الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

ارتفاع الكثافة السكانية يتسبّب في أزمة عقار: .بومهرة.. حين لا تفسد الصناعة للزراعة قضية

على ضفة نهر سيبوس الكبير قرب مدينة قالمة، أقام الغزاة الفرنسيون مستوطنة زراعية واستولوا على أجود الأراضي الخصبة وطردوا أصحابها إلى الأحراش و رؤوس الجبال وبسطوا نفوذهم على المنطقة وحولوا سكانها إلى خماسة وعبيد بحقول القمح والشمندر السكري والقطن وبساتين الخضر والفواكه.

نمت المستوطنة الصغيرة بسرعة وازدهر اقتصادها وصارت بلدية سنة 1881 اسمها “بيتي” نسبة إلى الجنرال “بيتي” الذي قتل في ثورة الزعاطشة سنة 1849، ومنذ ذلك التاريخ ظل سكان المنطقة يذكرون “بيتي” ومدنا وأخرى تحمل اسم قادة الغزاة. وبعد استقلال البلاد، صدر قرار بتسمية المستوطنة المحررة باسم بومهرة أحمد أحد أبطال حرب التحرير المقدسة وهي من بين أقدم البلديات وأكثرها ازدهارا في حوض سيبوس الكبير، حيث تتركز أكبر كثافة سكانية بالولاية والتي تجاوزت النصف مليون نسمة.
مقصد للنازحين من المناطق الريفية
موقع بومهرة أحمد المميز بمحاذاة أحد أكبر أنهار شرق البلاد وقربها من مدينة قالمة واتصالها المباشر بخط للسكة الحديدية والطريق الوطني 20 جعلها قبلة للباحثين عن الاستقرار ومصادر العيش، القادمين من مختلف الولايات والنازحين من المناطق الريفية مطلع السبعينيات وخلال مرحلة تردي الوضع الأمني منتصف التسعينيات، فارتفعت كثافتها السكانية بسرعة مشكلة تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة يتحدث عنها رئيس البلدية رياض براهمية الذي يقود معركة مضنية رفقة مساعديه في محاولة لإيجاد بعض الحلول لمعوقات التنمية والاستجابة لمطالب السكان الذين صاروا محاصرين داخل حيز عمراني ضاق بأهله بعد أن طوقته الأراضي الزراعية من كل الجهات وحال نهر سيبوس دون توسعه باتجاه الشمال.
تتربع بومهرة أحمد على مساحة 9800 هكتار، أكثر من 70 بالمائة منها أراض زراعية خصبة تقتسمها المستثمرات الفلاحية الفردية والجماعية والملاك الخواص، وتعد الحبوب والطماطم الصناعية والخضر والفواكه من أهم المنتجات الزراعية ببومهرة أحمد، كما يعد محيط السقي الشهير قالمة بوشقوف المتربع على مساحة تقارب 10 آلاف هكتار من أهم المكاسب الاقتصادية بالبلدية العريقة التي تعددت مشاكلها بمرور الزمن وأصبحت تبحث عن حلول جذرية حتى لا تتفاقم أكثر وتصعب معها الحلول والخيارات المتاحة.
أزمة عقار حالت دون توطين المزيد من مشاريع الإعمار
يقول رئيس البلدية، رياض براهمية، متحدثا للنصر بمكتبه الواقع في الطابق الأول لمبنى البلدية الذي لم يعد يتسع لمزيد من الموظفين على ما يبدو، بأن أزمة العقار التي تعاني منها بومهرة أحمد قد حالت دون بناء المزيد من السكنات ومرافق التعليم، مضيفا بأن الاكتظاظ بالمدارس الابتدائية والمتوسطات بلغ أرقاما قياسية حيث تجاوز العدد 50 تلميذا في القسم الواحد في بعض المواسم الدراسية.  
وكاد مشروع متوسطة جديدة أن يمنى بالفشل بسبب انعدام موقع للبناء وكان الحل في النهاية هدم مدرسة قديمة وإنجاز متوسطة مكانها لخفض معدل الاكتظاظ دون الخمسين تلميذا في القسم الواحد بمرحلة التعليم المتوسط، وبالتعليم الثانوي لا يختلف الوضع كثيرا وأصبح من الضروري بناء ثانوية ثالثة حتى لا يبلغ الاكتظاظ مرحلة مؤثرة على التلاميذ وهيئة التدريس.
وتواجه بومهرة أحمد أيضا عجزا في السكن حيث بلغت الطلبات على البناء الريفي 4 آلاف في حين استقر الرقم مؤقتا عند 3 آلاف طلب على السكن الاجتماعي، وينتظر مجلس بلدية بومهرة إنشاء مخطط جديد للتوسع العمراني على حساب أراض زراعية مجاورة للمدينة، لكن القرار يبقى بيد الهيئات المركزية.   
ازدحام مروري دائم بالطريق الوطني 20
بمرور الزمن لم يعد الطريق الوطني العابر لمدينة بومهرة أحمد مرحبا به كما كان على مدى سنوات طويلة، وتحول إلى مشكلة متعددة الأوجه داخل النسيج العمراني المتشابك، فهو يقسم بومهرة أحمد إلى شطرين جنوبي وشمالي، ويمر وسط الأحياء السكنية ومرافق التجارة والخدمات، وعلى مدار الساعة تقريبا تتكدس السيارات وشاحنات نقل البضائع على طول الشارع الرئيسي متسببة في أزمة سير خانقة، خلال ساعات الذروة التي تحدث عادة عند نهاية الدوام بمرافق التعليم والإدارة.  
ويأمل سكان المدينة في إنجاز محول يخرج مركبات الوزن الثقيل من المحيط العمراني ويضع حدا لأزمة سير آخذة في التفاقم بمرور الزمن، متأثرة بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها المنطقة في السنوات الأخيرة.
وكان من المقرر إطلاق مشروع لبناء طريق اجتنابي على الضفة الجنوبية لنهر سيبوس بعيدا عن المحيط العمراني لمدينة بومهرة أحمد، لكن المشروع لم ينطلق إلى اليوم لأسباب يعتقد بأنها مرتبطة بالتمويل وانتزاع الأراضي الزراعية التابعة للمستثمرات الفلاحية والملاك الخواص.
مصانع و مطاحن تقليدية.. ثروة ومناصب عمل
يعد مصنع الرخام الواقع بالضاحية الشمالية لمدينة بومهرة أحمد، من بين أهم المنشآت القاعدية الداعمة لاقتصاد البلدية التي لم تعد مجتمعا زراعيا فحسب كما كانت منذ نشأتها، فهي اليوم بلدية صناعية مستقطبة للاستثمار و رأس المال المنتج للثروة ومناصب العمل.  

