاريخها إلى السادس من شهر فيفري من السنة الماضية، عندما اكتشف قاطنو قرية بئر عتروس بمدينة عين ببوش، وجود جثة شخص مرمية في محيط إحدى سكنات القرية، وعليها طعنات وآثار تعنيف، ليتم إخطار عناصر الدرك الوطني على مستوى الفرقة الإقليمية بعين ببوش، الذين تدخلوا بمعية ممثل النيابة العامة، على مستوى القرية، أين تبين بأن الأمر يتعلق بجثة ترجع للشاب «ح- جابر» الذي انقطعت أخباره طيلة الليلة التي سبقت الحادثة.
وبينت نتائج التشريح آثار عنف في الرأس و طعنات بآلة حادة في جميع أنحاء الجسم، وهي سبب الوفاة، وقدر تقرير الطبيب الشرعي عدد الطعنات التي تلقاها الضحية بـ27 طعنة.
التحقيقات الأمنية انطلقت في القضية بالعودة لسجل المكالمات الهاتفية للضحية الذي يشتغل ناقلا غير شرعي «فرودور»، مستعملا سيارته من نوع «داسيا لوغان»، التي لم يتم العثور عليها في محيط مسكن جد الضحية بقرية بئر عتروس، وبينت التحقيقات بأن المتهم الثاني (ب.م) هو من تواصل مع الضحية، واستدرجه بالتنسيق مع شريكه الأول، مطالبا منه الالتقاء بهما لأنهما بصدد تنظيم جلسة سمر بمسكن جده، وتواصل المتهم الثاني مع الفتاة (ب.بشرى)، التي تنقلت برفقتهما لمنزل جد الضحية.
التحقيقات الأمنية انتهت للتأكيد بأن الضحية تلقى 27 ضربة بمفك براغي «تورنيفيس» أين اعتدى عليه المتهمان وقاما بجره لمسافة 150 متر مربع خارج السكن، وشجّا رأسه بضربات حجر، ما أدى لفصل مخه عن رأسه، ليلوذا بعدها بالفرار صوب مدينة عين مليلة بواسطة سيارته، أين تواصلا مع شخصين وعرضا عليهما شراء السيارة فرفضا، ما جعلهما يتنقلان صوب إقليم ولاية عنابة، بعد أن غيّرا ملابسهما التي كانت ملطخة بالدماء، وقاما بالتخلص منها ورميها بطريق مشتة العسكرية، أين توجها لمنزل صديق المتهم الثاني المسمى (ب.حسان) القاطن على شاطئ ريزي عمر المعروف بـ»شابي»، حيث قضيا 4 أيام، عرضا فيها السيارة للبيع ونجحا في بيعها بمبلغ 25 مليون سنتيم لشخص يكنى «بابيو»، ليعودا بعدها لإقليم ولاية أم البواقي، أين ألقي القبض عليهما من طرف عناصر الدرك الوطني، وكانت أصابع الاتهام في بداية التحقيقات موجهة لعديد الأشخاص بينهم الفتاة التي كانت حاضرة لحظة ارتكاب الجريمة، وشبان آخرين، غير أن غرفة الاتهام انتهت لمتابعة المتهمين الحاليين، واعتبار 16 شخصا شهودا في القضية.
المتهم الأول (م.عبد النور) أكد في تصريحه أمام هيئة المحكمة، بأن الوقائع التي أوردها قرار الإحالة صحيحة، غير أنه بريء منها، مشيرا بأنه كان قبل الوقائع رفقة المتهم الثاني، وكان يفكر فقط في طريقة لتسديد الديون التي على عاتقه، وتوجها قبل تاريخ الحادثة بيومين لمدينة عنابة، ثم عادا أين خطط المتهم الثاني لعملية السرقة، واقترح عليه تنفيذها، أين نصب له كمينا بإيهامه بتنظيم جلسة سمر، وتواصل مع الفتاة (ب.بشرى) التي حضرت معهما والتقيا الضحية، وتوجهوا رفقته على متن سيارته لمنزل جده بقرية بئر عتروس في حدود السابعة ليلا، وأكد الجاني بأن شريكه هو من اعتدى على الضحية أولا، مبينا بأنه لحظتها كان قد غادر السكن، لمعاينة السيارة التي كان يخطط لسرقتها، وعند سماعه ضجيج وصياح في المنزل، عاد ليجد شريكه قد اعتدى على الضحية، ليرفع مفك براغي كان قد استعمله المتهم الثاني في طعن الضحية، أين وجه له 4 طعنات فقط دون أن يدري عدد الطعنات التي وجهها المتهم الثاني، وأضاف الجاني بأنه ركب السيارة رفقة شريكه وتوجها لعين مليلة لبيع السيارة، ولما وجدا صعوبة في التواصل مع أحد المواطنين، توجها لولاية عنابة، أين تواصل الثاني مع شخص يعرفه قضيا 4 أيام بمنزله، وباعا السيارة هناك، أين استلم الوسيط في عملية البيع مبلغ 4 ملايين سنتيم في حين اقتسم رفقة شريكه المبلغ المتبقي.
المتهم الثاني (ب.م) تراجع عن تصريحاته السابقة خلال جميع مراحل التحقيق، وسرد تفاصيل جديدة حاول أن يبرئ ذمته من خلالها، مشيرا بأن المتهم الأول أعلمه بأنه يتخبط في مشاكل وديون، فطلب منه أن يبيع هاتفه النقال، فباعه بعين ببوش، وتنقلا لعنابة بمبلغ بيع الهاتف، وعند عودتهما التقى الثاني بصديق له كان رفقة فتاة، وطلب منه أن يقله لمكان يشتري منه المشروبات الكحولية، فتنقل رفقته لعين فكرون، في الوقت الذي ترك فيه المتهم الثاني رفقة الضحية، وسرعان ما لحق به بسيارة الضحية لمحيط المكان الذي تنقل له لاقتناء مشروبات كحولية، وأعلمه حينها، بأنه تخلص من صاحب السيارة بقتله، فتوجها معا لمنزل جد الضحية، أين بين الجاني بأنه ضمّ جثة الضحية لجسده وأجهش بالبكاء، في محاولة لتبرير سبب وجود بقع الدم على ملابسه التي تخلص منها بطريق العسكرية، والتي أثبتت بشأنها الخبرة البيولوجية التي أجراها خبراء المعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام ببوشاوي بأن بقع الدم التي عليها، تعود للضحية وأنكر الجاني طعنه للضحية، قائلا بأنه كان ضد فكرة حمل الضحية في صندوق السيارة والتخلص من جثته بدفنه، وقام حسبه بجرها ليبعدها عن المتهم الأول، وأشار المتهم الثاني بأنه كان أمام حتمية التنقل مع المتهم الأول، الذي توعده في حال تبليغه عناصر الدرك بإقحامه في القضية، مضيفا بأن المتهم الأول استولى على هاتفي الضحية وباعهما لملئ خزان وقود السيارة، ليتوجها صوب عنابة، أين باعا السيارة دون أن يستلما أي مبلغ مالي، وأمام إنكار المتهم الثاني تدخل المتهم الأول، أعلم القاضي بأن الثاني صام شهرين في المؤسسة العقابية تبرئة لذمته من الجرم الذي ارتكبه، وهو ما صرح به بعدها، غير أنه أشار بأنه صام شهرين لسبب آخر وليس بسبب الجريمة التي لم يتورط فيها.
أحمد ذيب