وكاد المصنع المنجز سنة 1995 أن يتعرض للركود والتوقف عن النشاط قبل انتقاله إلى المجمع الصناعي لإسمنت الجزائر “جيكا” شهر جانفي 2018 وفق مشروع استثماري بقيمة 150 مليار سنتيم يتوقع أن يرفع رقم الأعمال من 7 مليار سنتيم إلى 40 مليار سنتيم سنويا، حسب البطاقة التقنية للمصنع المتربع على مساحة 1.2 هكتار، وتأتيه المادة الأولية من محجرة ماونة المتربعة على مساحة 12 هكتارا واحتياطي من الرخام الخام يبلغ 6 مليون متر مكعب من بين أجود أنواع الرخام في الجزائر.
ويعتمد نشاط مصنع الرخام ببلدية بومهرة أحمد على الاستخراج والتحويل والبيع لمؤسسات البناء والتجار والحرفيين والتصدير إلى الخارج. وقد وعد مجمع “جيكا” بتجديد العتاد القديم وإنجاز مصنع جديد على مستوى المحجرة وإنشاء محطة الخرسانة الجاهزة ببومهرة أحمد وهو الاستثمار الجديد الذي دخل مرحلة النشاط والمنافسة بسوق الخرسانة المحلية معتمدا على الجودة وحصى الرخام النظيف الشديد المقاومة.
وتبلغ القدرة الإنتاجية الحالية للمصنع 30 ألف متر مربع في السنة، وبعد التجديد وتطوير التجهيزات ستنتقل إلى 120 ألف متر مربع من الرخام المطلوب بالسوق الوطنية والدولية.  وتعمل إدارة المصنع على حماية البيئة المجاورة لاسيما وادي سيبوس ببناء أحواض تجميع الكتل الطينية الناجمة عن سحق وقطع كتل الرخام، وتدوير المياه المستعملة.
ولا ينتج المصنع الغبار المعدني لأنه يعمل بالطاقة المائية أثناء عمليات قطع الكتل العملاقة وإنتاج القطع الموجهة للتسويق. ويأمل سكان بومهرة أحمد في أن يكون المصنع مصدرا للإيرادات الجبائية الداعمة للخزينة المحلية ومناصب العمل عندما تكتمل الاستثمارات التي وعد بها مجمع “جيكا”.  
وتستورد الجزائر نصف مليون طن من الرخام بقيمة 100 مليون دولار سنويا وتعتزم تطوير مناجم ومصانع الرخام لوقف الاستيراد المستنزف لخزينة البلاد. كما يوجد مصنع لتحويل الطماطم الصناعية ببلدية بومهرة أحمد يستقبل محصول المزارعين كل صيف من خلال عقود موسمية داعمة لهذا النشاط الزراعي الاستراتيجي.
وتشتهر بلدية بومهرة أحمد بمطاحنها التقليدية التي مازالت تعمل إلى اليوم بحوض سكاني كبير يعتمد في غذائه على القمح الذي ينتج بكثرة هنا بسهل سيبوس، حيث الأرض الخصبة والطاقة المائية.    
ويأتي الناس من مختلف البلديات المجاورة إلى بومهرة أحمد لطحن القمح والشعير وتنقية محصول السنة من الشوائب وإعداد بذور الموسم الجديد، حيث تتفرع المطاحن إلى خدمات متعددة بعد تجهيزها وتطوير معداتها، لكنها مازالت تعمل بطرق تقليدية وتذكر السكان بماضيهم البعيد.
وإلى جانب مصنع الرخام ومصنع الطماطم الصناعية والمطاحن التقليدية توجد ببومهرة أحمد وحدات كثيرة لصناعة مواد البناء وإنتاج الدواجن، وقد ساعدها موقعها الاستراتيجي على الطريقين الوطنيين 20 و 80 وقربها من نهر سيبوس وتوفرها على أخصب الأراضي الزراعية على جلب الاستثمارات المنتجة للثروة ومناصب العمل.

رئيس بلدية بومهرة أحمد
ننتظر المزيد من مشاريع السكن ومرافق التعليم
يتوقع رئيس بلدية بومهرة أحمد، رياض براهمية، ومساعدوه من أعضاء المجلس الشعبي البلدي، انفراج أزمة العقار التي عطلت التنمية وحالت دون توطين المزيد من مشاريع السكن والتعليم وخدمات أخرى أصبحت ضرورية لتحسين معيشة السكان، مضيفا بأنه ينتظر التمويل لبناء مقر جديد للبلدية بموقع سوق الجملة للخضر الموسمية، الذي وجدناه مزدهرا في يوم رمضاني جمع التجار من عدة ولايات، وكان البصل سيد السوق مكتسحا الفول والجلبانة محدثا طفرة تجارية لم يسبق لها مثيل.  
ويأمل، رياض براهمية، في مزيد من برامج السكن للتخفيف من وطأة العجز المسجل منذ عدة سنوات، وتغيير القوانين الجبائية حتى تتمكن بومهرة أحمد من موارد مالية هامة من مصنع الرخام والمزارع العمومية للدواجن وخط الغاز العملاق العابر لإقليم البلدية، مشيرا إلى العجز المستديم الذي تعاني منه خزينة البلدية بسبب قلة الموارد الجبائية السنوية.                   
      فريد.غ

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com